السَّخَطُ أو السُّخْطُ
صِفةٌ من صِفات اللهِ الفِعْليَّةِ، ثابتَةٌ بالكِتابِ والسُّنَّةِ.
الدَّليلُ مِن الكِتابِ:1- قولُه تَعالَى:
لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ [المائدة: 80] .
2- قولُه عَزَّ وجَلَّ:
ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ [محمد: 28] .
الدَّليلُ من السُّنَّةِ: حديثُ أبي سَعيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عنه مرفوعًا:
((إنَّ الله عزَّ وجلَّ يَقولُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ: يا أَهْلَ الجَنَّةِ، فيَقولُون: لبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ...-إلى أنْ قال فيه:- فيَقولُ: ألَا أُعْطِيكُمْ أفضَلَ من ذلك؟ فيَقولُون: وأيُّ شَيْءٍ أفضلُ من ذلك؟! فيَقولُ: أُحِلُّ عليكم رِضْوانِي؛ فلا أَسْخَطُ عَلَيكم بعدَه أبدًا )) [2259] أخرجه البخاري (7518)، ومسلم (2829). .
معنى السَّخَطِ:قال
ابنُ دُرَيدٍ: (السَّخَطُ: خِلافُ الرِّضا، وتَسَخَّطَ الرَّجلُ تَسَخُّطًا: إذا تغَضَّبَ وتَكَرَّهَ الشَّيءَ، والشَّيءُ مَسخوطٌ، أي: مَكروهٌ)
[2261] يُنظر: ((جمهرة اللغة)) (1/ 597). .
وقال العَسكريُّ: (الفَرقُ بيْن الغَضَبِ والسَّخَظِ: أنَّ الغضَبَ يكونُ من الصَّغيرِ على الكَبيرِ ومِنَ الكَبيرِ على الصَّغيرِ، والسَّخَطَ لا يكونُ إلَّا مِن الكَبيرِ على الصَّغيرِ؛ يُقالُ: سَخِطَ الأميرُ على الحاجِبِ، ولا يقالُ: سَخِطَ الحاجِبُ على الأميرِ، ويُستعمَلُ الغضَبُ فيهما. والسَّخَطُ إذا عَدَّيتَه بنَفْسِه فهو خِلافُ الرِّضا؛ يُقالُ: رَضِيَه وسَخِطَه، وإذا عَدَّيتَه بعلى فهو بمعنى الغَضَبِ)
[2262] يُنظر: ((الفروق اللغوية)) (ص: 130). .
وقال الثعالبيُّ: (أوَّلُ مراتبِ الغَضَبِ السَّخَطُ، وهو خِلافُ الرِّضا)
[2263] يُنظر: ((فقه اللغة وسر العربية)) (ص: 130) بتصرف يسير. .
وقال الرَّاغِبُ: (السُّخْطُ والسَّخَطُ: الغَضَبُ الشَّديدُ المقتَضِي للعُقوبةِ)
[2264] يُنظر: ((المفردات في غريب القرآن)) (ص: 402). .
وقال
البَغَويُّ: (
سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ [المائدة: 80] ، غَضِبَ اللهُ عليهم)
[2265] يُنظر: ((تفسير البغوي)) (2/ 73). .
وقال
الشِّنقيطيُّ: (
اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ [محمد: 28] أي: أغضَبَه؛ مِنَ الكُفرِ به، وطاعةِ الكُفَّارِ الكارهينَ لِما نَزَّله.
والإسخاطُ: استِجلابُ السَّخَطِ، وهو الغَضَبُ هنا)
[2266] يُنظر: ((أضواء البيان)) (7/ 382). .
وقال ابنُ أبي زيدٍ القيروانيُّ: (ممَّا أجمعت عليه الأئِمَّةُ مِن أُمورِ الدِّيانةِ، ومن السُّنَنِ التي خلافُها بِدعةٌ وضلالةٌ... أنَّه يرضى عن الطَّائعين ويحِبُّ التَّوَّابين، ويَسخَطُ على من كَفَر به ويغضَبُ فلا يقومُ شيءٌ لغَضَبِه... وكُلُّ ما قَدَّمْنا ذِكْرَه فهو قَولُ أهلِ السُّنَّةِ وأئمَّةِ النَّاسِ في الفِقهِ والحديثِ على ما بَيَّنَّاه، وكُلُّه قولُ
مالِكٍ؛ فمنه منصوصٌ مِن قَولِه، ومنه معلومٌ مِن مَذهَبِه)
[2267])) يُنظر: ((الجامع في السنن والآداب والمغازي والتاريخ)) (ص: 107-117). .
وقال أبو إسماعيلَ الصَّابونيُّ: (وكذلك يَقُولون في جَميعِ الصِّفاتِ يعني: بالإثْبَاتِ التي نَزَلَ بها الْقُرْآنُ ووردتْ بها الأخبارُ الصِّحَاحُ؛ مِن السَّمعِ والبَصَرِ والعَينِ... والرِّضا والسَّخَطِ...)
[2268] يُنظر: ((عقيدة السَّلف أصحاب الحديث)) (ص: 5). .
وقال
عبدُ الغنيِّ المقدسيُّ: (فمِن صِفاتِ اللهِ تعالى التي وَصَف بها نَفْسَه، ونَطَق بها كِتابُه، وأخبَرَ بها نبيُّه... ) ثمَّ عَدَّد كثيرًا من الصِّفاتِ الثَّابتةِ إلى أن قال: (والبُغضُ والسَّخَطُ، والكُرهُ والرِّضا، وسائِرُ ما صَحَّ عن اللهِ ورَسولِه، وإنْ نَبَتْ عنها أسماعُ بَعضِ الجاهِلينَ، واستوحَشَت منها نُفوسُ المعَطِّلينَ)
[2269] يُنظر: ((الاقتصاد في الاعتقاد)) (ص: 80، 121 - 123). .
وقال
ابنُ القيِّمِ: (إنَّ ما وصَفَ اللهُ سُبحانَه به نَفْسَه مِن المحبَّةِ والرِّضا والفَرَحِ والغضَبِ والبُغْضِ والسَّخَطِ: مِن أعظَمِ صِفاتِ الكَمالِ)
[2270] يُنظر: ((الصواعق المرسلة)) (4/1451). .
وقال محمَّد خليل هرَّاس -تعلِيقًا على بَعْضِ الآياتِ الَّتِي أوردها
ابنُ تَيْميَّةَ في العقيدَةِ الواسطِيَّةِ لبعضِ صِفاتِ اللهِ عزَّ وجلَّ الفعليَّةِ-: (تَضمَّنَتْ هذه الآيَاتُ إثبَاتَ بعضِ صِفاتِ الفِعْلِ؛ من الرِّضا للهِ، والغَضَب، واللَّعْن، والكُرْهِ، والسَّخَطِ، والمَقْتِ، والْأَسَفِ، وهي عِنْدَ أَهْلِ الحقِّ صِفاتٌ حقيقيَّةٌ للهِ عزَّ وجلَّ، على ما يَليقُ به، ولا تُشْبِهُ ما يَتَّصِفُ به المخلوقُ من ذلك، ولا يَلْزَمُ منها ما يلزَمُ في المَخْلُوقِ)
[2271] يُنظر: ((شرح الواسطية)) (ص: 108). .
وانظُرْ كلامَ ابنِ العطَّارِ في صِفَة (السَّمْعِ).