موسوعة الآداب الشرعية

ثاني عَشَرَ: تَعجيلُ صلاةِ الأضحى وتأخيرُ صلاةِ الفِطرِ


يُستحبُّ أن تُقدَّمَ صلاةُ عيدِ الأضحى في أوَّلِ وقتِها، وأنْ تُؤخَّرَ صلاةُ عيدِ الفِطرِ عن أوَّلِ وقتِها [1231] وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة، وقولٌ للمالكيَّةِ. ينظر: ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/173)، ((روضة الطالبين)) للنووي (2/ 76)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/51)، ((شرح التلقين)) للمازري (1/1061). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [1232] قال ابنُ قُدامةَ: (ويُسنُّ تقديمُ الأضحى؛ ليتَّسعَ وقتُ التَّضحيةِ، وتأخيرُ الفِطرِ؛ ليتَّسعَ وقتُ إخراجِ صدقةِ الفطرِ. وهذا مذهبُ الشَّافعيِّ، ولا أعلَمُ فيه خلافًا). ((المغني)) (2/280). وقال الشَّوْكانيُّ: (أخرج الشَّافعيُّ مرسَلًا: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كتَب إلى عَمرِو بنِ حزمٍ وهو بنَجْرانَ: أن عجِّلِ الأضحى، وأخِّرِ الفِطرَ"، وفي إسنادِه إبراهيمُ بنُ محمَّدٍ، شيخُ الشَّافعيِّ، وهو ضعيفٌ، وقد وقعَ الإجماعُ على ما أفادتْه الأحاديثُ، وإنْ كانت لا تقومُ بمِثلِها الحُجَّةُ). ((الدراري المضية)) (1/118). .
 وذلك لأنَّ تأخيرَ صلاةِ عيد الفِطرِ مناسبٌ حتَّى يتَّسعَ الوقتُ لأداءِ صدقةِ الفِطرِ، وتعجيلَ صلاةِ عيدِ الأضحى والتَّخفيفَ فيها مناسبٌ؛ لشُغلِ النَّاسِ في ذبائحِهم [1233] قال ابنُ رجب: (المعنى في ذلك: أنَّه بتأخيرِ صلاةِ عيدِ الفِطرِ يتَّسعُ وقتُ إخراجِ الفِطرةِ المُستحَبِّ إخراجُها فيه، وبتعجيلِ صلاةِ الأضحى يتَّسعُ وقتُ التَّضحيةِ، ولا يشقُّ على النَّاسِ أن يُمسِكوا عن الأكلِ حتَّى يأكُلوا مِن ضحاياهم). ((فتح الباري)) (6/105). وقال ابنُ عُثَيمين: (أمَّا النَّظرُ: فلأنَّ النَّاسَ في صلاةِ عيدِ الفطرِ مُحتاجون إلى امتدادِ الوقتِ؛ ليتَّسعَ وقتُ إخراجِ زكاةِ الفِطرِ؛ لأنَّ أفضلَ وقتٍ تخرجُ فيه زكاةُ الفطرِ صباحُ يومِ العيدِ قبْلَ الصَّلاةِ؛ لحديث ابنِ عُمرَ: «أُمِر أن تُؤدَّى قبْلَ خروجِ النَّاسِ إلى الصَّلاةِ»، ومعلومٌ أنَّه إذا تأخَّرَت الصَّلاةُ صار هذا أوسعَ للنَّاسِ، وأمَّا عيدُ الأضحى فإنَّ المشروعَ المبادَرةُ بالتَّضحيةِ؛ لأنَّ التَّضحيةَ مِن شعائرِ الإسلامِ، وقد قرَنَها الله عزَّ وجلَّ في كتابِه بالصَّلاةِ، فقال: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر: 2] ، وقال: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام: 162] ، ففِعلُها مبادرًا بها في هذا اليومِ أفضلُ، وهذا إنَّما يَحصُلُ إذا قُدِّمت الصَّلاةُ؛ لأنَّه لا يمكنُ أن تُذبَحَ الأضحيَّةُ قبلَ الصَّلاةِ). ((الشرح الممتع)) (5/122). ويُنظر: ((البحر الرائق)) لابن نُجيم (2/173)، ((التاج والإكليل)) للمَوَّاق (2/189). .

انظر أيضا: