موسوعة الآداب الشرعية

ثامنًا: التسميةُ والدُّعاءُ قبلَ الوِقاعِ


تُستَحَبُّ التَّسميةُ قبلَ الجماعِ وأن يَدعوَ الزَّوجُ بالدُّعاءِ المَأثورِ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما، قال: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لَو أنَّ أحَدَهم إذا أرادَ أن يَأتيَ أهلَه قال: باسمِ اللهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنا الشَّيطانَ، وجَنِّبِ الشَّيطانَ ما رَزَقتَنا؛ فإنَّه إن يُقَدَّرْ بَينَهما ولَدٌ في ذلك لَم يَضُرَّه شَيطانٌ أبَدًا [1469] قال عِياضٌ: (قيل: هذا الضُّرُّ: هو ألَّا يُصرَعَ ذلك المَولودُ، وقيل: لا يَطعُنُ فيه الشَّيطانُ عِندَ وِلادَتِه... ولم يَحمِلْه أحَدٌ على العُمومِ في جَميعِ الضَّرَرِ والوَسوَسةِ والإغواءِ). ((إكمال المعلم)) (4/ 610). وتعَقَّب هذا أبو العَبَّاسِ القُرطُبيُّ، فقال: (أمَّا قَصرُه على الصَّرَعِ وَحدَه فليسَ بشَيء؛ لأنَّه تَحَكُّمٌ بغَيرِ دَليلٍ، مَعَ صَلاحيةِ اللَّفظِ له ولغَيرِه. وأمَّا القَولُ الثَّاني ففاسِدٌ بدَليلِ قَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «كُلُّ مَولودٍ يَطعنُ الشَّيطانُ في خاصِرَتِه إلَّا ابنَ مَريَمَ، فإنَّه جاءَ يُريدُ أن يَطعُنَه فطَعنَ في الحِجابِ» [يُنظَر ما أخرجه البخاري (4548)، ومسلم (2366)]، هذا يَدُلُّ على أنَّ النَّاجيَ مِن هذا الطَّعنِ إنَّما هو عيسى وحدَه عليه السَّلامُ؛ وذلك لخُصوصِ دَعوةِ أمِّ مَريَم؛ حَيثُ قالت: وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [آل عمران: 36] ، ثُمَّ إنَّ طَعنَه ليسَ بضَرَرٍ، ألَا تَرى أنَّه قد طَعنَ كَثيرًا مِنَ الأولياءِ والأنبياءِ، ولم يَضُرَّهم ذلك. ومَقصودُ هذا الحَديثِ -واللَّهُ تعالى أعلَمُ-: أنَّ الولَدَ الذي يُقالُ له ذلك يُحفَظُ مِن إضلالِ الشَّيطانِ وإغوائِه، ولا يَكونُ للشَّيطانِ عليه سُلطانٌ؛ لأنَّه يَكونُ مِن جُملةِ العِبادِ المَحفوظينَ المَذكورينَ في قَولِه تعالى: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ [الحجر: 42] و[الإسراء: 65] ، وذلك ببَرَكةِ نيَّةِ الأبَوينِ الصَّالحَينِ، وبَرَكةِ اسمِ اللهِ تعالى، والتَّعَوُّذِ به، والالتِجاءِ إليه. وكَأنَّ هذا شَوبٌ مِن قَولِ أمِّ مَريَمَ: وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [آل عمران: 36] . ولا يُفهَمُ مِن هذا نَفيُ وسوسَتِه وتَشعيثِه وصَرَعِه، فقد يَكونُ كُلُّ ذلك، ويَحفظُ اللهُ تعالى ذلك الولَدَ مِن ضَرَرِه في قَلبِه ودينِه، وعاقِبةِ أمرِه، واللهُ تعالى أعلَمُ). ((المفهم)) (4/ 159، 160). وقيل فيه غيرُ ذلك. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (9/ 229). ) [1470] أخرجه البخاري (6388)، ومسلم (1434). .

انظر أيضا: