موسوعة أصول الفقه

المَسألةُ الثَّالثةَ عَشرةَ: تَخصيصُ العِلَّةِ


المُرادُ بتَخصيصِ العِلَّةِ:
تَخصيصُ العِلَّةِ هو: تَخَلُّفُ الحُكمِ في بَعضِ الصُّورِ عن الوَصفِ المُدَّعى عِلَّةً [1527] يُنظر: ((كشف الأسرار)) لعلاء الدين البخاري (4/32). .
ومَعنى التَّعريفِ: أن توجَدَ العِلَّةُ بحَدِّها تامَّةً برُكنِها، مُختَصَّةً بالوَجهِ الذي لأجلِه يَقتَضي ثُبوتَ الحُكمِ، ولا يَثبُتُ الحُكمُ في بَعضِ المَواضِعِ [1528] يُنظر: ((بذل النظر)) للأسمندي (ص: 635). .
وسُمِّي هذا تَخصيصًا؛ لوُجودِ مَعنى العامِّ في العِلَّةِ؛ لأنَّ العِلَّةَ وإن كانت مَعنًى -ولا عُمومَ للمَعنى حَقيقةً؛ لأنَّه في ذاتِه شَيءٌ واحِدٌ- ولكِنَّه باعتِبارِ حُلولِه في مَحالَّ مُتَعَدِّدةٍ يوصَفُ بالعُمومِ، فإخراجُ بَعضِ المَحالِّ التي توجَدُ فيها العِلَّةُ عن تَأثيرِ العِلَّةِ فيه، وقَصرُ عَمَلِ العِلَّةِ على الباقي يَكونُ بمَنزِلةِ التَّخصيصِ، كما أنَّ إخراجَ بَعضِ أفرادِ العامِّ عن تَناوُلِ لَفظِ العامِّ إيَّاه، وقَصرَه على الباقي تَخصيصٌ [1529] يُنظر: ((كشف الأسرار)) لعلاء الدين البخاري (4/32). .
وهذه المَسألةُ يُعَبِّرُ عنها بَعضُ الأُصوليِّينَ بالنَّقضِ، وبَعضُهم عَبَّرَ عنها بتَخصيصِ العِلَّةِ. فمَن رَأى ذلك قادِحًا عَبَّرَ عنه بالنَّقضِ، ومَن لم يَرَه قادِحًا لا يُسَمِّيه نَقضًا، بَل يُعَبِّرُ عنه بتَخصيصِ العِلَّةِ [1530] يُنظر: ((البحر المحيط)) للزركشي (7/330)، ((إرشاد الفحول)) للشوكاني (2/147). قال تاجُ الدِّينِ السُّبكيُّ: (مَن يَجعَلُه قادِحًا في الوَصفِ مُبطِلًا عِلِّيَّتَه، يُسَمِّيه نَقضًا. وأمَّا مَن لا يَراه قادِحًا فلا يَسمَحُ بإطلاقِ هذا الاسمِ عليه، ولكِن يُعَبِّرُ عنه بتَخصيصِ العِلَّةِ... هذا صَنيعُ المُتَقدِّمينَ، وأمَّا المُتَأخِّرونَ فلا يَتَحاشَونَ مِن تَسميَتِه بكُلٍّ مِن الاسمَينِ، يَرَونَهما كاللَّقَبِ له، سَواءٌ قيل بأنَّه قادِحٌ أم لا). ((رفع الحاجب)) (4/191). .
حُكمُ تَخصيصِ العِلَّةِ:
يَجوزُ تَخصيصُ العِلَّةِ إذا فُقِدَ شَرطٌ، أو وُجِدَ مانِعٌ يَمنَعُ مِن جَرَيانِها في الصُّورةِ المُخَصَّصةِ، أو إذا كانت الصُّورةُ المُخَصَّصةُ مُستَثناةً بالدَّليلِ الشَّرعيِّ مِن حُكمِ الأصلِ.
