موسوعة الآداب الشرعية

ثامنًا: أداءُ ما لهم مِن الحُقوقَ العامَّةَ


يَتَأكَّدُ في حَقِّ ذَوي الرَّحِمِ والأقارِبِ: أداءُ ما لهم من الحُقوقِ العامَّةِ التي هي لعامَّةِ المُسلِمينَ [1321] قال أبو العَبَّاسِ القُرطُبيُّ: (أمَّا الرَّحِمُ الخاصَّةُ فتَجِبُ لهمُ الحُقوقُ العامَّةُ وزيادةٌ عليها، كالنَّفقةِ على القَرابةِ القَريبةِ، وتَفقُّدِ أحوالِهم، وتَركِ التَّغافُلِ عن تَعاهُدِهم في أوقاتِ ضَروراتِهم، وتَتَأكَّدُ في حَقِّهم حُقوقُ الرَّحِم العامَّةُ، حتَّى إذا تَزاحَمَتِ الحُقوقُ بُدِئَ بالأقرَبِ فالأقرَبِ). ((المفهم)) (6/ 526). ؛ كإلقاءِ السَّلامِ ورَدِّه، وتَشميتِ العاطِسِ، وإجابةِ الدَّعوةِ، وإبرارِ المُقسِمِ، وعيادةِ المَريضِ، واتِّباعِ الجَنائِزِ، وبَذلِ النَّصيحةِ، والسَّعيِ في الحاجةِ، ونَصرِ المَظلومِ، وعَدَمِ الظُّلمِ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((حَقُّ المُسلمِ على المُسلمِ خَمسٌ: رَدُّ السَّلامِ، وعيادةُ المَريضِ، واتِّباعُ الجَنائِزِ، وإجابةُ الدَّعوةِ، وتَشميتُ العاطِسِ)) [1322] أخرجه البخاري (1240) واللفظ له، ومسلم (2612). .
وفي رِوايةٍ عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((حَقُّ المُسلمِ على المُسلمِ سِتٌّ. قيل: ما هنَّ يا رَسولَ اللهِ؟ قال: إذا لقيتَه فسَلِّمْ عليه، وإذا دَعاك فأجِبْه، وإذا استَنصَحَك فانصَحْ له، وإذا عَطَسَ فحَمِدَ اللَّهَ فسَمِّتْه [1323] شَمَّتَ وسَمَّت، بمَعنًى واحِدٍ، وهو أن يَدعوَ للعاطِسِ بالرَّحمةِ. ويُقالُ: سَمَّت فلانٌ العاطِسَ تَسميتًا، وشَمَّته تَشميتًا: إذا دَعا له بالهدى، وقَصدِ السَّمتِ المُستَقيمِ، والأصلُ فيه السِّينُ فقُلِبَت شينًا. وقيل: التَّشميتُ بمَعنى: أبعَدَ اللَّهُ عنك الشَّماتةَ، وجَنَّبك ما يُشمَتُ به عليك. وأمَّا التَّسميتُ فهو بمَعنى: جَعَلك اللهُ على سَمتٍ حَسَنٍ. يُنظر: ((تهذيب اللغة)) لأبي منصور الأزهري (12/ 270)، ((معالم السنن)) للخطابي (4/ 141)، ((شرح مسلم)) للنووي (14/ 31)، ((بهجة النفوس)) لابن أبي جمرة (4/ 187)، ((شرح الإلمام)) لابن دقيق العيد (2/ 19 - 23). ، وإذا مَرِضَ فعُدْه، وإذا ماتَ فاتَّبِعْه)) [1324] أخرجها مسلم (2162). .
2- عَنِ البَراءِ بنِ عازِبٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((أمَرَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بسَبعٍ، ونَهانا عن سَبعٍ، فذَكرَ: عيادةَ المَريضِ، واتِّباعَ الجَنائِزِ، وتَشميتَ العاطِسِ، ورَدَّ السَّلامِ، ونَصرَ المَظلومِ، وإجابةَ الدَّاعي، وإبرارَ المُقسِمِ)) [1325] أخرجه البخاري (2445) واللفظ له، ومسلم (2066). .
3- عن جَريرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((بايَعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على إقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، والنُّصحِ لكُلِّ مُسلمٍ)) [1326] أخرجه البخاري (57)، ومسلم (56). .
4- عن تَميمٍ الدَّاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((الدِّينُ النَّصيحةُ. قُلنا: لِمَن؟ قال: للَّهِ ولكِتابِه ولرَسولِه، ولأئِمَّةِ المُسلِمينَ وعامَّتِهم)) [1327] أخرجه مسلم (55). .
5- عن عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((المُسلِمُ أخو المُسلمِ لا يَظلِمُه ولا يُسلِمُه، ومَن كان في حاجةِ أخيه كان اللَّهُ في حاجَتِه، ومَن فرَّجَ عن مُسلمٍ كُربةً فرَّجَ اللهُ عَنه كُربةً مِن كُرُباتِ يَومِ القيامةِ، ومَن سَتَرَ مُسلِمًا سَتره اللَّهُ يَومَ القيامةِ)) [1328] أخرجه البخاري (2442) واللفظ له، ومسلم (2580). .
6- عن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((المُسلِمُ مَن سَلِمَ المُسلِمونَ مِن لسانِه ويَدِه، والمُهاجِرُ مَن هَجَرَ ما نَهى اللَّهُ عنه)) [1329] أخرجه البخاري (10) واللفظ له، ومسلم (40). .
7- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَحاسَدوا ولا تَناجَشوا، ولا تَباغَضوا ولا تَدابَروا، ولا يَبِعْ بَعضُكم على بَيعِ بَعضٍ، وكونوا عبادَ اللهِ إخوانًا، المُسلِمُ أخو المُسلِمِ، لا يَظلِمُه ولا يَخذُلُه، ولا يَحقِرُه، التَّقوى هاهنا -ويُشيرُ إلى صَدرِه ثلاثَ مرَّاتٍ-، بحَسْبِ امرئٍ من الشَّرِّ أن يَحقِرَ أخاه المُسلِمَ، كُلُّ المُسلِمِ على المُسلِمِ حرامٌ: دَمُه، ومالُه، وعِرْضُه)) [1330] أخرجه مسلم (2564). .
وفي رِوايةٍ: ((المُسلِمُ أخو المُسلمِ، لا يَخونُه، ولا يَكذِبُه، ولا يَخذُلُه، كُلُّ المُسلمِ على المُسلمِ حَرامٌ: عِرضُه، ومالُه، ودَمه، التَّقوى هاهنا، بحَسْبِ امرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أن يَحتَقِرَ أخاه المُسلِمَ)) [1331] أخرجها الترمذي (1927) واللفظ له، وابن أبي عاصم في ((الديات)) (ص9)، والبزار (8891). صحَّحها الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1927)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((رياض الصالحين)) (234) .
8- عن عُقبةَ بنِ عامِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((المُؤمِنُ أخو المُؤمِنِ، فلا يَحِلُّ للمُؤمِنِ أن يَبتاعَ على بيعِ أخيه، ولا يَخطُبَ على خِطبةِ أخيه حتَّى يَذَرَ)) [1332] أخرجه مسلم (1414). .
9- عن عَبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أجيبوا الدَّاعيَ، ولا تَرُدُّوا الهَديَّةَ، ولا تَضرِبوا المُسلِمينَ)) [1333] أخرجه أحمد (3838)، وابن حبان (5603) واللفظ لهما، وابن أبي شيبة (22418) باختلافٍ يسيرٍ. صحَّحه ابن حبان، والألباني في ((صحيح الجامع)) (158)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (833). .
10- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّه عليه وآلِه وسَلَّمَ قال: ((مَن نفَّس عن مُسلِمٍ كُربةً مِن كُرَبِ الدُّنيا نفَّس اللهُ عنه كُربةً مِن كُرَبِ يومِ القيامةِ، ومَن يسَّر على مُعسِرٍ في الدُّنيا يسَّر اللهُ عليه في الدُّنيا والآخِرةِ، ومَن ستَر على مُسلِمٍ في الدُّنيا ستَره اللهُ في الدُّنيا والآخِرةِ، واللهُ في عَونِ العبدِ ما كان العبدُ في عونِ أخيه...)) [1334] أخرجه مسلم (2699). .

انظر أيضا: