موسوعة أصول الفقه

المَسألةُ الأولى: تَعريفُ مَفهومِ الموافَقةِ


هو: ما يَدُلُّ على أنَّ الحُكمَ في المَسكوتِ عنه موافِقٌ للحُكمِ في المَنطوقِ به مِن جِهةِ الأولى [2310] يُنظر: ((البرهان)) لإمام الحرمين (1/166). .
وقيلَ: فهمُ الحُكمِ في المَسكوتِ مِنَ المَنطوقِ بدَلالةِ سياقِ الكَلامِ ومَقصودِه، ومَعرِفةُ وُجودِ المَعنى في المَسكوتِ بطَريقِ الأَولى [2311] يُنظر: ((روضة الناظر)) لابن قدامة (2/111). .
شَرحُ التَّعريفِ المُختارِ:
المَعنى: أنَّ هذا الحُكمَ المَفهومَ مِنَ اللَّفظِ في مَحَلِّ السُّكوتِ موافِقٌ للحُكمِ المَفهومِ في مَحَلِّ النُّطقِ.
ومِثالُه: تَحريمُ شَتمِ الوالِدَينِ وضَربِهما مِن دَلالةِ قَولِ اللهِ تعالى: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ [الإسراء: 23] ؛ فإنَّ مَنطوقَ هَذا: تَحريمُ التَّأفيفِ والِانتِهارِ. ومَفهومُه بطَريقِ التَّنبيهِ والفحوى: تَحريمُ الضَّربِ وغَيرِه مِنَ الإيلاماتِ الزَّائِدةِ على التَّأفيفِ والِانتِهارِ بطَريقِ أَولى.
وذلك لأنَّ قَولَه تعالى: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ لَفظٌ مُرَكَّبٌ دَلَّ على تَحريمِ التَّأفيفِ بالمَنطوقِ، ولَزِمَ عن ذلك تَحريمُ الضَّربِ، فتَحريمُ الضَّربِ مَفهومٌ موافِقٌ؛ لأنَّه لازِمٌ لمَعنًى مُرَكَّبٍ هو النَّهيُ عنِ التَّأفيفِ، وحُكمُه يوافِقُ حُكمَ مَلزومِه؛ لأنَّ حُكمَ كُلٍّ مِنهما التَّحريمُ [2312] يُنظر: ((العدة)) لأبي يعلى (4/1334)، ((الإشارة)) للباجي (ص: 291)، ((البرهان)) لإمام الحرمين (1/166)، ((قواطع الأدلة)) للسمعاني (1/237). .
وسُمِّيَ بهذا الاسمِ؛ لأنَّ المَسكوتَ عنه وافقَ المَنطوقَ في حُكمِه، وإن زاد عليه في التَّأكيدِ، بخِلافِ مَفهومِ المُخالَفةِ؛ فإنَّه يُخالِفُ حُكمَ المَنطوقِ [2313] يُنظر: ((شرح تنقيح الفصول)) للقرافي (ص: 57)، ((المدخل)) لابن بدران (ص: 273). .

انظر أيضا: