دعا برسي كوكس المعتمد البريطاني إلى مؤتمرٍ عربيٍّ إعلامي لشَدِّ أزْر الشريف حسين، وإثبات تأييد العربِ له، فعقد اجتماعًا موسَّعًا في الكويت دعا إليه الشيخ جابر بن مبارك، والملك عبدالعزيز، وخزعل الكعبي أمير عربسات، ومئة شيخ من شيوخ عشائر قبيلة مطير، والظفير، والعجمان، وغيرهم من شيوخ القبائل، وأعلن في المؤتمَرِ عن نية بريطانيا الحَسَنة تجاه العرب!، وأنها ترغَبُ في استعادة مجدِهم، وتوحيدِهم وجمعِ كَلِمتِهم، ليكونوا كتلةً واحدةً!! وأكَّد على ضرورة عودة الخلافة للعرب!
هو السلطانُ علي دينار ابن السلطان زكريا بن محمد فضل الكيراوي. ولِدَ في قرية "شوية" بدارفور سنة 1856م، وهو آخر سلاطين الفور من السلالة الكيراوية في سلطنة دارفور بالسودان. أعلن توحيدَ جهود المسلمين ضِدَّ الغزو الصليبي الأوروبي في أفريقيا، ويعَدُّ السلطان علي دينار من أشهرِ السلاطين الذين حكَموا إقليم دارفور ووقفوا مع الثورة المهدية في دحر المستعمِر، كما قام السلطانُ بنشر الدعوة المهديَّة في عهد الخليفة عبد الله التعايشي خليفة مهدي السودان. أقام علي دينار في مدينة الفاشر عاصمة دارفور، وأقام مصنعًا لصناعة كسوة الكعبة، وظَلَّ طوال عشرين عامًا تقريبًا يرسِلُ كسوة الكعبة إلى مكة المكرمة، وينسب إليه حفرُ أبيار علي -ميقاتِ أهل المدينة للإحرام بالحج والعمرة- وتجديد مسجد ذي الحُليفة. اغتاله الإنجليز.
بعد اختتام مؤتمر الكويت أعمالَه زار الملك عبد العزيز البصرةَ بدعوة من برسي كوكس، وقد حَظِيَ الملك باستقبالٍ حافل من جانب سلطاتِ الاحتلال البريطاني في البصرةِ؛ إذ أقيم أمامَه استعراضٌ عسكري اشتركت فيه صنوفُ الأسلحة العسكرية، ثم قام بجولةٍ على متن القطارات والعربات، ثم اطَّلَع على المستشفيات الحديثة والقطاعات العسكرية، وسعى كوكس لعقد اجتماعٍ بين الملك عبد العزيز وفهد الهذال شيخ عنزة؛ بغرضِ منع الأخير من السماحِ بتهريب الأسلحة عن طريق العراق لتركيا، وتمَّ له ذلك.
استولى الجيشُ الإنجليزي على مدينة غزَّة الفلسطينية وانتزعها من العثمانيين، بعدما قاموا بمدِّ خَطِّ سكة حديد وخَطِّ أنابيب مياه في سيناء؛ للتغلب على صعوبة الطقس ووعورة التضاريس، وذلك بعد أن خَسِروا معركتين في غزةَ أمام العثمانيين.
أوفد برسي كوكس المعتمد البريطاني وفدا مكونا من الكولونيل هاملتون رئيسا للوفد وبرفقته جون فيلبي سكرتير كوكس والكولونيل أوين الوكيل السياسي في الكويت بغرض استنهاض الملك عبدالعزيز لحرب ابن رشيد في حائل والتوفيق بينه وبين الشريف حسين، وقد قضى هاملتون 21 يوما ثم غادر الرياض وترك فلبي يحل محله لإكمال التفاوض مع الملك عبدالعزيز، رفض الملك عبدالعزيز إعلان الحرب صراحة على تركيا لكنه طمأن الوفد عن استعداده لحرب خصمه ابن رشيد إذا تعهدت بريطانيا بتقديم التأييد له. فكتب فلبي لرؤسائه في بغداد يؤكد ضرورة تحقيق ذلك ليتمكن من التصدي لمخططات الأتراك في المنطقة من خلال قوة ابن رشيد. ثم تغيرت سياسة بريطانيا في شن حملة ضد ابن رشيد بعد تدهور الموقف العثماني في الجبهة الشرقية مع توقع انهيار الدولة العثمانية.
ما كادت الحربُ العالمية تُعلَن حتى أنزلت الجيوش البريطانية قواتِها في المحمرة -مدينة عربية في خوزستان جنوب غرب إيران- بحجة حماية امتيازات البترول في إيران، ثم نزلت في البصرة ومشت بسرعة إلى القرنة، ثم العمارة، وحسبت أن الطريق إلى بغداد بات مفتوحًا، ولكِنَّ الهجوم المعاكس الألماني التركي هزم الإنجليزَ في البداية في الكوت بعد حصار ستة أشهر، فاستنجدوا بنجداتٍ أتت من الهند ليواصِلوا الزحف إلى بغداد ودخلوها باستقبالِ اليهود والنصارى لهم بالترحيبِ والفرَحِ واضعين أنفُسَهم تحت تصرُّفِهم، وانسحب الأتراك من شمال العراق، ولم يكن احتلالُ الإنجليز للعراق إلا جزءًا من اتفاقية سايكس بيكو، مع أن الجنرال مود أعلن أنه جاء لتحرير العرب، وكان نبأُ الثورة العربية قد هدأ من نفوس العراقيين. وبقيت الحرب سجالًا بين الطرفين حتى توقيع هدنة رودس؛ لوقف الحرب عام 1337هـ / 1918م.
نشأت جمهوريةُ شمال القوقاز الجبلية الفيدرالية، وتتكوَّنُ مِن داغستان، والشيشان، وأنغوشيا، وأوسيتيا، وألانيا، وقبردينو، وأبخازيا، وبلقاريا، وأديغيا، وكانت عاصمتُها باطوم (جورجيا) واختير عبد المجيد تشيرموف أولَ رئيس لها، واعترف بهذه الدولة عددٌ من الدول الأوربية، والدولةُ العثمانية أيضًا.
اتحد الزُّعماءُ المسلمون الذين يؤيدون الاشتراكيين الثوريين والديمقراطيين الدستوريين، وشكَّلوا لجنة إسلامية نشأت عنها الجبهةُ الوطنية التتارية، ونظمت لجان العمال التي انضمَّ بعضُها إلى بعض تحت اسمِ اللجان الاشتراكية الإسلامية، فلم تلبث أن أصبحت تسيرُ في خطِّ البلاشفة، وأصدرت صحيفة "قيزل بيرق" (العلم الأحمر)، ورغم بُعدِها عن الشيوعية وكرههم للاشتراكيين ومبادئهم الإلحادية، إلا أنهم اتفقوا معهم على إنهاء الحرب وتقسيم الأرض وتحويل السلطة إلى السوفيت (مجلس العمال).
عقد الأعضاء المسلمون في المجلس النيابي (الدوما) الرابع مؤتمرًا في بيتروغراد، ودعوا أناسًا من غير النواب، وقرروا إنشاء مكتب مؤقت للمسلمين في الإمبراطورية الروسية، وتولى أحمد تساليكوف القفقاسي المنشفيكي إدارته، وقرَّروا عدم التعاون مع الأحزاب الروسية، وفي طليعتها الحزب الديمقراطي الدستوري؛ لخيانته المسلمين، وبجهودِ هذا المؤتمر عُقِدَ مؤتمرُ موسكو في الثامن من رجب من هذا العام، وعمل على التوفيق بين الإسلام والاشتراكية، ولم يقاطع المؤتمرَ من المسلمين سوى بعض البلاشفة، وطالب المؤتمرُ الحكومةَ المؤقتة بالمساواة في الحقوق المدنية مع الروس، والاستقلالَ بالأمور الدينية، وأن يكون المفتي منتخَبًا من قِبَل المسلمين وليس مُعَيَّنًا من قِبَل الحكومة، وإنهاء الاستعمار الريفي، وحصْر الأراضي بالسكَّان الأصليين، وكان أيضًا من جملة المطالبات إلغاءُ الملكية الشخصية، ومساواة الرجل بالمرأة، ومنع تعدد الزوجات، وإنشاء مديرية للشؤون الإسلامية في أوفا عاصمة الكيان الفدرالي الروسي، والمحافظة على الوحدة الإسلامية. يقول محمود شاكر: "كان المسلمون في آخرِ أيام روسيا القيصرية على درجةٍ من السذاجة والغباء لا تُوصَفُ؛ فقد استُغِلُّوا بأبسط الشعارات، وخُدِعوا بأقَلِّ الكلمات، ومع تمسُّكِهم بدينهم وكُرهِهم للروس، فقد انجرفوا معهم وساروا مع هذه المجموعة من الأحرار، ومع تلك من الاشتراكيين، ومع أخرى من البيض، ومع رابعة من الثوريين، ومع البرجوازيين!!".
استقلت دولة ألبانيا وأصبحت تحت الحماية الإيطالية، وذلك إبَّان الحرب العالمية الأولى. وألبانيا هي إحدى دول البلقان التي كانت خاضعةً للحكم العثماني، وتحوَّلت من النظام الرئاسي بعد استقلالها إلى النظام الملكي عام 1928م تحت حكم "أحمد زوغو"، ثم حكَمَها الشيوعيون بقيادة "أنور خوجا" أربعين عامًا من الحكم المطلق حتى وفاته عام 1985م.
هو السلطانُ حسين كامل سلطان ابن الخديوي إسماعيل، حَكَمَ مصر تحت الاحتلال البريطاني، ولِدَ في القاهرة، ولما بلغ الثامنة التحق بمدرسة قصر النيل التي أنشأها والده ليتعلَّم فيها، بخاصة أولاده وأولاد الأعيان. ولي حسين كامل سلسلةً من المناصب الإدارية. وأقام في طنطا فترةً بوصفه مفتشًا للدلتا، وأشرف على النهوض بقنوات الري في هذه المنطقة. وكذلك خدم مراتٍ عدةً في وزارات المعارف والأوقاف والأشغال العمومية، والداخلية والمالية. وعمل في مجالس إدارة كثيرٍ مِن الشركات الأجنبية، مثل سكة حديد الدلتا. على أنَّ خير ما أسداه من فضلٍ هو نهوضه بالزراعة في مصر، وأنشأ في دمنهور مدرسةً تجارية صناعية، ورأس مدة قصيرة مجلس شورى القوانين والمجلس التشريعي، ولكنه استقال من المجلسين سنة 1909 إثرَ الأزمة التي نشأت حول تمديدِ امتياز قناة السويس. ولما أعلنت تركيا الحربَ على بريطانيا سنة 1914. وشكَّت بريطانيا في أن الخديوي عباس حلمي الثاني يتعاطفُ مع تركيا فضلًا على تأييده للوطنيين في مصر، فعزلته وأقامت الأميرَ حسين كامل حاكمًا على مصر، وأطلقت عليه لقب سلطان؛ نكاية بالسلطان العثماني، وكان قبولُ حسين كامل للسلطنة قد قوبِلَ بمعارضة العناصر الوطنية؛ إذ رأوا أنَّ قبولَه لها في ظِلِّ الاحتلال البريطاني والحكومة العسكرية مَهانةٌ قومية. بل إن كثيرًا من هذه العناصر رأت أنها خيانةٌ عظمى ارتكبها في حَقِّ الدولة العثمانية المُسلِمة في حربها مع بريطانيا. بل نظر بعضُ الوطنيين إلى السلطان وحكومةِ الحرب التي يرأسُها حسين رشدي باشا إلى أنها أدواتٌ في يد سلطات الاحتلال البريطاني، فاستفحلت الوحشةُ بين الجمهور وبين الحكومة والسلطان؛ ولذلك ما إن تربَّع السلطان حسين على دست الحكمِ حتى باشر واجباتِه فمضى يمحو البقيةَ الباقية من آثار السلطان التركي على مصر ومظاهره الإدارية والقضائية، وعلى الرغم من كل هذا إلا أن علاقة السلطان حسين كامل بالسلطات البريطانية في مصر لم تكن في جميع ِالأحوال علاقاتٍ وديةً أو وثيقة؛ فقد كانت بريطانيا في مصر تنظر بعين السخط إلى أنه يعمَلُ على تقوية الروابط بينه وبين الحركة الوطنية؛ ومن ثم فإن البريطانيين كانوا لا يقرُّون محاولات السلطان بالظهور في صورة الزعيم الشعبي، في حين أن الشعب المصري كان ينكِرُ منه أنه أداةٌ في يد البريطانيين. بدأت صِحَّةُ السلطان حسين تضمحِلُّ إلى أن توفي في هذا العام، وكان ابنه الأمير كمال الدين حسين قد أعلن من قَبلُ نزوله عن حقه في وراثة عرش مصر، فخَلَف السلطانَ حسين أخوه الأميرُ فؤاد الذي أصبح ملكًا بعد ذلك.
نشأ الاتحادُ السوفيتي بعد ثورة أكتوبر في العام 1917م بقيادة لينين الذي أزاح منافِسيه ووصل إلى الحُكمِ على يد البلاشفة اليساريين الاشتراكيين الذين تسَمَّوا باسم الحزب الشيوعي فيما بعد. ومن الأسباب الرئيسة في قيامِ الاتحاد السوفيتي: ضَعفُ النظام القيصري في روسيا، وتردِّي الأوضاع الاقتصادية، وبسبب دخول روسيا في الحرب العالمية الأولى ضد ألمانيا، وكانت قد نشطت في روسيا العديدُ من الأحزاب اليسارية المبشِّرة بالنظام الاشتراكي الذي كان بمثابة الأمل الوحيد للتخلُّص من الإقطاعيين والرأسماليين المدعومين من قِبَل الحكومة القيصرية. وبعد عدةِ نزاعاتٍ وملاحقات وتحالفاتٍ استطاع الشيوعيون بالتعاونِ مع قوًى برجوازية -وهي الطبقة الوسطى في المجتمع- وأنواعٍ أخرى من الأحزاب الشيوعية إزاحةَ النظام القيصري، لحقت بعد ذلك فترة من الحرب الأهلية والانقسامات داخِلَ الفكر الشيوعي؛ ليقودَ الحزب الشيوعي البلشفي بقيادة فلاديمير لينين روسيا نحو حقبة سوفيتية طويلة الأمد. ولفظُ سوفييت مأخوذٌ من الكلمة الروسية التي تعني لجنة، وكان النظامُ يتكوَّن من لجان ذات عدد محدود تغطِّي جميع المناطق في الاتحاد، ثم تترتب اللجانُ بشكلٍ هرمي وصولًا للَّجنةِ المركزية للحزب الشيوعي، ويرأس الاتحادَ السوفيتي السكرتيرُ العام للحزب الشيوعي. وجمهورياته: أرمينيا، أذربيجان، روسيا البيضاء، أستونيا، جورجيا، قزخستان، قرغيزستان، لاتفيا، لتوانيا، مولدافيا، روسيا، طاجيكستان، تركمانستان، أوكرانيا، أوزبكستان، وفي هذه الجمهوريات نسبة كبيرة جدا من المسلمين.
قامت الثورة البلشفية في روسيا عام 1335هـ / 1917م، حيث تظاهر العمَّالُ نتيجة المفاسد وانهيار الأوضاع الاقتصادية وكثرة البطالة، فتشكَّلت حكومةٌ مؤقتة اشترك فيها الاشتراكيون والحزب الديمقراطي الدستوري، كان من نتيجتها تنازُلُ القيصر نقولا الثاني عن العرش لأخيه الأكبر ميخائيل، الذي سرعان ما تنازل هو أيضًا، وخوَّل الحكومةَ المؤقَّتة تسييرَ شؤون البلاد، ولم يجِدِ المسلمون لهم ناصرًا بين الروس، وقد حضروا المؤتمرات وأسَّسوا الجمعيات، لكن دون جدوى، ثم عاد لينين إلى روسيا في جمادى الأولى من العام نفسه / آذار 1917م بعد أن كان في سويسرا، وأخذ ينادي بمبدأ تقرير المصير للأقليَّات؛ ممَّا حدا ببعض المسلمين الانضمام لهذه الثورة البلشفية، بدافِعِ كرههم للروس وما فعلوه بهم، واتحد الزعماءُ المسلِمون المؤيِّدون وقرروا في مؤتمر موسكو التوفيقَ بين الإسلام والاشتراكية!، ثم أعطى لينين عام 1336هـ / 1917م أوامِرَه بصراحة لجماعته البلاشفة، فتسلَّموا السلطة دون مقاومة، ودعمها الطلاب الضبَّاط في الكلية الحربية ثم تشكَّلت الحكومة الجديدة برئاسة لينين، وهرب رئيس الحكومة المؤقتة، ثم تمَّ تأميمُ الأراضي وطلب الصلح فورًا مع الألمان، وتمَّ إلغاء المِلْكية الشخصية، ووقف المسلمون بجانب البلاشفة، أما تركستان فقد أعلنت استقلالَها بعد الانقلاب البلشفي حيث أعلن مجلِسُ الشعب الإسلامي في مدينة خوقند استقلالَ تركستان الذاتي، فسار إليها سوفييت طاشقند فاقتحموا المدينةَ ونهبوها وحرَّقوها وقَتَلوا أكثَرَ من مئة ألف من سكانها، وأما شمال القفقاس أو القوقاز فأعلن اتحادُ الجبلين أن بلادَ القفقاس جزءٌ من روسيا البيضاء، أما الداغستان والشيشان فأعلنوا قيامَ حكومة مستقلة، وأما أذربيجان فتأخَّر صدامُهم مع البلاشفة لِبُعدِ الشُّقَّة، ولكن بعد أن وقع جرت المذابِحُ التي ذهب ضحيَّتها ثلاثة آلاف مسلم، وهكذا لم يبق للمسلمين نفوذٌ ولا سلطةٌ إلا في أربعة مراكز، هي: داغستان، وشيشان، وحكومة غاندكا في أذربيجان، وإمارة بخارى، وإمارة خوارزم.
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وتقسيم الإمبراطورية، اتحدت عام 1918م كلٌّ مِن صربيا، كرواتيا، وسلوفينيا، تحت قيادة ملك الصرب بطرس الأول، وباسم مملكة صربيا وكرواتيا وسلوفينيا، وهي مملكة أوروبية امتدَّت من غرب البلقان حتى وسط أوروبا. اتبع خليفة بطرس الأول الملك الكسندر الأول حكمًا عسكريًّا منذ عام 1929م إلى حين اغتياله عام 1934م. أُعيد تسمية البلاد إلى مملكة يوغوسلافيا. ثم ناصَرَ الملكُ بطرس الثاني عام 1941م دولَ المحور في الحرب العالمية الثانية؛ مما أدى إلى إسقاطه في الحال على يد الجيش. انتهز هتلر هذه الفرصة وأمر القواتِ الألمانيةَ والإيطالية باحتلال البلاد. أصبح عام 1943م جوزيف بروز الملقب بتيتو زعيمَ المقاومة اليوغوسلافية، التي تمكَّنت مع القوات السوفيتية من تحرير البلاد عام 1945م. أُعلِنَ في نفس السنة قيامُ اتحاد الجمهوريات اليوغوسلافية الشعبية وتيتو رئيسًا لها. كان هذا الاتحادُ يضُمٌّ كلًّا من صربيا، كرواتيا، سلوفاكيا، البوسنة والهرسك، والجبل الأسود، ومقدونيا. بقي رئيسًا للاتحاد حتى مماته عام 1980م، الذي كان بداية النهاية للاتحاد اليوغوسلافي. كانت يوغوسلافيا في الفترة 1945 - 1948م تتبع الاتحاد السوفيتي، إلى حين ظهور خلافات على السطح وإعلان يوغوسلافيا اتباع سياسة محايدة إيجابية دوليًّا. لعبت بعد ذلك تحت قيادة تيتو دورًا مهمًّا في السياسة الدولية وتشكيل منظَّمة عدمِ الانحياز.
وعدُ بلفور أو تصريحُ بلفور، هو وعدٌ لليهود يمنَحُهم حقَّ إقامة وطن قومي في فلسطين، وهو وعدٌ مشؤوم بالنسبة للمسلمين يناقِضُ ما أبرمه الإنجليزُ مع الشريف حسين في مراسلات "حسين، مكماهون" والوعودَ بإقامة خلافةٍ عربية إسلامية في البلاد العربية مقابِلَ إعلان العرب الثورةَ على الدولة العثمانية!! ولقد أثار اشتراكُ الإمبراطورية العثمانية في الحربِ ضِدَّ الحلفاء الأطماعَ الصهيونية، وكان على رأس زعمائهم في إنجلترا حاييم وايزمان الذي كتب إلى زعماء الصهيونية في أمريكا طالبًا دعم الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون الذي وصل للرئاسة بفضلِ تمويل اليهودِ فهو تابعٌ لهم، وأما في بريطانيا فكان اليهودُ قد أطاحوا بحكومةِ رئيس الوزراء هربرت هنري سكويت المعروفِ بعدائه لليهود، وموَّلوا حكومةً ائتلافية فيها ديفيد لويد جورج المحامي عن الحركة الصهيونية ووينستون تشرشل الماسوني والمؤازر للصهيونية، ثم أعلنت بريطانيا إرسالَ وزير خارجيتها بلفور إلى الولايات المتحدة للاتصالِ بممثلي المصارف الأمريكية (غالبهم إن لم يكن كلهم من اليهود) وإبلاغهم رسميًّا بأنَّ الحكومة البريطانية ستتبنى رسميًّا مشاريعهم المتعلِّقة بالصهيونية مقابِلَ تعهُّدهم بإدخال أمريكا إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية، ثم دخلت أمريكا الحربَ، وكانت أول كتائبها وصلت إلى فرنسا في حزيران 1917م وتكفَّلت بريطانيا بإعادة تأسيس فلسطين كوطنٍ قومي لليهود، وكأن أرض فلسطين ملكُ آبائهم! وكان وعد بلفور صدر في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) وهو عبارةٌ عن خطاب من آرثر جيمس بلفور وزيرِ خارجية بريطانيا إلى المصرفيِّ اليهودي اللورد ليونيل وولتر دي روتشلد، وجاء فيه: "أن حكومة جلالة الملك تنظرُ بعين العطفِ إلى تأسيس وطنٍ قوميٍّ للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل جهدَها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليًّا أنه لن يؤتى بعمَلٍ من شأنه أن يجحَفَ بالحقوق المدنية والدينية التي تتمتَّعُ بها الطوائف غير اليهودية الآن في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتَّعُ به اليهود في البلدان الأخرى" وقد تمسَّكت الحكومات البريطانية المتعاقبة بهذا التصريح الذي أصبح عن طريق الانتداب إلزامًا دوليًّا، وكان من غايات بريطانيا لهذا هو حماية مصالحها في السويس، فكان هذا أولَ الغدر الظاهِرِ، وليس أوَّله بالكلية، وأبدى العربُ والقوميون الذين كانوا مخدوعين بالوعود الإنجليزية استياءَهم، ولكن لاتَ حينَ مناصٍ!!!
تأسَّست حركة الإخوان -وكان مقرها الرئيسي الأرطاوية- على يد الملك عبدالعزيز لخوض المعارك ضد خصومه، وكانوا تستعِرُ داخِلَهم جذوةُ الدين وأصبحوا لا يُقهَرون، وكان شعارهم في الحرب: (هَبَّت هبوبُ الجنة، أين أنت يا باغيها؟ وكلٌّ يبغيها)؛ لذلك فكانوا يحاربون، وقلَّما ينهزمون، يرون أنَّ الجنَّةَ أمامهم والنارَ خلفهم، فلا يتقهقرون ولا يولون الدبر، فانتشر خبرهم وذاع صيتهم حتى بلغ الدوائر الإنجليزية والشريف حسين الذي هابهم وأبلغ الانجليز عن قلقه منهم وتحريضه لهم للقضاء عليهم والضغط على الملك عبدالعزيز للإلغائهم والتخلص منهم.
تمكن الكولونيل هاملتون خلال رحلة له في الرياض أن يقضيَ يوما في الأرطاوية في أكتوبر 1917 أحدِ أهمِّ مراكز الإخوان، ليتعرف عليهم عن كثب فقدَّر عدد سكان الأرطاوية ب 35 ألف نسمة، وأرسل تقريره إلى جُدة ثم القاهرة فانتشر وأثار لديهم فزعًا ليس بقليل.
عقد المجلسُ الأعلى للحلفاء اجتماعًا في سان ريمو في إيطاليا في نيسان 1920م وغايتُه وضع اتفاقية خاصة بتركيا غايتُها تصفية الخلافات الفرنسية الإيطالية؛ لهذا قرَّرت منح فرنسا منطقةَ أضنة على أن تضعَ إيطاليا يدَها على ما تبقَّى من أراضي جنوبي الأناضول، بما في ذلك أزمير، وولاية قونيا، ومتصرفيات أضاليا، وبقية أراضي الأناضول غربًا.
هو السلطانُ محمد الخامس رشاد بن عبد المجيد الأول بن محمود الثاني عبد الحميد الأول بن أحمد الثالث بن محمد الرابع بن إبراهيم الأول بن أحمد الأول بن محمد الثالث بن مراد الثالث بن سليم الثاني بن سليمان القانوني. ولِدَ سنة 1844 باستانبول، وهو السلطان الخامس والثلاثون للدولة العثمانية، تولى الحكمَ بعد خلع أخيه عبد الحميد الثاني 1909م، وكان عمره 65 عامًا. أعيد تفعيلُ الدستور بعد تنصيبِه، وسيطر الاتحاديون على جميعِ مقاليد الحكمِ، ولم يبق للخليفة من الحكمِ إلا اسمُه، وأعلن السلطان محمد رشاد الجهادَ الإسلاميَّ على الحُلَفاء رغمًا عنه بأمر من الاتحاديين، وهُزِمت الدولة العثمانية في الحرب بجانب ألمانيا، وتوفِّيَ قبل أن تستسلم الدولة في الحرب العالمية الأولى بعدة أشهرٍ مِن هذا العام، بعد أن أمضى في الخلافة الصوريةِ قرابةَ الثماني سنوات، ثم تولى بعده أخوه محمد السادس وحيد الدين.
احتلَّ الجيش العثماني التاسع، الذي يقوده نوري باشا، مدينةَ باكو في أذربيجان أثناء الحربِ العالمية الأولى، وأعلن نوري باشا أن تَدخُّل قواتِه حدث بطلبٍ مِن الحكومة الأذربيجانية، وتمكَّن الجيشُ من الوصول إلى حدودِ بحر الخزر -بحر قزوين-، لكِنَّ هذا الوضع لم يستمرَّ طويلًا؛ فقد اضطرت القواتُ العثمانية إلى الانسحاب بموجِبِ معاهدةِ موندروس.
استطاعت كلٌّ من القوات الفرنسية والإنجليزية التمكُّنَ مِن السيطرة على بلاد الشام مِن الدولة العثمانية بما يتَّفِقُ مع اتفاقية سايكس بيكو، وقامتا بتحريضِ الأمير فيصل بن الحسين على ارتكابِ مذبحةٍ ضِدَّ الجنود العثمانيين المنسحِبين نحو الشمال.
مع ما تمتَّع به الإخوانُ (إخوان من أطاع الله) من بسالةٍ وبطشٍ بالأعداء ورغبةٍ في الجهادِ، لكن بدا منهم جفاءٌ وغلظة مع من يخالِفُهم في طريقتِهم من الحضَرِ عُمومًا، والبدو خصوصًا، ممَّن لم يلحَقْ بهم في الهِجَر، وصاروا يتهمونَهم بالضلالِ، وربما رموهم بالكُفرِ، فانتشر من جرَّاءِ هذا الأمر الفوضى في البلادِ، وكاد ينقَطِعُ حبل الأمن والسلام، فعقد السلطان عبد العزيز ابن سعود مؤتمرًا في الرياض في هذا العام للنظرِ فيما استحدث الإخوانُ مِن تُهَمٍ وأحكامٍ حَضَره كبارُ الرؤساء والعلماء وقرَّروا بعد البحث ستة أمور:
1- الكُفرُ لا يُطلَقُ على بادية المسلمين الثابتين على دينهم.
2- لا تفاوُتَ بين لابسِ العقال ولابسِ العمامة إذا كان معتقَدُهم واحدًا.
3- لا فرقَ بين الحضر الأولينَ والمهاجرين الآخرين.
4- لا فرقَ بين ذبيحةِ البدوي الذي في ولايةِ المسلمين، ودَربُه دَربُهم، ومُعتقدُه مُعتقدُهم، وبين ذبيحةِ الحضر الأولين والمهاجرين.
5- لا حَقَّ للمهاجرين أن يعتدُوا على النَّاسِ الذين لم يُهاجِروا؛ كأن يضربوهم، أو يتهدَّدوهم، أو يُلزِموهم بالهِجرةِ.
6- لا يحِقُّ لأحدٍ أن يهجُرَ أحدًا بدويًّا كان أو حضريًّا بغيرِ أمرٍ واضحٍ، وكُفرٍ صَريحٍ، وبدون إذنٍ مِن وليِّ الأمرِ أو الحاكِمِ الشرعيِّ.