موسوعة الآداب الشرعية

ثالثَ عشرَ: الإمساكُ عنِ القِراءةِ إذا تَثاءَبَ، أو غَلَبَه النُّعاسُ


يُستَحَبُّ للقارِئِ إذا تَثاءَبَ أن يَسكُتَ عنِ القِراءةِ حَتَّى يَذهَبَ تَثاؤُبُه [1729] قال الآجُرِّيُّ: (يَنبَغي للقارِئِ إذا كان يَقرَأُ فخَرَجَت مِنه ريحٌ أمسَك عنِ القِراءةِ حَتَّى تَنقَضيَ الرِّيحُ، ثُمَّ إن أحَبَّ أن يَتَوضَّأَ ثُمَّ يَقرَأَ طاهرًا فهو أفضَلُ، وإن قَرَأ غَيرَ طاهرٍ فلا بَأسَ مِنه، وإذا تَثاءَبَ وهو يَقرَأُ أمسَكَ عنِ القِراءةِ حَتَّى يَنقَضيَ التَّثاؤُبُ... وأُحِبُّ للقارِئِ أن يَأخُذَ نَفسَه بسُجودِ القُرآنِ، كُلَّما مَرَّ بسَجدةٍ سَجَد فيها). ((أخلاق أهل القرآن)) (ص: 145). وقال القُرطُبيُّ: (يُستَحَبُّ إذا تَثاءَبَ أن يُمسِكَ عنِ القِراءةِ؛ لأنَّه مُخاطِبٌ رَبَّه ومُناجٍ، والتَّثاؤُبُ مِنَ الشَّيطانِ). ((التِّذكار)) (ص: 176). ، وكَذلك يَنبَغي له أن يُمسِكَ عنها إذا غَلَبَه النُّعاسُ؛ خَشيةَ التَّخليطِ فيما يَأتي به مِنَ القِراءةِ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا قامَ أحَدُكُم مِنَ اللَّيلِ فاستَعجَمَ القُرآنُ على لسانِه، فلَم يَدرِ ما يَقولُ، فليَضطَجِعْ)) [1730] أخرجه مسلم (787). .
أي: لئَلَّا يُغَيِّرَ كَلامَ اللهِ ويُبَدِّلَه، ولَعَلَّه يَأتي في ذلك بما لا يَجوزُ؛ مِن قَلبِ مَعانيه، وتَحريفِ كَلماتِه. ومَعنى: ((استَعجَمَ عليه القُرآنُ)): أي: لَم يُفصِحْ به لسانُه، ولا انطَلَقَ به؛ لغَلَبةِ النُّعاسِ، كَأنَّه صارَت به عُجمةٌ لاختِلاطِ حُروفِ النَّاعِس وعَدَمِ بَيانِها [1731] يُنظر: ((إكمال المعلم)) لعياض (3/ 152)، ((طرح التثريب)) للعراقي (3/ 89). .
2- عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((التَّثاؤُبُ مِنَ الشَّيطانِ، فإذا تَثاءَبَ أحَدُكُم فليَكظِمْ ما استَطاعَ)) [1732] أخرجه البخاري (3289)، ومسلم (2994) واللفظ له. .
3- عن أبي سَعيدٍ الخُدْريِّ رَضيَ اللهُ عنه، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا تَثاءَبَ أحَدُكُم فليُمسِك بيَدِه على فيه؛ فإنَّ الشَّيطانَ يَدخُلُ)) [1733] أخرجه مسلم (2995). .
4- عن عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا نَعَسَ أحَدُكُم وهو يُصَلِّي فليَرقُدْ حَتَّى يَذهَبَ عنه النَّومُ؛ فإنَّ أحَدَكُم إذا صَلَّى وهو ناعِسٌ لا يَدري لَعَلَّه يَستَغفِرُ فيَسُبُّ نَفسَه)) [1734] أخرجه البخاري (212) واللفظ له، ومسلم (786). .
5- عن أنَسٍ رَضيَ اللهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا نَعَسَ أحَدُكُم في الصَّلاةِ فليَنَمْ حَتَّى يَعلَمَ ما يَقرَأُ)) [1735] أخرجه البخاري (213). .
من أقوالِ السَّلَفِ:
- عن مُجاهدٍ، قال: (إذا تَثاءَبتَ وأنتَ تَقرَأُ القُرآنَ فأمسِكْ عنِ القِراءةِ حَتَّى يَذهَبَ تَثاؤُبُك) [1736] أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في ((فضائل القرآن)) (ص118) واللفظ له، وسعيد بن منصور في ((التفسير)) (98)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (1943). .
- عن عِكرِمةَ، قال: (إذا تَثاءَبَ أحَدُكُم وهو يَقرَأُ القُرآنَ فليَسكُتْ، ولا يَقُلْ: هاها وهو يَقرَأُ) [1737] أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في ((فضائل القرآن)) (ص119) واللفظ له، وابن أبي شيبة (8078). .

انظر أيضا: