موسوعة أصول الفقه

الفرعُ السَّادِسُ: الاختِلافُ في قاعِدةٍ مِن قَواعِدَ الأصول


إنَّ مِن أسبابِ الاختِلافِ بَينَ المُجتَهِدينَ: اختِلافُهم في قاعِدةٍ مِن قَواعِدِ أصولِ الفِقهِ، ويَتَرَتَّبُ عليه كذلك خِلافٌ في الفُروعِ [315] يُنظَر: ((تقريب الوصول)) لابن جزي (ص: 202). .
مِثالُه: اختِلافُهم في حَملِ المُطلَقِ على المُقَيَّدِ، ومِن ذلك [316] يُنظَر: ((تقريب الوصول)) لابن جزي (ص: 202)، ((مفتاح الوصول)) للتلمساني (ص: 544)، ((حاشية العطار على جمع الجوامع)) (2/ 86)، ((أسباب اختلاف الفقهاء)) للصاعدي (ص: 90). : قَولُ اللهِ تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا [المجادلة: 3] . وقد ورَدَ في كَفَّارةِ القَتلِ الخَطَأِ قَولُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ [النساء: 92] .
فالرَّقَبةُ في الآيةِ الأولى مُطلَقةٌ، وفي الآيةِ الثَّانيةِ مُقَيَّدةٌ بالإيمانِ، فهَل يُحمَلُ المُطلَقُ على المُقَيَّدِ أو لا؟
فذَهَبَ الجُمهورُ مِنَ المالِكيَّةِ [317] يُنظَر: ((مواهب الجليل)) لأحمد المختار الجكني (3/ 187). والشَّافِعيَّةِ [318] يُنظَر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (10/ 462). ، وأحمدُ في رِوايةٍ [319] يُنظَر: ((الروايتين والوجهين)) لأبي يعلى (2/ 185). إلى اشتِراطِ الإيمانِ في رَقَبةِ كَفَّارةِ الظِّهارِ حملًا للمُطلَقِ على المُقَيَّدِ؛ نظرًا لاتِّحادِ الحُكمِ وإنِ اختَلَف السَّبَبُ على قاعِدَتِهم. وذَهَبَ الحَنَفيَّةُ [320] يُنظَر: ((أصول الشاشي)) (ص: 33)، ((النتف في الفتاوى)) للسغدي (1/ 144). ، وأحمدُ في رِوايةٍ أخرى [321] يُنظَر: ((الروايتين والوجهين)) لأبي يعلى (2/ 185). إلى عَدَمِ اشتِراطِ الإيمانِ فيها، بناءً على أصلِهم في عَدَمِ حَملِ المُطلَقِ على المُقَيَّدِ عِندَ اختِلافِ السَّبَبِ.

انظر أيضا: