الموسوعة التاريخية


العام الهجري : 491 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1098
تفاصيل الحدث:

كان أخذُ المعرَّة بعد أخذ أنطاكية. ولَمَّا وقع ذلك اجتمع ملوكُ الإسلام بالشام، وهم رضوان صاحِبُ حلب، وأخوه دقماق، وطغتكين صاحب دمشق، وصاحب الموصل، وسكمان بن أرتق صاحب ماردين، وأرسلان شاه صاحب سنجار, ولم ينهَضْ أمير الجيوش الأفضل بن بدر بإخراج عساكِرِ مِصرَ مع قدرته على المال والرجال, فاجتمع الجميعُ ونازلوا أنطاكية وضيَّقوا على الفرنجَ حتَّى أكلوا ورق الشجر. وكان صنجيل مقدَّم الفرنج عنده دهاءٌ ومكر، فرتَّب مع راهب حيلة وقال: اذهب فادفن هذه الحربةَ في مكان كذا، ثم قُلْ للفرنج بعد ذلك: رأيتُ المسيحَ في منامي وهو يقولُ: في المكان الفلاني حربةٌ مدفونة فاطلبوها، فإن وجدتموها فالظَّفَرُ لكم، وهي حربتي، فصوموا ثلاثةَ أيَّامٍ وصلُّوا وتصدَّقوا، ثم قام وهم معه إلى المكان ففتَّشوه فظهرت الحَربةُ؛ فصاحوا وصاموا وتصدَّقوا وخرجوا إلى المسلمين من الباب متفرِّقين من خمسة، وستة، ونحو ذلك، فقال المسلمون لكربوقا: ينبغي أن تقِفَ على الباب، فتقتُلَ كُلَّ من يخرج، فإنَّ أمْرَهم الآن وهم متفرقون سَهلٌ. فقال: لا تفعلوا، أمهلوهم حتى يتكامَلَ خروجُهم فنقتُلَهم! ولم يمكِنْ من معاجلتِهم، فقَتَل قومٌ من المسلمين جماعةً من الخارجين، فجاء إليهم هو بنفسه ومنعهم ونهاهم، فلما تكامل خروجُ الفرنج ولم يبق بأنطاكية أحدٌ منهم، ضربوا مصافًّا عظيمًا، فولى المسلمون منهزِمين؛ لِما عاملهم به كربوقا أولًا من الاستهانة بهم والإعراض عنهم، وثانيًا: مِن مَنعِهم عن قتل الفرنج، وتمت الهزيمةُ عليهم، ولم يضرِبْ أحدٌ منهم بسيف، ولا طعَنَ برُمحٍ، ولا رمى بسهمٍ! وآخِرُ من انهزم سقمان بن أرتق، وجناح الدولة؛ لأنهما كانا في الكمين، وانهزم كربوقا معهم. فلما رأى الفرنجُ ذلك ظنُّوه مكيدة؛ إذ لم يجرِ قِتالٌ يُنهزَمُ مِن مِثلِه! وخافوا أن يتبعوهم، وثبت جماعةٌ من المجاهدين، وقاتلوا حِسبةً، وطلبًا للشهادة، فقَتَل الفرنجُ منهم ألوفًا، وغَنِموا ما في العسكرِ مِن الأقوات والأموال والأثاث والدواب والأسلحة، فصلحت حالهم، وعادت إليهم قوَّتُهم، فلما فعل الفرنجُ بالمسلمين ما فعلوا ساروا إلى معرَّة النعمان، فنازلوها وحصروها، وقاتلهم أهلها قتالًا شديدًا، ورأى الفرنجُ منهم شدةً ونكاية، ولقُوا منهم الجِدَّ في حربهم، والاجتهادَ في قتالهم، فعملوا عند ذلك برجًا من خشب يوازي سورَ المدينة، ووقع القتالُ عليه، فلم يضُرَّ المسلمين ذلك، فلما كان الليل خاف قومٌ من المسلمين، وانتابهم الفشَلُ والهلع، وظنُّوا أنهم إذا تحصنوا ببعضِ الدور الكبار امتنعوا بها، فنزلوا من السورِ وأخلَوا الموضِعَ الذي كانوا يحفظونه، فرآهم طائفةٌ أخرى، ففعلوا كفِعلِهم، فخلا مكانُهم أيضًا من السور، ولم تزَلْ تتبَعُ طائفةٌ منهم التي تليها في النزولِ حتى خلا السور! فصعد الفرنجُ إليه على السلاليم، فلما علوه تحيَّر المسلمون، ودخلوا دورَهم، فوضع الفرنجُ فيهم السيفَ ثلاثة أيام، فقتلوا ما يزيد على مائة ألف، وسَبَوا السبيَ الكثير، وملكوه، وأقاموا أربعين يومًا! وساروا إلى عرقة فحصروها أربعةَ أشهر، ونقبوا سورَها عدةَ نُقوبٍ، فلم يقدروا عليها، وراسلهم منقذ صاحب شيزر، فصالحهم عليها، وساروا إلى حمص وحصروها فصالحهم صاحبها جناح الدولة، وخرجوا على طريق النواقير إلى عكا فلم يقدروا عليها. ثم كتب دقماق ورضوان والأمراء إلى الخليفة المستظهر العباسي يستنصِرونَه، فأخرج الخليفةُ أبا نصر ابن الموصلايا إلى السلطان بركيارق بن السلطان ملكشاه السلجوقي يستنجده. كلُّ ذلك وعساكر مصر لم تُهيَّأ للخروج!!

العام الهجري : 492 العام الميلادي : 1098
تفاصيل الحدث:

هو السلطانُ إبراهيم بن مسعود بن محمود بن سبكتكين صاحب غزنة وغيرها من بلاد الهند. وكان ملِكًا عادلًا مُنصِفًا منقادًا إلى الخيرِ، كثير الصدقات، كريمًا مجاهدًا، عاقلًا شُجاعًا حازِمًا، حسنَ السيرة، ذا رأيٍ ودهاء متين. كان يقول: "لو كنتُ بعد وفاة جدي محمود لما ضعف مُلكُنا، ولكني الآن عاجِزٌ أن أستردَّ ما أُخِذَ منا من البلاد؛ لكثرة جيوشهم". كان لا يبني لنفسه مكانًا حتى يبنيَ لله مسجدًا أو مدرسة. قال الفقيه أبو الحسن الطبري: "أرسلني إليه بركيارق في رسالة، فرأيتُ في مملكته ما لا يتأتى وصفُه"، وقيل: كان يكتب بخطِّ يده كل سنة مصحفًا يرسِلُه مع الصدقات إلى مكة، ومات وقد جاوز السبعين. وأقام مَلِكًا ثنتين وأربعين سنة، ولما توفي خلفه ابنُه علاء الدولة أبو سعيد مسعود الثالث زوج بنت السلطان ملكشاه.

العام الهجري : 492 العام الميلادي : 1098
تفاصيل الحدث:

تفاقم أمرُ الباطنيين كثيرًا حتى أصبحت لهم يدٌ طولى في اغتيال الأمراء والسلاطين، كما ساعد على ذلك كثرةُ الحروب بين السلاطين أنفُسِهم، فأصبح كثيرٌ منهم لا يفارقه درعُه وسلاحُه، وقد قتل الباطنيون نظامَ الملك، وأرسلان أرغون بن ألب أرسلان، والأمير برسق، وقتلوا الأميرَ بلكابك سرمز رئيس شحنة أصبهان، ضربه باطنيٌّ بسكين في خاصرته بأصبهان في دار السلطان محمد، وكان بلكابك كثير الاحتياط من الباطنية لا يفارقه لُبسُ الدرع ومن يمنع عنه، ففي ذلك اليوم الذي قُتِلَ فيه لم يلبس دِرعًا، ودخل دارَ السلطان في قِلَّةٍ، فقتله الباطنية، ومات من أولادِه في هذه الليلة جماعة، خرج من داره خمسُ جنائز في صبيحتها, وقتلوا غيرَهم من الأكابر في السلطنة، ثم كانوا سببًا لقتل مجد الملك البلاساني؛ فقد زعموا أنه هو الذي يحرِّضُهم على القتل، وقد ظهرت مقالةُ الباطنية بعد عودة السلطان بركيارق من حصاره لأخيه محمود، وأمه خاتون الجلالية، في أصبهان، وانتشرت قوتُهم بها، وكانوا متفرِّقين في المحالِّ مِن قَبلُ، فاجتمعوا وصاروا يسرقون من قدروا عليه من مخالفيهم ويقتلونَهم، فعلوا هذا بخلق كثير، وزاد الأمر، حتى إن الإنسان كان إذا تأخر عن بيته عن الوقت المعتاد تيقَّنوا قتْلَه، وقعدوا للعزاءِ به، فحَذِرَ الناسُ وصاروا لا ينفرِدُ أحد منهم.

العام الهجري : 492 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1099
تفاصيل الحدث:

كان بيتُ المقدِسِ تحت حُكمِ الفاطميين، ولهم فيه رجلٌ نائِبٌ يُعرَفُ بافتخار الدولة، وبقِيَ فيه إلى الآن، فقصده الفرنجُ بعد أن حصروا عكَّا، فلم يقدِروا عليها، فلما وصلوا إليه حصروه نيفًا وأربعين يومًا، ونصبوا عليه برجين أحدهما من ناحية صهيون، وأحرقه المسلمون، وقتلوا كلَّ من به، فلمَّا فرغوا من إحراقه أتاهم المستغيثُ بأن المدينة قد مُلِكت من الجانب الآخر، وملكوها من جهة الشمال منه ضحوةَ نهار يوم الجمعة لسبعٍ بقين من شعبان، وركب الناسَ السيفُ، ولبث الفرنجُ في البلدة أسبوعًا يقتلون فيه المسلمين، واحتمى جماعةٌ من المسلمين بمحرابِ داود، فاعتصموا به، وقاتلوا فيه ثلاثةَ أيام، فبذل لهم الفرنجُ الأمانَ، فسَلَّموه إليهم، ووفى لهم الفرنج، وخرجوا ليلًا إلى عسقلان فأقاموا بها، وقَتَل الفرنجُ بالمسجد الأقصى ما يزيدُ على سبعين ألفًا، منهم جماعة كثيرة من أئمة المسلمين وعلمائهم، وعبَّادهم وزُهَّادهم! وغنموا منه ما لا يقع عليه الإحصاء، وجمعوا اليهودَ في الكنيسة وأحرقوها عليهم، وهدَموا المشاهِدَ, وورد المستنفِرون من الشام في رمضان إلى بغداد، ولكِنْ قَدَّر اللهُ أن اختلف السلاطين فتمكَّن الفرنج من البلاد. قال ابن الأثير في دخول الإفرنج بيت المقدس: "سارت الإفرنجُ ومقَدَّمُهم كندفري في ألف ألف، بينهم خمسمائة ألف مقاتل، عملوا برجين من خشب مُطِلَّينِ على السور، فأحرق المسلمون البرجَ الذي كان بباب صهيون، وقتلوا من فيه. وأما الآخر فزحفوا به حتى ألصقوه بالسورِ وحكموا به على البلد، وكشفوا من كان بإزائهم، ورموا بالمجانيقِ والسهام رميةَ رجل واحد، فانهزم المسلمون من السور. وكان عدد خيلِهم ستةَ آلاف ومائة فارس، والرَّجَّالة ثمانية وأربعون ألفًا. ولم تزل دارَ الإسلام منذ فتحها عمر رضى الله عنه". وكان الأفضلُ ابن أمير الجيوش القائد الفاطمي لَمَّا بلغه نزولهم على القدس تجهَّز وسار من مصر في عشرين ألفًا، فوصل إلى عسقلان ثاني يوم الفتح، ولم يعلم. وراسل الإفرنجَ. فأعادوا الرسولَ بالجوابِ إليه، ولم يعلم المصريون بشيءٍ، فبادروا السلاحَ والخيل، وأعجلتهم الإفرنجُ فهزموهم، وقتلوا منهم من قُتل، وغنموا خيامَهم بما فيها. ودخل الأفضلُ عسقلان وتمزَّق أصحابه. فحاصرته الإفرنجُ بعسقلان، فبذل لهم ذهبًا كثيرًا. وورد المستنفرون من الشام في رمضان إلى بغداد صحبة القاضي أبي سعد الهروي، فأوردوا في الديوان كلامًا أبكى العيون، وأوجع القلوب، وقاموا بالجامع يوم الجمعة فاستغاثوا، وبكَوا وأبكَوا، وذكر ما دهم المسلمين بذلك البلدِ الشريف المعظَّم مِن قَتلِ الرجال، وسبيِ الحريم والأولاد، ونَهْب الأموال؛ فلشدة ما أصابهم أفطَروا، فأمر الخليفة أن يسير القاضي أبو محمد الدامغاني، وأبو بكر الشاشي، وأبو القاسم الزنجاني، وأبو الوفا بن عقيل، وأبو سعد الحلواني، وأبو الحسين بن سماك، فساروا إلى حلوان، فبلغهم قتلُ مجد الملك البلاساني، فعادوا من غير بلوغ أرب، ولا قضاء حاجة. واختلف السلاطين، فتمكن الفرنجُ من البلاد، فقال أبو المظفر الآبيوردي في هذا المعنى أبياتًا، منها:
مزجنا دماء بالدموع السواجم
فلم يبقَ منا عرضة للمراحم
وشرُّ سلاح المرء دمع يُفيضُه
إذا الحربُ شَبَّت نارها بالصوارم
فإيهًا، بني الإسلامِ، إنَّ وراءكم
وقائعَ يلحقن الذرى بالمناسم
أتهويمة في ظل أمن وغبطة
وعيش كنوار الخميلة ناعم
وكيف تنام العينُ ملءَ جفونها
على هفوات أيقظت كلَّ نائم
وإخوانكم بالشام يضحى مقيلهم
ظهور المذاكي أو بطون القشاعم
تسومهم الرومُ الهوانَ وأنتم
تجرُّون ذيل الخفض فِعلَ المُسالِم
وكم من دماء قد أبيحت ومن دمي
توارى حياء حسنها بالمعاصم
بحيث السيوف البيض محمرة الظبى
وسمر العوالي داميات اللهاذم
وبين اختلاس الطعن والضرب
وقفة تظل لها الولدان شيبَ القوادم
وتلك حروب من يغِبْ عن غمارها
ليسلَمَ يقرَعْ بعدها سِنَّ نادم
سللن بأيدي المشركين قواضبًا
ستغمد منهم في الطلى والجماجم
يكاد لهن المستجن بطيبة ينادي
بأعلى الصوت يا آل هاشم".

العام الهجري : 492 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1099
تفاصيل الحدث:

كانت وقعةٌ بين العساكر المصرية والفرنج، قيل في سببِها: إن المصريين لما بلغهم ما تمَّ على أهل القدس جمع الأفضل أميرُ الجيوش بن بدر الجمالي العساكِرَ وحَشَد، وسار إلى عسقلان، وأرسل إلى الفرنج ينكِرُ عليهم ما فعلوا، ويتهدَّدهم، فأعادوا الرسولَ بالجواب ورحلوا على إثرِه، وطلعوا على المصريين عَقيبَ وصول الرسول، ولم يكُنْ عند المصريين خبَرٌ من وصولهم، ولا من حركتِهم، ولم يكونوا على أُهْبةِ القتال، فنادَوا إلى ركوب خيولهم، ولَبِسوا أسلحتَهم، وأعجلهم الفرنجُ فهزموهم، وقتلوا منهم من قُتِل، وغنموا ما في المعسكر من مالٍ وسلاح وغير ذلك، وانهزم الأفضلُ، فدخل عسقلان، ومضى جماعةٌ من المنهزمين فاستتروا بشجرِ الجميز، فأحرق الفرنجُ بعضَ الشجر، حتى هلك من فيه، وقتلوا من خرج منه، وعاد الأفضلُ في خواصِّه إلى مصر، ونازل الفرنج عسقلان، وضايقوها، فبذل لهم أهلُها قطيعة اثني عشر ألف دينار، وقيل: عشرين ألف دينار، ثم عادوا إلى القدس.

العام الهجري : 492 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1099
تفاصيل الحدث:

كان ابتداءُ أمر السلطان محمد بن ملكشاه، وهو أخو السلطان سنجر لأبيه وأمه، واستفحل إلى أن خُطِب له ببغداد في ذي الحجة من هذه السنة، ثمَّ في صفر من السنة التالية دخل السلطان بركيارق بن ملكشاه أخو السلطان محمد إلى بغداد، ونزل بدار الملك، وأعيدت له الخُطبة، وقُطِعت خُطبة أخيه محمد، ثم سار فالتقى هو وأخوه محمد بمكانٍ قريب من همدان، فهزمه أخوه محمد ونجا هو بنفسِه في خمسين فارسًا، ولَمَّا جرى ما جرى في هذه الوقعة ضَعُف أمر السلطان بركيارق، ثم تراجع إليه جيشُه وانضاف إليه الأميرُ داود في عشرين ألفًا، فالتقى هو وأخوه مع أخيه سنجر فهزمهم سنجر أيضًا، وهرب بركيارق في شرذمةٍ قليلة، وأُسِر الأمير داود فقتله الأميرُ برغش أحد أمراء سنجر، فضَعُف بركيارق وتفرَّقت عنه رجاله، وقُطِعَت خطبته من بغداد في رابع عشر رجب وأعيدت الخُطبة للسلطان محمد، ثم اصطلح الأخوان على أن يحتَفِظَ بركيارق بأصبهان وفارس وعراق العجم، ويكون لأخيه محمد أذربيجان وأرمينية وديار بكر.

العام الهجري : 493 العام الميلادي : 1099
تفاصيل الحدث:

كانت بلنسية قد سقطت بيد النصراني إلكمبيادور بعد حصرها عام 487، وطلب أهلُها في حينها النزولَ بالأمان، فنقض الفرنجُ الأمانَ فورَ دُخولِهم وقتلوا وحرقوا، وبَقِيَت بيَدِهم إلى هذا العام؛ حيث قام المرابطون بحصارها بقيادة محمد بن تاشفين ومعه القائد المزدلي اللمتوني، ثم في فترة الحصار هلك إلكمبيادور وتولَّت زوجته شيمانه الدفاعَ عن المدينة، ولكِنَّ الحصار الذي دام سبعة أشهر اضطرها لتسليم المدينة؛ حيث انتشر الجوعُ وبدأ الموتُ، فخرجت من المدينة بعد أن أمرت بحرق المدينة بكاملها إظهارًا لخُبثِها وحنقِها على المسلمين، فدخلها المرابطون فوجدوها دمارًا.

العام الهجري : 493 العام الميلادي : 1099
تفاصيل الحدث:

لقي كمشتكين بن الدانشمند طايلو السلجوقي بن صاحب ملطية وسيواس - وإنما قيل له ابن الدانشمند -معنى الدانشمند المعلم- لأن أباه كان معلمًا للتركمان وتقلبت به الأحوال، حتى مَلضك، وهو صاحِبُ ملطية وسيواس وغيرهما- بيمند الفرنجي، وهو من مقدَّمي الفرنج، قريبَ ملطية، وكان صاحبُها قد كاتبه، واستقدمه إليه، فورد عليه في خمسةِ آلاف، فلقيهم ابن الدانشمند، فانهزم بيمند وأُسِر. ثم وصل من البحر سبعةُ قمامصة -كبار القساوسة- من الفرنج، وأرادوا تخليص بيمند، فأتوا إلى قلعة تسمى أنكورية، فأخذوها وقَتَلوا من بها من المسلمين، وساروا إلى قلعة أخرى فيها إسماعيل بن الدانشمند، وحصروها، فجمع ابن الدانشمند جمعًا كثيرًا، ولقي الفرنجَ، وجعل له كمينًا، وقاتلهم، وخرج الكمينُ عليهم، فلم يُفلتْ أحد من الفرنج -وكانوا ثلاثمائة ألف- غيرُ ثلاثة آلاف، هربوا ليلًا وأفلتوا مجروحين. وسار ابن الدانشمند إلى ملطية، فملكها وأسر صاحبها، ثم خرج إليه عسكر الفرنج من أنطاكية، فلقِيَهم وكسرهم، وكانت هذه الوقائع في شهور قريبة.

العام الهجري : 493 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1100
تفاصيل الحدث:

سار بركيارق من بغداد على شهرزور، فأقام بها ثلاثةَ أيام، والتحق به عالَمٌ كثير من التركمان وغيرهم، فسار نحو أخيه السلطان محمد ليحاربَه، فكاتبه رئيس همذان ليسير إليها ويأخُذَ أقطاع الأمراء الذين مع أخيه، فلم يفعل، وسار نحو أخيه، فوقعت الحرب بينهما رابع رجب، وهو المصافُّ الأول بين بركيارق وأخيه السلطان محمد بإسبيذروذ -النهر الأبيض- وهو على عدَّةِ فراسِخَ من همذان. وكان مع محمد نحو عشرين ألف مقاتل، وكان محمد في القلب، ومعه الأمير سرمز، وعلى ميمنته أميرٌ آخُر، وابنه إباز، على ميسرته مؤيد الملك، والنظامية، وكان السلطانُ بركيارق في القلبِ، ووزيره الأعز أبو المحاسن، وعلى ميمنته كوهرائين وعز الدولة بن صدقة بن مزيد، وسرخاب بن بدر، وعلى ميسرته كربوقا وغيره، فحمل كوهرائين من ميمنة بركيارق على ميسرة محمد، وبها مؤيَّد الملك بن نظام الملك، والنظامية، فانهزموا، ودخل عسكرُ بركيارق في خيامِهم، فنهبوهم، وحملت ميمنةُ محمد على ميسرة بركيارق، فانهزمت الميسرةُ، وانضافت ميمنةُ محمد إليه في القلب على بركيارق ومن معه، فانهزم بركيارق، ووقف محمد مكانه، وعاد كوهرائين من طلب المنهزمين الذين انهزموا بين يديه، وكبا به فرسُه، فأتاه خراسانيٌّ فقتَلَه، وأخذ رأسَه، وتفرَّقت عساكر بركيارق، وبقي في خمسين فارسًا, وأما وزيره الأعز أبو المحاسن فإنه أُخذ أسيرًا، فأكرمه مؤيد الملك، ونصب له خِيَمًا وخركاة، وحمل إليه الفرش والكسوة، وضمَّنه عمادة بغداد، وأعاده إليها، وأمره بالمخاطبة في إعادة الخطبة للسلطان محمد ببغداد، فلما وصل إليها خاطب في ذلك، فأجيب إليه وخطب له يومَ الجمعة رابع عشر رجب.

العام الهجري : 494 العام الميلادي : 1100
تفاصيل الحدث:

كثُرَت الباطنية بالعراق والجبل، وزعيمُهم الحسن بن صباح، فملكوا القلاعَ، وقطعوا السبيل، وأهمَّ النَّاسَ شأنُهم، واستفحل أمرُهم لاشتغال أولاد ملكشاه بالنزاع على السلطة والاقتتال من أجلها.

العام الهجري : 494 العام الميلادي : 1100
تفاصيل الحدث:

سار كندفري ملك الفرنج بالشام -وهو صاحب بيت المقدس- إلى مدينة عكا بساحل الشام، فحصرها فأصابه سهم فقتله، وكان قد عمَرَ مدينة يافا وسلَّمَها إلى قمص -كبير القساوسة- من الفرنج اسمه طنكري، فلما قُتِل كندفري سار أخوه بغدوين إلى بيت المقدس في خمسمائة فارس وراجل، فبلغ الملك دقاق- صاحب دمشق- خبره، فنهض إليه في عسكره، ومعه الأمير جناح الدولة في جموعه، فقاتله، فنُصِر على الفرنج، ومَلَك الفرنجُ مدينةَ سروج من بلاد الجزيرة، وسببُ ذلك أن الفرنج كانوا قد ملكوا مدينة الرها بمكاتبة من أهلِها؛ لأن أكثرَهم أرمن، وليس بها من المسلمين إلا القليل، فلما كان الآن جمع سقمان بن أرتق التركماني بسروج جمعًا كثيرًا من التركمان، وزحف إليهم، فلَقُوه وقاتلوه، فهزموه في ربيع الأول. فلما تمَّت الهزيمة على المسلمين سار الفرنجُ إلى سروج، فحصروها وتسلَّموها، وقتلوا كثيرًا من أهلِها وسَبَوا حريمَهم، ونهَبوا أموالهم، ولم يسلَمْ إلَّا من مضى منهَزِمًا، وملك الفرنجُ مدينة حيفا، وهي بالقربِ مِن عكا على ساحل البحر، ملكوها عَنوةً، وملكوا أرسوف بالأمان، وأخرجوا أهلَها منها، وفي رجب ملكوا مدينة قيسارية بالسيف، وقتلوا أهلَها، ونهبوا ما فيها.

العام الهجري : 494 العام الميلادي : 1100
تفاصيل الحدث:

اختار الإدريسيُّ الانتقالَ إلى صقلية بعد سقوط الحكومة الإسلامية؛ لأنَّ الملك النورماني في ذلك الوقت روجر الثاني كان محبًّا للمعرفة، شرح الإدريسي لروجر موقعَ الأرض في الفضاء مستخدِمًا في ذلك البيضةَ لتمثيل الأرض، شبَّهَ الإدريسي الأرضَ بصفار البيضة المحاط ببياضها تمامًا كما تهيم الأرضُ في السماء محاطة بالمجرَّات. أمر الملك الصقلي روجر الثاني له بالمال لينقُشَ خارطة العالم والمعروف باسم لوح الترسيم على دائرة من الفضة تزن 400 رطل رومي في كل رطل 112 درهمًا. ويُعرَف لوح الترسيم أيضًا عند العرب بخريطة الإدريسي، ويقال: إنها أول خريطة سليمة (أي صحيحة) نعرف عنها. ساعده في ذلك رسَّام رافقه في كل رحلاته الاستكشافية المموَّلة من روجر الثاني للحصول على معلومات جغرافية.

العام الهجري : 494 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1101
تفاصيل الحدث:

في هذه السَّنة قَتَل السلطان بركيارق خلقًا من الباطنية ممن تحقَّق مذهبَه، ومن اتُّهِم به، فبلغت عدتُهم ثمانمائة ونيِّفًا، ووقع التتبُّعُ لأموال من قُتِل منهم، فوُجِد لأحدهم سبعون بيتًا من الزوالي المحفور، وكُتب بذلك كتابٌ إلى الخليفة، فتقدَّم بالقبض على قومٍ يُظَنُّ فيهم ذلك المذهَبُ، ولم يتجاسر أحدٌ أن يشفع في أحدٍ لئلَّا يُظَنَّ مَيلُه إلى ذلك المذهب، وزاد تتبُّعُ العوام لكل من أرادوا، وصار كلُّ من في نفسه شيءٌ من إنسانٍ يرميه بهذا المذهب، فيُقصَد ويُنهَب حتى حُسِم هذا الأمر فانحسم في أيام السلطان ملكشاه، فإنه اجتمع منهم ثمانية عشر رجلًا، فصلَّوا صلاة العيد في ساوة، ففَطِنَ بهم الشحنة فأخذهم وحبَسَهم، ثم سُئِلَ فيهم فأطلقهم، فهذا أول اجتماع كان لهم، ثمَّ إنهم دَعَوا مؤذِّنًا من أهل ساوة كان مقيمًا بأصبهان، فلم يُجِبْهم إلى دعوتهم، فخافوه أن ينمَّ عليهم، فقتلوه، فهو أوَّلُ قتيل لهم، وأوَّلُ دم أراقوه، فبلغ خبَرُه إلى نظام الملك، فأمر بأخذِ من يُتَّهَمَ بقتله، فوقعت التهمةُ على نجارٍ اسمه طاهر، فقُتِل ومُثِّل به، وجَرُّوا برِجْلِه في الأسواق، فهو أولُ قتيل منهم، وأولُ موضع غُلِبوا عليه وتحصَّنوا به بلدٌ عند قاين، كان متقدَّمُه على مذهبهم، فاجتمعوا عنده، وقَوُوا به، فتجرد للانتقام منهم أبو القاسم مسعود بن محمد الخجندي، الفقيه الشافعي، وجمع الجمَّ الغفير بالأسلحة، وأمر بحفرِ أخاديد، وأوقد فيها النيرانَ، وجعل العامةُ يأتون بالباطنية أفواجًا ومنفَرِدين، فيُلقَون في النار، وجعلوا إنسانًا على أخاديد النيران وسمَّوه مالكًا، فقتلوا منهم خلقًا كثيرًا، وكان السببُ في قتل بركيارق الباطنيةَ أنَّه لما اشتد أمرُ الباطنية، وقَوِيت شوكتهم، وكثُرَ عددهم، صار بينهم وبين أعدائهم إحَنٌ، فلما قتلوا جماعةً من الأمراء الأكابر، وكان أكثَرُ من قتلوا من هو في طاعة محمد، مخالِفٌ للسلطان بركيارق، مثل شحنة أصبهان سرمز، وأرغش، وكمش النظاميين، وصهره، وغيرهم، نَسَب أعداءُ بركيارق ذلك إليه، واتهموه بالميلِ إليهم. فلما ظفر السلطان بركيارق، وهزم أخاه السلطان محمدًا، وقتل مؤيد الملك وزيره، انبسط جماعةٌ منهم في العسكر، واستغووا كثيرًا منهم، وأدخلوهم في مذهبهم، وكادوا يظهرون بالكثرة والقوَّة، وحصل بالعسكر منهم طائفة من وجوههم، وزاد أمرهم، فصاروا يتهددون من لا يوافقهم بالقتل، فصار يخافهم من يخالِفُهم، حتى إنهم لم يتجاسَرْ أحد منهم، لا أمير ولا متقدِّم، على الخروج من منزله حاسِرًا، بل يلبس تحت ثيابه درعًا، وأشاروا على السلطان أن يفتك بهم قبل أن يعجِزَ عن تلافي أمرهم، وأعلموه ما يتَّهِمُه الناس به من الميل إلى مذهبهم، حتى إن عسكر أخيه السلطان محمد يشنِّعون بذلك، وكانوا في القتال يكبرون عليهم، ويقولون: يا باطنية. فاجتمعت هذه البواعِثُ كلها فأذن السلطانُ في قتلهم، والفتكِ بهم، وركب هو والعسكرُ معه، وطلبوهم وأخذوا جماعةً من خيامهم ولم يُفلِتْ منهم إلا من لم يُعرَف، وكان ممن اتُّهِم بأنه مقدَّمُهم الأمير محمد بن دشمنزيار بن علاء الدولة أبي جعفر بن كاكويه، صاحب يزد، فهرب وسار يومه وليلته، فلما كان اليوم الثاني وجَدَّ في العسكر قد ضَلَّ الطريق ولا يَشعُر، فقُتِل، ونُهِبَت خيامه، فوُجِد عنده السلاح المعَدِّ، وأخرج الجماعة المتهمون إلى الميدان فقُتِلوا، وقُتِل منهم جماعة برآء لم يكونوا منهم سعى بهم أعداؤهم، وكتب إلى بغداد بالقبض على أبي إبراهيم الأسداباذي الذي كان قد وصل إليها رسولًا من بركيارق ليأخذ مال مؤيد الملك، وكان من أعيانهم ورؤوسهم، فأُخذ وحُبِس، فلما أرادوا قتله قال: هَبُوا أنكم قتلتموني، أتقدرون على قَتْلِ من بالقلاع والمدُن؟ فقُتِل، ولم يُصَلِّ عليه أحد، وألقِيَ خارج السور، واتُّهِم أيضًا الكيا الهرَّاسي، المدَرِّس بالنظامية بأنَّه باطنيٌّ، ونُقِل ذلك عنه إلى السلطان محمد، فأمر بالقبض عليه، فأرسل المستظهر بالله من استخلصه، وشَهِدَ له بصحة الاعتقاد، وعلوِّ الدرجةِ في العلم، فأُطلِقَ.

العام الهجري : 494 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1101
تفاصيل الحدث:

جهَّز الأفضلُ بن أمير الجيوش عسكرًا كثيفًا لغزو الفرنج، فساروا إلى عسقلان ووصلوا إليها في أول رمضان، فأقاموا بها إلى ذي الحِجَّة؛ فنهض إليهم من الفرنج ألفُ فارس وعشرة آلاف راجل، فخرج إليهم المسلمون وحاربوهم. فكانت بين الفريقين عدةُ وقائع آلت إلى كسر الميمنة والميسرة وثبات سعد الدولة الطواشي -مقدَّم العسكر- في القلب، وقاتل قتالًا شديدًا، فتراجع المسلمون عند ثبات المذكور وقاتلوا الفرنج حتى هزموهم إلى يافا، وقتلوا منهم خلقًا كثيرًا وأسروا الكثير. وقُتِل كندفري ملك الفرنج بالقدس، فجاء أخوه بغدوين من القدس وملك بعده، وسار بالفرنج إلى أرسوف.

العام الهجري : 495 العام الميلادي : 1101
تفاصيل الحدث:

كان صنجيل الفرنجي قد لقي قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش، صاحب قونية، وكان صنجيل في مائة ألف مقاتل، وكان قلج أرسلان في عدد قليل، فاقتتلوا، فانهزم الفرنجُ وقُتِلَ منهم وأُسِرَ الكثير، وعاد قلج أرسلان بالغنائم والظَّفَر الذي لم يحسَبْه. ومضى صنجيل مهزومًا في ثلاثمائة، فوصل إلى الشام، فأرسل فخر الملك بن عمار، صاحب طرابلس، إلى الأمير ياخز، خليفة جناح الدولة على حمص، يقول: من الصواب أن يُعاجل صنجيل إذ هو في هذه العدة القريبة، فخرج الأمير ياخز بنفسه، وسيَّرَ دقاق ألفي مقاتل، وأتتهم الأمداد من طرابلس، فاجتمعوا على باب طرابلس، وصافُّوا صنجيل هناك، فأخرج مائةً من عسكره إلى أهل طرابلس، ومائة إلى عسكر دمشق، وخمسين إلى عسكر حمص، وبقي هو في خمسين. فأما عسكر حمص فإنهم انكسروا عند المشاهدة، وولَّوا منهزمين، وتبعهم عسكر دمشق. وأما أهل طرابلس فإنهم قاتلوا المائة الذين قاتلوهم، فلما شاهد ذلك صنجيل حمل في المائتين الباقيتين، فكسروا أهل طرابلس، وقتلوا منهم الكثير، ونازل صنجيل طرابلس وحصرها. وأتاه أهلُ الجبل فأعانوه على حصارها، وكذلك أهل السواد، وأكثرهم نصارى، فقاتل مَن بها أشدَّ قتال، فقتل من الفرنج ثلاثمائة، ثم إنَّه هادنهم على مال وخيل، فرحل عنهم إلى مدينة أنطرسوس، وهي من أعمال طرابلس، فحصرها وفتحها وقتل مَن بها من المسلمين، ورحل إلى حصن الطوبان، وهو يقارب رفنية، ومُقَدَّمُه يقال له ابن العريض، فقاتلهم، فنُصِر عليه أهل الحصن، وأسر ابن العريض منه فارسًا من أكابر فرسانه، فبذل صنجيل في فدائه عشرة آلاف دينار وألف أسير، فلم يجِبْه ابن العريض إلى ذلك.

العام الهجري : 495 العام الميلادي : 1101
تفاصيل الحدث:

تنتسب هذه الدولة إلى زعيم عشيرة من التركمان يُدعى أرتق بن أكسب جد الملوك الأرتقية.كان أميرًا شُجاعًا مُطاعًا، تغلَّب على حلوان والجبل، وكثُرَ أتباعه، فسار إلى الشام. وملك ولدُه سقمان بيتَ المقدس. وذريتُه هم ملوك ماردين من مائتي سنة, وكان أرتق قد التحق عام 449 بخدمة السلطان السلجوقي تتش بن ألب أرسلان صاحب بلاد الشام فأقطعه القدسَ وما حولها. ولما توفِّيَ أرتق سنة 484خلفه ولداه معين الدين سقمان, ونجم الدين إيلغازي. وفي سنة 491 احتلَّ الفاطميون القدس فأخرجوهما منها, فتوجَّها بقومهما من التركمان إلى الجزيرة الفراتية فتملَّك معين الدين سقمان ديار بكر (آمد) وتملَّك نجم الدين إيلغازي (ماردين) وأقام كلٌّ منهما فيما تملَّك سنة 495 دولة أرتقية. وفي سنة 511 حاصر الصليبيون مدينة حلب فاستنجد أهلُها بنجم الدين إيلغازي فأنجدهم وقاتل الصليبيين في معركة جرت في (سهل بلاط) سنة 513، وأسر زعيمهم روجيه ده سالرنو أمير أنطاكية، وتملك نجم الدين إيلغازي حلب, وتعاقب أبناؤه عليها إلى أن استولى عليها عماد الدين زنكي سنة 521 وأقام فيها دولة أتابكية.

العام الهجري : 495 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1101
تفاصيل الحدث:

هو المستعلي بالله أبو القاسم أحمد بن معد المستنصر بالله الفاطمي العبيدي، حاكم مصر، حكمها مدة سبع سنين وقريبًا من الشهرين، وكان المدبِّر لدولته أمير الجيوش الأفضل بن بدر الجمالي، ولما توفِّيَ وَلِيَ بعده ابنُه أبو علي المنصور، وبويع له في اليوم الذي مات فيه أبوه، وله خمس سنين وشهر وأربعة أيام، ولُقِّب الآمر بأحكام الله، ولم يقدر يركبُ وحده على الفرس لصِغَرِ سنه، وقام بتدبير دولته الأفضل أحسن قيام، ولم يزل كذلك يدبِّرُ الأمرَ إلى أن قُتِلَ الآمر سنة خمس عشرة وخمسمائة.

العام الهجري : 495 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1102
تفاصيل الحدث:

كانت فتنةٌ كبيرة بين شحنة بغداد -شحنة: أي القَيِّم لضبط البلد- إيلغازي بن أرتق، وبين العامة. أتى جنديٌّ من أصحابه ملاحًا ليعبر به وبجماعة، فتأخَّر فرماه بنشَّابه فقتله، فأخذت العامة القاتِلَ، فجَرُّوه إلى باب النوبي، فلقيهم ابن إيلغازي فخلَّصه، فرجمتهم العامةُ. فتألم إيلغازي وعبر بأصحابه إلى محلة الملاحين فنهبوها، وانتشرت الشطَّار، فعاثوا هناك وبدعوا، وغرق جماعة، وقُتِل آخرون. وجمع إيلغازي التركمان، وأراد نهبَ الجانب الغربي من بغداد، ثم لطف اللهُ تعالى.

العام الهجري : 496 العام الميلادي : 1102
تفاصيل الحدث:

كان الأفضلُ أمير الجيوش بمصر قد أنفذ مملوكًا لأبيه -لَقَبه سعد الدولة، ويعرف بالطواشي- إلى الشام لحرب الفرنج، فلقِيَهم بين الرملة ويافا، ومقَدَّم الفرنج يعرف ببغدوين، تصافوا واقتتلوا، فحملت الفرنج حملةً صادقة، فانهزم المسلمون، فلما كانت هذه الوقعة انهزم سعد الدولة، فتردى به فرسه فسقط ميتًا، وملك الفرنجُ خيمتَه وجميعَ ما للمسلمين. فأرسل الأفضلُ بعده ابنَه شرف المعالي في جمعٍ كثير، فالتقوا هم والفرنج بالقرب من الرملة، فانهزم الفرنج، وقُتِل منهم مقتلةٌ عظيمة، وعاد من سلم منهم مغلولين، فلما رأى بغدوين شدة الأمر، وخاف القتل والأسر؛ ألقى نفسه في الحشيش واختفى فيه، فلما أبعد المسلمون خرج منه إلى الرملة. وسار شرف المعالي بن الأفضل من المعركة، ونزل على قصر بالرملة، وبه سبعمائة من أعيان الفرنج، وفيهم بغدوين، فخرج متخفيًا إلى يافا، وقاتل ابن الأفضل من بقي من الفرنج خمسة عشر يومًا، ثم أخذهم، فقتل منهم أربعمائة صبرًا، وأسر ثلاثمائة إلى مصر. ثم اختلف أصحابُه في مقصدهم، فقال قوم: نقصِدُ بيت المقدس ونتملَّكُه، وقال قوم: نقصد يافا ونملكها، فبينما هم في هذا الاختلاف إذ وصل إلى الفرنج خلق كثير في البحر قاصدين زيارة البيت المقدس، فندبهم بغدوين للغزوِ معه، فساروا إلى عسقلان، وبها شرف المعالي فلم يكن يقوى بحربهم، فلطف الله بالمسلمين، فرأى الفرنجُ البحرية حصانة عسقلان، وخافوا البيات، فرحلوا إلى يافا، وعاد ولد الأفضل إلى أبيه، فسيَّرَ رجلًا يقال له تاج العجم في البر، وهو من أكبر مماليك أبيه، وجهز معه أربعة آلاف فارس، وسيَّر في البحر رجلًا يقال له القاضي ابن قادوس، في الأسطول على يافا، ونزل تاج العجم على عسقلان، فاستدعاه ابن قادوس إليه ليتفقا على حرب الفرنج، فقال تاج العجم: ما يمكنني أن أنزل إليك إلا بأمر الأفضل، ولم يحضر عنده ولا أعانه، فأرسل ابن قادوس إلى قاضي عسقلان وشهودها وأعيانها، وأخذ خطوطهم بأنه أقام على يافا عشرين يومًا، واستدعى تاج العجم فلم يأتِه ولا أرسل رجلًا، فلما وقف الأفضل على الحال أرسل من قبض على تاج العجم وأرسل رجلًا لقبه جمال الملك، فأسكنه عسقلان، وجعله متقَدِّم العساكِرِ الشامية.

العام الهجري : 496 العام الميلادي : 1102
تفاصيل الحدث:

عاد يوسف بن تاشفين إلى قرطبة للمرة الرابعة، وقاتل ألفونسو وانتهت المعركة بانهزام ألفونسو، ثم قام يوسف بن تاشفين بأخذ البيعة لابنه علي فجعله ملِكًا على قرطبة، وعاد هو إلى مراكش.