الموسوعة التاريخية


العام الهجري : 1013 العام الميلادي : 1604
تفاصيل الحدث:

عيَّن السلطانُ أحمد لالا محمد باشا صدرًا أعظم خليفةً للصدر الأعظم يمشجي حسن باشا، حيث كان سردارًا عامًّا للجيوش التي جاهدت في النمسا، وهو من خيرة قوَّاد الجيوش، فاهتمَّ بتقوية الجيوش العثمانية وحاصر قلعةَ استراغون وفتحها، كما حارب إماراتِ الأفلاق والبغدان والأردل، وعقد صلحًا معهم، ولما مات لالا باشا خلَفَه قبوجي مراد باشا صدرًا أعظم، وكان قائدًا لإحدى فرق الجيش، وقد نجحت الجيوشُ العثمانية في هزيمة النمسا واسترداد القلاع الحصينة من مدن يانق واستراغون وبلغراد وغيرها، كما نجحت الجيوشُ العثمانية في جهادِها بالمجر وهزمت النمسا هناك، ونجم عن ذلك قبول النمسا بطلب الصلحِ ودفعِ جزية للدَّولة العثمانية مقدارها مائتا ألف دوكة من الذهب، وبقيت بلادُ المجر بموجِب هذه المعاهدة تابعةً للدولة العثمانية.

العام الهجري : 1013 العام الميلادي : 1604
تفاصيل الحدث:

جدَّدت الدولةُ العثمانية امتيازاتِ فرنسا وإنجلترا، على مثلها، كما جَدَّدت الاتفاقيةَ مع بولونيا- بولندا- بحيث تمنعُ الدولة تتارَ القرم من التعدي على بولونيا، وتمنع بولونيا القوزاق من التعدِّي على الدولة العثمانية، وتحصَّلت هولندا على امتيازات واستغلت ذلك في نشرِ الدُّخَان داخِلَ ديار الإسلام، وبدأ تعاطيه من قِبَل الجنود، فأصدر المفتي فتوى بمَنعِه فهاج الجندُ وأيَّدَهم الموظَّفون، فاضطر العلماءُ إلى السكوتِ عنه، وهكذا أصبح الجندُ ينقادون خلفَ شهواتهم ويعتَرِضون على العلماءِ.

العام الهجري : 1014 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1605
تفاصيل الحدث:

هو السلطانُ المؤيَّد المظفَّر أبو الفتح جلال الدين محمد أكبر بن همايون بن بابر التيموري الكوركاني، أكبرُ ملوك الهند وأشهرُهم في الذِّكر، ولِدَ في قلعة أمركوث من أرض السِّند في ثاني ربيع الأول سنة 949هـ من "حميده بانو". حين انهزم والده همايون من شير شاه، ثم رجع بعد بضعة سنين فافتتح قندهار وكابل وأكثر بلاد الهند، فلما مات همايون جلس ولدُه جلال الدين على سريره تحت وصاية الوزير بيرم خان؛ لأن سنَّه حينئذ نحو ثلاث عشرة سنة، ولما بلغ أكبرُ أشُدَّه استقَلَّ بالملك، وسافر إلى الحرمين الشريفين، ثم افتتح أمره بالعدل والسخاء، وقرَّب إليه أهل العلم والصلاح، وكان يستمع الحديث، وبنى مساجد وزوايا له، وبنى مدينة بأرضه وجعلها عاصمة بلاد الهند، وبنى بها قصرًا وسماه (عبادت خانه) وقسَّمه على أربعة منازل وأمر أن يجتمع فيه علماء البراهمة والنصارى والمجوس وأهل الإسلام، فيجتمعون في ذلك القصر ويتباحثون في الخلافيات بحضرة السلطان، حتى دخل في مجلسه من أهل الشبهات والشهوات كأبي الفيض وصنوه أبي الفضل والحكيم أبي الفتح ومحمد اليزدي، فجعلهم فريقًا لأهل الصلاح فدسُّوا في قلبه أشياء ورغَّبوه عن أهل الصلاح وقالوا: لا ينبغي للسلطان أن يقلِّدَ أحدًا من الفقهاء المجتهدين، فانشرح صدر السلطان، وفتح أبواب الاجتهاد، فجوَّز متعة النساء، ونكاحَ المسلم بالوثنية، حتى اجترأ على الطعن والتشنيع على السلف الصالح، لا سيما الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين، وأمر بإخراج المشائخ والعلماء من الهند، واجتمع لديه شِرذمة من علماء الوثنيين والنصارى والمجوس ومن أحبار الهنود ومن الشيعة، وكان كل واحد منهم يجتهد أن يرغِّبَه إلى مذهبه، وكانت تحته طائفة من الأميرات الوثنيات بنات ملوك الهند، وصار حوله من يزيِّن له عبادة الأصنام، وتعظيم النار والشمس، فتدرج في الاجتهاد وترقى من الفروع إلى الأصول، وقال بخلق القرآن، واستحالة الوحي، والتشكيك في النبوات، وأنكر الجن، والمَلَك، والحشر والنشر، وسائر المغيبات، وأنكر المعجزات، وجوز التناسُخ، وحرَّم ذبح البقرة، وحطَّ الجزية عن أهل الذمة، وأحلَّ الخمر والميسِر والمحرَّمات الأُخر، وأمر بإيقاد النار في حَرَمِه على طريق المجوس، وأن يعظِّم الشمس وقت طلوعه على طريق مشركي الهند، وقرَّر أن الحق دائر بين الأديان كلها، فينبغي أن يُقتَبَس من كلها أشياء، وكان يسجد للشمس والنار في كل سنة يوم النيروز بالإعلان، وشرع ذلك من سنة خمس وعشرين الجلوسية، ورسم القشقة على جبينه يوم العيد الثامن من شهر سنبله، وربط سلكًا من الجواهر عن أيدي البراهمة تبركًا، وكذلك كان يفعل كلَّ ما يفعله كفار الهند، ويستحسنه ويحرِّض أصحابه على ما فعله، ويحثهم على ترك التقليد، يعني به دين الإسلام، ويهجِّنه ويقول: إن واضِعَه فقراء الأعراب، وأمر أن لا يقرأ من العلوم العربية غير النجوم والحساب والطب والفلسفة، فكان هذا الدين الذي اخترعه مصدرَ كراهيةٍ شديدة له في نفوس أهل الإسلام، حتى انتهى الأمر بهم مرَّةً إلى شق عصا الطاعة علنًا، بل قيل: إن ابنه الأمير جهانكير ثار عليه وأخذ يدبِّر له المكائدَ خُفْية، فحشد جهانكير جيشًا من ثلاثين ألف فارس، وقتل "أبا الفضل" مؤرِّخَ القصر وأحبَّ الأصدقاء إلى نفس أبيه، فحَطَّمت قوَّته النفسيَّة وتنكَّر له أبناؤه في أواخر أيامه، ومات الملك أكبر في سكندر آباد قريب آكره، بعد أن حكم أربعين سنة، مات بمرض الديسنتاريا، وقيل: مات مسمومًا بتدبير ابنه جهانكير، ولم يجد من يصلِّي عليه من أنصار أيَّةِ عقيدة أو مذهب ممَّن جمعهم حوله. وفي مطلع القرن العشرين الميلادي عملت إنجلترا على تشجيع مرزا غلام أحمد القادياني في الهند على إحياء ما دعا إليه الملك المغولي جلال الدين محمد أكبر!!

العام الهجري : 1014 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1605
تفاصيل الحدث:

تولى السلطانُ أبو الفتح نور الدين محمد جهانكير خان بن جلال الدين أكبر المغوليُّ- من سلالة تيمورلنك- الحُكمَ في الهند، بعد وفاة والده، وفي عهده بدأت القوى الاستعمارية تتطلَّعُ إلى السيطرة على الهند تحت اسم التجارة، وقد دام حكمُه ثلاثًا وعشرين سنة.

العام الهجري : 1014 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1606
تفاصيل الحدث:

هو الشيخ نور الدين أبو الحسن علي بن سلطان بن محمد القاري، الهَرَوي المكي، المعروف بملَّا علي القاري، من فقهاء الحنفية، وُلِد في هراة وسكن مكةَ وتوفي بها. كان زاهدًا في الدنيا، بعيدًا عن الحكَّام ومجالِسِهم، مُعرِضًا عن الوظائف والأعمال، وكان شديدًا عليهم، حاملًا على أهلِ البدع والضلالات في مكَّة محلِّ إقامته، قانعًا بما يحصِّل من بيعِ كُتُبِه، ويغلِبُ على حاله الزهد والعفاف والرضا بالكفاف، وكان قليلَ الاختلاط بغيره. له مصنفات عديدة، منها: الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة، الموضوعات الكبرى، وجمع الوسائل في شرح الشمائل، وشرح مسند أبي حنيفة، وشرح نُخبة الفِكَر في مصطلحات أهل الأثر، ومرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، وشرح الشفا للقاضي عياض، وغيرها من الكتب. توفي بمكَّة ودفن بمقبرة المُعَلاة. 

العام الهجري : 1015 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1606
تفاصيل الحدث:

تم توقيعُ معاهدة بين الدولتين العثمانية والنمساوية، عُرفت باسم معاهدة ستفاتوروك، وانتهت بها تلك الحربُ التي استمرت نحو ثلاث عشرة سنة ونصف السنة. وبمقتضى هذه المعاهدة دفعت النمسا إلى الدولة العثمانية غرامةَ حرب قدرها 67000 سكة ذهبية، وأُلغيت الجزيةُ التي كان يدفعُها إمبراطور النمسا إلى الدولة العثمانية كلَّ سنة، وثبتت الحدودُ على أساس أن لكلٍّ الأراضيَ الموجودةَ تحت سيطرته، وأنْ تخاطِبَ الدولةُ العثمانية حاكمَ النمسا باعتباره إمبراطورًا لا ملِكًا، يقفُ على قدمِ المساواة مع السلطانِ العثماني

العام الهجري : 1015 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1606
تفاصيل الحدث:

دعا الشيخ المأمون ابن السلطان أحمد المنصور السعدي تجارَ فاس فاستسلف منهم مالًا كثيرًا وأظهر من الظلمِ وسوءِ السيرة وخُبث السريرة ما هو شهيرٌ به، ثم تتبَّع قوَّاد أبيه فنهب ذخائِرَهم واستصفى أموالَهم وعذَّب من أخفى من ذلك شيئًا منهم، ثم جهز جيشًا لقتال أخيه أبي فارس بمراكش، وكان عدد الجيش نحو الثمانية آلاف، وأمَّرَ عليه ولده عبد الله فسار بجيوشه فوجد أبا فارس بمحلتِه في موضع يقال له إكلميم، ويقال في مرس الرماد، فوقعت الهزيمةُ على أبي فارس وقُتِل نحو المائة من أصحابِه ونُهِبت محلتُه، وفرَّ هو بنفسه إلى مسفيوة، ودخل عبد الله بن الشيخ مراكش فأباحها لجيشه، فنهبت دورَها واستبيحت محارمَها واشتغل هو بالفساد، ومن يشابِهْ أباه فما ظلم!! حتى حُكِي أنَّه زنى بجواري جدِّه المنصور واستمتع بحظاياه، وأكل في شهر رمضان وشَرِب الخمرَ فيه جِهارًا، وعكف على اللذات، وألقى جلباب الحياء عن وجهه، وكان دخولُه مراكش في العشرين من شعبان من هذه السنة.

العام الهجري : 1016 العام الميلادي : 1607
تفاصيل الحدث:

أصدرت الحكومةُ الأسبانية مرسومًا يقضي بترحيل المسلمين من إسبانيا ترحيلًا نهائيًّا.

العام الهجري : 1016 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1608
تفاصيل الحدث:

لما دخل عبدُ الله بن الشيخ المأمون السعدي مراكشَ واستولى عليها فعَلَ فيها أعظَمَ من فعلته الأولى بفاس، فهربت شرذمة من أهل مراكش إلى جبل جيليز واجتمع هنالك منهم عصابةٌ من أهل النجدة والحمية، واتفق رأيُهم على أن يُقَدِّموا للخلافة محمدَ بن عبد المؤمن ابن السلطان محمد الشيخ، وكان رجلًا خيِّرًا ديِّنًا صيِّنًا وقورًا, ومن أحفاد السلطان محمد الشيخ المهدي السعدي، فبايعه أهل مراكش هنالك والتفوا عليه، فخرج عبد الله بن الشيخ لقتال مَن بجبل جيليز والقبض على أميرهم ابن عبد المؤمن، ولما التقى الجمعان انهزم عبد الله وولى أصحابُه الأدبار فخرج من مراكش مهزومًا سادس شوال من هذه السنة، وترك محلَّتَه وعدتَه وجلَّ جيشه، وأخذ على طريق تامسنا، وامتُحِن أصحابُه في ذَهابِهم حتى كان مُدُّ القمح عندهم بثلاثين أوقية والخبزة من نصف رطل بربع مثقال، ولم يزل أصحابه ينتَهِبون ما مرُّوا عليه من الخيام والعمود ويَسْبُون البناتِ إلى أن وصلوا إلى فاس في الرابع والعشرين من شوال، وأما محمد بن عبد المؤمن فإنَّه لما دخل مراكش واستولى عليها صفَحَ عن الذين تخلَّفوا بها من أهل المغرب من جيش عبد الله بن الشيخ، وأعطاهم الراتب فلم يعجِبْ ذلك أهلَ مراكش ونقَموا عليه إبقاءه عليهم، وكانوا نحو الألف ونصف فكتبوا سرًّا إلى السلطان زيدان بالجبل فأتاهم وخيَّم نازلًا بظاهر البلد فخرج محمد بن عبد المؤمن إلى لقائِه فانهزم ابن عبد المؤمن ودخل السلطان زيدان مراكش واستولى عليها وصفح هو أيضًا عن الفئة المتخلِّفة عن عبد الله بن الشيخ!!

العام الهجري : 1017 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1609
تفاصيل الحدث:

كان محمد الشيخ المأمون بن أحمد المنصور الذهبي السعدي ما يزال على قُبحِ السيرة والإساءة إلى الخاصة والعامة، حتى ملَّتْه النفوسُ ورفضته القلوبُ وضاق أهلُ فاس بشؤمِه ذرعًا، وكان قد بعث ابنَه عبد الله مرةً ثالثة إلى حرب أخيه السلطان زيدان بمراكش وأعمالها، فخرج عبد الله من فاس آخِرَ ذي الحجة سنة 1016 فالتقى الجمعان بوادي بوركراك، فكانت الهزيمة على عبد الله وفرَّ في رهطٍ من أصحابه وترك محلَّتَه بما فيها بيَدِ السلطان زيدان، فاستولى عليها وانضَمَّ إليه جيش عبد الله من أهل فاس وغيرهم ميلًا إليه ورغبةً في صحبته، فعفا عنهم وتألَّفَهم، واستفحل أمرُ السلطان زيدان وتكلَّم به أهل فاس وسائِرُ بلاد الغرب، واتصل الخبر بالشيخ المأمون، وعرف أن قلوب الناس عليه فخاف الفضيحةَ وأصبح غاديًا في أهله وحشمه إلى ناحية العرائش مستصرخًا بالطاغية الإصبنيول في الأندلس على السلطان زيدان، وحمل معه أمه الخيزران وبعض عياله وجماعة من قواده وبطانته، وذلك في ذي القعدة سنة 1017، لكن الطاغيةَ لم يُمِدَّه بشيء, وانتهى مصطفى باشا قائد زيدان إلى القصر الكبير فقبض على من وجَدَ به من أصحاب الشيخ، وفر عبد الله وأبو فارس فنزلا بموضعٍ يقال له سطح بني وارتين، فبلغ خبرهما إلى السلطان زيدان، فجاء حتى نزل قبالتَهما بموضعٍ يقال له آرورات، ففَرَّ من كان معهما إلى السلطان زيدان، ولَمَّا بقِيا أوحشَ مِن وتِدٍ بقاعٍ، فرَّا إلى دار اليهودي ابن مشعل من بلاد بني يزناسن فأقاما بها.

العام الهجري : 1018 العام الميلادي : 1609
تفاصيل الحدث:

فخرُ الدين المعني الثاني هو حفيد فخر الدين المعني الأول، الدرزي الأصل الذي قاتل مع السلطان سليم، فتولى بذلك لبنان والجبال المحيطة به، ولما تولى هذا الحفيدُ السلطة في لبنان عام 999هـ وكان درزيًّا وصوليًّا كبيرًا واستطاع أن يجمع المُعادين للإسلام من نصارى ونُصيرية ودروز، وأمثالهم، حتى تمكَّن من جبال لبنان، والسواحل وفلسطين، وأجزاء من سورية، ولما قوِيَ أمره فاوض الطليان فدعموه بالمال وبنى القلاع والحصون، وكوَّن لنفسه جيشًا زاد على الأربعين ألفًا، ثم أعلن الخروجَ على الدولة العثمانية عام 1022هـ غيرَ أنه هُزم وفرَّ إلى إيطاليا، وكان قد تلقَّى الدعم من إمارة فلورنسا الإيطالية، ومن البابا، ورهبان جزيرة مالطة (فرسان القديس يوحنا)، وقد عاد فخر الدين إلى لبنان بعد أن أصدر السلطانُ فرمانًا بالعفو عنه واندفع لتغريب البلادِ، ثم أعلن التمردَ من جديد مستغلًّا الحرب العثمانية الصفوية الشيعية، ولكنه فشِلَ وأُسِر وسيقَ إلى إستانبول، ثم اندلعت الثورة عام 1045هـ ولكنه هذه المرة أُسِر وشُنِق، وفَشِلت الحركة المسلَّحة التي قادها ابن أخيه ملحم للأخذِ بثأره.

العام الهجري : 1018 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1609
تفاصيل الحدث:

هو السلطان أبو فارس عبد الله بن المنصور أحمد السعدي، بويع بمراكش بعد وفاة والده، ثم بعث أخاه محمد الشيخ المأمون لقتال أخيهما السلطان زيدان، فلما انتصر عليه نكث محمد الشيخ عهده مع أخيه أبي فارس واستبدَّ عليه، ثم بعثَ إليه ابنَه عبد الله فهزَمَ عمَّه أبا فارس إلى مسفيوة ثم منها إلى السوس، فأقام عند حاجب أبيه عبد العزيز بن سعيد الوزكيتي، ثم لما بالغ زيدان في طلبه فرَّ إلى أخيه الشيخ المأمون فلم يزل مع ابنه عبد الله بن الشيخ إلى أن قُتل مصطفى باشا ودخل عبد الله فاس، فاستولى عليها فاتَّفق رأي قوَّاد شراكة على قتل عبد الله وتولية عمِّه أبي فارس، فبلغ ذلك عبد الله فدخل على عمِّه أبي فارس ليلًا مع حاجبه حمو بن عمر فوجده على سجادتِه وجواريه حوله فأخرجهنَّ وأمر بعمِّه فخُنِق وهو يضربُ برجليه إلى أن مات.

العام الهجري : 1019 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1610
تفاصيل الحدث:

استولى النصارى الأسبان على العرائش، وذلك بعد إخراجهم للمسلمين منها باتفاق مع حاكمها الشيخ المأمون ابن المنصور السعدي، الذي استعان بهم على أخيه السلطان زيدان، فاشترطوا عليه وقتها إعطاءهم العرائش وإخلاءها من سكَّانها، ففعل- خذَلَه اللهُ- ولما خرج منها المسلمون أقام بها القائد الكرني إلى أن دخلها النصارى واستولوا عليها في رابع رمضان من هذه السنة، ووقع في قلوب المسلمين من الامتعاض لأخذ العرائش أمرٌ عظيم، وأنكروا ذلك أشدَّ الإنكار، وقام الشريف أبو العباس أحمد بن إدريس العمراني ودار على مجالس العلم بفاس، ونادى بالجهاد والخروج لإغاثة المسلمين بالعرائش، فانضاف إليه أقوامٌ وعزموا على التوجه لذلك، ففَتَّ في عَضُدِهم قائدُهم حمو المعروف بأبي دبيرة وصرف وجوههم عما قصدوه في حكايةٍ طويلةٍ، وكان الشيخ المأمون لما خاف الفضيحةَ وإنكار الخاصة والعامة عليه إعطاءه بلدًا من بلاد الإسلام للكفَّار، احتال في ذلك وكتب سؤالًا إلى علماء فاس وغيرها يذكُرُ لهم فيه أنه لَمَّا وغل في بلاد العدو الكافرِ واقتحمها كرهًا بأولاده وحشَمِه، منعه النصارى من الخروج من بلادِهم حتى يعطيَهم ثغر العرائش وأنَّهم ما تركوه خرج بنفسِه حتى ترك لهم أولادَه رهنًا على ذلك، فهل يجوز له أن يفدِيَ أولاده من أيدي الكفار بهذا الثغرِ أم لا؟ فأجابوه: بأن فداء المسلمين سيما أولاد أمير المؤمنين سيما أولاد سيد المرسلين صلَّى الله عليه وسلم من يد العدو الكافر بإعطاء بلدٍ من بلاد الإسلام له- جائزٌ، وإنا موافقون على ذلك، ووقَّع هذا الاستفتاء بعد أن وقع ما وقع، وما أجاب من أجاب من العلماء عن ذلك إلا خوفًا على نفسه، وقد فرَّ جماعة من تلك الفتوى، كالإمام أبي عبد الله محمد الجنان صاحب الطرر على المختصر، وكالإمام أبي العباس أحمد المقري التلمساني مؤلف نفح الطيب، فاختفيا مدةً استبراءً لدينهما حتى صدرت الفتوى من غيرهما، وبسبب هذه الفتوى أيضًا فرَّ جماعة من علماء فاس إلى البادية، كالشيخ أبي علي الحسن الزياتي شارح جمل ابن المجراد، والحافظ أبي العباس أحمد بن يوسف الفاسي، وغيرهما.

العام الهجري : 1020 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1611
تفاصيل الحدث:

هو الشيخُ الفقيه المحقِّق أحمد بن يحيى بن سالم الذويد بن على بن محمد بن موسى الصعدي اليمني، أخذ عن السيد محمد بن عز الدين المفتي، وعبد العزيز بن محمد بن بهران، وسمع الأمهَّات الستَّ، واستجاز فيها من الحافظ محمد بن محمد المصري, وأجلُّ تلامذة الفقيه أحمد الذويد: الإمامُ القاسم بن محمد، والفقيه مهدي الشعيبي، وغيرهما, وكان فقيهًا محدِّثًا قليل النظير في المعقولات والصفات، إمامًا في الشرعيات على الإطلاق، وكان آيةً من آيات الله، وله في كل علم قدَمٌ راسخة، وبلغ في علمِ الطبِّ والرمل وحل السحر وغيرها مبلغًا عظيمًا، وقرأ في التوراة، وكان من أهل الثروة والمال، واجتمع له من الكتُبِ خزانة ملوكية مع مكارم أخلاق، وتوفِّيَ بصَعدة.

العام الهجري : 1021 العام الميلادي : 1612
تفاصيل الحدث:

استغَلَّ الشاه عباس الصفوي انشغالَ الدولة العثمانية بالثورات الداخلية والحروب مع أوربا، بالإضافة للضعف الذي دبَّ فيها، فباشر في تخليصِ عراق العجم, واسترجع شمالَ العراق وتبريز ووان، واستطاع أن يحتلَّ بغداد والأماكن المقدَّسة الشيعية في النجف وكربلاء والكوفة، وكانت الجيوشُ العثمانية أضعفَ من أن تقاوم الجيوشَ الصفوية، فاضطر السلطان العثماني أحمد الأول أن يعقِدَ صلحًا مع الصفويين في عام 1013هـ استرجع فيه الصفويون كلَّ المناطق التي كان قد ضَمَّها السلطان سليمان القانوني، بما في ذلك بغداد، وكان هذا بداية التراجع للدولة العثمانية. وقد زارها الشاه عباس الصفوي وسَطَ مظاهر الإجلال والتقديس، وقد أورد بعضُ المؤرخين أنه قضى عشرة أيام في زيارته للنجف؛ حيث قام بنفسِه بخدمة الحُجَّاج في ذلك المكان، كما يذكرون أيضًا أنَّه إمعانًا في إعلان تمسُّكِه بالمذهب الشيعي وولائِه للرفض، وعلى الرغمِ من تعصُّبه الشديد للمذهب الشيعي إلَّا أنه رفع أيدي رجال الدينِ عن التدخُّل في شئون الحكم والسياسة، ومارس نوعًا من السلطة المُطلَقة في حكم البلاد، وقد أنزل الشاه عباس الصفوي أقسى أنواعِ العقاب بالسنَّة الذين يعتبرهم أعداءً للدولة، فإما أن يُقتَلوا أو تُسمَل عيونُهم، ولم يكن يتسامحُ مع أيٍّ منهم إلا إذا تخلى عن مذهبِه السني وأعلن ولاءه للمذهب الشيعي، واضطرت الدولةُ العثمانية نتيجةً لمعاهدة مع الصفويين أن تترك للدَّولة الصفوية الرافضية الشيعية جميعَ الأقاليم والبلدان والقلاع والحصون التي فتحها العثمانيون في عهد السلطان الغازي سليمان الأول بما فيها مدينة بغداد! وهذه أول معاهدة تركت فيها الدولةُ بعضَ فتوحاتِها، وكانت فاتحةَ الانحطاط والضَّعفِ، وأوَّلَ المعاهدات التي دلَّت على ضعف الدولة العثمانية! لقد بالغ الشاه عباس الصفوي في عدائه للمذهب السُّني، وإمعانًا في ضرب الدولة العثمانية حاميةِ المذهب السنِّي اتصل بملوك النصارى، وعقَدَ اتفاقات تعاوُن مشترك معهم؛ من أجلِ تقويض أركان الدولة العثمانية السُّنية، وقدَّم العديد من التنازلات لهذه الدول الأوروبية النصرانية تأكيدًا لتعاونِه معهم انطلاقًا من عدائِه للدولة العثمانية، وعامل الشاه عباس الصفوي النصارى في إيران معاملةً حسنةً على عكس معاملته لأهل السنَّة، وقد كان لمعاملته المتميِّزة للنصارى أن نشِطَت الحركة التنصيرية في إيران، كما شجع التجار الأوربيين في عقد صفقات تجارية كبيرة مع التجَّار في إيران، وأصبحت إيران سوقًا رائجًا للتجارة الأوروبية، ثم توَّج تسامحه مع النصارى بأن أعلن في عام 1007هـ أوامِرَه بعدم التعرضِ لهم، والسماح لهم بحرية التجوُّل في ربوع الدولة الصفوية، وأعطاهم امتيازاتٍ ببناء الكنائس في كبرى المدن الإيرانية، وهذه المعاملة للنصارى كانت نكايةً في الدولة العثمانية السُّنِّية!!

العام الهجري : 1022 العام الميلادي : 1613
تفاصيل الحدث:

أحمد بن عبد الله السجلماسي أبو العباس المعروف بابن محلي، متصَوِّف ادعى أنه المهدي الفاطمي المنتظَر، ولِدَ بمدينة سجلماسة، وطلب العلم بفاس، تصوَّف وكثُرَ أتباعه، وذهب إلى جنوب المغرب فكاتب رؤساء القبائل وعظماء البلدان أنَّه المهدي الفاطمي المنتظَر، مدَّعيًا أنه من سلالة العباس بن عبد المطلب، وزحف على سجلماسة واستولى عليها بعد قتال، وأرسل السلطانُ زيدان بن أحمد السعدي صاحب المغرب جيشًا لقتاله، فانهزم الجيشُ وقَوِيَ أمر المدَّعي، فزحف على مراكش واستقرَّ بها مَلِكًا تاركًا التصوف والتنسُّك، فهاج عليه يحيى بن عبد الله أحد المتصوِّفة انتصارًا لزيدان السعدي، وجرت بينهما حرب على أبواب مراكش، أصيب ابن محلي فيها برصاصة أردته قتيلًا وعُلِّق رأسُه مع بعض أنصاره على أسوارِ مراكش.

العام الهجري : 1022 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1613
تفاصيل الحدث:

هو السلطان أبو عبد الله محمد الشيخ المأمون بن أحمد المنصور الذهبي، ملك السعديين في المغرب الأقصى. كان المأمونُ وَلِيَّ عهد أبيه المنصور وخليفتَه على فاس وأعمالها سائرَ مدة أبيه، وكان للمنصور اعتناءٌ تام به واهتمامٌ بشأنه حتى قيل إن المنصور كان لا يختِمُ على صندوق من صناديق المال إلا قال: "جعل الله فتحَه على يد ابنِه الشيخ رجاءَ أن يقوم بالأمر بعدَه، فلم يُقدَّرْ له، وخرج الأمرُ عن مرادِه؛ فقد أساء المأمون السيرةَ وأضَرَّ بالرعية، قال اليفرني: "كان فسيقًا خبيث الطويَّة مُولَعًا بالعبث بالصبيان، مدمنًا للخمر سفاكًا للدماء غير مكتَرِث بأمور الدين من الصلاة وشرائطها، ولَمَّا ظهر فساده وبان للناس عَوارُه، نهاه وزير أبيه القائد أبو إسحاق إبراهيم السفياني عن سوء فعلِه، فلم ينتَهِ واستمر على قبح سيرتِه، فأعاد عليه اللومَ فلَجَّ في مذهبِه، ولما أكثَرَ عليه مِن التقريع سقاه السمَّ فكان فيه حَتفُه, فلما كثرت قبائحُ المأمون وترددت الشكايات لأبيه، كتب إليه لينكَفَّ عن غيِّه وينزجر عن خبثِه، فما زاده التحذيرُ إلا إغراءً، فلما رأى المنصور أنه لم يكترثْ بأمرِه ولم ينزجِرْ عن قبائحه، عزم على التوجُّه إلى فاس بقصد أن يمكُرَ به ويؤدِّبَه بما يكون رادعًا له، فلما سمع الشيخ بذلك جمع عساكِرَه وهيأَ جنده لمدافعة أبيه، فتحيَّل عليه أبوه حتى أسَرَه ثم سجنه في مكناسة، وظل في سجنِه حتى أخرجه أخوه أبو فارس ليحارِبَ به أخاهما زيدان، وتمكن الشيخ وتغلب على أخيه زيدان، ثم على أبي فارس، وسيطر على حكم المغرب، فظلم الرعيةَ وأسرف على نفسِه إلى أن توفي في هذا العام. بعد تذمُّر وسخَط أهل تطوان ونواحيها من أفعال الشيخ المأمون، اجتمع أعيانُ القوم وتآمروا على قتل الشيخ وأتباعه، فقُتِل السلطان الشيخ المأمون في وسط محلَّتِه المعروفة بفج الفرس, وانتُهِبت تلك المحلة وتفرَّقت جموعه, وتولى بعده أخوه زيدان في حُكم المغرب.

العام الهجري : 1022 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1614
تفاصيل الحدث:

وقع غلاءٌ بفاس حتى بيع القمحُ بأوقيتين وربع للمُدِّ، وكثر الموتى حتى إن صاحب المارستان أحصى من الموتى أربعة آلاف وستمائة إنسان من عيد الأضحى إلى ربيع الأول من السنة التي بعدها، وخربت أطرافُ فاس وخلت المداشر- القرى أو المزارع- ولم يبقَ بلَمْطَةَ سوى الوحوشِ.

العام الهجري : 1023 العام الميلادي : 1614
تفاصيل الحدث:

عقدت الدولةُ العثمانيةُ صلحًا مع النمسا في هذا العام تخلصت فيه النمسا ممَّا كانت تدفعُه من جزيةٍ سنوية للعثمانيين، على أن تدفَعَ مائتي ألف دوكا دفعة واحدة، علمًا أن الجزية السنوية كانت تبلغ ثلاثين ألف دوكا! وذلك بعد الخلافِ على بلاد المجر ومحاولة النمسا إبعادَ أمير المجر عن العثمانيين وإغرائه ليكون ملكًا بمساعدة النمسا، وبقيت المجرُ بعد هذا الصلح تتبع الدولةَ العثمانية.

العام الهجري : 1023 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1614
تفاصيل الحدث:

لما استولى النصارى الأسبان على العرائش، طمحت نفوسُهم إلى الاستيلاء على غيرها وتعزيزِها بأختها، فرأوا أنَّ المهديةَ أقربُ إليها، فبعث إليها الطاغية فيليبس الثالث من جزيرة قادس تسعين مركبًا حربية، فانتهوا إليها واستولوا عليها من غير قتال؛ لفرار المسلمين الذين كانوا بها عنها، وبعدها كتب أهل سلا إلى السلطان زيدان، فبعث إليهم أبا عبد الله العياشي الذي كان مقدمًا بوكالته على الجهاد بدكالة، وأمر أبو عبد الله أهلَ سلا بالتهيؤ للغزو واتخاذ العُدة، فلم يجد عندهم إلَّا نحوَ المائتين منها، وكانت السنون والفِتَن قد أضعَفَتها، فحضَّهم على الزيادة والاستكثار منها، فكان مبلغُ عِدَّتهم بما زادوه زهاءَ أربعمائة، ثم نهض بهم إلى المعمورة فصادف بها من النصارى غِرَّةً، فكانت بينه وبينهم حربٌ قُربُها إلى أن غربت الشمس، فقُتِل من النصارى زهاءُ أربعمائة، ومن المسلمين مائتان وسبعون، وهذه أول غزوة أوقعها في أرض الغرب بعد صدوره من ثغر آزمور، ومنها أقصرت النصارى عن الخروج إلى الغابة، وضاق بهم الحالُ، ثم إن السلطان زيدان لما بلغه اجتماعُ الناس على سيدي محمد العياشي بسلا وسلامته من غدرةِ قائدِه السنوسي، بعث إلى قائده على عسكر الأندلس بقصبة سلا المعروف بالزعروري وأمره باغتيالِه والقبض عليه، ففاوض الزعروري أشياخَ الأندلس في ذلك، فاتفق رأيُهم على أن يكون مع العياشي جماعةٌ منهم عينًا عليه وطليعةً على نيَّتِه واستخبارًا لِما هو عازم عليه وما هو طالبٌ له، فلازمه بعضُهم وشعر العياشي بذلك فانقبض عن الجهادِ ولَزِم بيته.