موسوعة الآداب الشرعية

سادسًا: الكِنايةُ عَمَّا يُستَحيا مِن ذِكرِه


مِنَ الأدَبِ: استِعمالُ الكِنايةِ المُفهِمةِ في التَّعبيرِ عنِ الأُمورِ المُستَقبَحةِ وما يُستَحيا مِن ذِكرِه [1704] قال النَّوويُّ: (مِمَّا يُنهى عنه: الفُحشُ وبَذاءةُ اللِّسانِ، والأحاديثُ الصَّحيحةُ فيه كَثيرةٌ مَعروفةٌ، ومَعناه: التَّعبيرُ عنِ الأُمورِ المُستَقبَحةِ بعِبارةٍ صَريحةٍ، وإن كانت صحيحةً، والمُتَكَلِّمُ بها صادِقٌ، ويَقَعُ ذلك كَثيرًا في ألفاظِ الوِقاعِ ونَحوِها. ويَنبَغي أن يُستَعمَلَ في ذلك الكِناياتُ، ويُعَبَّرَ عنها بعِبارةٍ جَميلةٍ يُفهَمُ بها الغَرَضُ، وبهذا جاءَ القُرآنُ العَزيزُ والسُّنَّةُ الصَّحيحةُ المُكَرَّمةُ؛ قال اللهُ تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ [البقرة: 187] ، وقال تعالى: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ [النساء: 21] ، وقال تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ [البقرة: 237] ، والآياتُ والأحاديثُ الصَّحيحةُ في ذلك كَثيرةٌ. قال العُلَماءُ: فيَنبَغي أن يُستَعمَلَ في هذا وما أشبَهَه مِنَ العِباراتِ التي يُستَحيا مِن ذِكرِها بصَريحِ اسمِها الكِناياتُ المُفهِمةُ، فيُكَنَّى عن جِماعِ المَرأةِ بالإفضاءِ والدُّخولِ والمُعاشَرةِ والوِقاعِ ونَحوِها، ولا يُصَرَّحُ بالنَّيكِ والجِماعِ ونَحوِهما، وكذلك يُكَنَّى عنِ البَولِ والتَّغَوُّطِ بقَضاءِ الحاجةِ، والذَّهابِ إلى الخَلاءِ، ولا يُصَرَّحُ بالخِراءةِ والبَولِ ونَحوِهما، وكذلك ذِكرُ العُيوبِ، كالبَرَصِ والبَخرِ والصُّنانِ وغَيرِها، يُعَبَّرُ عنها بعِباراتٍ جَميلةٍ يُفهَمُ مِنها الغَرَضُ، ويَلحَقُ بما ذَكَرناه مِنَ الأمثِلةِ ما سِواه. واعلَمْ أنَّ هذا كُلَّه إذا لم تَدعُ حاجةٌ إلى التَّصريحِ بصَريحِ اسمِه، فإن دَعَت حاجةٌ لغَرَضِ البَيانِ والتَّعليمِ، وخيف أنَّ المُخاطَبَ لا يَفهَمُ المَجازَ، أو يَفهَمُ غَيرَ المُرادِ، صَرَّحَ حينَئِذٍ باسمِه الصَّريحِ ليَحصُلَ الإفهامُ الحَقيقيُّ، وعلى هذا يُحمَلُ ما جاءَ في الأحاديثِ مِنَ التَّصريحِ بمِثلِ هذا، فإنَّ ذلك مَحمولٌ على الحاجةِ، كما ذَكَرنا، فإنَّ تَحصيلَ الإفهامِ في هذا أولى مِن مُراعاةِ مُجَرَّدِ الأدَبِ، وباللهِ التَّوفيقُ). ((الأذكار)) (ص: 375، 376). ويُنظر: ((المجموع)) للنووي (1/ 33). .
وذلك للنَّهيِ عن الفُحشِ والبَذاءةِ وقد تقدَّمت الأدلَّةُ على المنعِ من ذلك.

انظر أيضا: