موسوعة الآداب الشرعية

تاسعَ عشرَ: عَدَمُ هِجرانِهم


مِنَ الأدَبِ مَعَ الإخوانِ والأصحابِ: تَركُ هِجرانِهم.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا تَباغَضوا، ولا تَحاسَدوا، ولا تَدابَروا، وكونوا عِبادَ الله إخوانًا، ولا يَحِلُّ لمُسلِمٍ أن يَهجُرَ أخاه فوقَ ثَلاثةِ أيَّامٍ)) [1890] أخرجه البخاري (6065) واللفظ له، ومسلم (2559). .
2- عن أبي أيُّوبَ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يَحِلُّ لرَجُلٍ أن يَهجُرَ أخاه فوقَ ثَلاثِ ليالٍ، يَلتَقيانِ: فيُعرِضُ هذا ويُعرِضُ هذا، وخيرُهما الذي يَبدَأُ بالسَّلامِ)) [1891] أخرجه البخاري (6077) واللفظ له، ومسلم (2560). .
3- عن عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يَحِلُّ للمُؤمِنِ أن يَهجُرَ أخاه فوقَ ثَلاثةِ أيَّامٍ)) [1892] أخرجه مسلم (2561). .
4- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا هِجرةَ بَعدَ ثَلاثٍ)) [1893] أخرجه مسلم (2562). .
5- عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يَكونُ لمُسلِمٍ أن يَهجُرَ مُسلمًا فوقَ ثَلاثةٍ، فإذا لقيَه سَلَّمَ عليه ثَلاثَ مِرارٍ، كُلَّ ذلك لا يَرُدُّ عليه، فقَد باءَ بإثمِه)) [1894] أخرجه أبو داود (4913) واللفظ له، وأبو يعلى (4583). حَسَّنه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4913)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1610) .
6- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((تُفتَحُ أبوابُ الجَنَّةِ يَومَ الاثنينِ ويَومَ الخَميسِ، فيُغفَرُ لكُلِّ عَبدٍ لا يُشرِكُ باللهِ شيئًا، إلَّا رَجُلًا كانت بينَه وبينَ أخيه شَحناءُ، فيُقالُ: أنظِروا هَذين حتَّى يَصطَلِحا، أنظِروا هَذينِ حتَّى يَصطَلِحا، أنظِروا هَذينِ حتَّى يَصطَلِحا)) [1895] أخرجه مسلم (2565). .
وفي رِوايةٍ: ((تُعرَضُ الأعمالُ في كُلِّ يَومِ خَميسٍ واثنينِ، فيَغفِرُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ في ذلك اليَومِ لكُلِّ امرِئٍ لا يُشرِكُ باللهِ شيئًا، إلَّا امرَأً كانت بينَه وبينَ أخيه شَحناءُ، فيُقالُ: ارْكوا [1896] ارْكوا: أي: أخِّروا، وهو بمَعنى الرِّوايةِ الأُخرى: ((أنظِروا))، يُقالُ: رَكاه يَركوه: إذا أخَّرَه. يُنظر: ((تهذيب اللغة)) لأبي منصور الأزهري (10/ 190)، ((غريب الحديث)) للخطابي (2/ 437)، ((شرح السنة)) للبغوي (13/ 103)، ((مشارق الأنوار)) لعياض (1/ 290). هَذينِ حتَّى يَصطَلِحا، ارْكوا هَذينِ حتَّى يَصطَلِحا)) [1897] أخرجه مسلم (2565). .
7- عن أبي خِراشٍ السُّلَميِّ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّه سَمِعَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((مَن هَجَرَ أخاه سَنةً فهو كسَفكِ دَمِه)) [1898] أخرجه أبو داود (4915)، وأحمد (17935) صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4915)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1220)، وصحَّح إسناده الحاكم في ((المستدرك)) (7498)، والنووي في ((تحقيق رياض الصالحين)) (515)، والعراقي في ((تخريج الإحياء)) (2/280). .
فائدةٌ:
قال الغَزاليُّ: (هَفوةُ الصَّديقِ لا تَخلو إمَّا أن تَكونَ في دينِه بارتِكابِ مَعصيةٍ، أو في حَقِّك بتَقصيرِه في الأخُوَّةِ.
أمَّا ما يَكونُ في الدِّينِ مِنِ ارتِكابِ مَعصيةٍ والإصرارِ عليها، فعليك التَّلطُّفُ في نُصحِه بما يُقَوِّمُ أوَدَه [1899] الأَوَدُ: العِوَجُ. يُنظر: ((الغريبين في القرآن والحديث)) للهروي (1/ 121). ، ويَجمَعُ شَملَه، ويُعيدُ إلى الصَّلاحِ والورَعِ حالَه، فإن لم تَقدِرْ وبَقيَ مُصِرًّا فقَدِ اختَلفت طُرُقُ الصَّحابةِ والتَّابعينِ في إدامةِ حَقِّ مَودَّتِه، أو مُقاطَعَتِه؛ فذَهَبَ أبو ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عنه إلى الانقِطاعِ وقال: إذا انقَلبَ أخوك عَمَّا كان عليه فأبغِضْه مِن حيثُ أحبَبتَه، ورَأى ذلك مِن مُقتَضى الحُبِّ في اللهِ والبُغضِ في اللهِ. وأمَّا أبو الدَّرداءِ وجَماعةٌ مِنَ الصَّحابةِ فذَهَبوا إلى خِلافِه، فقال أبو الدَّرداءِ: إذا تَغيَّرَ أخوك وحالَ عَمَّا كان عليه، فلا تَدَعْه لأجلِ ذلك؛ فإنَّ أخاك يَعوَجُّ مَرَّةً ويَستَقيمُ أخرى.
وقال إبراهيمُ النَّخَعيُّ: لا تَقطَعْ أخاك ولا تَهجُرْه عِندَ الذَّنبِ يُذنِبُه؛ فإنَّه يَرتَكِبُه اليَومَ ويَترُكُه غَدًا. وقال أيضًا: لا تُحَدِّثوا النَّاسَ بزَلَّةِ العالمِ؛ فإنَّ العالِمَ يَزِلُّ الزَّلَّةَ ثُمَّ يَترُكُها. وفي حَديثِ عُمَرَ وقد سَأل عن أخٍ كان آخاه فخَرَجَ إلى الشَّامِ فسَأل عَنه بَعضَ مَن قَدِمَ عليه، وقال: ما فعَل أخي؟ قال: ذلك أخو الشَّيطانِ، قال: مَهْ! قال: إنَّه قارَف الكبائِرَ حتَّى وقَعَ في الخَمرِ، قال: إذا أرَدتَ الخُروجَ فآذِنِّي، فكتَبَ عِندَ خُروجِه إليه: بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ حم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ الآية [غافر: 1 - 3] ، ثُمَّ عاتَبَه تَحتَ ذلك وعَذَله [1900] العَذَلُ: اللَّومُ، يُقالُ: عَذَل يَعذِلُ عَذْلًا وعَذَلًا، وقد عَذَله فاعتَذَل وتَعَذَّل: أي: لامَه فقَبِلَ مِنه وأعتَبَ. يُنظر: ((العين)) للخليل (2/ 99)، ((تهذيب اللغة)) لأبي منصور الأزهري (2/ 191)، ((المحكم والمحيط الأعظم)) لابن سيده (2/ 81). ، فلمَّا قَرَأ الكِتابَ بَكى وقال: صَدَقَ اللهُ، ونَصَحَ لي عُمَرُ، فتابَ ورَجَعَ.
وكذلك حُكيَ عن أخَوينِ مِنَ السَّلفِ انقَلبَ أحَدُهما عَنِ الاستِقامةِ، فقيل لأخيه: ألا تَقطَعُه وتَهجُرُه؟ فقال: أحوَجُ ما كان إليَّ في هذا الوقتِ لَمَّا وقَعَ في عَثرَتِه أن آخُذَ بيَدِه، وأتَلطَّفَ له في المُعاتَبةِ، وأدعوَ له بالعَودِ إلى ما كان عليه...
فهذه طَريقةُ قَومٍ، وهي ألطَفُ وأفقَهُ؛ أمَّا كونُها ألطَفَ فلِما فيها مِنَ الرِّفقِ والاستِمالةِ والتَّعَطُّفِ المُفضي إلى الرُّجوعِ والتَّوبةِ؛ لاستِمرارِ الحياءِ عِندَ دَوامِ الصُّحبةِ، ومَهما قوطِعَ وانقَطَعَ طَمَعُه عَنِ الصُّحبةِ أصَرَّ واستَمَرَّ.
وأمَّا كونُها أفقَهَ؛ فمِن حيثُ إنَّ الأخوَّةَ عَقدٌ يَنزِلُ مَنزِلةَ القَرابةِ، فإذا انعَقَدَت تَأكَّدَ الحَقُّ ووجَبَ الوفاءُ بموجِبِ العَقدِ، ومِنَ الوفاءِ به ألَّا يُهمَلَ أيَّامَ حاجَتِه وفَقرِه، وفَقرُ الدِّينِ أشَدُّ مِن فقرِ المالِ، وقد أصابَته جائِحةٌ، وألمَّت به آفةٌ افتَقَرَ بسَبَبِها في دينِه؛ فيَنبَغي أن يُراقَبَ ويُراعى ولا يُهمَلَ، بَل لا يَزالُ يُتَلطَّفُ به ليُعانَ على الخَلاصِ مِن تلك الوَقعةِ التي ألمَّت به.
فالأخوَّةُ عُدَّةٌ للنَّائِباتِ وحَوادِثِ الزَّمانِ، وهذا مِن أشَدِّ النَّوائِبِ، والفاجِرُ إذا صَحِبَ تَقيًّا وهو يَنظُرُ إلى خَوفِه ومُداومَتِه، فسيَرجِعُ على قُربٍ، ويَستَحي مِنَ الإصرارِ، بَل الكسلانُ يَصحَبُ الحَريصَ في العَمَلِ فيَحرِصُ حياءً مِنه
قال جَعفَرُ بنُ سُليمانَ: مَهما فتَرتُ في العَمَلِ نَظَرتُ إلى مُحَمَّدِ بنِ واسِعٍ وإقبالِه على الطَّاعةِ، فيَرجِعُ إليَّ نَشاطي في العِبادةِ، وفارَقَني الكسَلُ، وعَمِلتُ عليه أُسبوعًا.
وهذا التَّحقيقُ، وهو أنَّ الصَّداقةَ لُحمةٌ كلُحمةِ النَّسَبِ، والقَريبُ لا يَجوزُ أن يُهجَرَ بالمَعصيةِ؛ ولذلك قال اللهُ تعالى لنَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في عَشيرَتِه: فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ [الشعراء: 216] ، ولم يَقُلْ: إنِّي بَريءٌ مِنكُم؛ مُراعاةً لحَقِّ القَرابةِ ولُحمةِ النَّسَبِ.
وإلى هذا أشارَ أبو الدَّرداءِ لمَّا قيل له: ألا تُبغِضُ أخاك وقد فعَل كذا؟ فقال: إنَّما أُبغِضُ عَمَلَه، وإلَّا فهو أخي!
وأخُوَّةُ الدِّينِ أوكَدُ مِن أخوَّةِ القَرابةِ؛ ولذلك قيل لحَكيمٍ: أيُّما أحبُّ إليك: أخوك أو صَديقُك؟ فقال: إنَّما أُحِبُّ أخي إذا كان صَديقًا لي، وكان الحَسَنُ يَقولُ: كم مِن أخٍ لم تَلِدْه أمُّك! ولذلك قيل: القَرابةُ تَحتاجُ إلى مَودَّةٍ، والمَودَّةُ لا تَحتاجُ إلى قَرابةٍ...
وقال بَعضُ السَّلفِ في سَترِ زَلَّاتِ الإخوانِ: ودَّ الشَّيطانُ أن يُلقيَ على أخيكُم مِثلَ هذا حتَّى تَهجُروه وتَقطَعوه، فماذا اتَّقيتُم مِن مَحَبَّةِ عَدوِّكُم؟!
وهذا لأنَّ التَّفريقَ بينَ الأحبابِ مِن مَحابِّ الشَّيطانِ، كما أنَّ مُقارَفةَ العِصيانِ مِن مَحابِّه، فإذا حَصَل للشَّيطانِ أحَدُ غَرَضَيه فلا يَنبَغي أن يُضافَ إليه الثَّاني، ... أمَّا زَلَّتُه في حَقِّه بما يوجِبُ إيحاشَه فلا خِلافَ في أنَّ الأَولى العَفوُ والاحتِمالُ، بَل كُلُّ ما يُحتَمَلُ تَنزيلُه على وَجهٍ حَسَنٍ، ويُتَصَوَّرُ تَمهيدُ عُذرٍ فيه قَريبٍ أو بَعيدٍ، فهو واجِبٌ بحَقِّ الأخوَّةِ؛ فقَد قيل: يَنبَغي أن تَستَنبطَ لزَلَّةِ أخيك سَبعينَ عُذرًا، فإن لم يَقبَلْه قَلبُك فرُدَّ اللَّومَ على نَفسِك، فتَقولُ لقَلبِك: ما أقساك! يَعتَذِرُ إليك أخوك سَبعينَ عُذرًا فلا تَقبَلُه! فأنتَ المَعيبُ لا أخوك، فإن ظَهر بحيثُ لم يَقبَلِ التَّحسينَ فيَنبَغي ألَّا تَغضَبَ إن قَدَرتَ، ولكِنَّ ذلك لا يُمكِنُ، وقد قال الشَّافِعيُّ رَحِمَه اللهُ: مَنِ استُغضِبَ فلم يَغضَبْ فهو حِمارٌ! ومَنِ استُرضيَ فلم يَرضَ فهو شَيطانٌ! فلا تَكُنْ حِمارًا ولا شيطانًا، واستَرضِ قَلبَك بنَفسِك نيابةً عن أخيك، واحتَرِزْ أن تَكونَ شيطانًا إن لم تَقبَلْ.
قال الأحنَفُ: حَقُّ الصَّديقِ أن تَحتَمِلَ مِنه ثَلاثًا: ظُلمُ الغَضَبِ، وظُلمُ الدَّالَّةِ [1901] الدَّالَّةُ بتَشديدِ اللَّامِ: اسمٌ مِنَ الإدلالِ على مَن لك عِندَه مَنزِلةٌ، يُقالُ: لفُلانٍ عليك دالَّةٌ، وتَدَلُّلٌ وإدلالٌ، ومُدلٍ بصُحبَتِه عليك إدلالًا ودالَّةً، أي: مُجتَرِئٌ. يُنظر: ((الغريبين في القرآن والحديث)) للهروي (2/ 649)، ((النهاية)) لابن الأثير (2/ 131)، ((إتحاف السادة المتقين)) للزبيدي (6/ 231). ، وظُلمُ الهَفوةِ.
وقال آخَرُ: ما شَتَمتُ أحَدًا قَطُّ؛ لأنَّه إن شَتَمَني كريمٌ فأنا أحَقُّ مَن غَفرَها له، أو لئيمٌ فلا أجعَلُ عِرْضي له غَرَضًا، ثُمَّ تَمَثَّل وقال:
وأغفِرُ عَوراءَ الكريمِ ادِّخارَه
وأُعرِضُ عن شَتمِ اللَّئيمِ تَكرُّمَا
وقد قيل:
خُذْ مِن خَليلِك ما صَفا
ودَعِ الَّذي فيه الكَدَرْ
فالعُمرُ أقصَرُ مِن مُعا
تبةِ الخَليلِ على الغِيَرْ
ومَهما اعتَذَرَ إليك أخوك كاذِبًا كان أو صادِقًا فاقبَلْ عُذرَه...
وقال اللهُ تعالى: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ [آل عمران: 134] ، ولم يَقُلْ: والفاقِدينَ الغيظَ، وهذا لأنَّ العادةَ لا تَنتَهي إلى أن يُجرَحَ الإنسانُ فلا يَتَألَّمَ، بَل تَنتَهي إلى أن يَصبرَ عليه ويَحتَمِلَ، وكما أنَّ التَّألُّمَ بالجُرحِ مُقتَضى طَبعِ البَدَنِ، فالتَّألُّمُ بأسبابِ الغَضَبِ طَبعُ القَلبِ، ولا يُمكِنُ قَلعُه، ولكِنْ ضَبطُه وكَظمُه والعَمَلُ بخِلافِ مُقتَضاه؛ فإنَّه يَقتَضي التَّشَفِّيَ والانتِقامَ والمُكافأةَ، وتَركُ العَمَلِ بمُقتَضاه مُمكِنٌ. وقد قال الشَّاعِرُ:
ولستَ بمُستَبقٍ أخًا لا تَلُمُّه... على شَعَثٍ أيُّ الرِّجالِ المُهَذَّبُ
قال أبو سُليمانَ الدَّارانيُّ لأحمَدَ بنِ أبي الحواريِّ: إذا واخيتَ أحَدًا في هذا الزَّمانِ فلا تُعاتِبْه على ما تَكرَهُه؛ فإنَّك لا تَأمَنُ مِن أن تَرى في جَوابِك ما هو شَرٌّ مِنَ الأوَّلِ، قال: فجَرَّبتُه فوجَدتُه كذلك.
وقال بَعضُهم: الصَّبرُ على مَضَضِ الأخِ خَيرٌ مِن مُعاتَبَتِه، والمُعاتَبةُ خيرٌ مِنَ القَطيعةِ، والقَطيعةُ خيرٌ مِنَ الوقيعةِ.
ويَنبَغي ألَّا يُبالغَ في البِغضةِ عِندَ الوقيعةِ؛ قال اللهُ تعالى: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً [الممتحنة: 7] ) [1902] ((إحياء علوم الدين)) (2/ 183-186). .

انظر أيضا: