اثنانِ وعِشرون: الرِّفقُ مَعَ الرُّفقةِ وحُسنُ الخُلُقِ مَعَ الخَلقِ والإحسانُ وحِفظُ اللِّسانِ
يَنبَغي أن يَكونَ مُحسِنًا كَريمًا، صَبورًا حَليمًا، حَسَنَ الخُلُقِ رَفيقًا، يُساعِدُ ويُعاوِنُ، ويَكُفُّ الأذى ويَصونُ اللِّسانَ
[2017] قال النَّوويُّ: (يُستَحَبُّ له أن يَطلُبَ رَفيقًا موافِقًا راغِبًا في الخَيرِ كارِهًا للشَّرِّ، إن نَسيَ ذَكَّره، وإن ذَكَر أعانَه، وإن تَيَسَّرَ له مَعَ هذا كَونُه عالِمًا فليَتَمَسَّكْ به؛ فإنَّه يَمنَعُه بعِلمِه وعَمَلِه مِن سوءِ ما يَطرَأُ على المُسافِرِ مِن مَساوِئِ الأخلاقِ والضَّجَرِ، ويُعينُه على مَكارِمِ الأخلاقِ ويَحُثُّه عليها. ثُمَّ يَنبَغي أن يَحرِصَ على إرضاءِ رَفيقِه في جَميعِ طَريقِه، ويَحتَمِلَ كُلُّ واحِدٍ مِنهما صاحِبَه، ويَرى لصاحِبِه عَليه فَضلًا وحُرمةً، ويَصبرَ على ما يَقَعُ مِنه في بَعضِ الأوقاتِ). ((المَجموع)) (4/ 387). وقال أيضًا: (يُسَنُّ مُساعَدةُ الرَّفيقِ وإعانتُه؛ لقَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «واللَّهُ في عَونِ العَبدِ ما كان العَبدُ في عَونِ أخيه»، وفي الصَّحيحَينِ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «كُلُّ مَعروفٍ صَدَقةٌ». ويَنبَغي له أن يستعمِلَ الرِّفْقَ وحُسنَ الخُلُقِ مع الغلامِ والجمالِ والرَّقيقِ والسَّائِلِ وغيرِهم، ويتجَنَّبَ المخاصمةَ والمخاشنةَ، ومزاحمةَ النَّاسِ في الطُّرُقِ وموارِدِ الماءِ إذا أمكنه ذلك، وأن يصونَ لسانَه من الشَّتمِ والغِيبةِ ولَعنةِ الدَّوابِّ وجميعِ الألفاظِ القبيحةِ، ويَرفُقَ بالسَّائِلِ والضَّعيفِ، ولا ينهَرَ أحدًا منهم ولا يوبِّخَه على خروجِه بلا زادٍ وراحلةٍ، بل يواسِيه بما تيسَّر، فإن لم يفعَلْ رَدَّه ردًّا جميلًا. ودلائِلُ هذه المسائِلِ مشهورةٌ في القرآنِ والأحاديثِ الصَّحيحةِ وإجماعِ المسلِمين). ((المجموع)) (4/ 393، 394). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ الكِتابِ والسُّنَّةِ:أ- مِنَ الكِتابِ1- قال تعالى:
وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا [النساء: 36] .
قال الطَّبَريُّ: (مَعنى:
والصَّاحِبِ بِالجَنْبِ الصَّاحِبُ إلى الجَنبِ ... وقد يَدخُلُ في هذا الرَّفيقُ في السَّفَرِ، والمَرأةُ، والمُنقَطِعُ إلى الرَّجُلِ الذي يُلازِمُه رَجاءَ نَفعِه؛ لأنَّ كُلَّهم بجَنبِ الذي هو مَعَه وقَريبٌ مِنه، وقد أوصى اللهُ تعالى بجَميعِهم لوُجوبِ حَقِّ الصَّاحِبِ على المَصحوبِ)
[2018] ((جامع البيان)) (7/ 16). .
2- وقال تعالى:
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة: 2] .
3- وقال تعالى:
مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق: 18] .
ب- مِنَ السُّنَّةِ1- عن عائِشةَ زَوجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال:
((إنَّ الرِّفقَ لا يَكونُ في شَيءٍ إلَّا زانَه، ولا يُنزَعُ مِن شَيءٍ إلَّا شانَه)) [2019] أخرجه مسلم (2594). .
2- وعن أبي الدَّرداءِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سَمِعتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ:
((ما مِن شيءٍ يوضَعُ في الميزانِ أثقَلُ مِن حُسنِ الخُلُقِ، وإنَّ صاحِبَ حُسنِ الخُلُقِ ليَبلُغُ به دَرَجةَ صاحِبِ الصَّومِ والصَّلاةِ)) [2020] أخرجه أبو داود (4799)، والترمذي (2003) واللفظ له، وأحمد (27496). صَحَّحه ابنُ حبان في ((صحيحه)) (481)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2003)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1041)، وصَحَّح إسناده شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (27496). .
وفي رِوايةٍ:
((مَن أعطِيَ حَظَّه مِنَ الرِّفقِ فقَد أُعطِيَ حَظَّه مِنَ الخيرِ، ومَن حُرِمَ حَظَّه مِنَ الرِّفقِ فقَد حُرِمَ حَظَّه مِنَ الخيرِ، أثقَلُ شيءٍ في ميزانِ المُؤمِنِ يَومَ القيامةِ حُسنُ الخُلُقِ، وإنَّ اللَّهَ ليُبغِضُ الفاحِشَ البَذيَّ)) [2021] أخرجها الترمذي (2002، 2013) مفرَّقًا، وأحمد (27553) مختصرًا، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (464) واللفظ له. صَحَّحها ابن حبان في ((صحيحه)) (5693)، والألباني في ((صحيح الأدب المفرد)) (361)، وقال الترمذي: حسن صحيح وقال شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (27553): بعضُه صحيحٌ، وبعضُه صحيحٌ لغيرِه. .
3- وعن أبي أُمامةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((إنَّ الرَّجُلَ ليُدرِكُ بحُسنِ خُلُقِه دَرَجةَ القائِمِ باللَّيلِ، الظَّامِئِ بالهَواجِرِ)) [2022] أخرجه الطبراني (8/198) (7709). حسَّنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (1621). .
4- وعن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما، قال:
((لم يَكُنْ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فاحِشًا ولا مُتَفحِّشًا، وإنَّه كان يَقولُ: إنَّ خيارَكُم أحاسِنُكُم أخلاقًا)) [2023] أخرجه البخاري (6035) واللفظ له، ومسلم (2321). .
5- وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((أكمَلُ المُؤمِنينَ إيمانًا أحسَنُهم خُلُقًا، وخيرُكُم خيرُكُم لنِسائِهم)) [2024] أخرجه أبو داود (4682) مختصرًا، والترمذي (1162) واللفظ له، وأحمد (7402) باختلافٍ يسيرٍ. صحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (4176)، والحاكم على شرط مسلم في ((المستدرك)) (2)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (7402)، وقال الترمذي، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1162): حسن صحيح. .
6- وعن أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عنه:
((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال له: اتَّقِ اللَّهَ حيثُما كُنتَ، وأتبِعِ السَّيِّئةَ الحَسَنةَ تَمحُها، وخالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ)) [2025] أخرجه الترمذي (1987)، وأحمد (21354). حسنه لغيره الألباني في ((صحيح الترغيب)) (2655)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (21354). وقد ذهب إلى تصحيحه الحاكم في ((المستدرك)) (179) وقال: على شرط الشيخين، وابنُ العربي في ((عارضة الأحوذي)) (4/349)، وحَسَّنه ابن حجر في ((الأمالي المطلقة)) (131). .
7- عن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((خيرُ الأصحابِ عِندَ اللهِ خَيرُهم لصاحِبِه، وخيرُ الجيرانِ عِندَ اللهِ خَيرُهم لجارِه)) [2026] أخرجه الترمذي (1944)، وأحمد (6566). صحَّحه ابن خزيمة في ((الصحيح)) (4/239)، وابن حبان في ((صحيحه)) (518)، والحاكم على شرط الشيخين في ((المستدرك)) (1640)، وابن حجر في ((الأمالي المطلقة)) (208)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1944). .
8- وعن عَبدِ اللَّهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((ليسَ المُؤمِنُ بالطَّعَّانِ ولا اللَّعَّانِ، ولا الفاحِشِ ولا البَذيءِ)) [2027] أخرجه الترمذي (1977) واللفظ له، وأحمد (3839). صَحَّحه ابنُ حبان في ((صحيحه)) (192)، والحاكم على شرط الشيخين في ((المستدرك)) (29)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1977)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (853)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (3839). .
9- وعن جابِرِ بنِ عَبدِ اللَّهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((كُلُّ مَعروفٍ صَدَقةٌ، وإنَّ مِنَ المَعروفِ أن تَلقى أخاك بوَجهٍ طَلْقٍ [2028] طَلقٌ: مُنبَسِطٌ سَهلٌ، والطَّلاقةُ: البَشاشةُ والبِشرُ. يُنظر: ((إكمال المعلم)) لعياض (8/ 106)، ((جامع الأصول)) لابن الأثير (1/ 427). ، وأن تُفرِغَ مِن دَلْوِك في إناءِ أخيك)) [2029] أخرجه الترمذي (1970)، وأحمد (14877). صححه شعيب الأرناؤوط بطرقه وشواهده في تخريج ((مسند أحمد)) (14877)، وحَسَّنه الترمذي، والألباني في ((صحيح الجامع)) (4557). .
10- عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال:
((كُلُّ سُلامى عليه صَدَقةٌ كُلَّ يَومٍ؛ يُعينُ الرَّجُلَ في دابَّتِه يحامِلُه عليها [2030] قال الخَطَّابيُّ: (قَولُه: «كُلُّ سُلامى عَليه صَدَقةٌ»، يُريدُ بذلك كُلَّ ما في البَدَنِ، وأصلُ السُّلامى عَظمٌ في فِرسِنِ البَعيرِ. «ويحامِلُه عليها» أي: يُعاوِنُه على الحَملِ، فيَحمِلانِه بَينَهما). ((أعلام الحديث)) (2/ 1392). ، أو يَرفعُ عليها مَتاعَه صَدَقةٌ، والكَلِمةُ الطَّيِّبةُ وكُلُّ خُطوةٍ يمشيها إلى الصَّلاةِ صَدَقةٌ، ودَلُّ الطَّريقِ [2031] قال عِياضٌ: (قَولُه: «ودَلُّ الطَّريقِ صَدَقةٌ» أي: دلالةُ وهدايةُ مَن لا يَدريه عليه). ((مشارق الأنوار)) (1/ 257). صَدَقةٌ)) [2032] أخرجه البخاري (2891) واللفظ له، ومسلم (1009). .
فوائِدُ ومَسائِلُ:لمَ سُمِّي السَّفرُ سفرًا؟قال أبو طالبٍ المَكِّيُّ: (يُقالُ: إنَّما سُمِّيَ السَّفرُ سَفرًا؛ لأنَّه يُسفِرُ عن أخلاقِ الرِّجالِ، وبَعضُهم يَقولُ: يُسفِرُ عن صِفاتِ النَّفسِ وجَوهَرِها؛ إذ ليسَ كُلُّ مَن حَسُنَت صُحبَتُه في الحَضَرِ حَسُنَت صُحبَتُه في السَّفَرِ، وقال رَجُلٌ لآخَرَ: إنَّه يَعرِفُه، فقال له: هَل صَحِبتَه في السَّفرِ الذي يُستَدَلُّ به على مَكارِمِ الأخلاقِ؟ قال: لا، قال: ما أراك تَعرِفُه!)
[2033] ((قوت القلوب)) (2/ 191). .
وقال أيضًا: (قيل: إنَّما سُمِّيَ سَفرًا؛ لأنَّه يُسفِرُ عن أخلاقِ النَّفسِ، وأيضًا يُسفِرُ عن آياتِ اللهِ سُبحانَه وقَدَرِه وحِكَمِه في أرضِه)
[2034] ((قوت القلوب)) (2/ 343). .
ما يَنبغي أنْ يكونَ عليه المُسافرُ في سَفَرِه:1- قال الغَزاليُّ: (لا بُدَّ في السَّفَرِ مِن طِيبِ الكَلامِ وإطعامِ الطَّعامِ وإظهارِ مَكارِمِ الأخلاقِ في السَّفَرِ؛ فإنَّه يُخرِجُ خَبايا الباطِنِ، ومَن صَلَحَ لصُحبةِ السَّفَرِ صَلَحَ لصُحبةِ الحَضَرِ، وقد يَصلُحُ في الحَضَرِ مَن لا يَصلُحُ في السَّفرِ؛ ولذلك قيل: إذا أثنى على الرَّجُلِ مُعامِلوه في الحَضَرِ ورُفقاؤُه في السَّفَرِ فلا تَشُكُّوا في صَلاحِه. والسَّفرُ مِن أسبابِ الضَّجَرِ، ومَن أحسَنَ خُلُقَه في الضَّجَرِ فهو الحَسَنُ الخُلُقِ، وإلَّا فعِندَ مُساعَدةِ الأُمورِ على وَفقِ الغَرَضِ قَلَّما يَظهَرُ سوءُ الخُلُقِ. وقد قيل: ثَلاثةٌ لا يُلامون على الضَّجَرِ: الصَّائِمُ، والمَريضُ، والمُسافِرُ. وتَمامُ حُسنِ خُلُقِ المُسافِرِ الإحسانُ إلى المُكاري، ومُعاونةُ الرُّفقةِ بكُلِّ مُمكِنٍ، والرِّفقُ بكُلِّ مُنقَطِعٍ بأن لا يُجاوِزَه إلَّا بالإعانةِ بمَركوبٍ أو زادٍ أو تَوقُّفٍ لأجلِه.
وتَمامُ ذلك مَعَ الرُّفقاءِ بمُزاحٍ ومُطايَبةٍ في بَعضِ الأوقاتِ مِن غَيرِ فُحشٍ ولا مَعصيةٍ؛ ليَكونَ ذلك شِفاءً لضَجَرِ السَّفَرِ ومَشاقِّه)
[2035] ((إحياء علوم الدين)) (2/ 251، 252). .
2- قال الجيلانيُّ: (يَنبَغي أن يُعاشِرَ أصحابَه في سَفَرِه بحُسنِ الخُلُقِ، وجَميلِ المُداراةِ، وتَركِ المُخالفةِ واللَّجاجِ في جَميعِ الأشياءِ.
ويَشتَغِلُ بخِدمةِ أصحابِه في السَّفرِ، ولا يَستَخدِمُ أحَدًا إلَّا عِندَ الضَّرورةِ، ويَجتَهدُ أبَدًا أن يَكونَ في سَفرِه على الطَّهارةِ.
ومِن آدابِ الصُّحبةِ أن يَقِفَ مَعَ صاحِبِه إذا عَييَ، ويَسقيَه الماءَ إذا عَطِشَ، ويَرفُقَ به إذا ضَجِرَ، ويُداريَه إذا غَضِبَ، ويَحفَظَه ورَحلَه إذا نامَ، ويُؤثِرَه إذا قَلَّ الزَّادُ، ويواسِيَه بما يُفتَحُ له، ولا يَنفرِدَ به دونَه، ولا يَكتُمَه سِرًّا، ولا يُفشيَ له سِرًّا، ولا يَستَظهِرَه إلَّا بجَميلٍ، ويَرُدَّ غِيبَتَه، ويُحسِنَ ذِكرَه عِندَ الرُّفقةِ، ولا يَعيبَه عِندَهم، ولا يَشكوَ مِنه إليهم، ويَتَحَمَّلَ أذاه، ويَنصَحَه إذا شاورَه، ويَسألَه عنِ اسمِه وبَلدِه ونَسَبِه وإن كان أرفَعَ مِنه مَنزِلةً)
[2036] ((الغنية)) (1/ 81). .
خِدمةُ المسافرِ لإخوانِه في السَّفرِ1- عن عَبدِ الرَّحمنِ بنِ زَيدِ بنِ أسلَمَ، عن أبيه، عن جَدِّه أسلَمَ، قال: (خَرَجنا مَعَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ إلى الشَّامِ، فاستَيقَظنا به ليلةً وقد رَحَل رِحالَنا
[2037] رَحَلتُ البَعيرَ أرحَلُه رَحْلًا، أي: شَدَدتُ على ظَهرِه رَحلًا، فهو مَرحولٌ وأنا راحِلٌ، والرَّحلُ: ما يُوضَعُ على ظَهرِ البَعيرِ للرُّكوبِ، وكُلُّ شَيءٍ يُعَدُّ للرَّحيلِ مِن وِعاءٍ للمَتاعِ وغَيرِه. يُنظر: ((جمهرة اللغة)) لابن دريد (1/ 521)، ((الصحاح)) للجوهري (4/ 1707)، ((المصباح المنير)) للفيومي (1/ 222)، ((المعجم الوسيط)) (1/ 335). ، وهو يَرحَلُ لنَفسِه، وهو يَقولُ:
لا يَأخُذِ اللَّيلُ عليك بالهَمّْ
والبَسَنْ له القَميصَ واعتَمّْ
وكُنْ شَريكَ رافِعٍ وأسلَمْ
واخدُمِ الأقوامَ حتَّى تُخدَمْ
قال: قُلتُ: رَحِمَك اللهُ يا أميرَ المُؤمِنينَ، لو أيقَظتنا كَفيناك!)
[2038] أخرجه أبو نعيم في ((معرفة الصحابة)) (873)، والخطيب في ((تاريخ بغداد)) (6/332) واللَّفظُ له، وابن عَساكِر في ((تاريخ دمشق)) (8/347). .
2- عن مُجاهِدٍ، قال: (صَحِبتُ ابنَ عُمَرَ وأنا أُريدُ أن أخدُمَه، فكان هو الذي يَخدُمُني!)
[2039] أخرجه ابنُ أبي الدنيا في ((مكارم الأخلاق)) (318)، والخطيب في ((الجامع)) (1728)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (57/34). .