موسوعة الآداب الشرعية

سادسًا: التَّراحُمُ بَينَهم


مِن آكَدِ ما يَنبَغي أن يَكونَ بينَ القَرابةِ والأرحامِ: أن يَكونوا رُحَماءَ بينَهم.
الدَّليلُ على ذلك مِن الكتابِ والسُّنَّةِ:
أ- مِنَ الكِتابِ
1- قال تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ [الفتح: 29] .
2- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [المائدة: 54] .
ب- مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عِياضٍ المجاشِعيِّ رَضِيَ اللهُ عنه ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال ذاتَ يَومٍ في خُطبَتِه: ألا إنَّ رَبِّي أمَرَني أن أعَلِّمَكُم ما جَهلتُم مِمَّا عَلَّمَني يَومي هذا: كُلُّ مالٍ نَحَلتُه [1307] نَحَلتُه: أعطَيتُه، والنِّحلةُ: العَطيَّةُ. يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 120)، ((جامع الأصول)) لابن الأثير (11/ 619). عَبدًا حَلالٌ، وإنِّي خَلَقتُ عِبادي حُنَفاءَ [1308] حُنَفاءَ: أي: مُسلِمينَ، وقيل: طاهِرينَ مِنَ المَعاصي، وقيل: مُستَقيمينَ مُنيبينَ لقَبولِ الهدايةِ، وقيل: المرادُ حينَ أُخِذَ عليهمُ العَهدُ في الذَّرِّ، وقال: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى [الأعراف: 172] . يُنظر: ((شرح مسلم)) للنووي (17/ 197). كُلَّهم، وإنَّهم أتَتهمُ الشَّياطينُ فاجتالَتْهم [1309] اجتالتهم: أي: استَخَفَّتهم فجالوا مَعَهم في الضَّلالِ، يُقالُ للقَومِ إذا تَرَكوا القَصدَ والهدى: اجتالتهمُ الشَّياطينُ، أي: جالوا مَعَهم في الضَّلالةِ، وجال واجتال: إذا ذَهَبَ وجاءَ، ومِنه الجَولانُ في الحَربِ، واجتال الشَّيءَ: إذا ذَهَبَ به وساقَه، والجائِلُ: الزَّائِلُ عن مَكانِه. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (1/ 317)، ((جامع الأصول)) لابن الأثير (11/ 750). عن دينِهم، وحَرَّمَت عليهم ما أحلَلْتُ لهم، وأمَرَتْهم أن يُشرِكوا بي ما لم أُنزِلْ به سُلطانًا...، قال: وأهلُ الجَنَّةِ ثَلاثةٌ: ذُو سُلطانٍ مُقسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ، ورجُلٌ رَحيمٌ رقيقُ القَلبِ لِكُلِّ ذي قُربى ومُسلِمٍ، وعَفيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عيالٍ)) [1310] أخرجه مسلم (2865). .
قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ورَجُلٌ رَحيمٌ رَقيقُ القَلبِ لكُلِّ ذي قُربى ومُسلِمٍ)) رَحيمٌ: كثيرُ الرَّحمةِ، والقُربى: القَرابةُ، يَعني: في قَلبِه رِقَّةٌ، أي: شَفقةٌ ورَحمةٌ على الأقارِبِ والأجانِبِ [1311] يُنظر: ((المفهم)) لأبي العباس القرطبي (7/ 165، 166)، ((المفاتيح في شرح المصابيح)) للمظهري (5/ 217). .
2- عَنِ النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَثَلُ المُؤمِنينَ في تَوادِّهم وتَراحُمِهم وتَعاطُفِهم مَثَلُ الجَسَدِ؛ إذا اشتَكى مِنه عُضوٌ تَداعى له سائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى)) [1312] أخرجه البخاري (6011)، ومسلم (2586) واللفظ له. .

انظر أيضا: