موسوعة الآداب الشرعية

ثامنًا: غَضُّ البَصَرِ


يَجِبُ على الطَّبيبِ أن يَغُضَّ بَصَرَه عن عورةِ المريضِ، وألَّا يُجاوِزَ بَصَرُه مَوضِعَ الضَّرورةِ [2230] جاءَ في فتاوى اللَّجنةِ الدَّائِمةِ: (هناك بَعضُ الأحكامِ الشَّرعيَّةِ التي يَلزَمُ الأطِبَّاءَ ومُساعِديهم مَعرِفتُها؛ مِنها:... يَحرُمُ على الأطِبَّاءِ والطَّبيباتِ ومُساعِديهمُ النَّظَرُ إلى العَوراتِ إلَّا عِندَ الضَّرورةِ، وإذا دَعَتِ الضَّرورةُ فتُقَدَّرُ بقَدرِها، فلا يُنظر إلَّا إلى مَوضِعِ الحاجةِ، على أنَّه يَجِبُ ألَّا يَكشِفَ على الرَّجُلِ إلَّا رَجُلٌ، ولا على المَرأةِ إلَّا امرَأةٌ، إلَّا إذا لم يَتيَسَّرْ ذلك ودَعَتِ الضَّرورةُ، فلا حَرَجَ في كَشفِ أحَدِهما على الآخَرِ، مَعَ القيامِ بواجِبِ الأمانةِ الشَّرعيَّةِ، فلا يُنظر إلَّا إلى مَوضِعِ المَرَضِ، على أن يَكونَ بحَضرةِ مَن تَنتَفي مَعَه الخَلوةُ، وبالنِّسبةِ للمَرأةِ المَريضةِ فلا بُدَّ مِن حُضورِ وليِّها إذا تيَسَّرَ ذلك). ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (24/ 403، 404). .
الدَّليلُ على ذلك مِن الكتابِ والسُّنَّةِ:
أ- مِنَ الكِتابِ
1- قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور: 30-31] .
2- قال تعالى: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر: 19] .
قال البُخاريُّ: (خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ: مِنَ النَّظَرِ إلى ما نُهيَ عنه) [2231] ((صَحيح البخاري)) (8/ 51). .
ب- مِنَ السُّنَّةِ
عَن جَريرِ بنِ عَبدِ اللَّهِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((سَألتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن نَظَرِ الفُجاءةِ، فأمَرَني أن أصرِفَ بَصَري)) [2232] أخرجه مسلم (2159). .
فائِدةٌ:
قال أبو بَكرٍ الرَّازيُّ في أخلاقِ الطَّبيبِ: (إذا عالجَ... أحَدًا فيَجِبُ أن يَحفظَ طَرْفَه، ولا يُجاوِزْ مَوضِعَ العِلَّةِ؛ فقَد قال الحَكيمُ جالينوسُ في وصيَّتِه للمُتَعَلِّمينَ -ولعَمري لقَد صَدَقَ فيما قال-: على الطَّبيبِ أن يَكونَ مُخلِصًا للَّهِ، وأن يَغُضَّ طَرْفَه عَنِ النِّسوةِ ذَواتِ الحُسنِ والجَمالِ، وأن يَتَجَنَّبَ لَمْسَ شيءٍ مِن أبدانِهنَّ، وإذا أرادَ عِلاجَهنَّ أن يَقصِدَ المَوضِعَ الذي فيه مَعنى عِلاجِه، ويَترُكَ إجالةَ عَينَيه إلى سائِرِ بَدَنِها. قال: ورَأيتُ مَن يَتَجَنَّبُ ما ذَكرتُ فكَبُرَ في أعيُنِ النَّاسِ، واجتَمَعَت إليه أقاويلُ الخاصَّةِ والعامَّةِ، ورَأيتُ مَن تَعاطى النِّساءَ فكثُرَت قالةُ النَّاسِ فيه، فتَجَنَّبوه، ورَفَضوه، وحُرِمَ الدُّخولَ على المُلوكِ وعلى الخاصَّةِ والعامَّةِ؛ فليَحذَرِ المُتَطَبِّبُ هذه الأمورَ كما حَذَّرتُه إيَّاها) [2233] ((أخلاق الطبيب)) (ص: 28-31). .

انظر أيضا: