إنَّ مؤسِّسي دولة ليبيريا الإفريقية كانوا من السُّود المحرَّرين الذين كانوا عبيدًا في الولايات المتحدة، ثم أعادتهم واشنطنُ إلى مواطِنِهم الأصليَّة من أجْل خِدمة أطماعها الاستعمارية، فضلًا عن أطْماع الكنيسة في واشنطنَ التي عمِلت على تنصير هؤلاء أوَّلًا، ثم إرسالهم إلى بلادهم من أجْل نشر النصرانيَّة، وبالرغم من أنَّ هؤلاء لم يُشكِّلوا سوى 1% فقطْ من سكان البلاد، إلَّا أنَّ الدعم الأمريكي الكبيرَ لهم خاصةً في مجال التسليح أسهم في تفوُّقِهم في النهاية عام 1847م، وكانت المهمة الرئيسة لهؤلاء بعد الوصول للحكم وَضْعُ دستور عِلْماني على النمط الأمريكي، واعتماد الإنجليزية لغةً رسميةً في البلاد، واعتبروا أنَّ هدفَهم الديني هو إقامة مملكة المسيح في إفريقيا، وصارت الكنائس الليبيرية تابعةً للكنائس الأمِّ في الولايات المتحدة، ولقد حَظيَ تايلور بدعم واضحٍ في هذا الشأن من قِبَل مجلس الكنائس العالمي، حتى أثناء الفترة الانتقالية التي شهدتها البلادُ قبلَ انتخابات 1997م، فقد قرَّر مجلس الكنائس العالمي في مؤتَمَرِه الذي عَقَده في لندنَ عامَ 1995م تخصيصَ الجزء الأكبر من ميزانيته لصالح النشاط التنصيري في ليبيريا، وكان حصاد ممارسات تايلور ضدَّ المسلِمين في هذه الفترة ما يلي:
1- قتلُ ما لا يقلُّ عن 35 ألفَ مُسلمٍ.
2- تَشريدُ قُرابةَ نصف مليونِ مُسلمٍ.
3- هدمُ مئات المساجدِ.
4- هدمُ قُرابةَ مئة مدرسةٍ إسلاميةٍ.
انعقَدَ مؤتمَرُ مدريدَ في 30 أكتوبر برعايةٍ أمريكيةٍ سُوفيتيةٍ، وبحضورٍ أوربيٍّ شَكليٍّ، وشارَكت أكثرُ البلاد العربية، وتمكَّن الكِيان الصِّهْيَوني من فَرض شروطه على التمثيل الفِلَسْطيني، فتمَّ استبعاد المشارَكة الرسمية لمنظمة التحرير الفِلَسْطينية، وسار المؤتمر في مسارَيْنِ:
- ثنائيٍّ، يضم الأطراف العربية التي لها نزاعٌ مباشرٌ معَ إسرائيلَ، وهي: سوريا، والأردُنُّ، ولُبنانُ، وفِلَسطينُ.
- ومتعددِ الأطرافِ؛ لإيجاد رعاية دوليةٍ لمشروعِ التسوية، وقد تعثَّر هذا المسارُ.
أما المسار الثنائيُّ فقد تمخَّضت عنه اتفاقاتُ سلامٍ فِلَسْطينيةٍ إسرائيليةٍ (1993م)، وأردنيةٍ إسرائيليةٍ (1994م).
شابور بختيار كان من أعضاء الجبهة الوطنية، وكان رئيسَ الوزراء في حكومة الشاه محمد رضا بهلوي في إيرانَ، وُلِدَ بختيار في شهركرد، كان وزيرًا في حكومة محمد مصدق، وقد طلَب بختيار من الشاه محمد رضا بهلوي أن يوافِقَ على تشكيل مجلس وصاية ينوبُ عنه، وأن يقومَ الشاه بمغادَرة البلاد في عطلة، فقَبِل بختيار رئاسة الوزراء، ثم حدث انشقاقٌ في الجبهة الوطنية، أَعلن الخُميني طردَه من النهضة الإسلامية بعد الثورة الإسلامية، فاضطرَّ شابور بختيار إلى تَركِ الحُكم، وسافَر إلى فرنسا حيث قاد "جبهة المقاومة الإيرانية المعارِضة" للجمهورية الإسلامية في إيرانَ، لكنَّه اغتيل بمنزله برُفقةِ سكرتيره الخاص في أحد ضواحي باريس، من قِبَل ثلاثة أشخاص، ولم تُكتشف وفاتُه إلا بعد مرور 36 ساعة، واتُّهِم أطرافٌ من الحرس الثوري الإيراني بجريمة الاغتيال.
بدأت هذه الأزمةُ في 21 ديسمبر 1988م، عندما انفجرت الطائرة البوينج 747، والتابعة لشركة (PANAM) الأمريكية، الرحلة 103 المتَّجِهة من فرانكفورتَ إلى نيويوركَ عبرَ لندنَ، وكان الانفجار فوقَ مُقاطعة إسكتلندا ببلدة لوكيربي، وبلغ مجموعُ ضحايا الانفجار 270 فردًا من 21 دولةً.
كان ردُّ الفعل على الانفجار عنيفًا، حيث صدرت عدَّةُ بياناتٍ، من مختلِف الدول تُدين العملية، وانضمَّت بريطانيا إلى أمريكا في هذا الحادث، نظرًا لانفجار الطائرة فوق أراضيها، وموت 11 فردًا من مواطني لوكيربي.
وقد وعدت الولايات المتحدة الأمريكية في أعقاب الحادث أنها ستتولَّى التحقيقَ ومتابعةَ المتهمين، واستمرَّ التحقيق ثلاثَ سَنواتٍ، واشترَكَ فيه أكثرُ من دولة لتحديدِ الجهةِ المسؤولةِ عن الانفجار.
وفي 14 نوفمبر 1991م، أَعلنت وزارة الخارجيةُ الأمريكيةُ توجيهَ الاتهام لمواطنين ليبيِّين، من رجال المخابرات الليبيَّة، وقالت: إنهم وراءَ الحادث، ومن هنا بدأ تتابُع الأحداث، فيما عُرف على مدى سنوات باسم: أزمة لوكيربي.
فازت الجَبْهة الإسلامية للإنقاذ والتي يتزعَّمُها عباسي مدني في الدورة الأولى في الانتخابات التشريعيَّة التي أُجريت على أساس التعدُّديَّة الحزبيَّة في الجزائر في عهد الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد، غيرَ أنَّ هذا الفوز أقلق قادة الجيش، فأُلغيت الدورة الثانية، وتجمَّدت الانتخابات.
البوسنة والهرسك هي إحْدى جُمهوريات يوغوسلافيا السابقة ذات الأغلبيَّة المسلِمة، وتقَع في جنوب أوروبا، وقد قامت بإعلان استقلالَها، ممَّا أدخلها في حرب أهليَّة معَ الصِّرْب، واعترفت المجموعة الأوروبيةُ والولاياتُ المتحدةُ باستقلال البوسنة والهرسك في العامِ نفْسِه.
تولَّى الشيخ محمد صفوت نور الدِّين رئاسةَ جماعة أنصار السُّنة المحمديَّة بعد وفاة الشيخ محمد علي عبد الرحيم -خامس رؤساء الجماعة- عام 1412هـ - 1991م؛ فصار بذلك أوَّلَ رئيسٍ من الجيل الثاني، وسادس رؤساء الجماعة، وقد تمَّ انتخابُه بالإجماع في يوم الخميس 22 شعبان 1412هـ.
في يوم الاثنينِ 29 يونيو 1992 في الساعة التاسعة صباحًا وصَلَ الرئيس إلى عنابة -مدينة ساحلية تقع شمال شرق الجزائر-، وفي أثناء إلقاء خطابِه انفجرت قُنبلةٌ يدويةٌ، ثم تمَّ إطلاق النار مباشرةً على الرئيس من خلفِ ظَهرِه، وفي نفس الوقتِ انفجرت قُنبلةٌ أُخرى كانت تحت مَقعَد الرئيس مُصيبةً بشظاياها كلَّ مَن كان جالسًا على المِنصَّة، لم تدُم الطلقات سوى ثوانٍ معدودةٍ، ورمى كل مَن كان واقفًا نفسَه على الأرض لتفادي الرَّصاص، واختبأَ مَن كان جالسًا بالقاعة خلفَ الكراسي، ونُقل الرئيس بوضياف في سيارة إسعاف إلى مستشفى ابن رشد الجامعي، وتبيَّن أنه فارَق الحياة في نفس اللحظة.
بدأت القواتُ الصِّرْبيةُ تَعيثُ فَسادًا في البلاد طولًا وعَرضًا، وقالوا للعالم: إنَّ بلادَ البوسنةِ لن تصمُدَ سِوى أربع أو خمس ساعاتٍ، وتكون كلُّها بقبضةِ الصِّربِ، {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30]، فزحفَت القوات الصربيَّة على سراييفو التي ظلَّت تقاوِمُ، وسقَطَت مدنُ بريدور، وبانيالوكا، وبالي، ومدن كثيرة بقبضة الصِّربِ، والمدنُ الأُخرى محاصَرة، وقطعوا أوصالَ البوسنة، وخرج رئيس البوسنة والهرسك علي عزت بيجوفيتش بالتلفاز والراديو يُعلن للشعب البوسني بدايةَ حرب العصابات، وأنه لا جيش بالبوسنة، وكل أهل شارع، أو منطقة، أو قرية يُدافِعون عن أنفسهم، حتى يستعيد المسلمون صفوفَهم، فكانت المجازِرُ الجماعيَّةُ، والاغتصابُ، والتشريدُ، والتنكيلُ، وانتشرت أخبار المذابحِ والجرائمِ الصربيَّة على الشعب المسلِم.
إنَّ عددَ مُسلِمي بورما يصِلُ إلى 11 مليونَ نسمةٍ من إجماليِّ سكان بورما البالغِ تَعدادُهم 50 مليونَ نسمةٍ، منهم أكثرُ من 5.7 مليون مسلمٍ، يقطُنون منطقةَ أراكان، يُشكِّلون أكثرَ من 75 % من سكان المنطقة، وقد بدأت مأساة مُسلِمي بورما في عام 1948م، وهو نفسُ العام الذي احتلَّ فيه الصهاينة فِلَسْطينَ، حيث دخلت القوات البورميَّة أراكان وتمكَّنت من احتلالها بالقوة عبرَ سلسلة من المذابح الإجراميَّة، ومارسَت أبشع صور التهجيرِ العِرقي بطرد أكثرَ من مليونَيْ مسلم إلى بنجلاديشَ المجاورةِ، ولم تسمحْ بعودتهم حتى الآن، وتفرِضُ السُّلْطات البورمية أبشعَ صورِ العُزْلة على مُسلِمي بورما منذ وصولِ الحُكم العسكري الشيوعي إلى سُدَّة السُّلْطة عام 1962م، ومن ذلك التاريخ قامت بتشريد مئاتِ الآلافِ من المسلِمين، وسحبَت منهم الجنسية البورميَّة مُدَّعيةً أن الاحتلال البريطاني جاء بهم من الدول المجاورةِ، ولا تقِف مأساةُ المسلمين عند هذا الحدِّ، حيث تُمارِسُ السُّلْطات أبشعَ وسائلِ إبادةِ الجيشِ المسلِم في بورما وأراكانَ، وهدم وتدمير المساجِدِ في أنحاءِ البلاد.
وقَّعت إسرائيلُ ومنظَّمةُ التحرير الفِلَسْطينيةُ معاهدةَ أوسلو في واشنطنَ في 13 سبتمبر، ونسبت إلى مدينة أوسلو بالنرويجِ، والتي تمَّت فيها المحادَثاتُ السريةُ التي سبَقَت المعاهدةَ، وهي أول اتفاقيةٍ رسميةٍ مباشرةٍ بين إسرائيلَ والمنظمةِ، وتنصُّ على:
1. إقامة سُلطة حكومةٍ ذاتيةٍ انتقاليةٍ فِلَسطينيةٍ.
2. ومجلس تشريعي منتخَب للشعب الفِلَسْطيني في الضفة الغربية وقطاع غزَّةَ، لفترة انتقالية لا تتجاوَزُ الخمسَ سنواتٍ.
3. وإنشاء قوة شرطة فِلَسْطينية قويَّة، من أجْل ضمان النظام العام في الضفة الغربية وقطاع غزَّةَ.
4. بينما تقوم إسرائيل بمسؤولية الدفاع ضدَّ التهديدات الخارجية.
في 24 نيسان إبريل 1992، تم توقيعُ اتفاق عُرف باسم اتفاق بيشاورَ من قِبَل أحزاب الاتحاد الإسلامي لمجاهِدي أفغانستانَ السبعة، وحزب الوَحْدة الشيعي، والحركة الإسلامية محسني، فتمَّ الاتفاق على تشكيل حكومة مؤقَّتة لمدة شَهرينِ، وعلى رأسها صبغة الله مجددي، ثم يتبَعُه ولمدة أربعة أشهرٍ بُرهان الدين ربَّاني، ولكنَّ الحزب الإسلامي بقيادة حكمتيار رفَضَ الاتفاقيةَ بالرغم من أنَّه من الموقِّعين عليها، فهاجَم كابل وانهارت الاتفاقية، وبَقيَ ربَّاني في رئاسة الدولة.
ثم عادت الأحزاب المتناحِرة لتجتمِعَ في 7 مارس 1993م في إسلام أباد في باكستانَ بعد حرب ضَروسٍ، ومعاركَ طاحنةٍ في كابُولَ، وتمَّ توقيع اتفاقية عُرفت باتفاقية إسلام أباد، شاركت فيها السعوديةُ وباكستانُ، ونصَّت الاتفاقية على أن:
1. لربَّاني رئاسة الدولة لمدة 18 شهرًا.
2. وقلب الدين حكمتيار يتولَّى رئاسة الوزراء.
3. وأن يتمَّ إيقاف إطلاق النار.
ولكنَّ الاتفاقيةَ لم تُنفَّذ بسبب اندلاع القتال من جديد بين ربَّاني وحكمتيار بسبب الاتهامات المتبادَلة بين حِزبَيْهما، وفي الأول من يناير عام 1994م تعرَّض برهان الدين ربَّاني لمحاوَلة انقلاب بيد تحالُف بين حكمتيار، وعبد الرشيد دوستم، وصبغة الله مجددي، وحزب الوَحْدة الشيعي، ولكنَّ الانقلاب فشِلَ، وتمَّ تجديد فترة حُكم ربَّاني لعام آخَرَ في يوليو 1994م، وفي نوفمبر 1994م، بدأت طالِبان بالظهور، وخلال عامَيْنِ سيطَرَت على معظم مناطقِ أفغانستانَ، ودخلت كابولَ عامَ 1996م، وأعلنت نفسَها الحاكمةَ للبلاد بإزاحة ربَّاني.
وُلد أبو القاسم الخوئي في ليلة النصف من شهر رجبٍ سنةَ 1317هـ الموافق 19/11/1899م، في مدينة خوي من إقليم أذربيجانَ في إيرانَ، ويُنسَب إلى عائلةٍ ذات أُصول عَلَويَّة (موسوية)، نسبة إلى (موسى الكاظم)، قام الخوئي وهو ابن الثالثةَ عَشْرةَ بالهجرة إلى العراق للالتحاق بوالده علي أكبر الموسوي الخوئي الذي كان قد هاجَر قبلَه إلى النجَف، وبدأ الخوئي بدراسة علوم العربية، والمنطق، والأصول، والفقه، والتفسير، والحديث، وقد تتلمذ على يد شخصيات معروفة في الفقه الجعفري، مثل الشيخ فتح الله المعروف بشيخ الشريعة، والشيخ مهدي المازندراني، والشيخ ضياء الدين العراقي، وبعد نَيْله درجةَ الاجتهاد شغَلَ منبرَ التدريس لمدَّة تمتدُّ إلى أكثرَ من سبعين عامًا، ولذا لُقِّب بـ "أستاذ العلماء والمجتهدين". فقام الخوئي بالتدريس في مدارس النجَف، واختير مرجِعًا أعْلى للطائفة الشيعية بعد وفاة المرجِع الأعْلى محسن الحكيم عام 1969م، ولقد تتلمذ على يديه عددٌ كبيرٌ من علماء الشيعة المنتشرين في المراكز والحوزات العلميَّة الدينيَّة الشيعيَّة في أنحاء العالم، ومنهم علي البهشتي في العراق، وميرزا جواد التبريزي في إيران، ومحمد باقر الصدر في العراق، وقد ألَّف الخوئي عَشَرات الكتب منها: ((أجود التقريرات في أصول الفقه))، و((البيان في علم التفسير))، و((نفحات الإعجاز في علوم القرآن)). و((معجم رجال الحديث))، و((تفصيل طبقات الرواة في علم الرجال))، و((منهاج الصالحين في بيان أحكام الفقه))، وغيرها، وقد آلَت إليه مرجعيَّةُ الطائفة الشيعية في العالـم بعد وفاة السيِّد الحكيم سنة 1390هـ، وتمكَّن من المحافَظة على وجود واستمرار استقلاليَّة الحوزة العلميَّة في النجَف الأشرَف، وكان قد شارَك في دعم الانتفاضة الشعبيَّة التي حدَثَت في العراق سنة 1411هـ، فاعتقلَتْه السُّلْطات الحاكمة بعد إخماد الانتفاضة، ثم أَطْلَقت سراحَه، وكانت وفاتُه في عصر يوم السبت 8 صفر 1413هـ / الثامن من آب 1992م، في مسكنه في الكوفة، ومنعت السُّلْطات الحاكمة العراقية أن يُقام له تشييعٌ عامٌّ، فدُفن ليلًا في مَقْبرته الخاصة في جامع الخضراء في النجَف.
إنَّ المسجد البابري الواقعَ بمدينة "إيودهيا " في شمال الهندِ، يعودُ تاريخُه إلى القرن السادسَ عَشَرَ الميلاديِّ، عندما بناه "بابرُ" أولُ إمبراطورٍ مغوليٌّ حكَمَ الهندَ، وفي أوائل الثمانينيات من القرن العشرين زعَم المتطرِّفون الهندوسُ أنه بُنيَ على أنقاض معبدٍ بمكان مَولِد "راما" الأسطوري المقدَّس لدى الهندوس، ولذا وجب نسفُه، والتخلصُ منه .. وجعلوها قضيةً شَعبيَّةً، وقضيَّةً عامَّةً للهندوس، وبدؤوا ينظُرون إلى هذا المسجدِ كأنَّه علامةً وشعارًا للغزوِ المسلِمِ لهذه البلاد، وكانت أحداثُه بالفعل بدايةَ مرحلة تصاعديَّةٍ جديدةٍ من تطرُّف الهندوس وعدائهم للمسلِمين، وكانت إيذانًا بحملة هندوسيَّةٍ دعائيَّةٍ، زعمَت أنَّ كلَّ مساجد المسلِمين العتيقةِ قد بُنيت على أنقاضِ معابِدِ الهندوس، وهي الحملةُ التي برَّرت هدمَ المسجد البابري في السادس من ديسمبر عام 1992/ 1413هـ، وما أعقبَه من صداماتٍ داميةٍ أوْدَت بحياة ألفَيْ مُسلمٍ، وتعود بدايةُ العُدوان على المسجد البابري إلى ما يَزيدُ عن نصفِ قرنٍ، ففي ليلة 22 ديسمبر 1949 هجمت عصابةٌ مكوَّنة من 50 -60 هندوسيًّا على المسجد البابري، ووضَعوا فيه أصنامًا لذاك الممجَّد لديهم المسمَّى "راما"، وادَّعَوْا أنَّ الأصنام ظهرَت بنفسِها في مكان ولادتِه! وقد سَمَح رئيس وزراء الهند "راجيف غاندي" للهندوس بوضع حَجَر أساس لمعبد هندوسي في ساحة المسجد، وتَبِع هذا حُكمٌ صادرٌ بمحكمة فايزباد بتاريخ 1 فبراير 1986 من طرف القاضي "ر.ك. باندي" -الذي أصبح عضوًا في الحزب الحاكم المسؤول عن هدم مسجد بابري- سمَحَ فيه بفتح أبواب المسجد للهندوس، وإقامة شعائرهم التعبديَّة فيه، وحذَّر السُّلطات المحليَّة من التدخل في هذا الشَّأنِ، وفي بداية الثمانينيَّات قام الهندوسي المتطرِّف "محنت راغوبير" برفع قضيةٍ أمام المحكمة بشأن كون المسجدِ البابري قد بُنيَ فوقَ معبدِ "راما" الأسطوري، إلَّا أنَّ هذه المزاعمَ تمَّ دَحْضُها بحكم القضاء في إبريل 1985 لفِقْدان أي دليلٍ تاريخيٍّ أو قانونيٍّ، ولكنَّ التَّحرُّكات الصادرة عن الحكومة العِلمانيَّة هناك قد شجَّعت المتطرِّفين الهندوس على ترتيب هدم المسجد بالكامل بتاريخ 6 ديسمبر 1992م، فقد قام عَشَرات الآلاف من الهندوس في مدينة أبوديا بالهند -يوم الأحد الحاديَ عَشَرَ من جمادي الآخرة 1413هـ- 6 ديسمبر 1992م، بتدميرِ مسجد بابري بالمدينة، بل ومَسحِه من الوجود، وهم يُرَدِّدونَ أهازيج الانتصار مُعلِنين العزمَ على البدء في بناء معبدٍ هندوسيٍّ مكانَ المسجدِ الذي يبلُغُ عمرُه ما يُناهزُ الأربعة قرونٍ ونصفَ قرنٍ، مُنادين في الوقت نفسِه بأنه قد آن الأوانُ لخروج المسلِمين من الهندِ.. وفي أعقاب هذه الجريمة النَّكْراء عمَّت حوادث الشغَب أنحاءَ الهند، وقُتِلَ فيها أكثرُ من ثلاثة آلافِ شخصٍ، وبعد وقوع جريمة الهدمِ بدأ الصراعُ على أرض المسجدِ، إلَّا أنَّ ستارًا من الصَّمْت قد أُسدل على هذه المأساة من الجانبَيْنِ معًا، فالجانبُ الهنديُّ يحرِصُ على التزام الصَّمْتِ حولَ قضية اعتداءٍ وحشيٍّ على المسلمين يكشِفُ ضراوةَ التيار الهندوسيِّ الذي نجحَ في الوصول برموزِه وقياداته إلى سُدَّة السلطة الاتِّحادية في نيودلهي، أما الجانب الإسلامي فثمَّةَ فريقٌ فيه يَدْعو إلى ابتلاع المسألة برُمَّتها، والتزام الصمت بشأنها؛ لأنَّ إثارتها لن تؤديَ إلا إلى مزيد من المشكلات للمسلِمين في الهند، ثم أعلنَ المجلس الهندوسيُّ العالميُّ الذي ينتمي إليه حزب رئيس الوزراء الهنديِّ "أتال بيهاري فاجابايي" في 20/5/2001 بأنه سيبدَأ قريبًا في بناء معبدٍ بالقرب من موقع المسجدِ البابري، واعتُبر هذا الإعلانُ بمثابة تَحَدٍّ للحكومة الهندية التي تعارِضُ بناءَ هذا المعبد، حيث صرَّح وزير الداخليَّة "لال كيرشنا أدفاني" بعدها بأنَّه لن يسمَحْ ببناء ذلك المعبد، والمعروف أن الحكوماتِ الهنديَّة المتعاقِبة وعدَت المسلمين بإعادة بناء المسجد المهدَّمِ، إلَّا أنها تقاعَسَت عن تنفيذ وعودها.
قامت الأممُ المتَّحدةُ بإرسال قوَّات شارَكت فيها عشرون دولةً، وذلك في إطار عملية "إعادة الأمل" إلى الصومال التي كانت تشهَد حربًا أهليَّةً منذ عام 1990م.
وقد عزَّزت هذه القواتِ بعد عامٍ واحدٍ بوَحَدات معظمُها أمريكيةٌ وفرنسيةٌ؛ لإنهاء الفوضى والقِتالِ في الصومال، لكنَّها اضطرَّت في النهاية إلى الانسحاب بعد أن تكبَّدت خسائرَ كبيرةً، وفَشِلت في حلِّ المشكلة.
وُلِدَ تورجوت أوزال عام 1346هـ، وهو الذي أسَّس حزبَ الوطن الأم في تركيا، وذلك عندما بدأت الحياة السِّياسية تعود للبلاد تدريجيًّا، وكان أوزال يتمتَّع بخبرةٍ عاليةٍ في الشؤون الاقتصادية والسياسية، وكان مرشحًا لحزب السلامة الوطني عن ولاية "أزمير"، وكان يُقال عنه: إنه سفيرُ الغرب في بلاده، ورغم ذلك فإنَّ الحركة الإسلامية في عهده -سواءٌ كان في رئاسة الوزراء، أو في رئاسة الجمهورية- كانت تتمتَّع بحرية أكبَرَ، واحتلَّت مساحةً أكبَر في السياسة والشارع التركي، فدعمَ المدارسَ التي تُخرِّج الأئمةَ والخطباءَ؛ لتصلَ نسبةُ خريجيها إلى 20% من خريجي المدارس المتوسِّطة، كما سمَح بالدعوة الإسلامية في الإذاعة والتلفزيون، وسمَح للفتيات بارتداء الحجاب، بعد أنْ كان محرَّمًا قبل ذلك، وسمَح بقيام مؤسَّسات الأوقاف، كما سمَحت السياسات الاقتصادية التي تبنَّاها بوجود شركات ومشروعات إسلامية، وسمَح بنشاط رابطةِ العالمِ الإسلامي في تركيا، وقد تولَّى أوزال رئاسةَ الجمهورية في ربيعٍ الثاني 1410هـ، وتولَّى في عهده "حزب الرفاه" بقيادة أربكان عامَ (1403هـ = 1983م)، تُوفيَ أوزال بأزمة قلبيَّة مفاجِئة في 24 شوال 1413هـ، قبلَ أنْ يُكمِل فَترة رئاسته، وتولَّى الحُكم بعدَه الرئيس سليمان ديميريل.
استطاعت إريتريا أنْ تنفَصِل عن إثيوبيا، وتستقِلَّ سياسيًّا بعدَ ثلاثين عامًا من الكفاح السياسي والعسكري، حَظِيَت خلالَه بدعمٍ عربيٍّ وإسلاميٍّ كبيرٍ، ورغم أنَّ نسبة المسلمين في إريتريا تُقارب 78% إلَّا أنَّ الرئيس أسياس أفورقي قاد البلاد بتوجُّهاته الماركسية التي تعزَّزت بفَرضِه اللغةَ التيجرينيةَ لغةً رسميةً للبلاد بدلًا من اللغة العربية، وتجاهُلِه لقوانين الأحوال الشخصية للمسلِمينَ، وعلاقاتِه الوثيقةِ معَ إسرائيلَ، وكان الاستقلالُ بعد أن تحالَفَت الجبهة الشعبيَّة بزعامة أفورقي مع المعارِضينَ الإثيوبيِّينَ بزعامة ميلس زيناوي تحتَ رعاية الإدارة الأمريكيَّة في مؤتمرٍ عُقد بلندنَ نَسَّق له وليام كوهين مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الإفريقية، وذلك لإسقاط نظامِ مانجستو، وانتهى المؤتمرُ باتفاقٍ رَعَتْه واشنطنُ يَقْضي باعترافِ إثيوبيا بحق تقرير المصير للشعب الإريتري، على أنْ يختارَ بين الوَحْدة والانفصال، مقابلَ أنْ يلتزمَ أفورقي بدعمِ زيناوي في سَعيِه للتغلُّب على مُناوئيه السياسيِّين وتولِّي السُّلْطة، وأنْ تسمَح إريتريا عندَئذٍ باستخدام إثيوبيا ميناءَ عصبَ وكذا مصوعُ للأغراضِ التجارية، ونجح الطرفانِ في إسقاط مانجستو، وتولَّى زيناوي حكمَ إثيوبيا، وتشكَّلت حكومةٌ مُؤَقَّتة أجرَت استفتاءً عامًّا على الاستقلال تحت إشرافِ الجامعة العربيةِ، والأمم المتَّحدة، ومنظمة الوَحْدة الإفريقية، وجاءت نتيجتُه 99% للاستقلال؛ فأصبحت إريتريا دولةً مُستقلَّةً ذاتَ سيادة في 1 من ذي الحِجة 1413هـ، ثم انتُخِب أسياس أفورقي رئيسًا للبلاد.
بعد مشروعِ الوَحْدة جَرى انتخاب علي عبد الله صالح رئيسًا لمجلس رئاسة الجمهورية اليَمَنية، وعلي سالم البيض نائبًا له، ثم بدأت بوادرُ الاختلال السياسي في اتفاق الوَحْدة، بين نظامَينِ مختلِفَينِ: النظام الجنوبي الاشتراكي، والشمالي القَبَلي، حيثُ يَعُدُّ شيوخُ القبائلِ الاشتراكيِّين كفرةً وماركسيِّين، ويَعُدُّهم الاشتراكيُّونَ أُصوليِّين ومُتخلِّفينَ، وسُرعانَ ما انهار السِّلم واندلعت حربٌ أهليةٌ قصيرةٌ أدَّت إلى انتصار القوات الشمالية على قوات الجنوب، وتَوْحيد اليَمَن تحت مُسمَّى الجمهورية العربية اليَمنية.
يُعَدُّ هذا الاتفاق إجراءً تنفيذيًّا لاتفاقية أوسلو، فقد فشِلَ الطرَفانِ الفِلَسْطينيُّ والإسرائيليُّ في الاتفاق على تَفْصيلات المرحلةِ الأولى (غزَّة - أريحا)، وانقضَت المدة المحدَّدة لانسحاب القوات الإسرائيليَّة قبل أنْ تنسَحِب بالفعل، وبعد مَزيد من التعنُّت الإسرائيلي، والتنازُلِ الفِلَسْطيني، توصَّلَ الجانبانِ إلى توقيعِ اتفاقِ القاهرة؛ ليفصِلَ المرحلةَ الأُولى من الاتفاق والجدولة الزمنية للانسحاب من قطاع غزَّة وأريحا، والترتيبات الأمنية المتعلِّقة بذلك، وبدأ دخولُ الشرطة الفِلَسْطينية في 18 مايو 1994.