موسوعة الآداب الشرعية

فَوائِدُ ومَسائِلُ مُتفَرِّقةٌ


1- عن طَليقِ بنِ قَيسٍ، قال: قال أبو ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عنه: (إذا صُمتَ فتَحفَّظْ ما استَطَعتَ)، وكان طَليقٌ إذا كان يَومُ صَومِه دَخَل فلم يَخرُجْ إلَّا لصَلاةٍ [1342] أخرجه ابنُ أبي شيبة (8970)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (3375). .
2- عن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ وعليِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قالا: (ليسَ الصِّيامُ مِنَ الطَّعامِ والشَّرابِ وَحدَه، ولكِنَّه مِنَ الكَذِبِ والباطِلِ، واللَّغوِ والحَلِفِ) [1343] أخرجه ابنُ أبي شيبة (8975)، والبيهقي (8032، 8033). .
3- قال مَيمونُ بنُ مِهرانَ: (إنَّ أهونَ الصَّومِ تركُ الطَّعامِ والشَّرابِ) [1344] أخرجه ابن أبي شيبة (8976)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (3380). .
4- عن هِشامٍ، عن حَفصةَ بنتِ سيرينَ، عن أبي العاليةِ، قال: (الصَّائِمُ في عِبادةٍ ما لم يَغتَبْ أحَدًا، وإن كان نائِمًا على فِراشِه)، فكانت حَفصةُ تَقولُ: (يا حَبَّذا عِبادةٌ وأنا نائِمةٌ على فِراشي!).
قال هِشامٌ: وقالت حَفصةُ: (الصِّيامُ جُنَّةٌ ما لم يَخرِقْها صاحِبُها، وخَرْقُها الغِيبةُ) [1345] أخرجه عبد الرزاق (7895). .
5- قال القاسِميُّ تَبَعًا للغَزاليِّ: (اعلَمْ أنَّ الصَّومَ ثَلاثُ دَرَجاتٍ: صَومُ العُمومِ، وصَومُ الخُصوصِ، وصَومُ خُصوصِ الخُصوصِ؛ أمَّا صَومُ العُمومِ: فهو كَفُّ البَطنِ والفَرجِ عن قَضاءِ الشَّهوةِ، كَما سَبَقَ، وأمَّا صَومُ الخُصوصِ: فهو كَفُّ السَّمعِ والبَصَرِ واللِّسانِ واليَدِ والرِّجلِ وسائِر الجَوارِحِ عنِ الآثامِ، وأمَّا صَومُ خُصوصِ الخُصوصِ: فصَومُ القَلبِ عنِ الهمَمِ الدَّنيَّةِ والأفكارِ الدُّنيَويَّةِ، وكَفُّه عَمَّا سِوى اللهِ عَزَّ وجَلَّ بالكُلِّيَّةِ)، ثُمَّ قال في أسرارِ الصَّومِ وشُروطِه الباطِنةِ: (هيَ سِتَّةُ أُمورٍ:
الأوَّلُ: غَضُّ البَصَرِ وكَفُّه عنِ الاتِّساعِ في النَّظَرِ إلى كُلِّ ما يُذَمُّ ويُكرَهُ، وإلى كُلِّ ما يَشغَلُ القَلبَ ويُلهي عن ذِكرِ اللهِ تعالى.
الثَّاني: حفظُ اللِّسانِ عنِ الهَذَيانِ والكَذِبِ، والغِيبةِ والنَّميمةِ، والفُحشِ والجَفاءِ، والخُصومةِ والمِراءِ.
الثَّالثُ: كَفُّ السَّمعِ عنِ الإصغاءِ إلى كُلِّ مَكروهٍ؛ لأنَّ كُلَّ ما حَرُمَ قَولُه حَرُمَ الإصغاءُ إليه؛ ولذلك سَوَّى اللهُ عَزَّ وجَلَّ بَينَ السَّمعِ وأكلِ السُّحتِ، فقال تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ [المائدة: 42] .
الرَّابعُ: كَفُّ بَقيَّةِ الجَوارِحِ مِنَ اليَدِ والرِّجلِ عنِ الآثامِ وعنِ المَكارِهِ، وكَفُّ البَطنِ عنِ الشُّبُهاتِ وَقتَ الإفطارِ؛ فلا مَعنى للصَّومِ عنِ الطَّعامِ الحَلالِ، ثُمَّ الإفطارِ على الحَرامِ، فمِثالُ هذا الصَّائِم مِثالُ مَن يَبني قَصرًا ويَهدِمُ مِصرًا! ...
الخامِسُ: أن لا يَستَكثِرَ مِنَ الطَّعامِ الحَلالِ وقتَ الإفطارِ، بحَيثُ يَمتَلئُ؛ فما مِن وِعاءٍ أبغَضُ إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ مِن بَطنٍ مُلئَ مِن حَلالٍ، وكَيف يُستَفادُ مِنَ الصَّومِ قَهرُ عَدوِّ اللَّهِ وكَسرُ الشَّهوةِ إذا تَدارَكَ الصَّائِمُ عِندَ فِطرِه ما فاتَه ضَحوةَ نَهارِه؟! ورُبَّما يَزيدُ عليه في ألوانِ الطَّعامِ، حتَّى استَمَرَّتِ العاداتُ أن يُدَّخَرَ جَميعُ الأطعِمةِ لرَمَضانَ، فيُؤكَلَ مِنَ الطَّعامِ فيه ما لا يُؤكَلُ في عِدَّةِ أشهُرٍ! ومَعلومٌ أنَّ مَقصودَ الصَّومِ الخَواءُ وكَسرُ الهَوى لتَقوى النَّفسُ على التَّقوى، وإذا دُفِعتِ المَعِدةُ مِن ضَحوةِ نَهارٍ إلى العِشاءِ حتَّى هاجَت شَهوتُها وقَويَت رَغبَتُها ثُمَّ أُطعِمَت مِنَ اللَّذَّاتِ وأُشبِعَت، زادَت لذَّتُها، وتَضاعَفت قوَّتُها، وانبَعَثَ مِنَ الشَّهَواتِ ما عَساها كانت راكِدةً لو تُرِكَت على عادَتِها؛ فروحُ الصَّومِ وسِرُّه تَضعيفُ القوى التي هيَ وسائِلُ الشَّيطانِ في العَودِ إلى الشُّرورِ، ولن يَحصُلَ ذلك إلَّا بالتَّقليلِ.
السَّادِسُ: أن يَكونَ قَلبُه بَعدَ الإفطارِ مُضطَرِبًا بَينَ الخَوفِ والرَّجاءِ؛ إذ ليسَ يَدري أيُقبَلُ صَومُه فهو مِنَ المُقَرَّبينَ، أو يُرَدُّ عليه فهو مِنَ المَمقوتينَ، وليَكُنْ كذلك في آخِرِ كُلِّ عِبادةٍ يَفرُغُ مِنها) [1346] ((موعظة المؤمنين)) (ص: 61، 62). ويُنظر: ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (1/ 234). .

انظر أيضا: