المَطلبُ الرَّابعُ: مُعتَقدُ الشِّيعةِ الإماميَّةِ في اليومِ الآخِرِ
فسَّرَ بَعضُ غُلاتِهم آياتِ القُرآنِ في اليومِ الآخِرِ بأنَّ مَعناها الباطِنيَّ رَجعةُ الإمامِ إلى الدُّنيا بَعدَ مَوتِه.
فالسَّاعةُ، والقيامةُ، والنُّشورُ، وغَيرُها مِنَ الأسماءِ التي تَتَعَلَّقُ باليومِ الآخِرِ تُفسَّرُ أحيانًا برَجعةِ الأئِمَّةِ. وقدَّمَ أبو الحَسَنِ العامِليُّ قاعِدةً في هذا، فقال: (كُلُّ ما عُبِّرَ به بيومِ القيامةِ في ظاهرِ التَّنزيلِ فتَأويلُه بالرَّجعةِ)
[1732] ((مرآة الأنوار)) (ص: 303). .
وقال المَجلِسيُّ عن لفظِ السَّاعةِ في القُرآنِ: (إنَّ السَّاعةَ ظَهرُها القيامةُ، وبَطنُها الرَّجعةُ)
[1733] ((بحار الأنوار)) (24/334). .
وقد ورَدَ أيضًا عِندَهم تَأويلُ السَّاعةِ بالوِلايةِ، فرَوَوا عن الرِّضا في قَولِ اللهِ سُبحانَه:
بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ قال: (يعني كذَّبوا بوِلايةِ عليٍّ)
[1734] يُنظر: ((الغيبة)) للنعماني (ص: 54). .
وقالوا أيضًا بأنَّ أمرَ الآخِرةِ للإمامِ، فمِن رِواياتِهم عن أبي عَبدِ اللهِ قَولُه: (الآخِرةُ للإمامِ يضَعُها حَيثُ يشاءُ، ويدفعُها إلى مَن يشاءُ، جائِزٌ له ذلك مِنَ اللهِ)
[1735] يُنظر: ((الكافي)) (1/409). .
وعن أبي عَبدِ اللهِ أيضًا قال: (إنَّ اللهَ تعالى أمهَر
فاطِمةَ رَضِيَ اللهُ عنها رُبعَ الدُّنيا، فرَبعَها لها، وأمهَرَها الجَنَّةَ والنَّارَ، تُدخِلُ أعداءَها النَّارَ، وتُدخِلُ أولياءَها الجَنَّةَ)
[1736] يُنظر: ((المعالم الزلفى)) للبحراني (ص: 350). ، وعَقد لذلك البَحرانيُّ بابًا بعُنوانِ (البابُ الرَّابعُ أنَّ الجَنَّةَ في مَهرِ
فاطِمةَ)
[1737] يُنظر: ((المعالم الزلفى)) (ص: 317-319). .
ومِن رِواياتِهم: (إنَّ اللهَ خَلقَ الجَنَّةَ مِن نورِ الحُسَينِ)
[1738] يُنظر: ((المعالم الزلفى)) (ص: 249)، ((منار الأنظار في خلق الجنة والنار)) (ص: 395) كلاهما لهاشمِ البحرانيِّ. ، وعَقد البَحرانيُّ بابًا بهذا العُنوانِ المَذكورِ
[1739] يُنظر: ((المعالم الزلفى)) (ص: 249). .
ورَوَوا عن
جَعفرٍ الصَّادِقِ أنَّه قال: (إلينا الصِّراطُ، وإلينا الميزانُ، وإلينا حِسابُ شيعَتِنا)
[1740] يُنظر: ((رجال الكشِّي)) (ص: 337). .
وعَدَّ الحُرُّ العامِليُّ مِن أُصولِ الأئِمَّةِ: الإيمانَ بأنَّ حِسابَ جَميعِ الخَلقِ يومَ القيامةِ إلى الأئِمَّةِ
[1741] يُنظر: ((الفصول المهمة في أصول الأئمة)) (ص: 171). .
وجاءت عِندَهم رِواياتٌ كثيرةٌ تَقولُ: (لا يجوزُ الصِّراطَ أحَدٌ إلَّا ومَعَه وِلايةٌ مِن عليٍّ)
[1742] يُنظر: ((المعالم الزلفى)) للبحراني (ص: 239). ، أو (جَوازٌ فيه وِلايةُ عَليٍّ)
[1743] يُنظر: ((بحار الأنوار)) للمجلسي (8/68). ، أو (كِتابٌ فيه بَراءةٌ بوِلايةِ عَليٍّ)
[1744] يُنظر: ((بحار الأنوار)) للمجلسي (8/66). .
وقال ابنُ بابَويهِ: (الصِّراطُ في وجهٍ آخَرَ اسمُ حُجَجِ اللهِ، فمَن عَرَفهم في الدُّنيا وأطاعَهم أعطاه اللهُ جَوازًا على الصِّراطِ الذي هو جِسرُ جَهَنَّمَ يومَ القيامةِ... قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لعَليٍّ: يا عَليُّ، إذا كان يومُ القيامةِ أَقعُدُ أنا وأنتَ وجبرائيلُ على الصِّراطِ، فلا يجوزُ على الصِّراطِ إلَّا مَن كانت مَعَه بَراءةٌ بوِلايتِك)
[1745] ((الاعتقادات)) (ص: 95). .
وذَكروا أنَّ على الصِّراطِ عَقَبةً اسمُها الوِلايةُ (يوقَفُ جَميعُ الخَلائِقِ عِندَها فيُسألونَ عن وِلايةِ أميرِ المُؤمِنينَ والأئِمَّةِ مِن بَعدِه، فمَن أتى بها نَجا وجاوزَ، وإن لم يأتِ بها بَقيَ)
[1746] ((الاعتقادات)) لابن بابويه (ص: 96). .
وعَقدَ المَجلِسيُّ بابًا بعُنوانِ (بابُ أنَّه عليه السَّلامُ قَسيمُ الجَنَّةِ والنَّارِ وجَوازِ الصِّراطِ)
[1747] يُنظر: ((بحار الأنوار)) (39/193). ، وعَقد البَحرانيُّ بابًا بنَحوِ ذلك
[1748] يُنظر: ((المعالم الزلفى)) (ص: 167). ، وساقا فيهما رواياتٍ عديدةً.
والمَعلوماتُ التي تُقدِّمُها الاثنا عَشريَّةُ في مَعنى أنَّه قَسيمُ الجَنَّةِ والنَّارِ لا تُعطى إلَّا للخَواصِّ، فرَوَوا أنَّ
الخَليفةَ العَبَّاسيَّ المَأمونَ سَأل عن مَعنى أنَّ عَليًّا قَسيمُ الجَنَّةِ والنَّارِ، فأجابَه عَليٌّ الرِّضا بأنَّ حُبَّ عَليٍّ إيمانٌ، وبُغضُه كُفرٌ، فصارَ حينَئِذٍ قَسيمَ الجَنَّةِ والنَّارِ، ولكِنَّه حينَما لحِقَ به أبو الصَّلتِ الهَرَويُّ قال له الرِّضا: إنَّما كلَّمتُه مِن حَيثُ هو، ولقد سَمِعتُ أبي يُحَدِّثُ عن آبائِه عن عَليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه قال: قال لي رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (يا عَليُّ، أنتَ قَسيمُ الجَنَّةِ والنَّارِ يومَ القيامةِ، تَقولُ للنَّارِ: هذا لي، وهذا لك)
[1749] يُنظر: ((عيون أخبار الرضا)) لابن بابويه (ص: 239). .
وفي رِوايةٍ: (إذا كان يومُ القيامةِ وُضِعَ مِنبَرٌ يراه الخَلائِقُ، يصعَدُه رَجُلٌ يقومُ مَلَكٌ عن يمينِه، ومَلَكٌ عن شِمالِه، يُنادي الذي عن يمينِه: يا مَعشَرَ الخَلائِقِ، هذا عَليُّ بنُ أبي طالبٍ صاحِبُ الجَنَّةِ، يُدخِلُها مَن يشاءُ، ويُنادي الذي عن يسارِه: يا مَعشَرَ الخَلائِقِ، هذا عَليُّ بنُ أبي طالبٍ صاحِبُ النَّارِ، يُدخِلُها مَن يشاءُ)
[1750] يُنظر: ((بصائر الدرجات)) للصفار (ص: 122). .
بَل قالوا بأنَّه دَيَّانُ النَّاسِ يومَ القيامةِ؛ فعن المفصلِ بنِ عُمَرَ الجعفيِّ عن أبي عَبدِ اللهِ قال: سَمِعتُه يقولُ: (إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ عَليَّ بنَ أبي طالبٍ لدَيَّانُ النَّاسِ يومَ القيامةِ)
[1751] يُنظر: ((بصائر الدرجات)) للصفار (ص: 122). .
وقالوا: إنَّ الأئِمَّةَ يأكُلونَ في الدُّنيا مِن نَعيمِ الجَنَّةِ، ومِن رِواياتِهم في ذلك: ما رَووه عن أبي عَبدِ اللهِ أنَّه قال: (مُطِرَتِ المَدينةُ ليلةً مَطَرًا شَديدًا، فلمَّا أصبَحوا خَرَجَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فمَرَّ برَجُلٍ مِن أصحابِه فخَرَجوا مِنَ المَدينةِ إلى جَبَلِ ربابٍ، وهو جَبَلُ مَسجِدِ الخيفِ، فجَلسوا عليه فرَفعَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَأسَه، فإذا رُمَّانةٌ مُدَلَّاةٌ مِن رُمَّانِ الجَنَّةِ، فتَناولها رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ففلقَها وأكَل منها وأطعَمَ عَليًّا عليه السَّلامُ وقال: يا فُلانُ، هذه رُمَّانةٌ مِن رُمَّانِ الجَنَّةِ لا يأكُلُها في الدُّنيا إلَّا نَبيٌّ أو وصيُّ نَبيٍّ)
[1752] يُنظر: ((مدينة المعاجز)) للبحراني (1/156). .
والتَّكليفُ ورَفعُ الدَّرَجاتِ وعَمَلُ الحَسَناتِ عِندَهم يحصُلُ للمَيِّتِ الشِّيعيِّ وهو في قَبرِه؛ فعن
موسى بنِ جَعفَرٍ قال: (مَن ماتَ مِن أوليائِنا وشيعَتِنا ولم يُحسِنِ القُرآنَ عُلِّمَ في قَبرِه؛ ليرفَعَ اللهُ به مِن دَرَجَتِه؛ فإنَّ دَرَجاتِ الجَنَّةِ على قَدرِ آياتِ القُرآنِ)
[1753] يُنظر: ((الكافي)) للكليني (2/606)، ((المعالم الزلفى)) للبحراني (ص: 133). .
وقال المَجلِسيُّ: (يجِبُ الإقرارُ بحُضورِ النَّبيِّ والأئِمَّةِ الاثنَي عَشَرَ صَلواتُ اللهِ عليهم عِندَ مَوتِ الأبرارِ والفُجَّارِ، والمُؤمِنينَ والكُفَّارِ، فينفعونَ المُؤمِنينَ بشَفاعَتِهم في تَسهيلِ غَمَراتِ المَوتِ وسَكَراتِه عليهم، ويُشَدِّدونَ على المُنافِقينَ ومُبغِضي أهلِ البَيتِ صَلواتُ اللهِ عليهم، ولا يجوزُ التَّفكُّرُ في كيفيَّةِ ذلك، إنَّهم يحضُرونَ في الأجسادِ الأصليَّةِ أو المِثاليَّةِ أو بغَيرِ ذلك)
[1754] ((الاعتقادات)) (ص: 934). .
ورَووا أنَّه يُستَحَبُّ عِندَ وضعِ المَيِّتِ في قَبرِه أن يُجعَلَ مَعَه تُربةٌ مِن تُرابِ الحُسَينِ؛ لأنَّها بزَعمِهم أمانٌ له، وعَقدَ لهذا الحَرُّ العامِليُّ بابًا بعُنوانِ (بابُ استِحبابِ وَضعِ التُّربةِ الحُسَينيَّةِ مَعَ المَيِّتِ في الحَنوطِ والكَفَنِ وفي القَبرِ)
[1755] ((وسائل الشيعة)) (2/742). ، وكذلك خَصَّصَ لها النُّوريُّ بابًا بنَفسِ العُنوانِ المَذكورِ
[1756] يُنظر: ((مستدرك الوسائل)) (1/106). .
ومِن وصاياهم في ذلك قَولُهم: (ويُجعَلُ مَعَه شَيءٌ مِن تُربةِ الحُسَينِ؛ فقد رُوِيَ أنَّها أمانٌ)، ولهم في هذه المَسألةِ أحاديثُ كثيرةٌ
[1757] يُنظر: ((وسائل الشيعة)) للعاملي (2/742). .
ويرَونَ أنَّ أوَّلَ ما يُسألُ عنه المَيِّتُ في القَبرِ هو حُبُّ الأئِمَّةِ الاثنَي عَشَرَ، فذَكَروا رِوايةً عن الأئِمَّةِ أنَّهم قالوا: (أوَّلُ ما يُسألُ عنه العَبدُ حُبُّنا أهلَ البَيتِ)
[1758] يُنظر: ((بحار الأنوار)) للمجلسي (27/79). ، وأنَّه يسألُه مَلكانِ عن (مَن يعتَقِدُه مِنَ الأئِمَّةِ، واحِدٌ بَعدَ واحِدٍ، فإن لم يُجِبْ عن واحِدٍ منهم يضرِبانِه بعَمودٍ مِن نارٍ يمتَلئُ قَبرُه نارًا إلى يومِ القيامةِ)
[1759] يُنظر: ((الاعتقادات)) للمجلسي (ص: 95). ، وأمَّا (إذا كان في حَياتِه مُعتَقِدًا بهم فإنَّه يستَطيعُ الرَّدَّ على أسئِلتِهم، ويكونُ في رَغَدٍ إلى يومِ الحَشرِ)
[1760] ((الإسلام عقيدة ودستور)) لمحمد الجلالي (ص: 77). .
ويعتَقِدُ الشِّيعةُ بحَشرٍ بَعدَ المَوتِ لا يُشارِكُهم في القَولِ به أحَدٌ، فقال المَجلِسيُّ: (يحشُرُ اللهُ تعالى في زَمَنِ القائِمِ أو قُبَيلَه جَماعةً مِنَ المُؤمِنينَ لتَقَرَّ أعيُنُهم برُؤيةِ أئِمَّتِهم ودَولتِهم، وجَماعةً مِنَ الكافِرينَ والمُخالفينَ للانتِقامِ عاجِلًا في الدُّنيا)
[1761] ((الاعتقادات)) (ص: 98). .
أمَّا اعتِقادُهم في الحَشرِ يومَ القيامةِ؛ ففي أخبارِهم أنَّه لا يشمَلُ الجَميعَ كما هو اعتِقادُ عامَّةِ المُسلمينَ، بل هناك فِئةٌ لا يشمَلُها الحَشرُ، ولا تَتَعَرَّضُ لهَولِ ذلك اليومِ، ولا تَقِفُ ذلك المَوقِفَ العَظيمَ، ولا تَمُرُّ على الصِّراطِ، بل ينتَقِلونَ مِن قُبورِهم إلى الجَنَّةِ بلا وسائِطَ!
فمِن أخبارِهم: (إنَّ أهلَ مَدينةِ قُمٍّ يُحاسَبونَ في حُفَرِهم، ويُحشَرونَ مِن حُفَرِهم إلى الجَنَّةِ)
[1762] يُنظر: ((بحار الأنوار)) للمجلسي (60/218). .
وليسَ ذلك فحَسبُ، بل إنَّ أحَدَ أبوابِ الجَنَّةِ قد خُصِّصَ لأهلِ قُمٍّ؛ فعن أبي الحَسَنِ الرِّضا قال: (إنَّ للجَنَّةِ ثَمانيةَ أبوابٍ، ولأهلِ قُمٍّ واحِدٌ منها، فطوبى لهم ثُمَّ طوبى)
[1763] يُنظر: ((بحار الأنوار)) للمجلسي (60/215). . وفي رِوايةٍ: (هم خيارُ شيعَتِنا مِن بَيْنَ سائِرِ البلادِ، خَمرَ اللهُ تعالى وِلايتَنا في طينَتِهم)
[1764] يُنظر: ((بحار الأنوار)) للمجلسي (60/216). .
قال عَبَّاسٌ القُمِّيُّ: (قد ورَدت رِواياتٌ كثيرةٌ عن أئِمَّةِ أهلِ البَيتِ في مَدحِ قُمٍّ وأهلِها، وأنَّها فُتِحَ إليها بابٌ مِن أبوابِ الجَنَّةِ)
[1765] ((الكنى والألقاب)) (3/7). .
وقد زادَ بَعضُهم في عَدَدِ أبوابِ الجَنَّةِ المَفتوحةِ على قُمٍّ، فذَكرَ بأنَّ في أخبارِهم عن الرِّضا قَولَه: (للجَنَّةِ ثَمانيةُ أبوابٍ، فثَلاثةٌ منها لأهلِ قُمٍّ)
[1766] يُنظر: ((أحسن الوديعة)) لمحمد مهدي الكاظمي (ص: 313-314). .
وهذه الجَنَّةُ التي يتَحَدَّثونَ عنها هي قَصرٌ على الرَّوافِض، لا يُشارِكُهم فيها أحَدٌ؛ لأنَّها لأئِمَّتِهم، كما أنَّ النَّارَ التي مَفاتيحُها بيدِ الأئِمَّةِ هي لأعدائِهم، قالوا: (إنَّما خُلِقَتِ الجَنَّةُ لأهلِ البَيتِ، والنَّارُ لِمَن عاداهم)
[1767] يُنظر: ((المعالم الزلفى)) للبحراني (ص: 251). .
ولكِنَّهم رَوَوا: (الشِّيعةُ يدخُلونَ الجَنَّةَ قَبلَ سائِرِ النَّاسِ مِنَ الأُمَمِ بثَمانينَ عامًا)
[1768] يُنظر: ((المعالم الزلفى)) للبحراني (ص: 255). ويُنظر لمعنى هذا الخبر: ((كامل الزيارات)) لابن قولويه (ص: 137)، ((وسائل الشيعة)) للعاملي (10/331). !
ومِن أُصولهم (أنَّ النَّاسَ يُدعَونَ بأسماءِ أُمَّهاتِهم يومَ القيامةِ إلَّا الشِّيعةَ فيُدعَونَ بأسماءِ آبائِهم)
[1769] يُنظر: ((الفصول المهمة في أصول الأئمة)) للعاملي (ص: 124). .
ومَزاعِمُهم في هذا البابِ يَصعُبُ حَصرُها، وكُلُّها ليس عليها مِن كِتابِ اللهِ بُرهانٌ، وليسَ لها في كُتُبِ الأُمَّةِ شاهِدٌ ولا خَبَرٌ، ويكفي في بَيانِ مَعرِفةِ عَدَمِ صِحَّتِها مُجَرَّدُ عَرضِها، فقد جَعَلوا الآخِرةَ للأئِمَّةِ، واللهُ سُبحانَه يقولُ:
فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالأُولَى [النجم: 25] وما أشبَهَ قَولَهم هذا بمَزاعِمِ يهودٍ في قَولِهم: إنَّ الآخِرةَ لهم مِن دونِ النَّاسِ، كما قال اللهُ تعالى:
قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمينَ [البقرة: 94-95] .
وقالوا بأنَّ الجَنَّةَ لهم كما قال أهلُ الكِتابِ:
لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة: 111-112] .
وجَعَل الشِّيعةُ للأئِمَّةِ الحُكمَ والأمرَ في يومِ القيامةِ، والله جَلَّ شَأنُه يقولُ:
لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [القصص: 70] .
ويُقال لهم في كُلِّ مَزاعِمِهم التي سَبَقَ ذِكرُها:
هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ!