موسوعة أصول الفقه

المَسألةُ الثَّانيةُ: أسماءُ مَفهومِ الموافَقةِ


يُسَمَّى مَفهومُ الموافقةِ عِندَ الجُمهورِ بفحوى الخِطابِ؛ لأنَّ فحوى الكَلامِ ما يُفهَمُ منه قَطعًا.
ويُسَمَّى أيضًا لَحنَ الخِطابِ؛ لأنَّ لَحنَ الكَلامِ عِبارةٌ عن مَعناه [2314] يُنظر: ((الإحكام)) للآمدي (3/66)، ((مختصر منتهى السول والأمل)) (2/934)، ((الدرر اللوامع)) للكوراني (1/439). .
ويُسَمَّى أيضًا: تَنبيهُ الخِطابِ؛ لأنَّ المَنطوقَ نَبَّهَ على حُكمِ المَسكوتِ [2315] يُنظر: ((شرح تنقيح الفصول)) للقرافي (ص: 57). .
ويَرى بَعضُ الأُصوليِّينَ كابنِ السُّبكيِّ أنَّ المَسكوتَ عنه إن كان أَولى بالحُكمِ مِنَ المَنطوقِ سُمِّي المَفهومَ: فحَوى الخِطابِ، وإن كان مُساويًا له فهو لَحنُ الخِطابِ [2316] يُنظر: ((رفع الحاجب)) (3/496). .
وسَمَّاه الشَّافِعيُّ رَضِيَ اللهُ عنه: القياسَ الجَليَّ [2317] يُنظر: ((شرح اللمع)) للشيرازي (1/424)، ((نهاية الوصول)) لصفي الدين الهندي (5/2036)، ((الإبهاج)) لابن السبكي ووالده (3/939). .
قال الشَّافِعيُّ: (أقوى القياسِ أن يُحَرِّمَ اللهُ في كِتابِه، أو يُحَرِّمَ رَسولُ اللهِ القَليلَ مِنَ الشَّيءِ، فيُعلَمَ أنَّ قَليلَه إذا حُرِّمَ كان كَثيرُه مِثلَ قَليلِه في التَّحريمِ أو أكثَرَ، بفضلِ الكَثرةِ على القِلَّةِ) [2318] ((الرسالة)) (ص513). .
وسَمَّاه الحَنَفيَّةُ دَلالةَ النَّصِّ؛ قال عَلاءُ الدِّينِ البُخاريُّ: (اعلَمْ أنَّ عامَّةَ الأُصوليِّينَ مِن أصحابِ الشَّافِعيِّ قَسَّموا دَلالةَ اللَّفظِ إلى مَنطوقٍ ومَفهومٍ، وقالوا: دَلالةُ المَنطوقِ: ما دَلَّ عليه اللَّفظُ في مَحَلِّ النُّطقِ. وجَعَلوا ما سَمَّيناه عِبارةً وإشارةً واقتِضاءً مِن هذا القَبيلِ، وقالوا: دَلالةُ المَفهومِ: ما دَلَّ عليه اللَّفظُ لا في مَحَلِّ النُّطقِ. ثُمَّ قَسَّموا المَفهومَ إلى: مَفهومِ موافقةٍ، وهو أن يَكونَ المَسكوتُ عنه موافِقًا في الحُكمِ للمَنطوقِ به، ويُسَمُّونَه: فحوى الخِطابِ، ولَحنَ الخِطابِ أيضًا، وهو الذي سَمَّيناه دَلالةَ النَّصِّ. وإلى مَفهومِ مُخالَفةٍ، وهو أن يَكونَ المَسكوتُ عنه مُخالِفًا للمَنطوقِ به في الحُكمِ، ويُسَمُّونَه دَليلَ الخِطابِ، وهو المُعَبَّرُ عِندَنا بتَخصيصِ الشَّيءِ بالذِّكرِ) [2319] ((كشف الأسرار)) (2/253). .
وقد بَيَّنَ الغَزاليُّ أنَّ هذه الاصطِلاحاتِ لا مُشاحَّةَ فيها، فقال: (لكُلِّ فريقٍ اصطِلاحٌ آخَرُ؛ فلا تَلتَفِتْ إلى الألفاظِ، واجتَهِدْ في إدراكِ حَقيقةِ هذا الجِنسِ) [2320] ((المستصفى)) (ص: 265). .

انظر أيضا: