موسوعة أصول الفقه

المَسألةُ الخامِسةُ: أن يَكونَ حاصِلًا بكسبِ المُكلَّفِ لا بكَسبِ غيرِه


مِن شُروطِ الفِعلِ المُكلَّفِ به أن يَكونَ هذا الفِعلُ حاصِلًا بكَسبِ المُكلَّفِ، فلا يَصِحُّ شَرعًا تَكليفُ أحَدٍ بأن يَفعَلَ غيرُه فِعلًا أو يَكُفَّ غيرُه عن فِعلٍ [629] يُنظر: ((المستصفى)) للغزالي (ص: 69)، ((الإحكام)) للآمدي (1/ 147)، ((البحر المحيط)) للزركشي (2/ 108)، ((علم أصول الفقه)) لخلاف (ص: 130). ولا يُعتَرَضُ على هذا بإلزامِ العاقِلةِ ديةَ خَطَأِ وَليِّها؛ لأنَّ ذلك مِن بابِ رَبطِ الحُكمِ بالسَّبَبِ. يُنظر: ((البحر المحيط)) للزركشي (2/ 108). .
الأدِلَّةُ:
1- قَولُ اللهِ تعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام: 164] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
بيَّنَتِ الآيةُ أنَّ الجَزاءَ عِندَ اللهِ تعالى على الأعمالِ مَبنيٌّ على عَدَمِ انتِفاعِ أحَدٍ أو مُؤاخَذَتِه بعَمَلِ غَيرِه [630] يُنظر: ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (8/211). .
فالآيةُ أصلٌ في أنَّه لا يُؤخَذُ أحَدٌ بفِعلِ أحَدٍ [631] يُنظر: ((الإكليل)) للسيوطي (ص: 125). .
2- قَولُ اللهِ عزَّ وجَلَّ: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [النجم: 39] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
دَلَّتِ الآيةُ على أنَّ الإنسانَ لا يَملِكُ غيرَ سَعيِه، ولا يَستَحِقُّ غيرَه [632] يُنظر: ((تفسير آيات أَشكلت على كثير من العلماء)) لابن تيمية (1/451). .
2- أنَّ فِعلَ غيرِه أو كَفَّ غيرِه ليس مُمكِنًا لَه هو، وعلى هذا لا يُكلَّفُ إنسانٌ بأن يُزَكِّيَ أبوه أو يُصَلِّيَ أخوه أو يَكُفَّ جارُه عنِ السَّرِقةِ. وكُلُّ ما يُكلَّفُ به الإنسانُ مِمَّا يَخُصُّ غيرُه هو النُّصحُ، والأمرُ بالمَعروفِ، والنَّهيُ عنِ المُنكَرِ، وهذا مِن فِعلِه المَقدورِ له [633] يُنظر: ((علم أصول الفقه)) لخلاف (ص: 130). .
3- أنَّ التَّكليفَ بفِعلِ الغيرِ حالةَ عَدَمِ القُدرةِ عليه تَكليفٌ بما لا يُطاقُ [634] يُنظر: ((الإحكام)) للآمدي (1/ 134). .
وقيلَ: يَجوزُ تَكليفُ المُسلمِ بكَسبِ غيرِه [635] ((المهذب)) لعبدالكريم النملة (1/ 368). .

انظر أيضا: