موسوعة الآداب الشرعية

سابعًا: إبرارُ المُقسِمِ إذا حَلَف على أمرٍ جائِزٍ


يَنبَغي أن يُجابَ الحالِفُ إلى ما حَلَف عليه ليَصيرَ بذلك بارًّا [2568] مِثالُ إبرارِ المُقسِمِ: أن يَقولَ زَيدٌ مَثَلًا لعَمرٍو: واللهِ لا أذهَبُ حَتَّى تَجيءَ مَعي، أو حَتَّى تَفعَلَ كَذا، فالمُستَحَبُّ لعَمرٍو أن يَفعَلَ ذلك الفِعلَ إذا لَم يَكُنْ مَعصيةً؛ حَتَّى يَصيرَ قَسَمُ زَيدٍ صِدقًا. يُنظر: ((المفاتيح في شرح المصابيح)) للمظهري (2/ 387). وذَكَرَ ابنُ الجَوزيِّ أنَّ إبرارَ المُقسِمِ مَسنونٌ لمَعنَيَينِ؛ أحَدُهما: لتَعظيمِ المُقسَمِ به. والثَّاني: لئَلَّا يَحنَثَ الحالِفُ. يُنظر: ((كشف المشكل)) (2/ 237). ، ولا يَحنَثَ، إذا كان حَلِفُه على أمرٍ جائِزٍ [2569] يُنظر: ((أعلام الحديث)) للخطابي (1/ 661)، ((المفهم)) لأبي العباس القرطبي (5/ 389) و (6/ 33)، ((نيل الأوطار)) للشوكاني (8/ 267). ، ولَم تَكُنْ في الإبرارِ مَفسَدةٌ ولا مَشَقَّةٌ ظاهِرةٌ [2570] يُنظر: ((شرح مسلم)) للنووي (12/ 78، 79) و(14/ 32) و(15/ 29، 30). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عنِ البَراءِ بنِ عازِبٍ رَضيَ اللهُ عنهما، قال: ((أمَرَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بسَبعٍ، ونَهانا عن سَبعٍ، فذَكَرَ: عيادةَ المَريضِ، واتِّباعَ الجَنائِزِ، وتَشميتَ العاطِسِ، ورَدَّ السَّلامِ، ونَصرَ المَظلومِ، وإجابةَ الدَّاعي، وإبرارَ المُقسِمِ)) [2571] أخرجه البخاري (2445) واللفظ له، ومسلم (2066). .
وفي روايةٍ: ((وإبرارُ القَسَمِ [2572] قال التُّورِبِشْتيُّ: (وإبرارُ القَسَمِ، أي: تَصديقُ المُسلِمِ فيما يُقسِمُ عليه الرَّجُلُ، يُقالُ: بَرَّ قَسَمَه وأبَرَّها، أي: صَدَّقَها، ولَه وَجهٌ آخَرُ، وهو أن يَجعَلَ يَمينَ صاحِبِه صادِقةً فلا يَحنَثَ فيها، وذلك قَولُ الرَّجُلِ: واللهِ لا أبرَحُ حَتَّى تَصنَعَ كَذا، فيُستَحَبُّ له أن يَبرَّه في قَسَمِه إذا كان المَحلوفُ عليه أمرًا مَيسورًا لا بَأسَ به، ونَحنُ نَرويه مِن كِتابِ البُخاريِّ (إبرارُ القَسَمِ) وقد رُوِي إبرارُ المُقسِمِ، وكِلاهما صَحيحٌ، وفي المَعنى مُتَقارِبٌ). ((الميسر في شرح مصابيح السنة)) (2/ 369). وقال المظهَريُّ: (... ويحتملُ أن يَكونَ مَعنى (إبرارِ المُقسِمِ): تَصديقُه، مِثلُ أن يَقولَ أحَدٌ: واللهِ فعَلتُ كَذا، أو ما فعَلتُ كَذا، فيَعتَقِدُ كَونَه صادِقًا، ولا يَقولُ: إنَّه حَلَف كاذِبًا). ((المفاتيح في شرح المصابيح)) (2/ 387). ) [2573] أخرجها البخاري (1239)، ومسلم (2066). .

انظر أيضا: