موسوعة الآداب الشرعية

رابعًا: تأخيرُ السُّحورِ


يُسَنُّ للصَّائمِ تأخيرُ السُّحورِ ما لم يَخشَ طلوعَ الفَجرِ [1293] يحصُلُ السُّحورُ بكُلِّ مطعومٍ أو مشروبٍ ولو كان قليلًا. يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/ 174)، ((فتح الباري)) لابن حجر (4/140). .
الدَّليلُ على ذلك من السُّنَّةِ والإجماعِ:
أ- مِنَ السُّنَّةِ
عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ زَيدَ بنَ ثابتٍ رَضِيَ اللهُ عنه حدَّثَه ((أنَّهم تسَحَّروا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثمَّ قاموا إلى الصَّلاةِ، قلتُ -أي: أنَسٌ-: كمْ بيْنَهما؟ قال: قَدْرُ خَمسينَ آيةً [1294] قال ابنُ حجر: (في قوله: "قَدْرُ خَمسينَ آيةً" أي: متوسِّطة، لا طويلة ولا قصيرة، ولا سريعة ولا بطيئة). ((فتح الباري)) (1/367). ) [1295] أخرجه البخاري (1921) واللفظ له، ومسلم (1097). .
وجهُ الدَّلالةِ:
الحديثُ فيه دَلالةٌ على استحبابِ التَّسحُّرِ وتأخيرِه إلى قريبِ طُلوعِ الفَجرِ [1296] ((عمدة القاري)) للعيني (5/73). .
ب- الإجماعُ
نقَل الإجماعَ على ذلك غيرُ واحدٍ [1297] ممن نقل الإجماع على ذلك: ابنُ رُشد، وابنُ مفلِحٍ، والمَرداويُّ. قال ابنُ رُشدٍ: (وأجمَعوا على أنَّ مِن سُنَنِ الصَّومِ: تأخيرَ السُّحورِ، وتَعجيلَ الفِطرِ). ((بداية المجتهد)) (1/307). وقال ابنُ مفلح: (يُسنُّ تعجيلُ الإفطارِ، إذا تحقَّقَ غُروبَ الشَّمسِ "ع" [إجماع]، وتأخيرُ السُّحور "ع" [إجماع] ما لم يَخشَ طلوعَ الفَجرِ). ((الفروع)) (5/30). وقال المَرداويُّ: (أحدهما: قولُه: "ويُستحبُّ تعجيلُ الإفطارِ"، إجماعًا، يعني: إذا تحقَّق غروبَ الشَّمسِ. الثَّاني: قولُه: "ويستحَبُّ تأخيرُ السُّحورِ"، إجماعًا). ((الإنصاف)) (3/234). .
فائدةٌ في الحكمةِ مِن السُّحورِ
مِن حِكَمِ السُّحورِ ومقاصِدِه:
1- أنَّه مَعُونةٌ على العبادةِ؛ فإنَّه يُعينُ الإنسانَ على الصِّيامِ.
2- أنَّ فيه مُخالفةَ أهلِ الكِتابِ؛ فإنَّهم لا يتسَحَّرونَ.
فعن عَمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((فَصلُ ما بَينَ صيامِنا وصيامِ أهلِ الكتابِ أَكلةُ السَّحَرِ)) [1298] أخرجه مسلم (1096). .

انظر أيضا: