موسوعة الآداب الشرعية

ثانيًا: عَدَمُ سَبِّ الصَّحابةِ أو تَنقُّصِهم


مِن الأدبِ معَ الصحابةِ: اجتنابُ سبِّهم أو التَّنقُّصِ منهم.
الدَّليلُ على ذلك مِن الكِتابِ والسُّنَّةِ:
أ- مِنَ الكِتابِ
1- قال تعالى: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر: 8 - 10] .
 في هذه الآياتِ ذَكَر اللهُ تعالى أصحابَ نَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على ثَلاثِ فِرَقٍ، وهو قَولُه تعالى: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ فهذه فِرقةٌ، والثَّانيةُ: قَولُه تعالى: وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ، والفِرقةُ الثَّالِثةُ: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ، وأثنى على الثَّلاثةِ مَعًا مِمَّا حَوته الآياتُ الثَّلاثُ، فليس يَخلو أحَدٌ صاحَبَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولَو ساعةً واحِدةً إلَّا وهو داخِلٌ في إحدى الفِرَقِ الثَّلاثِ، فهذا الآنَ حُجَّةٌ على كُلِّ مَن سَبَّ واحِدًا مِنهم أو تَنقَّصه، ودَليلٌ على أنَّ مَن أتى في أصحابِ نَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خِلافَ الجَميلِ أنَّه رادٌّ على اللهِ تعالى، وغَيرُ راضٍ لدينِه جَلَّ وتعالى بما رَضيَه هو له بنَصِّ القُرآنِ الذي لا يَأتيه الباطِلُ مِن بَينِ يَدَيه ولا مِن خَلفِه، قَبلَ أن يَصيرَ إلى ما عليه في الأخبارِ مِن إيجابِ اللَّعنةِ [774] يُنظر: ((النكت الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام)) للكَرَجي القصاب (4/ 258، 259). .
2- قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا * وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [الأحزاب: 57-58] .
وجه الدلالة
قال السعدي: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا أي: بغَيرِ جنايةٍ منهم موجِبةٍ للأذى فَقَدِ احْتَمَلُوا على ظُهورِهم بُهْتَانًا حيثُ آذَوهم بغيرِ سَبَبٍ وَإِثْمًا مُبِينًا حَيثُ تَعَدَّوا عليهم، وانتَهَكوا حُرمةَ أمرِ اللهِ باحتِرامِها.
ولهذا كان سَبُّ آحادِ المُؤمِنينَ موجِبًا للتَّعزيرِ بحَسَبِ حالتِه وعُلوِّ مَرتَبَتِه؛ فتَعزيرُ مَن سَبَّ الصَّحابةَ أبلغُ، وتَعزيرُ مَن سَبَّ العُلماءَ وأهلَ الدِّينِ أعظَمُ مِن غَيرِهم) [775] ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 671). .
وقال ابنُ كثيرٍ: (وقَولُه: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا أي: يَنسُبونَ إليهم ما هم بُرَآءُ مِنه لم يَعمَلوه ولم يَفعَلوه فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا، وهذا هو البَهتُ البَيِّنُ أن يُحكى أو يُنقَلَ عنِ المُؤمِنينَ والمُؤمِناتِ ما لم يَفعَلوه، على سَبيلِ العَيبِ والتَّنَقُّصِ لهم، ومِن أكثَرِ مَن يَدخُلُ في هَذا الوَعيدِ الكَفَرةُ باللهِ ورَسولِه، ثُمَّ الرَّافِضةُ الذينَ يَتَنَقَّصونَ الصَّحابةَ ويَعيبونَهم بما قَد بَرَّأهمُ اللهُ مِنهُ، ويَصِفونَهم بنَقيضِ ما أخبَرَ اللهُ عنهم؛ فإنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ قد أخبَرَ أنَّه قَد رَضِيَ عنِ المُهاجِرينَ والأنصارِ ومَدحَهم، وهؤلاء الجَهَلةُ الأغبياءُ يَسُبُّونَهم ويَتَنَقَّصونَهم، ويَذكُرونَ عنهم ما لم يَكُنْ ولا فَعَلوهُ أبَدًا، فهم في الحَقيقةِ مَنكوسو القُلوبِ؛ يَذمُّونَ المَمدوحينَ، ويَمدَحونَ المَذمومينَ) [776] ((تفسير القرآن العظيم)) (6/ 480، 481). .
ب- مِنَ السُّنَّةِ
1- عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضيَ اللهُ عنه، قال: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَسُبُّوا أصحابي؛ فلو أنَّ أحَدَكُم أنفقَ مِثلَ أُحُدٍ ذَهَبًا ما بَلَغَ مُدَّ [777] المُدُّ: رُبعُ الصَّاعِ، ويُقالُ: إنَّه مُقدَّرٌ بأن يَمُدَّ الرَّجُلُ يَدَيه فيَملأَ كَفَّيه طَعامًا؛ ولذلك سُمِّيَ مُدًّا. يُنظر: ((غريب الحديث)) للخطابي (1/ 248). أحَدِهم ولا نَصيفَه [778] النَّصيفُ: النِّصفُ، وهو مِن كُلِّ شَيءٍ: شَطرُه مُساويًا له في القَدرِ، والمُرادُ هنا: نِصفُ المُدِّ، والمَعنى: أنَّ جُهدَ المُقِلِّ مِنهم واليَسيرَ مِنَ النَّفقةِ الذي أنفقوه في سَبيلِ اللهِ مَعَ شِدَّةِ العَيشِ والضِّيقِ الذي كانوا فيه، أوفى عِندَ اللهِ وأزكى مِنَ الكَثيرِ الذي يُنفِقُه مَن بَعدَهم. يُنظر: ((غريب الحديث)) للقاسم بن سلام (1/ 379)، ((معالم السنن)) للخطابي (4/ 308)، ((عمدة الحفاظ)) للسمين الحلبي (4/ 184). ) [779] أخرجه البخاري (3673) واللفظ له، ومسلم (2541). .
2- عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ اللهَ قال: من عادى لي وليًّا فقد آذَنتُه [780] آذَنتُه بالشَّيءِ أوذِنُه إيذانًا: إذا أعلَمتَه. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (7/ 235). بالحَربِ، وما تَقَرَّبَ إليَّ عَبدي بشيءٍ أحَبَّ إليَّ مِمَّا افتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبدي يَتَقَرَّبُ إليَّ بالنَّوافِلِ حَتى أحِبَّه، فإذا أحبَبتُه كُنتُ سَمعَه الذي يَسمَعُ به، وبَصَرَه الذي يُبصِرُ به، ويَدَه الَّتي يَبطِشُ بها، ورِجلَه التي يَمشي بها، وإن سَألني لأعطِيَنَّه، ولَئِنِ استَعاذَني لأُعيذَنَّه، وما تَرَدَّدتُ عن شيءٍ أنا فاعِلُه تَردُّدي عن نَفسِ المُؤمِنِ؛ يَكرَهُ المَوتَ، وأنا أكرَهُ مَساءَتَه)) [781] أخرجه البخاري (6502). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
قَولُه عَزَّ وجَلَّ: ((مَن عادى لي وليًّا فقدَ آذَنتُه بالحَربِ)) يَشمَلُ كُلَّ وَليٍّ، و(المِعيارُ الذي تُعرَفُ به صِحَّةُ وِلايَتِه هو أن يَكونَ عامِلًا بكِتابِ اللهِ سُبحانَه وبسُنَّةِ رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، مُؤثِرًا لهما على كُلِّ شَيءٍ، مُقدِّمًا لهما في إصدارِه وإيرادِه وفي كُلِّ شُؤونِه) [782] ((قطر الولي)) للشوكاني (ص: 262). ، ولا شَكَّ أنَّ الصَّحابةَ هم رؤوسُ الأولياءِ وأكابِرُهم، وأنَّهم (أفضَلُ أولياءِ اللهِ سُبحانَه وأكرَمُهم عليه، وأعلاهم مَنزِلةً عِندَه، وهمُ الذينَ عَمِلوا بكِتابِ اللهِ تعالى وسُنَّةِ رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) [783] ((قطر الولي)) للشوكاني (ص: 240). ، وهم (خَيرُ العالمِ بأسرِه مِن أوَّلِه إلى آخِرِه، لا يَفضُلُهم أحَدٌ إلَّا الأنبياءُ والمَلائِكةُ؛ ولهذا لم يَعدِلْ مِثلُ أحُدٍ ذَهَبًا مُدَّ أحَدِهم ولا نَصيفَه، فإذا لم يَكونوا رَأسَ الأولياءِ وصَفوةَ الأتقياءِ، فليسَ للهِ أولياءُ ولا أتقياءُ، ولا بَرَرةٌ ولا أصفياءُ!
وقد نَطَقَ القُرآنُ الكَريمُ بأنَّ اللَّهَ قد رَضيَ عن أهلِ بَيعةِ الشَّجَرةِ، وهم جُمهورُ الصَّحابةِ إذ ذاكَ.
وثَبَتَ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وآلِه وسَلَّمَ ثُبوتًا مُتَواتِرًا أنَّ اللَّهَ سُبحانَه اطَّلعَ على أهلِ بَدرٍ فقال: «اعمَلوا ما شِئتُم فقد غَفرتُ لكُم» [784] لفظُه: عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((بعثني رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنا والزُّبَيرُ، والمقدادُ بنُ الأسوَدِ، قال: انطَلِقوا حتى تأتوا روضةَ خاخٍ؛ فإنَّ بها ظَعينةً، ومعها كتابٌ فخُذوه منها، فانطلَقْنا تَعادى بنا خيلُنا حتى انتَهَينا إلى الرَّوضةِ، فإذا نحن بالظَّعينةِ، فقُلْنا: أخرجي الكتابَ، فقالت: ما معي من كتابٍ، فقُلْنا: لتُخرِجِنَّ الكتابَ أو لنُلقِيَنَّ الثيابَ، فأخرجَتْه من عِقاصِها، فأتينا به رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فإذا فيه: مِن حاطِبِ بنِ أبي بَلتعةَ إلى أُناسٍ من المشركين مِن أهلِ مكَّةَ يخبِرُهم ببعضِ أمرِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا حاطِبُ، ما هذا؟! قال: يا رَسولَ اللهِ، لا تعجَلْ عليَّ، إنِّي كنتُ امرَأً مُلصَقًا في قريشٍ، ولم أكُنْ من أنفُسِها، وكان مَن معك من المهاجِرين لهم قراباتٌ بمكَّةَ يحمون بها أهليهم وأموالَهم، فأحببتُ إذْ فاتني ذلك من النَّسَبِ فيهم أن أتخِذَ عندهم يدًا يحمون بها قرابتي، وما فعلتُ كُفرًا ولا ارتدادًا، ولا رِضًا بالكُفرِ بعد الإسلامِ، فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لقد صدَقَكم، قال عُمَرُ: يا رسولَ اللهِ، دَعْني أضرِبْ عُنُقَ هذا المنافِقِ! قال: إنَّه قد شهد بدرًا، وما يُدريك لعلَّ اللهَ أن يكونَ قد اطَّلع على أهلِ بَدرٍ فقال: اعمَلوا ما شئتمُ، فقد غفرتُ لكم)).  أخرجه البخاري (3007) واللَّفظُ له، ومسلم (2494). ، وشَهدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لجَماعةٍ مِنهم بأنَّهم مِن أهلِ الجَنَّةِ.
فقَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا الحَديثِ: «مَن عادى لي وليًّا» يَصدُقُ عليهم صِدقًا أوَّليًّا، ويتناولُهم بفحوى الخِطابِ [785] فحوى الخِطابِ -ويُسَمَّى تَنبيهَ الخِطابِ، ومَفهومَ الموافَقةِ-: هو إثباتُ حُكمِ المَنطوقِ به للمَسكوتِ عنه بطَريقِ الأَولى، كَقَولِه تعالى: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ [الإسراء: 23] ، فيه تَنبيهٌ على النَّهيِ عن ضَربِهما وسَبِّهما؛ لأنَّ الضَّربَ والسَّبَّ أعظَمُ مِنَ التَّأفيفِ، وكذلك قَولُه تعالى: وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ [آل عمران: 75] ، فيه تَنبيهٌ على أنَّه يُؤَدِّي ما كان دونَ القِنطارِ، ففي هذه الآيةِ نَبَّهَ بالأعلى على الأدنى، وفي الآيةِ الأولى نَبَّهَ بالأدنى على الأعلى. يُنظر: ((الفقيه والمتفقه)) للخطيب البغدادي (1/ 233)، ((تقريب الوصول إلي علم الأصول)) لابن جزي (ص: 163). [786] ((قطر الولي)) للشوكاني (ص: 277). .
3- عن أنسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لمَّا عُرِج بي مرَرتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يَخمِشونَ وُجوهَهم وصُدورَهم، فقُلتُ: مَن هؤلاء يا جِبريلُ؟ قال: هؤلاء الذين يأكُلونَ لحومَ النَّاسِ، ويَقَعون في أعراضِهم)) [787] أخرجه أبو داود (4878) واللفظ له، وأحمد (13340). صحَّحه ابنُ باز في ((مجموع الفتاوى)) (9/239)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4878)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (112)، وصحَّح إسنادَه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (13340). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه إذا كان هذا الوعيدُ لمَن وقَعَ في عِرضِ آحادِ النَّاسِ، فكَيف بمَنِ اغتابَ خيارَ النَّاسِ ووقَعَ في أعراضِ أعاظِمِهم أصحابِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ لا شَكَّ أنَّ مَن فَعَل ذلك قد وقَعَ في (حَرامٍ مِن فواحِشِ المُحَرَّماتِ) [788] يُنظر: ((شرح مسلم)) للنووي (16/ 93). .
قال ابنُ تَيميَّةَ: (سَبُّ أصحابِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَرامٌ... لأنَّ اللَّهَ سُبحانَه يَقولُ: وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُم بَعْضًا وأدنى أحوالِ السَّابِّ لهم أن يَكونَ مُغتابًا، وقال تعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ والطَّاعِنُ عليهم هُمَزةٌ لُمَزةٌ، وقال: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا وهم صُدورُ المُؤمِنينَ؛ فإنَّهم همُ المواجَهونَ بالخِطابِ في قَولِه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا حَيثُ ذُكِرَت، ولم يَكتَسِبوا ما يوجِبُ أذاهم؛ لأنَّ اللَّهَ سُبحانَه رَضيَ عنهم رِضًا مُطلقًا) [789] ((الصارم المسلول)) (ص: 571، 572). .
فوائدُ:
1- قال أبو زُرْعةَ الرَّازيُّ: (إذا رَأيتَ الرَّجُلَ يَنتَقِصُ أحَدًا مِن أصحابِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فاعلَمْ أنَّه زِنْديقٌ؛ وذلك أنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عِندَنا حَقٌّ، والقُرآنَ حَقٌّ، وإنَّما أدَّى إلَينا هَذا القُرآنَ والسُّننَ أصحابُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وإنَّما يُريدونَ أن يَجرَحوا شُهودَنا ليُبطِلوا الكِتابَ والسُّنَّةَ، والجَرحُ بهِم أَولى، وهم زَنادِقةٌ) [790] ((الكفاية)) للخطيب (ص: 49)، ((الإصابة في تمييز الصحابة)) لابن حجر (1/ 162، 163). .
2- سَبُّ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم ليس على مرتبةٍ واحدةٍ، بل له مراتِبُ مُتفاوِتةٌ؛ فإنَّ سَبَّ الصَّحابةِ أنواعٌ ودَرَكاتٌ؛ فمنها سبٌّ يقتضي الطَّعنَ في عدالتِهم، ومنها سَبٌّ لا يوجِبُ الطَّعنَ في عدالتِهم، وقد يكونُ السَّبُّ لجميعِهم أو أكثَرِهم، وقد يكونُ لبعضِهم، وهناك سبٌّ لمن تواترت النُّصوصُ بفَضْلِه، ومنهم دونَ ذلك، ويختَلِفُ الحُكْمُ باختلافِ الحالاتِ [791] يُنظر بيان ذلك مع أدلته في: ((الموسوعة العقدية بموقع الدرر السنية)) https://dorar.net/aqeeda .

انظر أيضا: