موسوعة الآداب الشرعية

ثامنَ عشرَ: مَسحُ اليَدِ أو غَسلُها بَعدَ الفَراغِ مِنَ الطَّعامِ


الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن كَعبِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَأكُلُ بثَلاثِ أصابعَ، ويَلعَقُ يَدَه قَبلَ أن يَمسَحَها)) [1498] أخرجه مسلم (2032). .
قال عِياضٌ: (فيه جَوازُ مَسحِ اليَدِ بَعدَ الطَّعامِ بالمِنديلِ، وهذا -واللهُ أعلمُ- فيما لم يَحتَجْ فيه لغَسلٍ مِمَّا ليسَ فيه غَمَرٌ ولُزوجةٌ مِمَّا لا بُدَّ مِنه إلَّا الغَسلَ) [1499] ((إكمال المعلم)) (6/ 502). وقال ابنُ الجَوزيِّ: (الأكلُ بإصبَعٍ واحِدٍ لا يَتِمُّ به التَّناوُلُ ولا باثنَينِ، والأكلُ بأربَعٍ أو خَمسٍ يَرفعُ فوقَ ما يُطيقُه الفَمُ، ويَدُلُّ على الشَّرَهِ، والعَدلُ الأكلُ بثَلاثٍ). ((كشف المشكل)) (2/ 130). وقال أبو العَبَّاس القُرطُبيُّ: (كَونُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَأكُلُ بثَلاثِ أصابعَ أدَبٌ حَسَنٌ، وسُنَّةٌ جَميلةٌ؛ لأنَّها تُشعِرُ بعَدَمِ الشَّرَهِ في الطَّعامِ، وبالاقتِصارِ على ما يَحتاجُ إليه مِن غَيرِ زيادةٍ عليه؛ وذلك أنَّ الثَّلاثَ الأصابِعِ يَستَقِلُّ بها الظَّريفُ الخَبيرُ. وهذا فيما يَتَأتَّى فيه ذلك مِنَ الأطعِمةِ، وأمَّا ما لا يَتَأتَّى ذلك فيه استَعانَ عليه بما يَحتاجُ إليه مِن أصابِعِه). ((المفهم)) (5/ 298). .
2- عن جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا وقَعَت لُقمةُ أحَدِكُم فليَأخُذْها، فليُمِطْ ما كان بها مِن أذًى وليَأكُلْها، ولا يَدعْها للشَّيطانِ، ولا يَمسَحْ يَدَه بالمِنديلِ حتَّى يَلعَقَ أصابعَه؛ فإنَّه لا يَدري في أيِّ طَعامِه البَرَكةُ)) [1500] أخرجه مسلم (2033). .
3- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: إذا أكَل أحَدُكُم فلا يَمسَحْ يَدَه حتَّى يَلعَقَها أو يُلعِقَها)) [1501] أخرجه البخاري (5456) واللَّفظُ له، ومسلم (2031). .
وفي رِوايةٍ: ((لا يَمسَحْ يَدَه بالمِنديلِ حتَّى يَلعَقَها، أو يُلعِقَها)) [1502] أخرجها مسلم (2033) من حديثِ جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما. .
قال ابنُ بَطَّالٍ: (قال ابنُ المُنذِرِ: في حَديثِ ابنِ عبَّاسٍ إباحةُ مَسحِ اليَدِ بالمِنديلِ. وتَرجَمَ له أبو داودَ: "بابُ المِنديلِ بَعدَ الطَّعامِ") [1503] ((شرح صحيح البخاري)) (9/ 505). ويُنظر: ((سنن أبي داود)) (3/ 366). .
وقال أبو العَبَّاسِ القُرطُبيُّ: (هذا يَدُلُّ على جَوازِ مَسحِ اليَدِ مِنَ الطَّعامِ بالمِنديلِ قَبلَ الغَسلِ، لكِنْ بَعدَ لَعقِها، وهو مَحمولٌ على ما إذا لم يَكُنْ في الطَّعامِ غَمَرٌ، فأمَّا إذا كان فيه غَمَرٌ فيَنبَغي أن يَغسِلَها) [1504] ((المفهم)) (5/ 299). .
4- عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((دَعا رَجُلٌ مِنَ الأنصارِ مِن أهلِ قُباءٍ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فانطَلقنا مَعَه، فلمَّا طَعِمَ وغَسَل يَدَه أو يَدَيه قال: الحَمدُ للهِ الذي يُطعِمُ ولا يُطعَمُ، مَنَّ علينا فهَدانا، وأطعَمَنا وسَقانا، وكُلَّ بَلاءٍ حَسَنٍ أبلانا، الحَمدُ للهِ غَيرَ مُوَدَّعٍ ولا مُكافَأٍ ولا مَكفورٍ ولا مُستَغنًى عنه، الحَمدُ للهِ الذي أطعَم مِنَ الطَّعامِ، وسَقى مِنَ الشَّرابِ، وكَسا مِنَ العُرْيِ، وهَدى مِنَ الضَّلالةِ، وبَصَّرَ مِنَ العَمى، وفضَّل على كَثيرٍ مِن خَلقِه تَفضيلًا، الحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ)) [1505] أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (10060) واللفظ له، وابن حبان (5219)، والحاكم (2029). حسنه على شرط مسلم الوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1310)، وصحح إسناده على شرط مسلم شعيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (5219). وقد ذهب إلى تصحيحه ابنُ حبان، والحاكم على شرط مسلم، وأحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (1/765). .
وفي رِوايةٍ: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أكَل كَتِفَ شاةٍ، فمَضمَضَ، وغَسَل يَدَيه، وصَلَّى)) [1506] أخرجها ابن ماجه (493) واللفظ له، وأحمد (9049). صحَّحها الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (493)، وحسَّنها على شَرطِ مسلمٍ: الوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1255)، وصحَّح إسنادَها شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (9049). .

انظر أيضا: