موسوعة الآداب الشرعية

ثامنًا: تَعاهُدُ الجيرانِ بالسُّؤالِ عنهم


يُستَحَبُّ السُّؤالُ عَنِ الجيرانِ، لا سيَّما إنِ افتُقِدوا.
الدَّليلُ على ذلك مِن السُّنَّةِ والآثارِ:
أ- مِنَ السُّنَّةِ
عَن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم افتَقَدَ ثابِتَ بنَ قَيسٍ، فقال رَجُلٌ: يا رَسولَ اللهِ، أنا أعلمُ لك عِلمَه، فأتاه فوجَدَه جالسًا في بيتِه، مُنَكِّسًا رَأسَه، فقال له: ما شَأنُك؟ فقال: شَرٌّ! كان يَرفعُ صَوتَه فوقَ صَوتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم [2055] لأنَّه كان خَطيبَ الأنصارِ، فظَنَّ أنَّه داخِلٌ في الآيةِ. ، فقَد حَبِطَ عَمَلَه، وهو مِن أهلِ النَّارِ! فأتى الرَّجُلُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأخبَرَه أنَّه قال كذا وكذا، فقال موسى: فرَجَعَ إليه المَرَّةَ الآخِرةَ ببشارةٍ عَظيمةٍ، فقال: اذهَبْ إليه فقُلْ له: إنَّك لستَ مِن أهلِ النَّارِ، ولكِنَّك مِن أهلِ الجَنَّةِ)) [2056] أخرجه البخاري (4846). .
وفي رِوايةٍ عن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّه قال: ((لَمَّا نَزَلَت هذه الآيةُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ [الحجرات: 2] إلى آخِرِ الآيةِ، جَلسَ ثابِتُ بنُ قَيسٍ في بَيتِه، فسَألَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَعدَ بنَ مُعاذٍ فقال: يا أبا عَمْرٍو، ما شَأنُ ثابِتٍ؟ اشتَكى؟ قال سَعدٌ: إنَّهُ لجاري وما عَلِمْتُ لهُ بشَكوى، قال: فأتاهَ سَعدٌ فذكَرَ لهُ قَولَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال ثابِتٌ: أُنزِلَت هذه الآيةُ، ولقد عَلِمتُم أنِّي مِن أرفَعِكم صَوتًا على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأنا مِن أهلِ النَّارِ! فذَكَرَ ذلك سَعدٌ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: بَل هو مِن أهلِ الجَنَّةِ)) [2057] أخرجها مسلم (119). .
ففي قَولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ما شَأنُ ثابتٍ؟ اشتَكى؟)) دَليلٌ على استِحبابِ السُّؤالِ عن الجارِ والصَّاحِبِ إذا انقَطَعَ [2058] يُنظر: ((الإفصاح عن معاني الصحاح)) لابن هبيرة (5/ 265). .
ب- مِنَ الآثارِ
عَن عَبدِ اللَّهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (كُنَّا إذا فقَدْنا الأخَ أتيناه؛ فإن كان مَريضًا كانت عيادةً، وإن كان مَشغولًا كان عَونًا، وإن كان غيرَ ذلك كانت زيارةً) [2059] أخرجه ابن وهب في ((الجامع)) (210)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (9200). .

انظر أيضا: