موسوعة أصول الفقه

المَطلَبُ الخامِسُ: ضَوابِطُ تَيسيرِ المُفتي في الفتوى وضَوابِطُ الأخذِ بالرُّخصةِ


يَنبَغي للمُفتي أن يُدرِكَ ضَوابِطَ التَّيسيرِ في الفتوى، وذلك لأهَمِّيَّتِها، ولأنَّ دُعاةَ التَّيسيرِ أصنافٌ كَثيرةٌ، مُتَعَدِّدونَ بحَسَبِ تَعَدُّدِ مَقاصِدِهم مِن هذه الدَّعوةِ، وتَعَدُّدِ مَسالِكِهم في تَحقيقِ تلك الدَّعوةِ؛ فمِنهم مَن يَدعونَ إلى التَّيسيرِ بدَوافِعَ صحيحةٍ مُلتَزِمينَ الضَّوابِطَ الشَّرعيَّةَ المُستَقيمةَ، ويَضَعونَ الفتوى في المَوقِعِ المُناسِبِ، وتَتَحَقَّقُ به المَصلَحةُ، ومِنهم فِئةٌ مُستَغربةٌ مِن دُعاةِ العَلمَنةِ والحَداثةِ، ولم يُعرَفوا بعِلمٍ، ولَهم أهدافٌ مَشبوهةٌ، ولم يُحكِموا أصولَ المَسائِلِ الشَّرعيَّةِ أو ضَوابِطَها [618] يُنظَر: ((ضوابط تيسير الفتوى)) لليوبي (ص: 53- 57). .
مِن ضَوابِطِ تَيسيرِ المُفتي للفتوى [619] للتَّوسُّعِ في الضَّوابِطِ وشَرحِها: يُنظَر: ((ضوابط تيسير الفتوى)) لليوبي (ص: 31- 48)، ((فقه النوازل للأقليات المسلمة)) لمحمد يسري (1/ 420- 425). :
1- التَّحَقُّقُ مِن حُصولِ المَشَقَّةِ التي تَستَدعي التَّيسيرَ، فليس كُلُّ مَشَقَّةٍ تَستَدعي التَّرخيصَ، فلا بُدَّ مِن مَعرِفةِ نَوعِ المَشَقَّةِ وما يُناسِبُها مِنَ التَّرخيصِ وعَدَمِه.
2- التَّحَقُّقُ مِن حُصولِ التَّيسيرِ، فيَجِبُ التَّحَقُّقُ مِن حُصولِه فِعلًا على وجهٍ يَرفعُ الحَرَجَ والمَشَقَّةَ عنِ المُكَلَّفِ، دونَ أن يَكونَ في ذلك إخلالٌ بغَيرِه مِنَ المَصالِحِ ومِن غَيرِ حُصولِ ضَرَرٍ.
3- طَلَبُ التَّيسيرِ مِنَ الوَجهِ الذي شَرَعَه الشَّارِعُ؛ ليَحصُلَ على أحسَنِ الوُجوهِ وأكمَلِها، فلا يَسلُكُ الطُّرُقَ غَيرَ الصَّحيحةِ، كتَتَبُّعِ الرُّخَصِ، والبَحثِ عن شَواذِّ الأقوالِ والحِيَلِ وغَيرِها مِمَّا ليسَ مشروعًا؛ إذِ الغايةُ لا تُبَرِّرُ الوَسيلةَ.
4- عَدَم ترَتُّبِ مَفسَدةٍ على التَّيسيرِ عاجلًا أو آجلًا؛ فالتَّيسيرُ يَجِبُ أن يُراعى فيه اعتِبارُ المَآلِ وسَدُّ الذَّرائِعِ، بحَيثُ لا يُفضي إلى مَفسَدةٍ عاجِلةٍ أو آجِلةٍ، سَواءٌ كانت تلك المَفسَدةُ فيما يَخُصُّ السَّائِلَ أو كانت عامَّةً له ولِغَيرِه.
5- مُراعاةُ حالِ المُستَفتي؛ وذلك ليُعطيَ كُلَّ سائِلٍ ما يُناسِبُه مِنَ الأحكامِ، وليَضَعَ الرُّخصةَ مَوضِعَها؛ فلا يَصِحُّ أن يَزيدَ المائِلَ إلى الانحِلالِ انحلالًا، والمُتَساهِلَ تساهُلًا، كَما لا يَصِحُّ أن يَزيدَ المُتَشَدِّدَ تشَدُّدًا، والمُتَعنِّتَ تعَنُّتًا.
6- عَدَمُ مُخالَفةِ التَّيسيرِ للنُّصوصِ الشَّرعيَّةِ، فمَتى ورَدَ نَصٌّ مِنَ الشَّارِعِ على حُكمٍ مِنَ الأحكامِ فإنَّه لا يَحِلُّ تَركُه بدَعوى التَّرخيصِ والتَّيسيرِ على النَّاسِ، ومُستَنَدُ هذا الضَّابِطِ قاعِدَتا: (لا اجتِهادَ مَعَ النَّصِّ)، و(الاجتِهادُ يُنقَضُ إذا خالَف النَّصَّ).
7- صُدورُ التَّيسيرِ مِمَّن هو أهلٌ للنَّظَرِ والاجتِهادِ.

انظر أيضا: