موسوعة الآداب الشرعية

ثانيًا: أن يُحِبَّ لجارِه ما يُحِبُّ لنَفسِه


يَنبَغي أن يُحِبَّ الجارُ لجارِه ما يُحِبُّ لنَفسِه.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عَن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((والذي نَفسي بيَدِه لا يُؤمِنُ عَبدٌ حتَّى يُحِبَّ لجارِه -أو قال: لأخيه- ما يُحِبُّ لنَفسِه)) [1987] أخرجه البخاري (13)، ومسلم (45) واللَّفظ له. .
قال عِياضٌ: (أي: لا يَتِمُّ إيمانُه حتَّى يَكونَ بهذه الصِّفةِ للمُؤمِنينَ؛ مِن كفِّه الأذى عَنهم، وبَذلِه المَعروفَ لهم، ومَودَّتِه الخيرَ لجَميعِهم، وصَرفِ الضُّرِّ عَنهم) [1988] ((إكمال المعلم)) (1/ 282). ويُنظر: ((جامع العلوم والحكم)) لابن رجب (1/ 302). وقال الصَّنعانيُّ: (رِوايةُ الجارِ عامَّةٌ للمُسلِمِ والكافِرِ والفاسِقِ، والصَّديقِ والعَدوِّ، والقَريبِ والأجنَبيِّ، والأقرَبِ جِوارًا والأبعَدِ؛ فمَنِ اجتَمَعَت فيه الصِّفاتُ الموجِبةُ لمَحَبَّةِ الخيرِ له فهو في أعلى المَراتِبِ، ومَن كان فيه أكثَرُها فهو لاحِقٌ به، وهلُمَّ جَرًّا إلى الخَصلةِ الواحِدةِ، فيُعطى كُلُّ ذي حَقٍّ بحَسَبِ حالِه... فإن كان الجارُ أخًا أحَبَّ له ما يُحِبُّ لنَفسِه، وإن كان كافِرًا أحَبَّ له الدُّخولَ في الإيمانِ مَعَ ما يُحِبُّ لنَفسِه مِنَ المَنافِعِ بشَرطِ الإيمانِ. قال الشَّيخُ مُحَمَّد بنُ أبي جَمرةَ: حِفظُ حَقِّ الجارِ مِن كمالِ الإيمانِ، والإضرارُ به مِنَ الكبائِرِ؛ لقَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «مَن كان يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يُؤذِ جارَه»، قال: ويَفتَرِقُ الحالُ في ذلك بالنِّسبةِ إلى الجارِ الصَّالحِ وغيره. والذي يَشمَلُ الجَميعَ إرادةُ الخيرِ، ومَوعِظَتُه بالحُسنى، والدُّعاءُ له بالهدايةِ، وتَركُ الإضرارِ له إلَّا في المَوضِعِ الذي يَحِلُّ له الإضرارُ بالقَولِ والفِعلِ. والذي يَخُصُّ الصَّالحَ هو جَميعُ ما تَقَدَّمَ، وغيرُ الصَّالحِ كفُّه عن الأذى وأمرُه بالحُسنى على حَسَبِ مَراتِبِ الأمرِ بالمَعروفِ والنَّهيِ عن المُنكَرِ. والكافِرُ يَعرِضُ الإسلامَ عليه، والتَّرغيب فيه برِفقٍ. والفاسِقُ يَعِظُه بما يُناسِبُه بالرِّفقِ، ويَستُرُ عَليه زَلَـلَه، ويَنهاه بالرِّفقِ، فإن نَفَع وإلَّا هَجَرَه قاصِدًا تَأديبَه بذلك مَعَ إعلامِه بالسَّبَبِ ليَكُفَّ. ويُقَدِّمُ عِندَ التَّعارُضِ مَن كان أقرَبَ إليه بابًا). ((سبل السلام)) (2/ 633، 634). ويُنظر: ((بهجة النفوس)) لابن أبي جمرة (4/ 164)، ((فتح الباري)) لابنِ حجر (10/ 442). .

انظر أيضا: