الموسوعة التاريخية


العام الهجري : 435 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1044
تفاصيل الحدث:

هو صاحِبُ العِراقِ، المَلِك جلالُ الدَّولة، أبو طاهر بن بهاء الدَّولة بن عضد الدَّولة بن ركن الدَّولة بن بُوَيه، الديلمي. تمَلَّك سبع عشرة سنة، وكانت دولتُه ليِّنةً، وتمَلَّك بعده ابنُه المَلِك العزيزُ أبو منصور، فكانت أمورُه واهيةً كأبيه. وكان جلالُ الدَّولة شيعيًّا كأهلِ بَيتِه وفيه جُبنٌ، وعَسكَرُه مع قِلَّتِهم طامعون فيه. عاش نيفًا وخمسين سنة، وذاق نكدًا كثيرًا, وإنما كان سلطانَ العَصرِ ابنُ سبكتكين. توفِّيَ المَلِك جلالُ الدَّولة ببغداد، وكان مَرَضُه ورمًا في كَبِده، وبَقِيَ عدَّةَ أيام مريضًا حتى توفِّيَ ودُفِنَ بداره، ولَمَّا تُوفِّيَ غُلِّقَت الأبواب، ونظَرَ أولادُه من الروشن إلى الأتراك، وقالوا: أنتم أصحابُنا ومشايخُ دَولتِنا وفي مقامِ والِدِنا، فارعَوا حُقوقَنا، وصونوا حريمَنا، فبَكَوا وقَبَّلوا الأرضَ, ولَمَّا توفِّيَ انتقل الوزيرُ كمال الملك بن عبد الرحيم وأصحابُ المَلِك الأكابر إلى باب المراتِبِ، وحريم دار الخلافة، خوفًا من نَهبِ الأتراكِ والعامَّةِ دُورَهم، فاجتمع قوَّادُ العَسكَرِ تحت دار المملكة، ومَنَعوا النَّاسَ من نهبِها، ولَمَّا توفِّيَ كان ولده الأكبَرُ الملك العزيزُ أبو منصور بواسط، على عادته، فكاتبه الأجنادُ بالطاعة، وشَرَطوا عليه تعجيلَ ما جَرَت به العادة من حَقِّ البيعة، فتردَّدَت المراسلاتُ بينهم في مقداره وتأخيرِه لفَقْدِه، وبلغ موتُه إلى الملك أبي كاليجار بن سلطان الدَّولة بن بهاء الدَّولة، فكاتب القوَّاد والأجناد، ورغَّبَهم في المال وكثرته وتعجيلِه، فمالوا إليه وعَدَلوا عن الملك العزيز، وأمَّا المَلِك العزيزُ فإنه أصعد إلى بغداد لَمَّا قَرُب الملك أبو كاليجار منها، عازمًا على قَصدِ بغداد ومعه عسكَرُه، فلما بلغ النعمانية غدَرَ به عسكَرُه ورجعوا إلى واسط، وخطبوا لأبي كاليجار، ولم تَزَل الرسُلُ تتردَّدُ بينه وبين عسكَرِ بغداد، حتى استقَرَّ الأمرُ له، وحَلَفوا، وخَطَبوا له ببغداد في صَفَر من سنة 436.

العام الهجري : 435 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1044
تفاصيل الحدث:

هو الحافِظُ الإمامُ المُجَوِّد العَلَّامة شيخُ الحرم: أبو ذر عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ بنِ مُحمَّد بن عبد الله بن غفير بن محمد، الأنصاريُّ الخُراساني الهَرَوي المالكي، صاحِبُ التصانيفِ، وراوي الصَّحيحِ عن الثلاثة: المستملي، والحَمَوي، والكشميهني. وُلِد سنة 355. سمع الكثيرَ ورحل إلى الأقاليم، وسكن مكَّة، ثمَّ تزوَّجَ في العرب، وكان يحُجُّ كلَّ سنة ويقيمُ بمكَّةَ أيَّام الموسم ويسمعُ النَّاس، ومنه أخذَ المغاربةُ مذهبَ الأشعريِّ عنه، وكان يقولُ إنَّه أخذ مذهَبَ مالكٍ عن الباقِلَّاني، كان حافِظًا، له تصانيفُ منها: تفسير القرآن، وله مُستدرَك على الصحيحين. قال أبو بكر الخطيب: "قَدِمَ أبو ذر بغداد، وحَدَّث بها وأنا غائب، وخرج إلى مكَّة، وجاور، ثم تزوَّجَ في العرب، وأقام بالسرواتِ، فكان يحُجُّ كل عام، ويحَدِّثُ، ثمَّ يرجع إلى أهله، وكان ثقةً ضابطًا دَيِّنًا، مات بمكَّةَ"

العام الهجري : 436 العام الميلادي : 1044
تفاصيل الحدث:

قصَدَ نَفَرٌ مِن الإسماعيليَّةِ ما وراء النَّهرِ، ودعوا إلى طاعةِ المستنصِرِ بالله الفاطميِّ صاحبِ مِصرَ، فتَبِعَهم جمعٌ كثير وأظهروا مذاهِبَ أنكرها أهلُ تلك البلاد، وسَمِعَ ملكها بغراخان خبَرَهم، وأراد الإيقاعَ بهم، فخاف أن يسلَمَ منه بعضُ من أجابَهم من أهل تلك البلاد، فأظهر لبَعضِهم أنَّه يميلُ إليهم، ويريدُ الدخولَ في مذاهِبِهم، وأعلَمَهم ذلك، وأحضَرَهم مجالِسَه، ولم يزَلْ حتى عَلِمَ جميعَ مَن أجابهم إلى مَقالتِهم، فحينئذ قَتَل من بحضرتِه منهم، وكتَبَ إلى سائِرِ البلادِ بقَتلِ مَن فيها، ففُعِلَ بهم ما أمَرَ به، وسَلِمَت البلادُ منهم.

العام الهجري : 436 العام الميلادي : 1044
تفاصيل الحدث:

هو الوزيرُ الكامِلُ نجيب الدَّولة، أبو القاسِمُ علي بن أحمد الجرجرائي، وزيرُ الديار المصريَّة للظاهِرِ العُبَيدي، وكان مِن دُهاة الملوك، خدم الحاكِمَ، فغَضِبَ عليه، فقطع يديه مِن مِرفَقَيه في سنة 404؛ لكونه خان في مباشرةِ الديوان، ثمَّ رَضِيَ عنه في سنة 409، فولَّاه ديوان النَّفَقات، ثم عَظُمَ أمرُه إلى أن وزَرَ في سنة 418 للظاهِرِ بنِ الحاكم. وهو مقطوعُ اليدينِ مِن المرفقين، فاستمَرَّ في الوزارة مدَّةَ وِلايةِ الظاهرِ، ثمَّ لوَلَدِه المُستنصِر، حتى توفِّيَ في هذه السنة، وكان شهمًا كافيًا سائسًا، ذا أمانةٍ وعِفَّةٍ عظيمةٍ.

العام الهجري : 436 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1044
تفاصيل الحدث:

لَمَّا توفِّي المَلِكُ جلال الدَّولة، راسل الجندُ، الملكَ أبا كاليجار مرزبان بنَ سلطان الدَّولة البويهي وخَطَبوا له. فلمَّا استَقَرَّت القواعِدُ بينه وبينهم أرسل أموالًا فُرِّقَت على الجُندِ ببغداد، وعلى أولادهم، وأرسل عشرةَ آلاف دينار للخليفةِ ومعها هدايا كثيرة، فخطبَ به ببغداد في صفر، وخَطَب له أيضًا أبو الشوك في بلادِه، ودبيس بن مزيد ببلادِه، ونصر الدَّولة بن مروان بديار بكرٍ، ولَقَّبَه الخليفةُ محيي الدِّينِ، وسار إلى بغدادَ في مِئَة فارسٍ مِن أصحابه لئلَّا تخافَه الأتراكُ، فلمَّا وصل إلى النُّعمانية لَقِيَه دبيس بن مزيد، ودخل إلى بغدادَ في شهرِ رمضان. ومعه وزيرُه ذو السَّعادات أبو الفرج محمد بن جعفر بن محمد بن فسانجس، ووعده الخليفةُ القائِمُ بأمر الله أن يستقبِلَه، فاستعفى من ذلك، وأخرج عميدَ الدَّولة أبا سعدِ بن عبد الرحيم وأخاه كمالَ الملك وزيرَي جلال الدَّولة من بغداد، فمضى أبو سعدٍ إلى تكريت، وزُيِّنَت بغداد لقدومه، وأمَرَ فخُلِعَ على أصحاب الجيوش، وهم: البساسيري، والنشاوري، والهمام أبو اللقاء، وجرى من ولاةِ العَرضِ تقديمٌ لبعض الجند وتأخير، فشَغَّب بعضهم، وقتلوا واحدًا من ولاة العرضِ بمرأًى من الملك أبي كاليجار، فنزل في سميرية- نوع من السفن- بكنكور، وانحدر خوفًا من انخراقِ الهَيبةِ.

العام الهجري : 436 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1044
تفاصيل الحدث:

هو أبو القاسِمِ عليُّ بنُ الحُسَين بن موسى بن محمد بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الشَّريفُ الموسويُّ، المُلَقَّب بالمرتضى، ذي المجدين، كان نقيبَ الطالبيِّينَ وكان إمامًا في عِلمِ الكلامِ والأدبِ وجيد الشعر. وُلِدَ سنة 355, وكان أكبَرَ مِن أخيه ذي الحَسَبين الشريف الرضي، كان على مذهَبِ الإماميَّةِ والاعتزال، يُناظِرُ على ذلك، وكان يُناظِرُ عنده في كل المذاهب، وله تصانيفُ في التشيُّعِ، أصولًا وفروعًا. قال الذهبي عنه: " هو جامِعُ كتاب "نهج البلاغة"، المنسوبةِ ألفاظُه إلى عليِّ بنِ أبي طالب ولا أسانيدَ لذلك، وبعضُها باطِلٌ، وفيه حَقٌّ ولكِنَّ فيه موضوعاتٍ حاشا الإمامَ مِن النطق بها، ولكنْ أين المُنصِفُ?! وقيل: بل جَمْعُ أخيه الشَّريف الرضي, ثم قال: وكان من الأذكياءِ الأولياءِ المتبَحِّرينَ في الكلامِ والاعتزالِ، والأدبِ والشِّعرِ، لكنَّه إماميٌّ جَلْدٌ. نسأل الله العفو.". قال ابن كثير: "وقد نقل ابنُ الجوزي أشياءَ مِن تفرُّداتِه في التشَيُّع، فمِن ذلك أنَّه لا يصِحُّ السجودُ إلَّا على الأرضِ أو ما كان مِن جِنسِها، وأنَّ الاستجمارَ إنمَّا يُجزِئُ في الغائطِ لا في البولِ، وأنَّ الكتابيَّاتِ حَرامٌ، وكذا ذبائِحُ أهل الكتاب، وأنَّ المرأة إذا جَزَّت شَعْرَها يجب عليها كَفَّارة قتل الخطأ، وغير ذلك كثيرٌ، وأعجَبُ منها ذَمُّ الصحابةِ رَضِيَ الله عنهم، ثمَّ سَرَدَ من كلامِه شيئًا قبيحًا في تكفيرِ عُمَرَ بنِ الخطاب وعثمانَ وعائشة وحفصة رضي الله عنهم". قال ابنُ حزم: الإماميَّةُ كلُّهم على أنَّ القُرآنَ مُبَدَّلٌ، وفيه زيادةٌ ونَقصٌ سوى المرتضى، فإنَّه كفَّرَ مَن قال ذلك. قال الذهبيُّ مُعَلِّقًا على كلامِ ابنِ حزم، قلتُ: وفي تواليفِه سَبُّ أصحاب رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فنعوذُ باللهِ مِن عِلمٍ لا ينفَعُ". ولم يتكَلَّمْ فيه وفي أخيه الرضي كثيرٌ مِن المؤرخين رعايةً لِشَرَفِ نَسَبِهم، وإلَّا فإنهم كانوا على مذهَبِ الرَّفضِ والاعتزال، توفِّيَ في يوم الأحد الخامس والعشرين من شهر ربيع الأول.

العام الهجري : 436 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1044
تفاصيل الحدث:


هو أبو الحُسَين محمَّد بن علي بن الطيب البصري المتكلِّم، صاحِبُ التَّصانيفِ الكلاميَّة، شيخُ المعتزلة والمُنتَصِر لهم، والمحامي عن ذمِّهم بالتصانيفِ الكثيرة، كان فصيحًا بليغًا، عَذْبَ العبارة، يتوقَّدُ ذَكاءً, وله اطِّلاعٌ كبير. توفِّيَ ببغداد بعد أن شاخ عُمُرُه, وصلَّى عليه القاضي أبو عبد الله الصيمري، ودُفِنَ في الشونيزي، ولم يَرْوِ من الحديثِ سوى حديثٍ واحدٍ، هو "إنَّ ممَّا أدرك النَّاس مِن كلامِ النبوَّةِ إذا لم تستحِ فاصنَعْ ما شئتَ"، له عِدَّةُ مُصَنَّفات أجَلُّها المُعتَمَدُ في أصول الفِقهِ، ومنه أخذ الفَخرُ الرازي كتابَ المحصول، وله كتابُ تصفُّح الأدلَّة وشرح الأصولِ الخَمسة يعني أصولَ المعتزلة، وكتابُ الإمامةِ.

العام الهجري : 437 العام الميلادي : 1045
تفاصيل الحدث:

أمر السُّلطانُ طغرلبك السلجوقيُّ أخاه إبراهيم ينال بالخروجِ إلى بلد الجَبَل وملكها، فسار إليها من كرمان، وقصد همذان، وبها كرشاسف بن علاء الدَّولة، ففارقها خوفًا، ودخلها ينال فمَلَكها، والتحَقَ كرشاسف بالأكراد الجوزقان، وكان أبو الشوك حينئذ بالدينورِ، فسار عنها إلى قرميسين خَوفًا وإشفاقًا مِنْ ينال، فقَوِيَ طَمَعُ ينال حينئذ في البلادِ، وسار الدينور فمَلَكَها ورتَّبَ أمورَها، وسار منها يطلُبُ قرميسين، فلما سَمِعَ أبو الشوك به سار إلى حلوان وترك بقرميسين مَن في عسكَرِه من الديلم، والأكراد الشاذنجان؛ ليمنعوها ويحفظوها، فقاتلوا ينال، فدفعوه عنها، فانصرف عنهم وعاد بحلله، فقاتلوه، فضَعُفوا عنه وعَجَزوا عن منعه، فملك ينال البلَدَ في رجب عَنوةً، وقتل من العساكر جماعةً كثيرة، وأخذ أموالَ مَن سَلِمَ مِن القتل، وسلاحِهَم، وطَرَدَهم، ولحقوا بأبي الشوك، ونهَبَ البلدَ وقتل وسبى كثيرًا مِن أهله، ولَمَّا سَمِعَ أبو الشوك ذلك سيَّرَ أهله وأمواله وسلاحَه من حلوان إلى قلعة السيروان، وأقام جريدة -الجريدة خَيْلٌ لا رَجَّالةَ فيها- في عسكَرِه، ثمَّ إنَّ ينال سار إلى الصيمرة في شعبان، فملكها ونهَبَها، وأوقع بالأكرادِ المجاورين لها من الجوزقان، فانهزموا، وكان كرشاسف بن علاء الدَّولة نازلًا عندهم، فسار هو وهم إلى بلدِ شِهابِ الدَّولة أبي الفوارس منصور بن الحسين، ثم إنَّ إبراهيم ينال سار إلى حلوان، وقد فارقها أبو الشوك، ولحِقَ بقلعة السيروان، فوصل إليها إبراهيمُ آخِرَ شعبان، وقد جلا أهلُها عنها، وتفَرَّقوا في البلاد، فنَهَبها وأحرَقَها، وأحرق دار أبي الشوك، وانصرف بعد أن اجتاحها ودرَسَها، وتوجَّه طائفةٌ مِن الغز إلى خانقين في أثَرِ جماعةٍ مِن أهل حلوان كانوا ساروا بأهليهم وأولادهم وأموالهم، فأدركوهم وظَفِروا بهم وغَنِموا ما معهم، وانتشر الغزُّ في تلك النواحي، فبلغوا مايدشت وما يليها، فنهبوها وأغاروا عليها.

العام الهجري : 437 العام الميلادي : 1045
تفاصيل الحدث:

لما رأى أبو كاليجار البويهيُّ الشيعيُّ- وكان بخوزستان- ما تمَلَّكه السَّلاجقةُ مِن الجَبَل والدينور، وأصبح شأنُهم في علوٍّ وقوَّةٍ، تَجهَّزَ لقتال السلاجقةِ الذين تعَدَّوا على أتباعِه، فلم يمكِنْه ذلك لقِلَّةِ الظهر، وذلك أنَّ الآفةَ اعتَرَت في هذه السَّنةِ الخيلَ، فمات له فيها نحوٌ مِن اثني عشر ألفَ فَرَس، بحيث جافَت بغدادُ مِن جِيَف الخَيلِ.

العام الهجري : 438 العام الميلادي : 1046
تفاصيل الحدث:

مَلَكَ مُهلهَل بن محمد بن عناز مدينة قرميسين والدينور، وسبَبُ ذلك أنَّ إبراهيمَ ينال السلجوقي كان قد استعمل عند عودِه من حلوان على قرميسين بدرَ بنَ طاهر بن هلال، فلما ملَكَ مُهلهَل بعد موت أخيه أبي الشوك الذي كان يحكُمُ الدينور، سار إلى مايدشت، ونزل بها ثم توجَّهَ نحو قرميسين، فانصرَفَ عنها بدر فملكها مهلهل، وسيَّرَ ابنه محمدًا إلى الدينور، وبها عساكِرُ ينال، فاقتتلوا، فقُتِلَ بين الفريقينِ جماعة، وانهزم أصحاب ينال، وملَكَ محمَّدٌ البلد.

العام الهجري : 438 العام الميلادي : 1046
تفاصيل الحدث:

حصر طغرلبك مدينة أصبهان، وبها صاحِبُها أبو منصور فرامرز بن علاء الدَّولة، فضَيَّق عليه، ولم يظفَرْ من البلد بطائل، ثمَّ اصطلحوا على مالٍ يحملُه فرامرز بن علاء الدَّولة لطغرلبك، وخطب له بأصبهان وأعمالِها.

العام الهجري : 438 العام الميلادي : 1046
تفاصيل الحدث:

توفِّيَ سُلَيمانُ بنُ هود المستعين أميرُ سرقسطة ولاردة والثغر الأعلى، وكان قبل موته قد قسمَ سرقسطة بين أولادِه فخَصَّ أحمد بولاية سرقسطة العاصمة، وخَصَّ يوسُفَ بلاردة، وخَصَّ لب بوشقة، وخص المنذر بتطيلة، وخص محمدًا بقلعة أيوب، ثمَّ بعد وفاته تنازع الإخوةُ فيما بينهم، فقام أحمد الذي لَقَّبَ نفسَه بالمقتَدِر وانتزع مِن لب والمنذر ومحمَّد ما بأيديهم واستولى على مدُنِهم بعد أن سجَنَهم وسمَلَ أعينَهم، فلمَّا رأى النَّاسُ ما فعله أحمد بإخوته كرهوه ومالوا إلى أخيه يوسفَ في لاردة الذي تلقَّبَ بالمظفَّر, فلما رأى أحمد ميلَ الناس له نَقِمَ عليه وتواطأ مع أحدِ أمراء النصارى ابن ردمير صاحِبِ بلادٍ نصرانيَّةٍ مجاوِرةٍ له على أخيه مقابِلَ مالٍ يُرسِلُه له، فلما وصل ابن ردمير المالُ، سار بجيشه فغار على الأخوينِ فأكثَرَ فيهما القتلَ والأسرَ، وأخذ معظَمَ أراضيهما

العام الهجري : 438 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1047
تفاصيل الحدث:

هو الشَّيخُ أبو محمَّد الجُوَينيُّ إمامُ الشافعيَّة عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيويه الجويني الطَّائي السنبسي، كان فقيهًا مُدَقِّقًا مُحَقِّقًا، نحويًّا مفسِّرًا، وهو والد إمامِ الحَرَمين، وأصلُه من قبيلة يقال لها سنبس، وجُوَين من نواحي نيسابور، سمِعَ الحديث من بلادٍ شَتَّى على جماعة، وقرأ الأدبَ على أبيه، وتفَقَّه بأبي الطيِّبِ سهلِ بنِ محمد الصعلوكي، ثمَّ خرج إلى مروٍ إلى أبي بكر عبدِ الله بن أحمد القَفَّال واشتغل عليه بمروٍ، ولازمه واستفاد منه وانتفع به، وأتقن عليه المذهَبَ والخِلافَ، وقرأ عليه طريقَتَه وأحكَمَها، فلما تخرَّجَ عليه عاد إلى نيسابور سنة 407 وتصدَّر للتدريس والفتوى، وعقَدَ مجلِسَ المُناظرة، فتخرَّج عليه خلقٌ كثيرٌ، منهم ولده إمامُ الحَرَمينِ، وصنف التصانيفَ الكثيرةَ في أنواعٍ مِن العلومِ، وكان زاهدًا شديدَ الاحتياطِ لدينِه، حتى ربما أخرج الزَّكاةَ مَرَّتين، صَنَّف التفسيرَ الكبير المشتَمِلَ على أنواعِ العلومِ، وله في الفِقهِ التَّبصِرةُ والتذكرة، وصنَّف مُختَصَر المُختَصَر، والفَرْق والجمع، والسِّلسلة وغير ذلك، وكان إمامًا في الفقهِ والأصولِ، والأدبِ والعربيَّة، توفِّي في هذه السنة، وقيل سنة 434.

العام الهجري : 439 العام الميلادي : 1047
تفاصيل الحدث:

مع وفاةِ عبدِ اللهِ بنِ قَحطانَ آخِرِ حُكَّامِ بَني يَعفُرَ، انتَهى حُكمُهم، وظلَّت البِلادُ في حالةِ فَوضى سياسيةٍ، إلى أنْ جاء إلى الحُكمِ بنو الصُّلَيحيِّ عامَ 1047م/439هـ. ومِن أبرَزِ حُكَّامِ هذه الأُسرةِ الملكةُ الحُرَّةُ أرْوى بِنتُ الصُّلَيحِ. وظلت البِلادُ مُنقَسمةً على بَعضِها، وفي هذا العَصرِ جاءَ سَلاطِنةُ هَمَدانَ لتوَلِّي السُّلطةِ في صَنعاءَ عامَ 1088م/481هـ، واستَمرَّت السُّلطةُ تنتقلُ بينَ أفرادِ الأُسرةِ الصُّلَيحيَّةِ حتى بدأ العصرُ الأيُّوبيُّ عامَ 1173م/569هـ.

العام الهجري : 439 العام الميلادي : 1047
تفاصيل الحدث:

سار إبراهيم ينال إلى قلعة كنكور، وبها عكبر بن فارس- صاحِبُ كرشاسف بن علاء الدَّولة- يحفَظُها له، فامتنع عكبر بها إلى أن فَنِيَت ذخائره، وكانت قليلةً، فلمَّا نَفِدَت الذخائِرُ عَمِلَ حيلة وطلب الأمانَ على تسليمِ القلعةِ، ثمَّ لَمَّا تسلَّمَها إبراهيمُ، صَعِدَ إلى القلعة فانكشفت الحيلة، فسار عكبر بمن معه إلى قلعة سرماج، وصَعِدَ إليها، ولَمَّا ملك ينال كنكور عاد إلى همذان، فسَيَّرَ جيشًا لأخذ قلاعِ سرخاب، واستعمل عليهم نَسيبًا له اسمُه أحمد، وسَلَّمَ إليه سرخابًا ليفتح به قلاعَه، فسار به إلى قلعة كلكان، فامتنعت عليه، فساروا إلى قلعةِ دزديلويه فحصَروها، وسارت طائفةٌ منهم إلى أبي الفتح بن ورام، الذي قاتَلَهم، فظَفِرَ بهم، وقتل وأسَرَ جماعةً منهم، وغَنِمَ ما معهم، ورجع الباقون، وأرسل إلى بغدادَ يطلُبُ نجدةً خَوفًا من عَودِهم، فلم يُنجِدوه لعدم الهَيبةِ وقلَّة إمساكِ الأمر، فعبَرَ بنو ورام دجلةَ إلى الجانب الغربي، ثمَّ إنَّ الغز أسْرَوا إلى سعدي بن أبي الشوك في رجب، وهو نازِلٌ على فرسخين من باحسري، وكبسوه، فانهزم وقُتِلَ منهم خلقٌ كثير، وغَنِمَ الغزُّ أموالَهم، ونجا سعدي من الوقعةِ بجريعة الذقنِ، ونهب الغزُّ الدسكرة، وباجسري، والهارونية، وقصر سابور وجميع تلك الأعمال، ووصلَ الخبَرُ إلى بغداد بأنَّ إبراهيم ينال عازِمٌ على قصد بغداد، فارتاع النَّاسُ، واجتمع الأمراءُ والقُوَّاد إلى الأميرِ أبي منصور ابنِ المَلِك أبي كاليجار البويهي؛ ليجتمعوا ويسيروا إليه ويمنَعوه، واتَّفَقوا على ذلك، فلم يخرجْ غيرُ الأميرِ أبي منصور والوزير ونفر يسيرٍ، وتخلَّف الباقون، وهَلَك مِن أهل تلك النواحي المنهوبة خلقٌ كثيرٌ، ثمَّ إنَّ إبراهيم ينال سار إلى السيروان، فحصر القلعةَ، وضَيَّقَ على من بها، وأرسل سريَّةً نَهَبَت البلاد، وانتَهَت إلى مكانٍ بينه وبين تكريت عشرةُ فراسخ، ودخل بغدادَ مِن أهل طريق خراسان خلقٌ كثير، وذَكَروا مِن حالهم ما أبكى العُيونَ، ثُمَّ سلَّمَها إليه مُستحفَظُها، بعد أن أمَّنَه على نفسِه وماله، وأخذ منها ينالُ مِن بقايا ما خَلَّفَه سعدي شيئًا كثيرًا، ولَمَّا فتحها استخلف فيها مُقَدَّمًا كبيرًا من أصحابِه يقال له سخت كمان، وانصرف إلى حلوان، وعاد منها إلى همذان ومعه بدر ومالك ابنا مهلهل فأكرَمَهما.

العام الهجري : 439 العام الميلادي : 1047
تفاصيل الحدث:

ظهر الأصفَرُ التغلبيُّ برأس عين -مدينة سورية تقع على الحدود التركية السورية-، وادَّعى أنَّه من المذكورينَ في الكتب، واستغوى قومًا بمَخاريقَ، وجمع جمعًا وغزا نواحيَ الروم، فظَفِرَ وغَنِمَ وعاد، وظهَرَ حَديثُه، وقوِيَ ناموسُه، وعاودوا الغزوَ في عدد أكثَرَ مِن العدد الأول، ودخل نواحيَ الروم وأوغل، وغَنِمَ أضعافَ ما غَنِمَه أولًا، وتسامع النَّاسُ به فقصدوه، وكثُرَ جَمعُه، واشتَدَّت شوكتُه، وثقُلَت على الروم وطأتُه، فأرسل ملك الروم إلى نصرِ الدَّولة بن مروان صاحِبِ ديارِ بكرٍ يقول له: إنَّك عالمٌ بما بيننا من المُوادَعة، وقد فعل هذا الرجلُ هذه الأفاعيل، فإن كنتَ قد رجعتَ عن المهادنةِ فعَرِّفْنا لنُدَبِّرَ أمْرَنا بحَسَبِه، واتَّفَق في ذلك الوقتِ أنْ وَصَل رسولٌ مِن الأصفَرِ إلى نصر الدَّولة أيضًا، يُنكِرُ عليه تركَ الغَزوِ والميلَ إلى الدعة، فساءه ذلك أيضًا، واستدعى قومًا مِن بني نمير وقال لهم: إنَّ هذا الرجلَ قد أثار الرومَ علينا، ولا قُدرةَ لنا عليهم، وبذَلَ لهم مالًا على الفتك به، فساروا إليه، فقَرَّبَهم، ولازَموه، فرَكِبَ يومًا غير متحَرِّز، فأبعد وهم معه، فعَطَفوا عليه وأخذوه وحَمَلوه إلى نصر الدَّولة بن مروان، فاعتقَلَه وسَدَّ عليه باب السِّجنِ، وتلافى أمرَ الرومِ.

العام الهجري : 439 العام الميلادي : 1047
تفاصيل الحدث:

كان ببغداد والمَوصِل، وسائِرِ البلاد العراقيَّة والجزيرة، غلاءٌ عظيم، حتى أكَلَ النَّاسُ المَيتةَ، وتَبِعَه وَباءٌ شَديدٌ مات فيه كثيرٌ مِن الناس، حتى خَلَت الأسواق، وزادت أثمانُ ما يَحتاجُ إليه المرضى، كما حدث وباءٌ شديد بالعراق والجزيرة، بسبب جِيَفِ الدوابِّ التي ماتت، فمات فيها خلقٌ كثيرٌ، حتى خَلَت الأسواقُ وقَلَّت الأشياءُ التي يحتاجُ إليها المرضى.

العام الهجري : 439 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1047
تفاصيل الحدث:

أرسل الملك أبو كاليجار البويهيُّ إلى السُّلطانِ رُكنِ الدين طغرلبك في الصُّلح، فأجابه إليه، واصطلحا، وكتَبَ طغرلبك إلى أخيه ينال يأمُرُه بالكَفِّ عَمَّا وراء ما بيده، واستقَرَّ الحالُ بينهما أن يتزوَّجَ طغرلبك بابنةِ أبي كاليجار، ويتزوَّج الأميرُ أبو منصور بن أبي كاليجار بابنةِ الملك داود أخي طغرلبك، وتمَّ العَقدُ.

العام الهجري : 440 العام الميلادي : 1048
تفاصيل الحدث:

غزا الرُّومَ إبراهيم ينال أخو طغرل بك لأمه وأحد قادة السلاجقة، فظَفِرَ بهم وغَنِمَ، وكان سببُ ذلك أنَّ خلقًا كثيرًا من الغزِّ بما وراء النهر قَدِموا عليه، فقال لهم: بلادي تضيقُ عن مُقامِكم والقيامِ بما تحتاجون إليه، والرأيُ أن تَمضُوا إلى غَزوِ الروم، وتُجاهِدوا في سبيل الله، وتغنَموا، وأنا سائِرٌ على أثَرِكم، ومساعِدٌ لكم على أمْرِكم. ففعلوا، وساروا بين يديه، وتَبِعَهم، فوصلوا إلى ملازكرد، وأرزن الروم، وقاليقلا، وبلغوا طرابزون وتلك النواحيَ كلَّها، ولَقِيَهم عسكَرُ عَظيمِ الروم والأبخاز يبلغونَ خمسين ألفًا، فاقتتلوا، واشتد القتالُ بينهم، وكانت بينهم عِدَّةُ وقائِعَ، تارةً يظفَرُ هؤلاء، وتارة هؤلاء، وكان آخِرَ الأمر الظَّفَرُ للمسلمين، فأكثروا القتلَ في الروم وهزموهم، وأسَروا جماعةً كثيرةً مِن بطارقتهم، وممَّن أُسِرَ قاريط ملِكُ الأبخاز، فبذل في نفسِه ثلاثَمِئَة ألف دينار، وهدايا بمِئَة ألفٍ، فلم يجبه ينال إلى ذلك، ولم يَجُس تلك البلادَ وينهَبْها إلى أن انهزموا وبَقِيَ بينه وبين القُسْطَنطينية خمسةَ عشر يومًا، واستولى المسلمونَ على تلك النواحي فنهبوها، وغَنِموا ما فيها، وسَبَوا أكثَرَ مِن مِئَة ألف رأس، وأخذوا من الدوابِّ والبغالِ والغنائم والأموال ما لا يقَعُ عليه الإحصاءُ، وقيل: إن الغنائِمَ حُمِلَت على عشرة آلاف عجلة، وإنَّ في جملة الغنيمةِ تِسعةَ عشر ألف درع، وكان قد دخل بلدَ الروم جمعٌ مِن الغز يَقدُمُهم نسيب طغرلبك، فلم يؤثِّرْ كَبيرَ أثَرٍ، وقُتِلَ من أصحابه جماعة، وعاد، ودخل بعده إبراهيم ينال، فانتصر عليهم.

العام الهجري : 440 العام الميلادي : 1048
تفاصيل الحدث:

لم يبقَ مِن إماراتِ الغَربِ بعد سُقوطِ لبلةَ وشلطيش وشنتمريَّة في يدِ المُعتَضِد بن عبَّاد سوى إمارةِ شلب، وكانت هذه الإمارةُ مِن أهَمِّ إماراتِ الغرب بعد إشبيليَّةَ وكانت تشمَلُ كورة شلب وكورة باجة، وكان الحاجِبُ عيسى بن محمد قد تغَلَّب في أعقابِ الفِتنةِ على هذه المنطقةِ النائيةِ وأقام بها دولةً، واستمَرَّ مُسيطرًا عليها حتى توفِّيَ سنة 432 هـ فخَلَفه في حُكمِها ولَدُه مُحمَّدُ بنُ عيسي الملقَّب عميد الدَّولة، واضطُرَّ عميد الدَّولة في اتِّقاءٍ لعُدوانِ المُعتَضِد بن عبَّاد أن ينزِلَ له عن مدينة باجة، وأن يكتفي بحكم شلب، وكان ابن عبَّاد قد استولى قبل ذلك على ميرتلة قاعدتِها الجنوبيَّةِ مِن يدِ صاحِبِها ابنِ طيفور في سنة 436 هـ، وأصبَحَت باجة تحت رَحمتِه، واستمَرَّ عميد الدَّولة في حُكمِ شلب حتى توفِّيَ في سنة 440هـ وعندئذ ثار بها القاضي عيسى بنُ أبي بكر بن مزين، وكان شهمًا جَزلًا في سائِرِ أمورِه، فلما رأى اختلالَ الأمورِ ثار بها فبايعه أهلُها وبسَطَ حُكمَه عليها، وتلقَّب بالمُظَفَّر واستمَرَّ حكمُه خمس سنوات، وابنُ عباد دائِبٌ على مهاجمتِه وشَنِّ الغارات عليه وهو يَرُدُّه ما استطاع، حتى قُتِلَ في أواخر سنة 445 هـ مدافعًا عن مدينته، فخلفه ولدُه محمد بن عيسى، وتلقَّب بالنَّاصِرِ وحَكَم حتى توفي في سنة 450هـ، فخلفه ولدُه عيسى وتلقَّبَ بالمُظَفَّر وبدأ المعتَضِدُ في تكرار حملاته على شلب، ثم ضرب الحصارَ حولها وقطعَ عنها سائرَ الإمدادِ حتى اشتَدَّ الأمرُ على أهلِها وانتهى بأن اقتحَمَها بعد أن هدم أسوارَها، ودخل القصرَ وقتل عيسى المظفر، وذلك في شوال من سنة 455هـ، وهكذا استطاع المعتضد بن عباد القضاءَ على دولةِ بني مزين.