موسوعة الآداب الشرعية

رابعَ عشرَ: الإتيانُ بأذكارِ الرُّكوبِ


يُستَحَبُّ أن يَأتيَ المُسافِرُ بالأذكارِ المَشروعةِ لرُكوبِ الدَّوابِّ وما في مَعناها، فيُسَمِّيَ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ، ثُمَّ يَحمَدَه تعالى عِندَ الاستِواءِ على الدَّابَّةِ، ويَقولَ: سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، ثُمَّ يَحمَدَ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ ثَلاثًا، ويُكَبِّرَه ثَلاثًا، ثُمَّ يَقولَ: سُبحانَك إنِّي ظَلمتُ نَفسي فاغفِرْ لي؛ إنَّه لا يَغفِرُ الذُّنوبَ إلَّا أنتَ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ الكِتابِ والسُّنَّةِ:
أ- مِنَ الكِتابِ
1- قال تعالى: وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ [الزخرف: 12 - 14] .
2- قال تعالى: وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا [هود: 41] .
ب- مِنَ السُّنَّةِ
عن عليِّ بنِ رَبيعةَ، قال: ((شَهِدتُ عَليًّا أُتيَ بدابَّةٍ ليَركَبَها، فلمَّا وضَعَ رِجلَه في الرِّكابِ قال: «باسمِ اللهِ» ثَلاثًا، فلمَّا استَوى على ظَهرِها قال: «الحَمدُ للَّهِ»، ثُمَّ قال: سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ [الزخرف: 14] ، ثُمَّ قال: «الحَمدُ للَّهِ» ثَلاثًا، «اللَّهُ أكبَرُ» ثَلاثًا، سُبحانَك إنِّي قد ظَلمتُ نَفسي فاغفِرْ لي؛ فإنَّه لا يَغفِرُ الذُّنوبَ إلَّا أنتَ، ثُمَّ ضَحِكَ. فقُلتُ: مِن أيِّ شَيءٍ ضَحِكتَ يا أميرَ المُؤمِنينَ؟ قال: رَأيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صَنَع كما صَنَعتُ، ثُمَّ ضَحِكَ، فقُلتُ: من أيِّ شَيءٍ ضَحِكتَ يا رَسولَ اللهِ؟ قال: إنَّ رَبَّك ليَعجَبُ مِن عَبدِه إذا قال: رَبِّ اغفِرْ لي ذُنوبي؛ إنَّه لا يَغفِرُ الذُّنوبَ غَيرُك)) [1958] أخرجه الترمذي (3446) واللفظ له، وأحمد (753). صَحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (2697)، والحاكم على شرط مسلم في ((المستدرك)) (2517)، والنووي في ((الإيضاح)) (48)، وقال الترمذي: حسن صحيح. .
وفي رِوايةٍ: ((شَهِدتُ عليًّا رَضِيَ اللهُ عنه وأُتِي بدابَّةٍ ليَركَبَها، فلمَّا وضَعَ رِجلَه في الرِّكابِ [1959] الرِّكابُ -بكَسرِ الرَّاءِ: هو ما يُعلَّقُ في السَّرجِ فيَجعَلُ الرَّاكِبُ فيه رِجلَه، والذي يكونُ مِنَ الجِلدِ يُسَمَّى غرزًا. ((مرعاة المفاتيح)) للمباركفوري (8/ 186). وقال ابنُ بطَّالٍ: (رِكابُ سَرجِ الدَّابةِ يَستعينُ به الرَّاكِبُ عندَ رُكوبِه ويعتَمِدُ عليه). ((شرح صحيح البخاري)) (5/ 70). قال: «باسمِ اللهِ»، فلمَّا استَوى على ظَهرِها قال: «الحَمدُ للَّهِ»، ثُمَّ قال: سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، ثُمَّ قال: «الحَمدُ للَّهِ» ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قال: «اللَّهُ أكبَرُ» ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قال: «سُبحانَك إنِّي ظَلمتُ نَفسي فاغفِرْ لي؛ فإنَّه لا يَغفِرُ الذُّنوبَ إلَّا أنتَ». ثُمَّ ضَحِكَ. فقيل: يا أميرَ المُؤمِنينَ، مِن أيِّ شَيءٍ ضَحِكتَ؟ قال: رَأيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَعَل كما فعَلتُ، ثُمَّ ضَحِكَ فقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، مِن أيِّ شَيءٍ ضَحِكتَ؟ قال: إنَّ رَبَّك يَعجَبُ مِن عَبدِه إذا قال: اغفِرْ لي ذُنوبي، يَعلَمُ أنَّه لا يَغفِرُ الذُّنوبَ غَيري)) [1960] أخرجها أبو داود (2602) واللفظ له، وأحمد (753). صَحَّحها النووي في ((الإيضاح)) (48)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2602)، وحسنها شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (2602). .
2- عن ابنِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا استَوى على بَعيرِه خارِجًا إلى سَفَرٍ كَبَّرَ ثَلاثًا، ثُمَّ قال: سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ...)) الحديثَ [1961] أخرجه مسلم (1342). .
3- عن مُحَمَّدِ بنِ حَمزةَ بنِ عَمرٍو الأسلَميِّ، عن أبيه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((فوقَ ظَهرِ كُلِّ بَعيرٍ شَيطانٌ، فإذا رَكِبتُموهنَّ فاذكُروا اسمَ اللهِ، ولا تَقصُروا عن حاجةٍ)) [1962] أخرجه أحمد (16039)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (10265)، وابن خزيمة (2546) واللفظ له. صَحَّحه ابنُ خزيمة (2546)، وابن حبان في ((صحيحه)) (1703)، والألباني في ((صحيح الجامع)) (4031). وعن أبي لاسٍ الخُزاعيِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((حَمَلَنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على إبلٍ مِن إبِلِ الصَّدَقةِ ضِعافٍ للحَجِّ، فقُلْنا: يا رَسولَ اللهِ، ما نَرى أن تَحمِلَنا هذه؟ فقال: ما مِن بَعيرٍ إلَّا على ذِروتِه شَيطانٌ، فاذكُروا اسمَ اللهِ عليها إذا رَكِبتموها كما أمَرَكُم، ثُمَّ امتَهِنوها لأنفُسِكُم؛ فإنَّما يَحمِلُ اللهُ)). أخرجه أحمد (17939)، وابن خزيمة (2377) واللفظ له، والحاكم (1644). حسن إسناده الألباني في ((صحيح ابن خزيمة)) (2543). وذهب إلى تصحيحه ابنُ خزيمة، والحاكم وقال: على شرط مسلم. .

انظر أيضا: