المعنى الإجماليُّ:
افتُتِحَت هذه السُّورةُ بالحروفِ المقطَّعةِ؛ لبيانِ إعجازِ القرآنِ؛ إذ تُبرِزُ عجْزَ الخَلْقِ عن مُعارَضتِه بالإتيانِ بشَيءٍ مِن مِثْلِه، مع أنَّه مرَكَّبٌ مِن هذه الحروفِ العربيَّة الَّتي يَتحدَّثون بها.
ثمَّ يخبِرُ الله تعالى عن المعركةِ الَّتي دارَتْ بيْنَ الفُرسِ والرُّومِ وانتهَتْ بهزيمةِ الرُّومِ، ويُبشِّرُ المؤمنينَ بانتصارِ الرُّومِ بعدَ ذلك، فيقولُ: غَلَب أهلُ فارسَ المُشرِكونَ الرُّومَ مِن أهلِ الكِتابِ في أدنى الأرضِ، والرُّومُ مِن بعدِ هزيمتِهم مِنَ الفُرسِ سيَنتَصِرونَ عليهم خِلالَ بِضْعِ سِنينَ، لله وحْدَه الحُكمُ والتَّقديرُ والأمرُ النَّافِذُ مِن قَبلِ انتصارِ الرُّومِ على الفُرسِ، ومِن بَعدِ انتصارِهم عليهم، ويومَ يَنتَصِرُ الرُّومُ على الفُرسِ يفرَحُ المؤمِنونَ بنَصرِ الله؛ ينصُرُ اللهُ مَن يَشاءُ مِن عبادِه، وهو الغالِبُ القاهِرُ لأعدائِه، الرَّحيمُ بعِبادِه المؤمنينَ.
وعَدَ اللهُ المؤمِنينَ بانتصارِ الرُّومِ على الفُرسِ وعْدًا لا بُدَّ مِن وُقوعِه، لا يُخلِفُ اللهُ وعْدَه، ولكِنَّ أكثَرَ النَّاسِ لا يَعلَمونَ. يَعلَمونَ ما يَتعلَّقُ بشُؤونِ دُنياهم فحَسْبُ، وهم عن أمرِ آخرتِهم غافِلونَ، لا يُفَكِّرونَ في شأنِها، ولا يَعمَلونَ لأجْلِها.