جُملةٌ مِمَّا يُذَمُّ في الأسئِلةِ
قال الشَّاطِبيُّ: (الإكثارُ مِنَ الأسئِلةِ مَذمومٌ، والدَّليلُ عليه النَّقلُ المُستَفيضُ مِنَ الكِتابِ والسُّنَّةِ وكَلامِ السَّلفِ الصَّالحِ؛ مِن ذلك قَولُه تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ الآية
[المائدة: 101] .
وفي الحَديثِ أنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ قَرَأ:
وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ الآية
[آل عمران: 97] ، فقال رَجُلٌ: يا رَسولَ اللهِ، أكُلَّ عامٍ؟ فأعرَضَ ثُمَّ قال: يا رَسولَ اللهِ، أكُلَّ عامٍ؟ ثَلاثًا، وفي كُلِّ ذلك يُعرِضُ، وقال في الرَّابعةِ: "والذي نَفسي بيَدِه لو قُلتُها لوجَبَت، ولو وجَبَت ما قُمتُم بها..."
[2444] أخرجه مسلم (1337) باختلافٍ يسيرٍ من حديثِ أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، ولفظُه: عن أبي هرَيرةَ قال: ((خَطَبَنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: أيُّها النَّاسُ، قد فرَضَ اللهُ عَليكُمُ الحَجَّ فحُجُّوا، فقال رَجُلٌ: أكُلَّ عامٍ يا رَسولَ اللهِ؟ فسَكَتَ حتَّى قالها ثَلاثًا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لو قُلتُ: نَعَم، لوجَبَت، ولما استَطَعتُم، ثُمَّ قال: ذَروني ما تَرَكتُكُم؛ فإنَّما هَلكَ مَن كان قَبلكُم بكَثرةِ سُؤالِهم واختِلافِهم على أنبيائِهم، فإذا أمَرتُكُم بشَيءٍ فأْتوا مِنه ما استَطَعتُم، وإذا نَهَيتُكُم عن شَيءٍ فدَعوه)). .
وفي مِثل هذا نَزَلت:
لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ الآية
[المائدة: 101] .
وكَرِهَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ المَسائِلَ وعابَها، ونَهى عن كَثرةِ السُّؤالِ، وكان عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ يَكرَهُ السُّؤالَ فيما لم يَنزِلْ فيه حُكمٌ...
وفي الحَديثِ: "إنَّ أعظَمَ المُسلمينَ في المُسلمينَ جُرمًا مَن سَأل عن شَيءٍ لم يُحَرَّمْ عليه فحُرِّمَ عليهم مِن أجلِ مَسألتِه"
[2445] أخرجه البخاري (7289)، ومسلم (2358) باختلافٍ يسيرٍ من حديثِ سَعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عنه، ولفظُ مُسلمٍ: عن سَعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ أعظَمَ المُسلمينَ في المُسلمينَ جُرمًا مَن سَأل عن شَيءٍ لم يُحَرَّم على المُسلمينَ فحُرِّمَ عَليهم مِن أجلِ مَسألتِه)). .
وقال: "ذَروني ما تَرَكتُكُم؛ فإنَّما هَلَكَ مَن قَبلَكُم بكَثرةِ سُؤالِهم واختِلافِهم على أنبيائِهم"
[2446] أخرجه مسلم (1337) باختلافٍ يسيرٍ من حديثِ أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، ولفظُه: عن أبي هرَيرةَ قال: ((خَطَبَنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: أيُّها النَّاسُ، قد فرَضَ اللهُ عَليكُمُ الحَجَّ فحُجُّوا، فقال رَجُلٌ: أكُلَّ عامٍ يا رَسولَ اللهِ؟ فسَكَتَ حتَّى قالها ثَلاثًا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لو قُلتُ: نَعَم، لوجَبَت، ولما استَطَعتُم، ثُمَّ قال: ذَروني ما تَرَكتُكُم؛ فإنَّما هَلكَ مَن كان قَبلكُم بكَثرةِ سُؤالِهم واختِلافِهم على أنبيائِهم، فإذا أمَرتُكُم بشَيءٍ فأْتوا مِنه ما استَطَعتُم، وإذا نَهَيتُكُم عن شَيءٍ فدَعوه)). .
وقال ابنُ وَهبٍ: قال لي مالِكٌ وهو يُنكِرُ كَثرةَ الجَوابِ للمَسائِلِ: يا عَبدَ اللهِ، ما عَلِمتَه فقُلْ به ودُلَّ عليه، وما لم تَعلَمْ فاسكُتْ عنه، وإيَّاكَ أن تَتَقَلَّدَ للنَّاسِ قِلادةَ سوءٍ.
وقال الأوزاعيُّ: إذا أرادَ اللهُ أن يَحرِمَ عَبدَه بَرَكةَ العِلمِ ألقى على لسانِه الأغاليطَ.
وعنِ الحَسَنِ، قال: إنَّ شِرارَ عِبادِ اللهِ الذينَ يَجيئونَ بشِرارِ المَسائِلِ، يُعنِتونَ بها عِبادَ اللهِ.
وقال الشَّعبيُّ: واللهِ لقد بَغَّضَ هَؤُلاءِ القَومُ إليَّ المَسجِدَ حتَّى لهو أبغَضُ إليَّ مِن كُناسةِ داري. قُلتُ: مَن هم يا أبا عَمرٍو؟ قال: الأَرَأَيتيُّون.
وقال: ما كَلِمةٌ أبغَضُ إليَّ مِن "أرَأَيتَ".
وقال أيضًا لداودَ الأوديِّ: احفَظْ عنِّي ثَلاثًا لها شَأنٌ: إذا سُئِلتَ عن مَسألةٍ فأجَبتَ فيها فلا تُتبِعْ مَسألتَك أرَأيتَ، فإنَّ اللَّهَ قال في كِتابِه:
أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ [الفرقان: 43] حتَّى فرَغَ مِنَ الآيةِ، والثَّانيةُ: إذا سُئِلتَ عن مَسألةٍ فلا تَقِسْ شَيئًا بشَيءٍ، فرُبَّما حَرَّمتَ حَلالًا أو حَلَّلتَ حَرامًا، والثَّالثةُ: إذا سُئِلتَ عَمَّا لا تَعلمُ فقُلْ: لا أعلمُ، وأنا شَريكُك.
وقال يَحيى بنُ أيُّوبَ: بَلغَني أنَّ أهلَ العِلمِ كانوا يَقولونَ: إذا أرادَ اللهُ أن لا يُعَلِّمَ عَبدَه خَيرًا أشغَلَه بالأغاليطِ.
والآثارُ كَثيرةٌ.
والحاصِلُ مِنها أنَّ كَثرةَ السُّؤالِ ومُتابَعةَ المَسائِلِ بالأبحاثِ العَقليَّةِ والاحتِمالاتِ النَّظَريَّةِ مَذمومٌ، وقد كان أصحابُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد وُعِظوا في كَثرةِ السُّؤالِ حتَّى امتَنَعوا مِنه، وكانوا يُحِبُّونَ أن يَجيءَ الأعرابُ فيَسألوه حتَّى يَسمَعوا كَلامَه، ويَحفَظوا مِنه العِلمَ؛ ألَا تَرى ما في "الصَّحيحِ" عن أنَسٍ، قال: "نُهِينا أن نَسألَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن شَيءٍ، فكان يُعجِبُنا أن يَجيءَ الرَّجُلُ مِن أهلِ الباديةِ العاقِلُ فيَسألَه ونَحنُ نَسمَعُ"
[2447] أخرجه مسلم (12) باختلافٍ يسيرٍ من حديثِ أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، ولفظُه: عن أنَسِ بنِ مالكٍ قال: ((نُهينا أن نَسألَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن شَيءٍ، فكان يُعجِبُنا أن يَجيءَ الرَّجُلُ مِن أهل الباديةِ العاقِلُ، فيَسألُه، ونَحنُ نَسمَعُ ...)) ...
ويَتَبَيَّنُ مِن هذا أنَّ لكَراهيةِ السُّؤالِ مَواضِعَ، نَذكُرُ مِنها عَشَرةَ مَواضِعَ:أحَدُها: السُّؤالُ عَمَّا لا يَنفعُ في الدِّينِ، كَسُؤالِ عَبدِ اللَّهِ بنِ حُذافةَ: مَن أبي
[2448] لفظُه: عن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَرَجَ، فقامَ عَبدُ اللهِ بنُ حُذافةَ فقال: مَن أبي؟ فقال: أبوكَ حُذافةُ، ثُمَّ أكثَرَ أن يَقولَ: سَلوني، فبَرَكَ عُمَرُ على رُكبَتَيه فقال: رَضينا باللهِ رَبًّا، وبالإسلامِ دينًا، وبمُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَبيًّا، فسَكَتَ)). أخرجه البخاري (93) واللَّفظُ له، ومسلم (2359). ؟
والثَّاني: أن يَسألَ بَعدَ ما بَلَغَ مِنَ العِلمِ حاجَتَه، كَما سَأل الرَّجُلُ عنِ الحَجِّ: أكُلَّ عامٍ
[2449] لفظُه: عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((خَطَبَنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: أيُّها النَّاسُ، قد فرَضَ اللهُ عَليكُمُ الحَجَّ فحُجُّوا، فقال رَجُلٌ: أكُلَّ عامٍ يا رَسولَ اللهِ؟ فسَكَتَ حتَّى قالها ثَلاثًا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لو قُلتُ: نَعَم، لوجَبَت، ولما استَطَعتُم، ثُمَّ قال: ذَروني ما تَرَكتُكُم؛ فإنَّما هَلكَ مَن كان قَبلكُم بكَثرةِ سُؤالِهم واختِلافِهم على أنبيائِهم، فإذا أمَرتُكُم بشَيءٍ فأْتوا مِنه ما استَطَعتُم، وإذا نَهَيتُكُم عن شَيءٍ فدَعوه)). أخرجه مسلم (1337). ؟ مَعَ أنَّ قَولَه تعالى:
وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ [آل عمران: 97] قاضٍ بظاهرِه أنَّه للأبَدِ لإطلاقِه، ومِثلُه سُؤالُ بَني إسرائيلَ بَعدَ قَولِه:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً [البقرة: 67] .
والثَّالثُ: السُّؤالُ مِن غَيرِ احتياجٍ إليه في الوقتِ، وكَأنَّ هذا -واللهُ أعلمُ- خاصٌّ بما لم يَنزِلْ فيه حُكمٌ، وعليه يَدُلُّ قَولُه: "ذَروني ما تَرَكتُكُم"
[2450] لفظُه: عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((خَطَبَنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: أيُّها النَّاسُ، قد فرَضَ اللهُ عَليكُمُ الحَجَّ فحُجُّوا، فقال رَجُلٌ: أكُلَّ عامٍ يا رَسولَ اللهِ؟ فسَكَتَ حتَّى قالها ثَلاثًا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لو قُلتُ: نَعَم، لوجَبَت، ولما استَطَعتُم، ثُمَّ قال: ذَروني ما تَرَكتُكُم؛ فإنَّما هَلكَ مَن كان قَبلكُم بكَثرةِ سُؤالِهم واختِلافِهم على أنبيائِهم، فإذا أمَرتُكُم بشَيءٍ فأْتوا مِنه ما استَطَعتُم، وإذا نَهَيتُكُم عن شَيءٍ فدَعوه)). أخرجه مسلم (1337). .
والرَّابعُ: أن يَسألَ عن صِعابِ المَسائِلِ وشِرارِها، كَما جاءَ في النَّهيِ عنِ الأُغلوطاتِ.
والخامِسُ: أن يَسألَ عن عِلَّةِ الحُكمِ، وهو مِن قَبيلِ التَّعَبُّداتِ التي لا يُعقَلُ لها مَعنًى، أوِ السَّائِلُ مِمَّن لا يَليقُ به ذلك السُّؤالُ، كَما في حَديثِ قَضاءِ الصَّومِ دونَ الصَّلاةِ
[2451] لفظُه: عن مَعاذةَ قالت: ((سَألتُ عائِشةَ فقُلتُ: ما بالُ الحائِضِ تَقضي الصَّومَ ولا تَقضي الصَّلاةَ؟ فقالت: أحَروريَّةٌ أنتِ؟ قُلتُ: لستُ بحَروريَّةٍ، ولكِنِّي أسألُ. قالت: كان يُصيبُنا ذلك، فنُؤمَرُ بقَضاءِ الصَّومِ، ولا نُؤمَرُ بقَضاءِ الصَّلاةِ)). أخرجه البخاري (321)، ومسلم (335) واللَّفظُ له. .
والسَّادِسُ: أن يَبلُغَ بالسُّؤالِ إلى حَدِّ التَّكَلُّفِ والتَّعَمُّقِ، وعلى ذلك يَدُلُّ قَولُه تعالى:
قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ [ص: 86] .
والسَّابعُ: أن يَظهَرَ مِنَ السُّؤالِ مُعارَضةُ الكِتابِ والسُّنَّةِ بالرَّأيِ؛ ولذلك قال سَعيدٌ: أعِراقيٌّ أنتَ
[2452] لفظُه: عن رَبيعةَ بنِ أبي عَبدِ الرَّحمَنِ، أنَّه قال: (سَألتُ سعيدَ بنَ المُسَيِّبِ: كَم في إصبَعِ المَرأةِ؟ فقال: عَشرٌ مِنَ الإبِلِ. فقُلتُ: كَم في إصبَعَينِ؟ فقال: عِشرونَ مِنَ الإبِلِ. فقُلتُ: كَم في ثَلاثٍ؟ فقال: ثَلاثونَ مِنَ الإبِلِ. فقُلتُ: كَم في أربَعٍ؟ فقال: عِشرونَ مِنَ الإبِلِ. فقُلتُ: حينَ عَظُمَ جَرحُها واشتَدَّت مُصيبَتُها نَقَصَ عَقلُها! فقال سَعيدٌ: أعِراقيٌّ أنتَ؟ قال، فقُلتُ: بَل عالمٌ مُتَثَبِّتٌ، أو جاهِلٌ مُتَعَلِّمٌ. فقال: هيَ السُّنَّةُ يا ابنَ أخي). أخرجه مالكُ (5/1261) واللَّفظُ له، وعبد الرزاق (17749)، والبيهقي (16393). صَحَّحَ إسناده الألبانيُّ في ((التعليقات الرضية)) (3/379)، وقال: ثُمَّ هو مَوقوفٌ على الرَّاجِحِ. ؟ وقيل لمالِكِ بنِ أنَسٍ: الرَّجُلُ يَكونُ عالِمًا بالسُّنَّةِ، أيُجادِلُ عنها؟ قال: لا، ولكِن يُخبرُ بالسُّنَّةِ، فإن قُبِلَت مِنه وإلَّا سَكَتَ.
والثَّامِنُ: السُّؤالُ عنِ المُتَشابهاتِ، وعلى ذلك يَدُلُّ قَولُه تعالى:
فأمَّا الذينَ في قُلوبهم زَيغ فيَتَّبعونَ ما تَشابَهَ الآية
[آل عِمرانَ: 7] .
وعن عُمَرَ بنِ عَبدِ العَزيزِ: مَن جَعَل دِينَه غَرَضًا للخُصوماتِ أسرَعَ التَّنَقُّلَ.
ومِن ذلك سُؤالُ مَن سَأل مالِكًا عنِ الاستِواءِ، فقال: الاستِواءُ مَعلومٌ، والكَيفيَّةُ مَجهولةٌ، والسُّؤالُ عنه بِدعةٌ.
والتَّاسِعُ: السُّؤالُ عَمَّا شَجَرَ بَينَ السَّلَفِ الصَّالحِ، وقد سُئِل عُمَرُ بنُ عَبدِ العَزيزِ عن قِتالِ أهلِ صِفِّينَ، فقال: "تلك دِماءٌ كَفَّ اللهُ عنها يَدي، فلا أُحِبُّ أن يُلطخَ بها لساني".
والعاشِرُ: سُؤالُ التَّعنُّتِ والإفحامِ وطَلَبِ الغَلَبةِ في الخِصامِ، وفي القُرآنِ في ذَمِّ نَحوِ هذا:
ومِنَ النَّاسِ مَن يُعجِبُك قَولُه في الحَياةِ الدُّنيا ويَشهَدُ اللَّه على ما في قَلبه وهو ألدُّ الخِصام [البَقَرة: 204] ، وقال:
بَل هم قَومٌ خِصَمُّونَ [الزُّخرُف: 58] .
وفي الحَديثِ: "أبغَضُ الرِّجالِ إلى اللهِ الألدُّ الخَصِمُ
[2453] الألدُّ: الشَّديدُ الخُصومةِ، واللَّدَدُ: الجِدالُ والخُصومةُ. يُنظر: ((أعلام الحَديثِ)) للخطابي (2/ 1221)، ((شرح السنة)) للبغوي (10/ 97، 98). "
[2454] أخرجه البخاري (4523)، ومسلم (2668) من حديثِ عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها. .
هذه جُملةٌ مِنَ المَواضِعِ التي يُكرَهُ السُّؤالُ فيها، يُقاسُ عليها ما سِواها، وليسَ النَّهيُ فيها واحِدًا، بَل فيها ما تَشتَدُّ كَراهيَتُه، ومِنها ما يَخِفُّ، ومِنها ما يَحرُمُ، ومِنها ما يَكونُ مَحَلَّ اجتِهادٍ، وعلى جُملةٍ مِنها يَقَعُ النَّهيُ عنِ الجِدالِ في الدِّينِ، كَما جاءَ "إنَّ المِراءَ في القُرآنِ كُفرٌ"
[2455] أخرجه أبو داود (4603)، وأحمد (10539) باختلافٍ يسيرٍ من حديثِ أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، ولفظُ أبي داودَ: عن أبي هرَيرةَ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((المِراءُ في القُرآنِ كُفرٌ)). صَحَّحه ابنُ حبان في ((صَحيحه)) (1464)، والحاكِمُ في ((المستدرك)) (2922) وقال: على شَرط مُسلم، وابن العَرَبيِّ في ((عارضة الأحوذي)) (4/352)، والنووي في ((التبيان)) (206)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4603). ، وقال تعالى:
وإذا رَأيت الذينَ يَخوضونَ في آياتِنا فأُعرِضُ عنهم الآية
[الأنعام: 68] ، وأشباه ذلك مِنَ الآيِ أوِ الأحاديثِ، فالسُّؤالُ في مِثلِ ذلك مَنهيٌّ عنه، والجَوابُ بحَسَبِه)
[2456] يُنظر: ((الموافقات)) (5/ 374-392). ويُنظر أيضًا: ((فقه السنة)) للسيد سابق (1/ 11، 12). .