موسوعة الآداب الشرعية

خامسًا: عَدَمُ عَقدِ اللِّحيةِ


الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عن رُوَيفِعِ بنِ ثابتٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال لي رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يا رُوِيفِعُ، لعَلَّ الحَياةَ سَتَطولُ بك بَعدي، فأخبِرِ النَّاسَ أنَّه مَن عَقَدَ لحيَتَه، أو تَقَلَّدَ وَتَرًا، أوِ استَنجى برَجيعِ دابَّةٍ، أو عَظمٍ؛ فإنَّ مُحَمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنه بَريءٌ)) [1182] أخرجه أبو داود (36) واللفظ له، والنسائي (5067)، وأحمد (17000). صَحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (36)، وشُعَيب الأرناؤوط في تَخريج ((سنن أبي داود)) (36)، وجَوَّدَه بطُرُقِه ابن باز في ((الفوائد العلمية)) (3/265)، وحَسَّنه النووي في ((الإيجاز)) (182). .
قال الخَطَّابيُّ: (أمَّا نَهيُه عن عَقدِ اللِّحيةِ فإنَّ ذلك يُفسَّرُ على وَجهَينِ؛ أحَدُهما: ما كانوا يَفعَلونَه مِن ذلك في الحُروبِ، كانوا في الجاهليَّةِ يَعقِدونَ لِحاهم، وذلك مِن زيِّ الأعاجِمِ يَفتِلونَها ويَعقِدونَها، وقيل: مَعناه مُعالجةُ الشَّعرِ ليَتَعَقَّدَ ويَتَجَعَّدَ، وذلك مِن فِعلِ أهلِ التَّوضيعِ والتَّأنيثِ) [1183] ((معالم السنن)) (1/ 27). ويُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (6/ 142). .
قال النَّوويُّ: (ومِمَّا يُكْرَهُ في اللِّحيةِ عَقْدُها) [1184] ((المجموع شرح المهذب)) (1/ 292). .
فائِدةٌ في الخِصالِ المكروهةِ في اللحيةِ:
قال النَّوويُّ: (ذَكَرَ أبو طالِبٍ المَكِّيُّ في "قوتِ القُلوبِ"، ثُمَّ الغَزاليُّ في "الإحياءِ" في اللِّحيةِ عَشرَ خِصالٍ مَكروهةٍ:
إحداها: خِضابُها بالسَّوادِ، إلَّا لغَرَضِ الجِهادِ إرعابًا للعَدوِّ بإظهارِ الشَّبابِ والقوَّةِ، فلا بَأسَ إذا كان بهذه النِّيَّةِ، لا لهَوًى وشَهوةٍ.
الثَّانيةُ: تَبييضُها بالكِبريتِ أو غَيرِه استِعجالًا للشَّيخوخةِ وإظهارًا للعُلوِّ في السِّنِّ لطَلَبِ الرِّياسةِ والتَّعظيمِ والمَهابةِ والتَّكريمِ، ولقَبولِ حَديثِه، وإيهامًا للِقاءِ المَشايِخِ ونَحوِه.
الثَّالثةُ: خِضابُها بحُمرةٍ أو صُفرةٍ تَشَبُّهًا بالصَّالحينَ ومُتَّبِعي السُّنَّةِ، لا بنيَّةِ اتِّباعِ السُّنَّةِ.
الرَّابعةُ: نَتفُها في أوَّلِ طُلوعِها وتَخفيفُها بالموسى إيثارًا للمُرودةِ، واستِصحابًا للصِّبا وحُسنِ الوَجهِ. وهذه الخَصلةُ مِن أقبَحِها.
الخامِسةُ: نَتفُ الشَّيبِ.
السَّادِسةُ: تَصفيفُها وتَعبيَتُها طاقةً فوقَ طاقةٍ للتَّزَيُّنِ والتَّصَنُّعِ؛ ليَستَحسِنَه النِّساءُ وغَيرُهنَّ.
السَّابعةُ: الزِّيادةُ فيها والنَّقصُ مِنها.
الثَّامِنةُ: تَركُها شَعِثةً مُنتَفِشةً إظهارًا للزَّهادةِ وقِلَّةِ المُبالاةِ بنَفسِه.
التَّاسِعةُ: تَسريحُها تَصَنُّعًا.
العاشِرةُ: النَّظَرُ إليها إعجابًا وخُيَلاءَ؛ غرَّةً بالشَّبابِ، وفَخرًا بالمَشيبِ، وتَطاوُلًا على الشَّبابِ.
وهاتانِ الخَصلتانِ في التَّحقيقِ لا تَعودُ الكَراهةُ فيهما إلى مَعنًى في اللِّحيةِ، بخِلافِ الخِصالِ السَّابقةِ. واللَّهُ أعلمُ) [1185] ((المجموع)) (1/ 291، 292). ويُنظر: ((قوت القلوب)) لأبي طالب المكي (2/ 240)، ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (1/ 143). .
قال الشوكاني: (والحاديةَ عشرَ: عَقْدُها وضَفْرُها.
والثانيةَ عشرَ: حلقُها إلَّا إذا نبَت للمرأةِ لحيةٌ فيُستحَبُّ لها حلقُها) [1186] ((نيل الأوطار)) (1/ 150). .

انظر أيضا: