موسوعة الآداب الشرعية

واحدٌ وعشرونَ: تعظيمُ شَعائِرِ الله


مِنَ الأدَبِ مَعَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ: تَعظيمُ شَعائِرِه [284] شَعائِرُ اللهِ: واحِدُها شُعَيرةٌ، وهيَ كُلُّ شَيءٍ جُعِلَ عَلَمًا مِن أعلامِ طاعتِه. ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 32، 138). وأعلامِ دينِه [285] قال السَّعديُّ: (تَعظيمُ شَعائِرِ اللهِ صادِرٌ مِن تَقوى القُلوبِ، فالمُعَظِّمُ لَها يُبَرهِنُ على تَقواه وصِحَّةِ إيمانِه؛ لأنَّ تَعظيمَها تابِعٌ لتَعظيمِ اللَّهِ وإجلالِه). ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 538). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ الكِتابِ:
1- قال تعالى: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 32] .
أي: ومَن يُعَظِّمْ أعلامَ الدِّينِ الظَّاهرةَ فإنَّه يُبَرهِنُ بذلك على تَقواه وصِحَّةِ إيمانِه؛ فتَعظيمُها تابِعٌ لتَعظيمِ اللهِ وإجلالِه، وتَعظيمُها مِن فِعلِ المُتَّقينَ أصحابِ القُلوبِ المُخلِصةِ الوَجِلةِ مِن خَشيةِ اللهِ [286] ((التفسير المحرر)) إعداد القسم العلمي بمؤسسة الدُّرر السَّنية (18/ 179، 180). وقال ابنُ جُزيٍّ: (شَعائِرُ اللهِ قيلَ: هيَ الهَدايا في الحَجِّ، وتَعظيمُها بأن تُختارَ سِمانًا عِظامًا غاليةَ الأثمانِ، وقيلَ: مَواضِعُ الحَجِّ، كعَرَفاتٍ ومِنًى والمُزدَلِفةِ، وتَعظيمُها: إجلالُها وتَوقيُرها والقَصدُ إليها، وقيلَ: الشَّعائِرُ: أُمورُ الدِّينِ على الإطلاقِ، وتَعظيمُها: القيامُ بها وإجلالُها). ((التسهيل لعلوم التنزيل)) (2/ 39). وقال السَّعديُّ في قَولِه تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة: 158] : (يُخبِرُ تعالى أنَّ الصَّفا والمَروةَ، وهما مَعروفانِ، مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ، أي: أعلامِ دينِه الظَّاهِرةِ التي تَعبَّد اللَّهُ بها عِبادَه، وإذا كانا مِن شَعائِرِ اللهِ فقد أمَر اللَّهُ بتَعظيمِ شَعائِرِه، فقال: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 32] ، فدَلَّ مَجموعُ النَّصَّينِ أنَّهما مِن شَعائِرِ اللهِ، وأنَّ تَعظيمَ شَعائِرِه مِن تَقوى القُلوبِ، والتَّقوى واجِبةٌ على كُلِّ مُكَلَّفٍ، وذلك يَدُلُّ على أنَّ السَّعيَ بهما فَرضٌ لازِمٌ للحَجِّ والعُمرةِ، كَما عليه الجُمهورُ، ودَلَّت عليه الأحاديثُ النَّبَويَّةُ، وفعَلَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقال: «خُذوا عنِّي مَناسِكَكُم» [أخرجه مسلم (1297) باختلاف يسير من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما بلفظ: (لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ فإنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتي هذِه)]). ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 76). .
2- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ [المائدة: 2].
قال مَكِّيُّ بنُ أبي طالِبٍ: (مَعنى الآيةِ: أنَّ اللَّهَ نَهى المُؤمِنينَ أن يُحِلُّوا شَعائِرَه، وهيَ مَعالِمُه وحُدودُه التي جَعَلَها عَلَمًا لطاعَتِه في الحَجِّ.
وقال عَطاءٌ: شَعائِرُ اللهِ: حُرُماتُه، حَضَّهم على اجتِنابِ سَخَطِه، واتِّباعِ طاعتِه) [287] ((الهداية إلى بلوغ النهاية)) (3/ 1563). .

انظر أيضا: