المَطلَبُ الأوَّلُ: حالُ المُؤمِنِ عند الاحتِضارِ
قال اللهُ سُبحانَه:
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ [فصلت: 30-32] .
قال
ابنُ كَثيرٍ: (كُلُّ مَنِ اتَّبَعِ الرَّسولَ النَّبيَّ الأمِّيَّ فلَه السَّعادةُ الأبديَّةُ، ولا خَوفٌ عليهم فيما يَستَقبلونَه، ولا هم يَحزَنونَ على ما يَتركونَه ويُخلِّفونَه، كَما قال تعالى:
أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس: 62] ، وكَما تَقولُ المَلائِكةُ لِلمُؤمِنينَ عِندَ
الاحتِضارِ في قَولِه:
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت: 30] )
[1431] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (1/ 284). .
وقال
ابنُ بازٍ: (مَعنَى الآيةِ: أنَّ الَّذينَ اعتَرَفوا بأنَّ رَبَّهم اللهُ وآمَنوا به وأخلَصوا لَه العِبادةَ واستَقاموا على ذلك تُبَشِّرُهمُ المَلائِكةُ عِندَ المَوتِ بأنَّهم لا خَوفٌ عليهم ولا هم يَحزَنونَ، وأنَّ مَصيرَهمُ الجَنَّةُ من أجلِ إيمانِهم به سُبحانَه، واستِقامَتِهم على طاعَتِه، وتَرْكِ مَعصيَتِه، وإخلاصِ العِبادةِ لَه سُبحانَه)
[1432] يُنظر: ((مجموع فتاوى ابن باز)) (15/ 429). .
وقال اللهُ سُبحانَه:
الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل: 32] .
قال
السَّمعانيُّ: (قَولُه تعالى:
الَّذِينَ تَتَوفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يعني: طاهِرينَ زاكِينَ مِنَ الشِّرْكِ، وقيلَ: مَعناه: أنَّ وفاتَهم تَقَعُ طَيِّبةً سَهْلةً. قَولُه:
يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ يُقالُ: إنَّ المُرادَ مِنه تَسليمُ المَلائِكةِ، يُبَلِّغونَ سَلامَ اللَّهِ إلَيهم)
[1433] يُنظر: ((تفسير السمعاني)) (3/ 170). .
وقال
ابنُ كَثيرٍ: (أخبَرَ تعالى عَن حالِهم عِندَ
الاحتِضارِ أنَّهم طَيِّبونَ، أي: مُخْلَصونَ مِنَ الشِّركِ والدَّنَسِ وكُلِّ سُوءٍ، وأنَّ المَلائِكةَ تُسَلِّمُ عليهم وتُبَشِّرُهم بالجَنَّةِ، كَما قال تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنَ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ [فصَلَت: 30 -32] )
[1434] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (4/ 568). .
وقال
الشِّنقيطيُّ: (ذَكَرَ جَلَّ وعَلَا في هَذِه الآيةِ الكَريمةِ: أنَّ المُتَّقينَ الَّذينَ كانوا يَمتَثِلونَ أوامِرَ رَبِّهم، ويَجتَنِبونَ نواهِيَه، تَتَوفَّاهُمُ المَلائِكةُ: أي يَقبِضونَ أرواحَهم في حالِ كَونِهم طَيِّبينَ: أي طاهرينَ مِنَ الشِّركِ والمَعاصي على أصَحِّ التَّفسيراتِ، ويُبَشِّرونَهم بالجَنَّةِ، ويُسَلِّمونَ عليهم...، والبِشارةُ عِندَ المَوتِ وعِندَ الجَنَّةِ من بابٍ واحِدٍ؛ لِأنَّها بشارةٌ بالخَيرِ بَعدَ الانتِقالِ إلَى الآخِرةِ، ويُفهَمُ من صِفاتِ هَؤُلاءِ الَّذينَ تَتَوفَّاهمُ المَلائِكةُ طَيِّبينَ، ويَقولونَ لَهم: سَلامٌ عليكُمُ ادخُلوا الجَنةَ: أنَّ الَّذينَ لَم يَتَّصِفوا بالتَّقوى لَم تَتَوفَّهمُ المَلائِكةُ على تِلكَ الحالِ الكَريمةِ، ولَم تُسَلِّمْ عليهم، ولَم تُبَشِّرْهم)
[1435] يُنظر: ((أضواء البيان)) (2/ 373). .
وعَن عُبادةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضيَ اللهُ عَنه عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال:
((مَن أحَبَّ لِقاءَ اللَّهِ أحَبَّ اللَّهُ لِقاءَه، ومَن كَرِه لَقاءَ اللَّهِ كَرِه اللَّهُ لِقاءَه، قالت عائِشةُ أو بَعضُ أزواجِه: إنَّا لَنَكرَهُ المَوتَ، قال: لَيسَ كَذلك، ولَكِنَّ المُؤمِنَ إذا حَضَرَه المَوتُ بُشِّرَ برِضوانِ اللَّهِ وكَرامَتِه، فلَيسَ شَيءٌ أحَبَّ إلَيه مِمَّا أمامَه، فأحَبَّ لِقاءَ اللَّهِ وأحَبَّ اللَّهُ لِقاءَه، وإنَّ الكافِرَ إذا حُضِرَ بُشِّرَ بعَذابِ اللَّهِ وعُقوبَتِه، فلَيسَ شَيءٌ أكرَهَ إلَيه مِمَّا أمامَه، فكَرِهَ لِقاءَ اللَّهِ، وكَرِهَ اللَّهُ لِقاءَه )) [1436] أخرجه البخاري (6507) واللَّفظُ له، ومسلم (2683، 2684) مفرَّقًا. .
قال أبو العَبَّاسِ القُرطُبيُّ: (هَذِه الكَراهيَةُ لِلمَوتِ هيَ الكَراهيَةُ الطَّبيعيَّةُ الَّتي هيَ راجِعةٌ إلَى النُّفْرةِ عَنِ المَكروه والضَّرَرِ واستِصعابِ ذلك على النُّفوسِ، ولا شَكَّ في وِجدانِها لِكُلِّ أحَدٍ، غَيرَ أنَّ مَن رَزقَه اللَّهُ تعالى ذَوقًا من مَحَبَّتِه أوِ انكَشَف لَه شَيءٌ من جَمالِ حَضْرَتِه غَلَبَ عليه ما يَجِدُه من خالِصِ مَحَبَّتِه، فقال عِندَ أُزوفِ رِحلَتِه مُخاطِبًا لِلمَوتِ وسَكْرَتِه، كَما قال مُعاذٌ رَضيَ اللَّهُ عَنه: حَبيبٌ جاءَ على فاقةٍ، لا أفلَحَ اليَومَ مَن نَدِمَ! وكانَ يَقولُ عِندَ اشتِدادِ السَّكَراتِ: اخنُقْني خَنْقَك، فوحَقِّكَ إنَّ قَلبي ليُحِبُّك!)
[1437] يُنظر: ((المفهم)) (3/ 644). .
وقال المظهريُّ: (قَولُه: «لَيسَ ذلك» يعني: لَيسَت كَراهةُ المَوتِ كَما تَظُنِّينَ يا
عائِشةُ، بَلِ المُؤمِنونَ يَكرَهونَ المَوتَ في حالةِ الصِّحَّةِ وفي المَرَضِ قَبلَ حُضورِ مَلَكِ المَوتِ بهم، وكَراهيَتِهمُ المَوتَ؛ لِخَوفِ شِدَّةِ المَوتِ، ولَيسَ لِكَراهةِ انتِقالِهم مِنَ الدُّنيا إلَى الآخِرةِ، بَل إذا رأى المُؤمِنُ مَلَكَ المَوتِ بُشِّرَ المُؤمِنُ في ذلك الوقتِ بما لَه عِندَ اللَّهِ مِنَ المَنزِلةِ والكَرامةِ، فيَزولُ حينَئِذٍ خَوفُه، ويَشتَدُّ حِرصُه بسُرعةِ قَبْضِ رُوحِه؛ ليَصِلَ إلَى ما لَه عِندَ اللَّهِ من الكَرامةِ، وأمَّا الكافِرُ فحالُه بعَكسِ هَذا)
[1438] يُنظر: ((المفاتيح في شرح المصابيح)) (2/ 414). .
وقال
ابنُ رَجَبٍ: (إذا نَزَلَ المَوتُ بالمُؤمِنِ المُستَعِدِّ لَه أحسَنَ الظَّنَّ برَبِّه، وجاءَتُه البُشرَى مِنَ اللَّهِ، فأحَبَّ لِقاءَ اللَّهِ، وأحَبَّ اللَّهُ لِقاءَه، والفاجِرُ بعَكسِ ذلك، وحينَئِذٍ يَفرَحُ المُؤمِنُ، ويَستَبشِرُ بما قَدَّمَه مِمَّا هو قادِمٌ عليه، ويَندَمُ المُفَرِّطُ، ويَقولُ:
يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ [الزمر: 56] )
[1439] يُنظر: ((جامع العلوم والحكم)) (1/ 476). .
وقال
ابنُ عُثَيمين: (أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ الإنسانَ إذا أحَبَّ لِقاءَ اللَّهِ أحَبَّ اللَّهُ لِقاءَه؛ وذلك أنَّ المُؤمِنَ يُؤمِنُ بما أعَدَّ اللَّهُ لِلمُؤمِنينَ في الجَنَّةِ مِنَ الثَّوابِ الجَزيلِ والعَطاءِ العَميمِ الواسِعِ، فيُحِبُّ ذلك وتَرْخُصُ عليه الدُّنيا ولا يَهتَمُّ بها؛ لِأنَّه سوف يَنتَقِلُ إلَى خَيرٍ مِنها؛ فحينَئِذٍ يُحِبُّ لِقاءَ اللَّهِ ولا سيَّما عِندَ المَوتِ إذا بُشِّرَ بالرِّضْوانِ والرَّحمةِ؛ فإنَّه يُحِبُّ لِقاءَ اللَّهِ عزَّ وجَلَّ ويَتَشَوَّقُ إليه، فيُحِبُّ اللَّهُ لِقاءَه، أمَّا الكافِرُ -والعِياذُ باللهِ- فإنَّه إذا بُشِّرَ بعَذابِ اللَّهِ وسَخَطِه كَرِهَ لِقاءَ اللَّهِ فكَرِهَ اللَّهُ لِقاءَه)
[1440] يُنظر: ((شرح رياض الصالحين)) (6/ 662). .
وعَن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عَنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((إذا حُضِرَ المُؤمِنُ أتَتْه مَلائِكةُ الرَّحمةِ بحَريرةٍ بَيضاءَ، فيَقولونَ: اخرُجي راضيةً مَرضِيًّا عَنكِ إلَى رَوحِ اللَّهِ ورَيحانٍ، ورَبٍّ غَيرِ غَضْبانَ، فتَخرُجُ كأطيَبِ رِيحِ الْمِسْكِ حَتَّى إنَّه ليُناوِلُه بَعضُهم بَعضًا، حَتَّى يأتُوا به بابَ السَّماءِ، فيَقولونَ: ما أطيبَ هَذِه الرِّيحَ الَّتي جاءَتكُم مِنَ الأرضِ! فيأتونُ به أرواحَ المُؤمِنينَ، فلَهم أشَدُّ فَرَحًا به من أحَدِكُم بغائِبه يَقْدَمُ عليه، فيَسألونَه: ماذا فعل فُلانٌ؟ ماذا فعل فُلانٌ؟ فيَقولونَ: دَعُوه؛ فإنَّه كانَ في غَمِّ الدُّنيا، فإذا قال: أمَا أتاكُم؟ قالوا: ذُهِبَ به إلَى أمِّه الهاويةِ!
وإنَّ الكافِرَ إذا احتُضِرَ أتَتْه مَلائِكةُ العَذاب بمِسْحٍ، فيَقولونَ: اخرُجِي ساخِطةً مَسخُوطًا عليكِ إلَى عَذابِ اللَّهِ عزَّ وجَلَّ؛ فتَخرُجُ كأنتَنِ رِيحِ جيفةٍ، حَتَّى يأتونَ به بابَ الأرضِ، فيَقولونَ: ما أنتَنَ هَذِه الرِّيحَ! حَتَّى يأتونَ به أرواحَ الكُفَّارِ )) [1441] أخرجه النسائي (1833) واللَّفظُ له، وابن حبان (3014)، والحاكم (1302). صَحَّحه ابنُ حبان، والألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (1833)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (1331)، وصَحَّح إسنادَه الحاكم، والعراقي في ((تخريج الإحياء)) (5/212)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (3014). .
قال
علي القاري: (
((إذا حُضِرَ المُؤمِنُ)) بصيغةِ المَجهولِ، أي: حَضَرُه المَوتُ. وفي رِوايةٍ: إذا قُبضَ.
((أتَت)) أي: جاءَتْه.
((مَلائِكةُ الرَّحمةِ بحَريرةٍ بَيضاءَ))، ولَعَلَّ رُوحَه تُلَفُّ فيها، وتُرفَعُ إلَى السَّماءِ، والكَفَنُ الدُّنيويُّ يَصحَبُ الجَسَدَ الصُّوريَّ.
((فيَقولونَ: اخرُجي)) أي: أيَّتُها النَّفسُ المُطمَئِنةُ ارجِعي إلى رَبِّك.
((راضيةً)) عَنِ اللَّهِ سابقًا بثَوابِ اللَّهِ لاحِقًا.
((مَرْضِيًّا عَنكِ)) أي: أوَّلًا وآخِرًا.
((إلَى رَوحِ اللهِ)) بفتحِ الرَّاءِ، أي: رَحمَتِه أو راحةٍ مِنه، وهو تَفسيرٌ لِقَولِه تعالى:
ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ [الفجر: 28] .
((ورَيْحان)) أي: رِزقٍ كَريمٍ، أو مَشمومٍ عَظيمٍ.
((ورَبٍّ غَيرِ غَضْبانَ)) أي: رَؤوفٍ رَحيمٍ.
((فتَخرُجُ كأطيبِ ريحِ الْمِسْكِ)) [1442] يُنظر: ((مرقاة المفاتيح)) (3/ 1174). .
وعَن أبي سَعيدٍ الخُدْريِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((إذا وُضِعَتِ الجِنازةُ واحتَمَلَها الرِّجالُ على أعناقِهم، فإن كانَت صالِحةً قالت: قَدِّموني، وإن كانَت غَيرَ صالِحةٍ قالت: يا ويلَها أينَ يَذهَبونَ بها؟ يَسمَعُ صَوتَها كُلُّ شَيءٍ إلَّا الإنسانَ، ولَو سَمِعَه صَعِقَ )) [1443] أخرجه البخاري (1314). .
قال
ابنُ حَجَرٍ: (إنَّ ابتداءَ العَرْضِ إنما يكونُ عند حَملِ الجِنازةِ؛ لأنَّها حينئذٍ يَظهَرُ لها ما تَؤُولُ إليه، فتقولُ ما تقولُ)
[1444] يُنظر: ((فتح الباري)) (3/ 244). .
وقال
ابنُ عُثَيمين: (الإسراعُ في الجِنازةِ يَشمَلُ الإسراعَ في تَجهيزِها، والإسراعَ في تَشييعِها، والإسراعَ في دَفنِها؛ وذلك أنَّ المَيتَ إذا مات فإمَّا أن يَكونَ صالِحًا، وإمَّا أن يَكونَ سِوى ذلك؛ فإن كانَ صالِحًا فإنَّ حَبسَه حَيلولةٌ بَينَه وبَينَ ما أعَدَّه لَه اللَّهُ مِنَ النَّعيمِ في قَبرِه؛ لِأنَّه يَنتَقِلُ مِنَ الدُّنيا إلَى خَيرٍ مِنها وإلَى أفضَلَ؛ لِأنَّه حينَ احتِضارِه ومُنازَعَتِه المَوتَ يُبَشَّرُ يُقالُ لِرُوحِه أبشِري برَحمةٍ مِنَ اللَّهِ ورَضوانٍ، فيشتاقُ لِهَذِه البُشرَى فيُحِبُّ أن يَتَعَجَّلَ وأن يُعَجَّلَ به، فإذا حُبِسَ كانَ في هَذا شَيءٌ مِنَ الجِنايةِ عليه والحَيلولةِ بَينَه وبَينَ ما أعَدَّه اللَّهُ لَه مِنَ النَّعيمِ، وإن كانَ غَيرَ صالِحٍ -والعياذُ باللهِ- فإنَّه لا يَنبَغي أن يَكونَ بَينَنا ويَنبَغي أن نُسارِعَ بالتَّخَلُّصِ مِنه)
[1445] يُنظر: ((شرح رياض الصالحين)) (4/ 546). .