وبه قال ابنُ التِّلِمسانيِّ [1531] يُنظر: ((شرح المعالم)) (2/400). ، وابنُ الحاجِبِ [1532] يُنظر: ((مختصر منتهى السول والأمل)) (2/1045). ، والبَيضاويُّ [1533] يُنظر: ((منهاج الوصول)) (ص: 211). ، والصَّفيُّ الهِنديُّ [1534] يُنظر: ((نهاية الوصول)) (8/3400). ، وابنُ تَيميَّةَ [1535] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (9/170)، (20/168)، (21/357)، ((جامع المسائل)) (2/186). ، وابنُ القَيِّمِ [1536] يُنظر: ((إعلام الموقعين)) (3/461). ، والإسنَويُّ [1537] يُنظر: ((التمهيد)) (ص: 368). والقائِلونَ بهذا القَول لا يُفسِّرونَ العِلَّةَ بالمُثبتِ التَّامِّ الذي لا يَتَخَلَّفُ عنه أثَرُه بحالٍ، وإنَّما يُفسِّرونَها بما هو مَناطُ المَصلحةِ. وعلى هذا فلا يَمتَنِعُ أن يَتَحَقَّقَ مَناطُ المَصلَحةِ بشَرائِطِه وانتِفاءِ مَوانِعِه في الأصلِ، ويَتَخَلَّفُ الحُكمُ في صورةِ النَّقضِ لمُعارِضٍ يَسيرٍ بتَقديرِ ثُبوتِ الحُكمِ فيها إلى حُصولِ مَفسَدةٍ مُساويةٍ لمَصلَحةِ الحُكمِ، أو تَتَرَجَّحُ عليها، أو فواتِ مَصلَحةٍ أهمَّ في نَظَرِ الشَّارِعِ، كتَعليلِ القِصاصِ في المُسلمِ بالمُسلمِ غَيرِ ذي الوِلادةِ بالقَتلِ العَمدِ العُدوانِ، مَعَ مَنعِ جَرَيانِه في قَتلِ الوالِدِ؛ للأُبوَّةِ؛ فإنَّه كان أصلًا في وُجودِه، فلا يَكونُ سَبَبًا لعَدَمِه. وفي قَتلِ المُسلمِ بالكافِرِ؛ لتَفويتِ فضيلةِ الإسلامِ، وتَعليلِ تَحريمِ أكلِ المَيتةِ بالاستِخباثِ، وإباحةِ تَناوُلِها حالَ المَخمَصةِ لحِفظِ النَّفسِ؛ فإنَّ المُحافَظةَ عليها مِن الضَّروريَّاتِ، وتَحريمُ التَّناوُلِ لها مِن التَّزييناتِ. يُنظر: ((شرح المعالم)) لابن التلمساني (2/400). .
قال ابنُ التِّلِمسانيِّ: (هذا المَذهَبُ أعدَلُ المَذاهِبِ، وعليه يَدورُ البَحثُ عِندَ الأكثَرينَ في المُناظَراتِ؛ فإنَّ المُستَثنَياتِ مِن العِلَلِ المُجمَعِ عليها شَرعًا في الجُملةِ لا تُنكَرُ، كجَوازِ بيعَ العَرايا على كُلِّ عِلَّةٍ، وضَربِ الدِّيةِ على العاقِلةِ) [1538] ((شرح المعالم)) (2/400). .
الأدِلَّةُ على جَوازِ تَخصيصِ العِلَّةِ إذا فُقِدَ شَرطٌ، أو وُجِدَ مانِعٌ:
1- أنَّ المُناسَبةَ مَعَ الاقتِرانِ دَليلُ العِلِّيَّةِ، وقد وُجِدَ في الأصلِ الوَصفُ المُناسِبُ لثُبوتِ الحُكمِ مُقتَرِنًا مَعَه، وفي صورةِ النَّقضِ الوَصفُ المُناسِبُ لعَدَمِ الحُكمِ مُقتَرِنًا مَعَه. فلو قُلنا: إنَّ تَخصيصَ العِلَّة لمانِعٍ لا يَقدَحُ في العِلِّيَّةِ لكُنَّا عَمَلنا بهَذَينِ الأصلَينِ، وإن كُنَّا خالَفْنا أصلًا آخَرَ، وهو أنَّ الأصلَ أن يَكونَ عَدَمُ الحُكمِ لعَدَمِ المُقتَضي؛ إذ إحالةُ انتِفاءِ الحُكمِ إلى المانِعِ يَستَلزِمُ التَّعارُضَ الذي هو خِلافُ الأصلِ، ومُستَلزِمٌ خِلافُ الأصلِ خِلافَ الأصلِ.
ولو قُلنا بأنَّ تَخصيصَ العِلَّة يَقدَحُ في العِلِّيَّةِ لكُنَّا خالَفْنا ذَينِك الأصلينِ، وإن كُنَّا عَمَلْنا بأصلٍ واحِدٍ، وهو ما تَقدَّم، ومَعلومٌ أنَّ إعمالَ الأصلينِ أَولى مِن إعمالِ أصلٍ واحِدٍ [1539] يُنظر: ((نهاية الوصول)) لصفي الدين الهندي (8/3400). .
2- أنَّ تَخَلُّفَ الحُكمِ عن العِلَّةِ وجَبَ ألَّا يَقدَحَ في العِلِّيَّةِ فيما عَدا صورةَ التَّخَلُّفِ قياسًا على تَخصيصِ العامِّ؛ فإنَّ تَخصيصَ العامِّ ليسَ بقادِحٍ في حُجِّيَّةِ العامِّ في غَيرِ صورةِ التَّخصيصِ، والجامِعُ بَينَهما هو الجَمعُ بَينَ الدَّليلَينِ؛ وذلك لأنَّ مُقتَضى العِلَّةِ ثُبوتُ الحُكمِ في جَميعِ الصُّورِ التي وُجِدَت فيها العِلَّةُ. ومُقتَضى التَّخَلُّفِ مَعَ المانِعِ عَدَمُ ثُبوتِ الحُكمِ في الصُّورةِ التي تَخَلَّف الحُكمُ فيها عن العِلَّةِ. فيَجِبُ الجَمعُ بَينَهما، وطَريقُ الجَمعِ: إعمالُ العِلَّةِ فيما عَدا صورةَ التَّخَلُّفِ، وإعمالُ التَّخَلُّفِ مَعَ المانِعِ في صورةِ التَّخَلُّفِ [1540] يُنظر: ((السراج الوهاج)) للجاربردي (2/930)، ((شرح المنهاج)) لشمس الدين الأصفهاني (2/712). .
3- أنَّ العَقلَ والعُرفَ يَتَطابَقانِ على أنَّ الحُكمَ قد يَتَخَلَّفُ في الصُّوَرِ للمانِعِ؛ ولذلك فإنَّ العُقَلاءَ وأهلَ العُرفِ يَعرِفونَ ذلك في تَعليلِهم؛ فالإنسانُ قد يُعطي للفقيرِ دِرهَمًا ويُعَلِّلُه بفَقرِه، فإذا مَنَعَ فقيرًا آخَرَ، فقيل له في ذلك، فيُعَلِّلُ مَنعَه إيَّاه بفِسقِه، ولم يَقبُحْ هذانِ التَّعليلانِ مِنه، لا بحَسَبِ العَقلِ، ولا بحَسَبِ العُرفِ، ولو كان تَخصيصُ العِلَّةِ غَيرَ جائِزٍ لقَبُح التَّعليلانِ. وإذا ثَبَتَ أنَّ ذلك جائِزٌ في العُرفِ جازَ أيضًا في الشَّرعِ [1541] يُنظر: ((نهاية الوصول)) لصفي الدين الهندي (8/3401). .
أمثِلةٌ تَطبيقيَّةٌ للمَسألةِ:
1- عِلَّةُ وُجوبِ الزَّكاةِ:
النِّصابُ عِلَّةُ وُجوبِ الزَّكاةِ، وقد تُخَصَّصُ هذه العِلَّةُ عندَ عَدَمِ تَمامِها، كفقدِ شَرطٍ مِن شُروطِ وُجوبِ الزَّكاةِ، كتَمامِ الحَولِ، أو وُجودِ مانِعٍ مِثلِ هَلاكِ المالِ، فلا تَجِبُ الزَّكاةُ حينَئِذٍ رَغمَ تَحَقُّقِ العِلَّةِ [1542] يُنظر: ((تقويم الأدلة)) للدبوسي (ص: 334). .
2- عِلَّةُ إيجابِ الثَّمَنِ والمُثَمَّنِ:
البَيعُ عِلَّةٌ لإيجابِ الثَّمَنِ والمُثَمَّنِ جَميعًا، وقد تُخَصَّصُ هذه العِلَّةُ في بَيعِ الفُضوليِّ لمالِ غَيرِه، وهو مانِعٌ يَمنَعُ تَمامَ العِلَّةِ حتَّى يُجيزَه المالِكُ؛ لأنَّ هذا البَيعَ في حَقِّ المالِكِ كأنَّه لم يَنعَقِدْ؛ لعَدَمِ وِلايةِ العاقِدِ عليه، ولو بَطَلت العِلَّةُ ابتِداءً لما جازَ وُرودُ الإجازةِ على البَيعِ.
وكذلك شَرطُ الخيارِ يَمنَعُ أصلَ الحُكمِ، فالبَيعُ قد انعَقدَ في حَقِّهما على التَّمامِ، وإنَّما امتَنَعَ الحُكمُ بالخيارِ؛ لتَعَلُّقِ الثُّبوتِ بسُقوطِه. وخيارُ الرُّؤيةِ والعَيبِ يَمنَعُ تَمامَ الحُكمِ. وكذلك الأجَلُ؛ فإنَّ الثَّمَنَ يُملَكُ مَعَ الأجَلِ، ولكِنْ لا تَجِبُ المُطالَبةُ به [1543] يُنظر: ((تقويم الأدلة)) للدبوسي (ص: 335)، ((كشف الأسرار)) لعلاء الدين البخاري (4/35). .
3- جَوازُ العَرايا:
وهيَ بَيعُ الرُّطَبِ على رُؤوسِ النَّخلِ بالتَّمرِ على وَجهِ الأرضِ؛ فإنَّ الشَّارِعَ نَهى عن بَيعِ الرُّطَبِ بالتَّمرِ، وعَلَّله بالنُّقصانِ عِندَ الجَفافِ، وذلك بعَينِه مَوجودٌ في العَرايا، مَعَ الاتِّفاقِ على جَوازِها، إلَّا أنَّ ذلك كالمُستَثنى مِن القاعِدةِ؛ فلذلك اتَّفقوا على جَوازِها مَعَ بَقاءِ التَّعليلِ [1544] يُنظر: ((التمهيد)) للإسنوي (ص: 369). .
قال الدَّبُوسيُّ بَعدَ أن ذَكَرَ بَعضَ الفُروعِ، مُنَبِّهًا على أهَمِّيَّةِ تَخصيصِ العِلَّةِ: (هذا بابٌ لا بُدَّ للفَقيهِ مِنه؛ فإنَّ الحُكمَ يَنعَدِمُ بهذه الوُجوهِ المُختَلفةِ، والعَدَمُ لعَدَمِ العِلَّةِ أو لنُقصانِها غَيرُ العَدَمِ لمانِعٍ، فلا يُمكِنُ رَدُّ الفُروعِ إلى نَظائِرِها إلَّا بَعدَ مَعرِفةِ حَدِّ العِلَّةِ شَرعًا، ثُمَّ المَوانِعِ الطَّارِئةِ عليه) [1545] ((تقويم الأدلة)) (ص: 335). .
وقيل: لا يَجوزُ تَخصيصُ العِلَّةِ مُطلقًا، سَواءٌ كانت منصوصةً أو مُستَنبَطةً، وتَخصيصُها نَقضٌ لها. وهو رِوايةٌ عن أحمَدَ [1546] يُنظر: ((العدة)) لأبي يعلى (4/1386)، ((أصول الفقه)) لابن مفلح (3/1220). ، وبه قال مَشايِخُ سَمَرقَندَ مِن الحَنَفيَّةِ [1547] يُنظر: ((مسائل الخلاف في أصول الفقه)) للصيمري (ص: 284)، ((أصول السرخسي)) (2/208)، ((ميزان الأصول)) للسمرقندي (ص: 631)، ((أصول الفقه)) للمشي (ص: 134). ، وقال السَّمَرقَنديُّ: (هو قَولُ مَشايِخِ بُخارى قديمًا وحَديثًا) [1548] ((ميزان الأصول)) (ص: 631). ، وهو مَذهَبُ المالكيَّةِ [1549] يُنظر: ((المقدمة)) لابن القصار (ص180)، ((إحكام الفصول)) للباجي (6/660). ، وجُمهورِ الشَّافِعيَّةِ [1550] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (16/132)، ((قواطع الأدلة)) للسمعاني (2/186)، ((الإبهاج)) لابن السبكي ووالده (6/2412). ، وبَعضِ الحَنابلةِ [1551] يُنظر: ((العدة)) لأبي يعلى (4/1386)، ((أصول الفقه)) لابن مفلح (3/1220). ، وحَكاه الإسنَويُّ عن جُمهور المُحَقِّقينَ [1552] يُنظر: ((التمهيد)) (ص: 368). .
وقيل: يَجوزُ تَخصيصُ العِلَّةِ مُطلقًا، وتَخصيصُها ليسَ بنَقضٍ لها. وهو قَولُ مَشايِخِ العِراقِ مِن الحَنَفيَّةِ [1553] يُنظر: ((الفصول)) للجصاص (4/255)، ((ميزان الأصول)) للسمرقندي (ص: 630)، ((أصول الفقه)) للمشي (ص: 134)، ((بديع النظام)) لابن الساعاتي (2/588). ، وبَعضِ الحَنابلةِ [1554] يُنظر: ((العدة)) (4/1387)، ((المسائل الأصولية من كتاب الروايتين والوجهين)) (ص: 71) كلاهما لأبي يعلى. .
قال الباجِيُّ: (وحَكاه القاضي أبو بَكرٍ وأصحابُ الشَّافِعيِّ عن أصحابِ مالِكٍ رَحِمَه اللهُ، ولم أرَ أحَدًا مِن أصحابِنا أقَرَّ به ونَصَرَه) [1555] ((إحكام الفصول)) (2/660). .
وحُكيَ هذا القَولُ عن أبي حَنيفةَ، وأنكَره الأسمَنديُّ، فقال: (ذَهَبَ أصحابُ الشَّافِعيِّ وبَعضُ المُتَكَلِّمينَ إلى جَوازِه، ونَسَبوا ذلك إلى أبي حَنيفةَ رَحِمَه اللهُ، قالوا: رَوى الكَرخيُّ عن أبي حَنيفةَ رَحِمَهما اللهُ أنَّه جَوَّز تَخصيصَ العِلَّةِ، إلَّا أنَّه غَيرُ صحيحٍ) [1556] ((بذل النظر)) (ص: 636). .
وقال الغَزاليُّ: (لم يُنقَلْ عن أبي حَنيفةَ والشَّافِعيِّ رَضِيَ اللهُ عنهما تَصريحٌ بجَوازِ التَّخصيصِ أو مَنعِه) [1557] ((شفاء الغليل)) (ص: 460). .
وقيل: يَجوزُ تَخصيصُ العِلَّةِ المنصوصةِ، ولا يَجوزُ تَخصيصُ العِلَّةِ المُستَنبَطةِ، كعِلَّةِ الرِّبا في البُرِّ. وهو قَولُ بَعضِ الشَّافِعيَّةِ [1558] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (16/132)، ((التبصرة)) للشيرازي (ص: 468)، ((نهاية الوصول)) لصفي الدين الهندي (8/3394). .
وقيل: لا يَجوزُ تَخصيصُ العِلَّةِ المنصوصةِ، ويَجوزُ تَخصيصُ العِلَّةِ المُستَنبَطةِ. فإذا ورَدَت لفظةٌ عن صيغةِ التَّعليلِ مِن صاحِبِ الشَّريعةِ: فإذا اطَّرَدَت جازَ أن تَكونَ عِلَّةً. وإن عُدِم الحُكمُ مَعَ وُجودِها تَبَيَّنَ لنا أنَّ صاحِبَ الشَّريعةِ لم يُعَلِّلْ بها أصلًا، ويُحمَلُ لَفظُه في التَّعليلِ على خِلافِ ظاهِرِه؛ فإنَّ لفظَ التَّعليلِ قد يَرِدُ ولا يُرادُ به التَّعليلُ [1559] يُنظر: ((التلخيص)) لإمام الحرمين (3/273). .
قال ابنُ التِّلِمْسانيِّ: (وهذا أضعَفُ المَذاهِبِ) [1560] ((شرح المعالم)) (2/399). .

انظر أيضا: