موسوعة الآداب الشرعية

اثنانِ وعِشرونَ: الإهداءُ إلى الجارِ مِنَ الطَّعامِ


يُستَحَبُّ الإهداءُ إلى الجيرانِ مِنَ الطَّعامِ، ولا يَمتَنِعُ مِن ذلك لقِلَّتِه أو عَدَمِ نَفاسَتِه.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يا أبا ذَرٍّ، إذا طَبَخَت مَرَقةً فأكثِرْ ماءَها، وتَعاهَدْ جيرانَك)) [1526] أخرجه مسلم (2625). .
وفي رِوايةٍ: ((إنَّ خَليلي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أوصاني: إذا طَبَختَ مَرَقًا فأكثِرْ ماءَه، ثُمَّ انظُرْ أهلَ بَيتٍ مِن جيرانِك، فأصِبْهم مِنها بمَعروفٍ)) [1527] أخرجها مسلم (2625). .
2- عن عَبدِ اللَّهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه ذَبَح شاةً، فقال: أهديتُم لجاري اليَهوديِّ؟ فإنِّي سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((ما زال جِبريلُ يُوصيني بالجارِ حتَّى ظَنَنتُ أنَّه سيُوَرِّثُه)) [1528] أخرجه أبو داود (5152) واللَّفظُ له، والترمذي (1943)، وأحمد (6496). صَحَّحَه الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (5152)، والوادعي في ((الصحيح المسند مِمَّا ليس في الصَّحيحينِ)) (791)، وصَحَّحَ إسناده أحمد شاكِر في تخريج ((مسند أحمد)) (9/207)، وشعيب الأرناؤوط على شرط مسلم في تخريج ((مسند أحمد)) (6496). .
3- عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((يا نِساءَ المُسلِماتِ، لا تَحقِرَنَّ جارةٌ لجارَتِها ولو فِرْسِنَ [1529] أصلُ الفِرسِنِ للإبِلِ، وهو مَوضِعُ الحافِرِ مِنَ الفرَسِ، ويُقالُ لمَوضِعِ ذلك مِنَ البَقَرِ والغَنَمِ: الظِّلفُ. وقال الأصمَعيُّ: الفِرسِنُ: ما دونُ الرُّسغِ مَن يَدي البَعيرِ، وهي مُؤَنَّثةٌ، والجَمعُ الفَراسِنُ. وقال ابنُ السِّكِّيتِ: إنَّما الفِرسِنُ للبَعيرِ، فاستُعيرَ للشَّاةِ. يُنظر: ((الصحاح)) للجوهري (6/ 2177)، ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (7/ 87). شاةٍ)) [1530] أخرجه البخاري (2566)، ومسلم (1030). .
وقال النَّوويُّ: (هذا النَّهيُ عَنِ الاحتِقارِ نَهيٌ للمُعطيةِ المُهديةِ [1531] قال عِياضٌ: (يحتملُ أن يَكونَ النَّهيُ عن الاحتِقارِ للمُعطاةِ، ويحتملُ أن يَكونَ ذلك للمُعطيةِ، وأن تَصِلَ جارَتَها بما أمكنَها، ولا يَمنَعَها إن لم تَجِدِ الكثيرَ أن تَصِلَ بالقَليلِ، وهذا الوَجهُ هو الظَّاهرُ مِن تَأويلِ مالكٍ في إدخالِ الحَديثِ في "الموطَّأ" في باب التَّرغيبِ في الصَّدَقةِ). ((إكمال المعلم)) (3/ 561). ويُنظر: ((موطأ مالك)) (2/ 996). ، ومَعناه: لا تَمتَنِعْ جارةٌ مِنَ الصَّدَقةِ والهَديَّةِ لجارَتِها؛ لاستِقلالِها واحتِقارِها المَوجودَ عِندَها، بَل تَجودُ بما تيَسَّرَ وإن كان قَليلًا كفِرسِنِ شاةٍ، وهو خيرٌ مِنَ العَدَمِ، وقد قال اللهُ تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ [الزلزلة: 7] ، وقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «اتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمرةٍ» [1532] أخرجه البخاري (1417)، ومسلم (1016) من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه [1533] ((شرح مسلم)) (7/ 120). ويُنظر: ((الإفصاح)) لابن هبيرة (6/ 271). .

انظر أيضا: