موسوعة الآداب الشرعية

ثاني عشرَ: حُسنُ عِشرةِ المَرأةِ مَعَ زَوجِها وأداءُ حُقوقِه عليها


على المَرأةِ أن تُحسِنَ عِشرةَ زَوجِها، وتُطيعَه في حُدودِ استِطاعَتِها، ما لَم يَأمُرْ بمَعصيةٍ، وتوقِّرَه، وتَحفَظَه في نَفسِها ومالِه، وتَبتَعِدَ عَمَّا يَكرَهُ، وتَجتَنِبَ كُفرَ الإحسانِ.
الدَّليلُ على ذلك مِن الكتابِ والسُّنَّةِ:
أ- من الكِتابِ
1- قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ [النساء: 34] .
(أي: الرِّجالُ همُ القائِمونَ على نِسائِهم؛ فهم رُؤَساؤُهنَّ والحاكِمونَ عليهنَّ، بإلزامِهنَّ بحُقوقِ اللهِ تعالى وأداءِ فرائِضِه، وتَأديبِهنَّ وكَفِّهنَّ عَنِ الشُّرورِ والمَفاسِدِ.
ثُمَّ ذَكَر اللهُ تعالى السَّبَبَ الموجِبَ لقيامِ الرِّجالِ على النِّساءِ، فقال: بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ أي: بسَبَبِ تَفضيلِ الرِّجالِ على النِّساءِ؛ فقد جَعَلَ اللهُ تعالى للرِّجالِ خَصائِصَ تَفوقُ ما لَدى النِّساءِ، كَقوَّةِ البَدَنِ، والعَقلِ، وغَيرِهما، وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ أي: ومِن أسبابِ جَعلِ القَوامةِ للرِّجالِ على النِّساءِ إنفاقُ الرِّجالِ أموالَهم على نِسائِهم، ومِن ذلك: إعطاؤُهنَّ مُهورَهنَّ.
فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ أي: إنَّ النِّساءَ المُستَقيماتِ الدِّينِ مُطيعاتٌ للَّهِ تعالى ولأزواجِهنَّ.
حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ
أي: ومِن صِفاتِهنَّ أيضًا: أنَّهنَّ حافِظاتٌ لأنفُسِهنَّ عِندَ غَيبةِ أزواجِهنَّ عَنهنَّ في فُروجِهنَّ وأموالِهم، وغَيرِ ذلك، وذلك بحِفظِ اللهِ تعالى لَهنَّ وتَوفيقِه لَهنَّ، لا مِن أنفُسِهنَّ؛ فإنَّ النَّفسَ أمَّارةٌ بالسُّوءِ) [1522] ((التفسير المحرر)) إعداد القسم العلمي بمؤسسة الدرر السنية (3/ 194، 195). .
2- قال تعالى: وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ أي: حُقوقُ الرِّجالِ أكثَرُ مِن حُقوقِ النِّساءِ؛ ولهذا كان على الزَّوجةِ أن تُطيعَ زَوجَها، وليسَ على الزَّوجِ أن يُطيعَ زَوجَتَه؛ لقَولِه تعالى: فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا [النساء: 34] ، وهذا مِن مَعنى الدَّرَجةِ، ودَرَجةُ الرِّجالِ على النِّساءِ مِن وُجوهٍ مُتَعَدِّدةٍ؛ فالدَّرَجةُ التي فُضِّل بها الرِّجالُ على النِّساءِ في العَقلِ، والجِسمِ، والدِّينِ، والوِلايةِ، والإنفاقِ، والميراثِ، وعَطيَّةِ الأولادِ [1523] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين: الفاتحة والبقرة)) (3/ 105). .
ب- مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عَبدِ اللهِ بنِ أبي أوفى رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((لمَّا قَدِمَ مُعاذٌ مِنَ الشَّامِ سَجَد للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ما هذا يا مُعاذُ؟! قال: أتَيت الشَّامَ فوافَقْتُهم يَسجُدونَ لأساقِفَتِهم وبَطارِقَتِهم [1524] لأساقِفَتِهم وبَطارِقَتِهم: أي: رُؤَسائِهم وأُمَرائِهم. يُنظر: ((حاشية السندي على سنن ابن ماجه)) (1/ 570). ، فودِدتُ في نَفسي أن نَفعَلَ ذلك بك، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فلا تَفعَلوا؛ فإنِّي لَو كُنتُ آمِرًا أحَدًا أن يَسجُدَ لغَيرِ اللهِ لَأمَرتُ المَرأةَ أن تَسجُدَ لزَوجِها، والذي نَفسُ مُحَمَّدٍ بيَدِه لا تُؤَدِّي المَرأةُ حَقَّ رَبِّها حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوجِها، ولَو سَألَها نَفسَها وهيَ على قَتَبٍ [1525] القتَبُ: الإكافُ (البَرذعةُ أو الرَّحلُ) الصَّغيرُ الذي على قَدرِ سَنامِ البعيرِ. يُنظر: ((المحكم والمحيط الأعظم)) لابن سيده (6/ 343). لم تمنَعْه)) [1526] أخرجه ابن ماجه (1853) واللفظ له، وأحمد (19403). صحَّحه ابنُ حبان في ((صحيحه)) (4171)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (1853)، وجوده شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (19403). .
2- عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دَخَلَ حائِطًا [1527] الحائِطُ هاهنا: البُستانُ مِنَ النَّخيلِ إذا كان عليه حائِطٌ، وهو الجِدارُ، وجَمعُه الحَوائِطُ. والحائِطُ سُمِّيَ بذلك لأنَّه يَحوطُ ما فيه. يُنظر: ((تهذيب اللغة)) للأزهري (5/ 119)، ((النهاية)) لابن الأثير (1/ 462). مِن حَوائِطِ الأنصارِ، فإذا فيه جَمَلانِ يَضرِبانِ ويَرعُدانِ [1528] رَعَد يَرعُدُ وارتَعَد: اضطَرَب، والرِّعدةُ: نافِضٌ ورَجرَجةٌ تَأخُذُ الإنسانَ وغَيرَه مِن فزَعٍ أو داءٍ. يُنظر: ((العين)) للخليل (2/ 33)، ((المحكم والمحيط الأعظم)) لابن سيده (2/ 7)، ((المصباح المنير)) للفيومي (3/ 426). ، فاقتَرَبَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنهما، فوضَعا جِرانَهما [1529] جِرانُ البَعيرِ: مُقدَّمُ عُنُقِه مِن مَذبَحِه إلى مَنحَرِه. يُنظر: ((مجمل اللغة)) لابن فارس (ص: 185)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (1/ 447). بالأرضِ، فقال مَن مَعَه: سَجَدَ له! فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما يَنبَغي لأحَدٍ أن يَسجُدَ لأحَدٍ، ولَو كان أحَدٌ يَنبَغي أن يَسجُدَ لأحَدٍ لَأمَرتُ المَرأةَ أن تَسجُدَ لزَوجِها؛ لِما عَظَّمَ اللهُ عليها مِن حَقِّه)) [1530] أخرجه الترمذي (1159)، وابن حبان (4162) واللفظ له، والبيهقي (15101). صحَّحه ابنُ حبان، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1159)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (4162) .
3- عن عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((كُلُّكُم راعٍ فمَسؤولٌ عن رَعيَّتِه؛ فالأميرُ الذي على النَّاسِ راعٍ وهو مسؤولٌ عَنهم، والرَّجُلُ راعٍ على أهلِ بَيتِه وهو مسؤولٌ عَنهم، والمَرأةُ راعيةٌ على بَيتِ بَعلِها وولَدِه وهيَ مسؤولةٌ عَنهم، والعَبدُ راعٍ على مالِ سَيِّدِه وهو مسؤولٌ عَنه، ألَا فكُلُّكُم راعٍ وكُلُّكُم مسؤولٌ عن رَعيَّتِه)) [1531] أخرجه البخاري (2554) واللفظ له، ومسلم (1829). .
4- عن سُلَيمانَ بنِ عَمرِو بنِ الأحوَصِ، قال: حَدَّثَني أبي ((أنَّه شَهِدَ حَجَّةَ الوداعِ مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فحَمِدَ اللَّهَ وأثنى عليه، وذَكَّرَ ووعَظَ، فذَكَرَ في الحَديثِ قِصَّةً، فقال: ... ألا إنَّ لَكُم على نِسائِكُم حَقًّا، ولنِسائِكُم عليكُم حَقًّا؛ فأمَّا حَقُّكُم على نِسائِكُم فلا يوطِئنَ فرُشَكم مَن تَكرَهونَ، ولا يَأذَنَّ في بُيوتِكُم لمَن تَكرَهونَ، ألَا وحَقُّهنَّ عليكُم أن تُحسِنوا إليهنَّ في كِسوتِهنَّ وطَعامِهنَّ)) [1532] أخرجه الترمذي (1163) واللفظ له، وابن ماجه (1851) قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (6/179)، وحسنه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1163)، وحسن إسناده شعيب الأرناؤوط في تخريج ((شرح مشكل الآثار)) (4865) .
5- عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يَحِلُّ للمَرأةِ أن تَصومَ وزَوجُها شاهدٌ إلَّا بإذنِه، ولا تَأذَنَ في بَيتِه إلَّا بإذنِه، وما أنفقَت مِن نَفقةٍ عن غَيرِ أمرِه فإنَّه يُؤَدَّى إليه شَطرُه)) [1533] أخرجه البخاري (5195) واللفظ له، ومسلم (1026). .
6- عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((والذي نَفسي بيَدِه ما مِن رَجُلٍ يَدعو امرَأتَه إلى فِراشِها فتَأبى عليه، إلَّا كان الذي في السَّماءِ ساخِطًا عليها حَتَّى يَرضى عَنها)) [1534] أخرجه مسلم (1436). .
وفي رِوايةٍ: ((إذا دَعا الرَّجُلُ امرَأتَه إلى فِراشِه فأبَت فباتَ غَضبانَ عليها، لعَنَتها المَلائِكةُ حَتَّى تُصبحَ)) [1535] أخرجها البخاري (3237). .
7- عن مُعاذِ بنِ جَبَلٍ رَضيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا تُؤذي امرَأةٌ زَوجَها في الدُّنيا إلَّا قالت زَوجَتُه مِنَ الحُورِ العِينِ: لا تُؤذيه، قاتَلَكِ اللَّهُ! فإنَّما هو عِندَك دَخيلٌ يوشِكُ أن يُفارِقَكِ إلينا)) [1536] أخرجه الترمذي (1174)، وأحمد (22101) واللفظ لهما، وابن ماجه (2014) باختلافٍ يسيرٍ. صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1174)، وصحَّح إسنادَه متَّصلًا الذهبي في ((سير أعلام النبلاء)) (4/47)، وحَسَّنه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (22101). .
8- عن عَبدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما، قال: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أُرِيتُ النَّارَ فإذا أكثَرُ أهلِها النِّساءُ، يَكفُرنَ، قيلَ: أيَكفُرنَ باللهِ؟ قال: يَكفُرنَ العَشيرَ، ويَكفُرنَ الإحسانَ؛ لَو أحسَنتَ إلى إحداهنَّ الدَّهرَ، ثُمَّ رَأت مِنك شَيئًا، قالت: ما رَأيتُ مِنك خَيرًا قَطُّ!)) [1537] أخرجه البخاري (29) واللفظ له، ومسلم (907). .
وفي حَديثِ عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما، عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: ((يا مَعشَرَ النِّساءِ تَصَدَّقنَ، وأكثِرنَ الاستِغفارَ؛ فإنِّي رَأيتُكُنَّ أكثَرَ أهلِ النَّارِ! فقالتِ امرَأةٌ مِنهنَّ جَزلةٌ [1538] جَزلةٌ: ذاتُ عَقلٍ ودينٍ، والجَزالةُ: الوقارُ والعَقلُ، وأصلُها: العَظمُ مِن كُلِّ شَيءٍ، ومِنه: عَطاءٌ جَزلٌ، وقيل: الجَزلةُ: التَّامَّةُ الخَلقِ، ويَجوزُ أن تَكونَ ذاتَ كَلامٍ جَزلٍ، أي: قَويٍّ شَديدٍ. يُنظر: ((إكمال المعلم)) لعياض (1/ 337)، ((جامع الأصول)) لابن الأثير (11/ 17)، ((النهاية)) لابن الأثير (1/ 270)، ((المفهم)) لأبي العباس القرطبي (1/ 269). : وما لَنا يا رَسولَ اللهِ أكثَرَ أهلِ النَّارِ؟! قال: تُكثِرنَ اللَّعنَ، وتَكفُرنَ العَشيرَ)) [1539] أخرجه مسلم (79). .
وفي حَديثِ أسماءَ بنتِ يزيدَ -إحدى نساءِ بني عبدِ الأشهَلِ- رَضِيَ اللَّهُ عنها، قالت: مرَّ بنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ونحن في نِسوةٍ، فسَلَّم علينا وقال: ((إيَّاكُنَّ وكُفرَ المُنعِمينَ! فقُلْنا: يا رسولَ اللَّهِ، وما كُفرُ المُنعِمينَ؟ قال: لعَلَّ إحداكُنَّ أن تطولَ أيمَتُها [1540] تَطولُ أيمَتُها: أي: جُلوسُها بلا زَوجٍ. يُنظر: ((حاشية السندي على مسند الإمام أحمد)) (5/ 648). بَيْنَ أَبَويها، وتَعنُسَ [1541] تَعنُسُ: مِن عَنَسَتِ الجاريةُ: إذا خَرَجَت مِن عِدادِ الأبكارِ مِن طولِ مُكثِها في مَنزِلِ أهلِها. يُنظر: ((حاشية السندي على مسند الإمام أحمد)) (5/ 648). ، فيَرزُقَها اللهُ عزَّ وجَلَّ زوجًا، ويَرزُقَها منه مالًا ووَلَدًا، فتَغضَبَ الغَضبةَ فتقولَ: ما رأيتُ منه يومًا خيرًا قَطُّ)) [1542] أخرجه أبو داود (5204)، وابن ماجه (3701) مختصرًا، وأحمد (27561) واللفظ له. حَسَّنه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (27561). .
9- عن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضيَ اللهُ عنهما، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يَنظُرُ اللَّهُ إلى امرَأةٍ لا تَشكُرُ لزَوجِها، وهيَ لا تَستَغني عَنه)) [1543] أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (9135)، والحاكم (7541) واللفظ لهما، والطبراني (13/368) (14184) باختلافٍ يسيرٍ. صحَّحه الحاكمُ وقال: على شَرطِ الشَّيخينِ، والألباني في ((صحيح الترغيب)) (1944)، وحَسَّنه ابنُ حزم في ((المحلى)) (10/334)، وصحَّح إسناده الذهبي في ((الكبائر)) (341). .
10- عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه: ((سُئِلَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أيُّ النِّساءِ خَيرٌ؟ قال: التي تَسُرُّه إذا نَظَرَ، وتُطيعُه إذا أمَرَ، ولا تُخالفُه فيما يَكرَهُ في نَفسِها ومالِه)) [1544] أخرجه النسائي (3231)، وأحمد (9658) واللفظ له. حسنه الألباني في ((إرواء الغليل)) (1786)، وصحح إسناده أحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (13/153)، وقوى إسناده شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (9658). .
فَوائِدُ:
1- عن أُمِّ الدَّرداءِ رَضيَ اللهُ عنها، قالت: حَدَّثَني سَيِّدي أنَّه سَمِعَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((مَن دَعا لأخيه بظَهرِ الغَيبِ قال المَلَكُ الموكَّلُ به: آمينَ، ولَك بمِثلٍ)) [1545] أخرجه مسلم (2732). .
قال القاضي عِياضٌ: (وقولُ أمِّ الدَّرداءِ: حدَّثني سيِّدي أنَّه سمِعَ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم -تعني أبا الدَّرداءِ- فيه جوازُ دعوى المرأةِ زَوجَها سيِّدي، وتعظيمُ المرأةِ زوجَها وتوقيرُه) [1546] ((إكمال المعلم)) (8/ 229). .
وقال الخَطَّابيُّ: (للسَّيِّدِ في هذا مَعنيانِ؛ أحَدُهما: أن يَكونَ بمَعنى الرَّئيسِ، وأن تَكونَ أرادَت بهذا القَولِ تَسويدَه وتَعظيمَه. والآخَرُ، وهو أخَصُّهما به: أن يَكونَ بمَعنى الزَّوجِ.
أخبَرَني أبو عُمَرَ، أخبَرَنا ثَعلَبٌ عَنِ ابنِ الأعرابيِّ، قال: السَّيِّدُ الزَّوجُ، ومِنه قَولُه تعالى: وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا [يوسف: 25] أي: زَوجَها) [1547] ((غريب الحديث)) (2/ 345، 346). .
2- عن عَطاءِ بنِ مَيسَرةَ، قال: قالتِ امرَأةُ سَعيدِ بنِ المُسَيِّبِ: (ما كُنَّا نُكَلِّمُ أزواجَنا إلَّا كما تُكَلِّمونَ أُمَراءَكُم: أصلَحَك اللهُ، عافاك اللهُ) [1548] رواه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (5/ 198). .
3- عن سَعيدِ بنِ جُبَيرٍ، قال: قال ابنُ عَبَّاسٍ: ((أوَّلُ ما اتَّخَذَ النِّساءُ المِنطَقَ [1549] المِنْطَقُ: هو ما تَشُدُّ به المَرأةُ وَسَطَها عِندَ عَمَلِ الأشغالِ لتَرفَعَ ثَوبَها، فتَلبَسُ الثَّوبَ، ثُمَّ تَشُدُّ الوسَطَ بشَيءٍ وتَرفَعُ وسَطَ الثَّوبِ وتُرسِلُه على الأسفَلِ؛ لئَلَّا تَعثُرَ في الذَّيلِ، وهو أيضًا النِّطاقُ، والجَمعُ مَناطِقُ. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (10/ 302) و(11/ 593)، ((فتح الباري)) لابن حجر (1/ 196). مِن قِبَلِ أُمِّ إسماعيلَ؛ اتَّخَذَت مِنطَقًا لتُعَفِّيَ أثَرَها [1550] لتُعَفِّيَ أثَرَها: أي: لتُخفيَه وتَمحوَه. يُنظر: ((إرشاد الساري)) للقسطلاني (5/ 352). على سارَةَ، ثُمَّ جاءَ بها إبراهيمُ وبابنِها إسماعيلَ وهي تُرضِعُه، حتَّى وضَعَهما عِندَ البَيتِ عِندَ دَوحةٍ [1551] الدَّوحةُ: الشَّجَرةُ العظيمةُ، وجَمعُها الدَّوحُ. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (10/ 302). فوقَ زَمزَمَ في أعلى المَسجِدِ، وليس بمَكَّةَ يَومَئذٍ أحَدٌ، وليس بها ماءٌ، فوضَعَهما هنالكَ، ووضَعَ عِندَهما جِرابًا [1552] الجِرابُ: وِعاءُ الزَّادِ، يُتَّخَذُ مِن جِلدٍ. يُنظر: ((إكمال المعلم)) لعياض (6/ 513)، ((مختار الصحاح)) للرازي (ص: 55). فيه تَمرٌ، وسِقاءً [1553] سِقاءٌ: أي: قِربةٌ صَغيرةٌ. يُنظر: ((إرشاد الساري)) للقسطلاني (5/ 353). فيه ماءٌ، ثُمَّ قَفَّى [1554] قَفَّى الرَّجُلُ: إذا ولَّاك قَفاه راجِعًا عنك. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (10/ 302). إبراهيمُ مُنطَلقًا، فتَبعَته أُمُّ إسماعيلَ فقالَت: يا إبراهيمُ، أينَ تَذهَبُ وتَترُكُنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنسٌ ولا شَيءٌ؟ فقالت له ذلك مِرارًا، وجَعَلَ لا يَلتَفِتُ إلَيها، فقالت له: آللهُ الذي أمَرَكَ بهذا؟ قال: نَعَم، قالت: إذَن لا يُضَيِّعُنا! ثُمَّ رَجَعَت، فانطَلَقَ إبراهيمُ حتَّى إذا كانَ عِندَ الثَّنيَّةِ حَيثُ لا يَرَونَه استَقبَلَ بوَجهِه البَيتَ، ثُمَّ دَعا بهؤلاء الكَلِماتِ، ورَفعَ يَدَيه، فقال: رَبِّ إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ حتَّى بَلَغَ: يَشْكُرُونَ [إبراهيم: 37] ، وجَعَلَت أُمُّ إسماعيلَ تُرضِعُ إسماعيلَ وتَشرَبُ مِن ذلك الماءِ، حتَّى إذا نَفِدَ ما في السِّقاءِ عَطِشَت وعَطِشَ ابنُها، وجَعَلَت تَنظُرُ إلَيه يَتَلَوَّى -أو قال: يَتَلَبَّطُ- فانطَلَقَت كَراهيةَ أن تَنظُرَ إلَيه، فوجَدَتِ الصَّفا أقرَبَ جَبَلٍ في الأرضِ يَليها، فقامَت عليه، ثُمَّ استَقبَلَتِ الواديَ تَنظُرُ: هل تَرى أحَدًا، فلَم تَرَ أحَدًا، فهَبَطَت مِنَ الصَّفا حتَّى إذا بَلَغَتِ الواديَ رَفعَت طَرَفَ دِرعِها [1555] دِرْعِها، أي: قَميصِها. يُنظر: ((إرشاد الساري)) للقسطلاني (5/ 354). ، ثُمَّ سَعَت سَعيَ الإنسانِ المَجهودِ حتَّى جاوزَتِ الواديَ، ثُمَّ أتَتِ المَروةَ فقامَت عَلَيها ونَظَرَت: هل تَرى أحَدًا، فلَم تَرَ أحَدًا، ففعَلَت ذلك سَبعَ مَرَّاتٍ -قال ابنُ عَبَّاسٍ: قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: فذلك سَعيُ النَّاسِ بينَهما- فلَمَّا أشرَفت على المَروةِ سَمِعَت صَوتًا، فقالت: صَهٍ [1556] صَهٍ: اسكُتي، وقَولُه: (تُريدُ نَفسَها) مَعناه: لمَّا سَمِعَتِ الصَّوتَ سَكَّتَت نَفسَها لتتحَقَّقَه. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (10/ 302). -تُريدُ نَفسَها-، ثُمَّ تَسَمَّعَت، فسَمِعَت أيضًا، فقالت: قد أسمَعتَ إن كانَ عِندَكَ غِواثٌ [1557] الغِواثُ والغِياثُ والغَوثُ: المَعونةُ، وإجابةُ المُستَغيثِ. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (10/ 302). ، فإذا هي بالمَلَكِ عِندَ مَوضِعِ زَمزَمَ، فبَحَثَ بعَقِبِه -أو قال: بجَناحِه- حتَّى ظَهَرَ الماءُ، فجَعَلَت تُحَوِّضُه [1558] تَحوضُه، أي: تَجعَلُ له حَوضًا يَجتَمِعُ فيه الماءُ. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (10/ 302). وتَقولُ بيَدِها هَكَذا، وجَعَلَت تَغرِفُ مِنَ الماءِ في سِقائِها وهو يَفورُ بَعدَ ما تَغرِفُ. قال ابنُ عَبَّاسٍ: قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: يَرحَمُ اللهُ أُمَّ إسماعيلَ، لو تَرَكَت زَمزَمَ -أو قال: لو لَم تَغرِفْ مِنَ الماءِ- لَكانَت زَمزَمُ عَينًا مَعينًا [1559] المَعينُ: الماءُ الظَّاهرُ الجاري الذي لا يَتَعَذَّرُ أخذُه. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (10/ 302). ! قال: فشَرِبَت وأرضَعَت ولَدَها، فقال لَها المَلَكُ: لا تَخافوا الضَّيعةَ؛ فإنَّ هاهنا بَيتَ اللهِ، يَبني هذا الغُلامُ وأبوه، وإنَّ اللَّهَ لا يُضيعُ أهلَه، وكان البَيتُ مُرتَفِعًا مِنَ الأرضِ كالرَّابيةِ، تَأتيه السُّيولُ، فتَأخُذُ عن يَمينِه وشِمالِه، فكانت كذلك حتَّى مَرَّت بهم رُفقةٌ مِن جُرهُمَ -أو أهلُ بَيتٍ مِن جُرْهُمَ- مُقبلينَ مِن طَريقِ كَداءٍ، فنَزَلوا في أسفَلِ مَكَّةَ، فرَأوا طائِرًا عائِفًا [1560] العائِفُ: المُتَرَدِّدُ حَولَ الماءِ. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (10/ 303). ، فقالوا: إنَّ هذا الطَّائِرَ لَيَدورُ على ماءٍ! لَعَهدُنا بهذا الوادي وما فيه ماءٌ! فأرسَلوا جَريًّا [1561] الجَريُّ: الرَّسولُ والوكيلُ. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (10/ 303). أو جَريَّينِ، فإذا هم بالماءِ، فرَجَعوا فأخبَروهم بالماءِ، فأقبَلوا، قال: وأُمُّ إسماعيلَ عِندَ الماءِ، فقالوا: أتَأذَنينَ لَنا أن نَنزِلَ عِندَكِ؟ فقالت: نَعَم، ولَكِن لا حَقَّ لَكُم في الماءِ، قالوا: نَعَم، قال ابنُ عَبَّاسٍ: قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: فألفى ذلك أُمَّ إسماعيلَ وهي تُحِبُّ الأُنسَ، فنَزَلوا وأرسَلوا إلى أهليهم فنَزَلوا معهم، حتَّى إذا كان بها أهلُ أبياتٍ منهم، وشَبَّ الغُلامُ وتَعَلَّمَ العَرَبيَّةَ منهم، وأنفَسَهم وأعجَبَهم حينَ شَبَّ، فلَمَّا أدرَكَ زَوَّجوه امرَأةً منهم، وماتَت أُمُّ إسماعيلَ، فجاءَ إبراهيمُ بَعدَما تَزَوَّجَ إسماعيلُ يُطالعُ تَرِكَتَه، فلَم يَجِدْ إسماعيلَ، فسَألَ امرَأتَه عنه، فقالت: خَرَجَ يَبتَغي [1562] يَبتَغي لنا: أي: يَطلُبُ لنا الرِّزقَ ويَسعى فيه. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (10/ 303). لَنا، ثُمَّ سَألَها عن عَيشِهم وهَيئَتِهم، فقالت: نَحنُ بشَرٍّ! نَحنُ في ضيقٍ وشِدَّةٍ! فشَكَت إلَيه، قال: فإذا جاءَ زَوجُكِ فاقرَئي عليه السَّلامَ، وقولي له: يُغَيِّرْ عَتَبةَ بابِه، فلَمَّا جاءَ إسماعيلُ كَأنَّه آنَسَ شيئًا، فقال: هل جاءَكُم مِن أحَدٍ؟ قالت: نَعَم، جاءَنا شَيخٌ كَذا وكَذا، فسَألَنا عَنكَ فأخبَرتُه، وسَألَني: كيف عَيشُنا؟ فأخبَرتُه أنَّا في جَهدٍ وشِدَّةٍ، قال: فهل أوصاكِ بشَيءٍ؟ قالت: نَعَم، أمَرَني أن أقرَأَ عَلَيكَ السَّلامَ، ويقولُ: غَيِّرْ عَتَبةَ بابِكَ! قال: ذاكِ أبي، وقد أمَرَني أن أُفارِقَكِ، الحَقي بأهلِكِ! فطَلَّقَها، وتَزَوَّجَ منهم أُخرى، فلَبِثَ عنهم إبراهيمُ ما شاءَ اللهُ، ثُمَّ أتاهم بَعدُ فلَم يَجِدْه، فدَخَلَ على امرَأتِه فسَألَها عنه، فقالت: خَرَجَ يَبتَغي لَنا، قال: كيف أنتُم؟ وسَألَها عن عَيشِهم وهَيئَتِهم، فقالت: نَحنُ بخَيرٍ وسَعةٍ، وأثنَت على اللهِ، فقال: ما طَعامُكُم؟ قالتِ: اللَّحمُ، قال: فما شَرابُكُم؟ قالتِ: الماءُ. قال: اللَّهُمَّ بارِكْ لهم في اللَّحمِ والماءِ، قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ولَم يَكُنْ لهم يَومَئذٍ حَبٌّ، ولو كان لهم دَعا لهم فيه. قال: فهما لا يَخلو عليهما أحَدٌ بغيرِ مَكَّةَ إلَّا لَم يوافِقاه! قال: فإذا جاءَ زَوجُكِ فاقرَئي عليه السَّلامَ، ومُريه يُثبِّتْ عَتَبةَ بابِه، فلَمَّا جاءَ إسماعيلُ قال: هل أتاكُم مِن أحَدٍ؟ قالت: نَعَم، أتانا شَيخٌ حَسَنُ الهَيئةِ، وأثنَت عليه، فسَألَني عَنكَ فأخبَرتُه، فسَألَني: كيف عَيشُنا؟ فأخبَرتُه أنَّا بخَيرٍ، قال: فأوصاكِ بشَيءٍ؟ قالت: نَعَم، هو يَقرَأُ عَلَيكَ السَّلامَ، ويَأمُرُكَ أن تُثبِتَ عَتَبةَ بابِكَ، قال: ذاكِ أبي، وأنتِ العَتَبةُ، أمَرَني أن أُمسِكَكِ! ثُمَّ لَبثَ عنهم ما شاءَ اللهُ، ثُمَّ جاءَ بَعدَ ذلك وإسماعيلُ يَبري نَبلًا له تَحتَ دَوحةٍ قَريبًا مِن زَمزَمَ، فلَمَّا رَآه قامَ إلَيه، فصَنَعا كما يَصنَعُ الوالِدُ بالولَدِ والولَدُ بالوالِدِ، ثُمَّ قال: يا إسماعيلُ، إنَّ اللَّهَ أمَرَني بأمرٍ، قال: فاصنَعْ ما أمَرَكَ رَبُّكَ، قال: وتُعينُني؟ قال: وأُعينُكَ، قال: فإنَّ اللَّهَ أمَرَني أن أبنيَ هاهنا بَيتًا، وأشارَ إلى أكَمةٍ [1563] الأكَمةُ: ما ارتَفعَ مِنَ الأرضِ كالرَّابيةِ. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (10/ 303). مُرتَفِعةٍ على ما حَولَها، قال: فعِندَ ذلك رَفعا القَواعِدَ مِنَ البَيتِ، فجَعَلَ إسماعيلُ يَأتي بالحِجارةِ وإبراهيمُ يَبني، حتَّى إذا ارتَفعَ البناءُ، جاءَ بهذا الحَجَرِ فوضَعَه له فقامَ عليه، وهو يَبني وإسماعيلُ يُناوِلُه الحِجارةَ، وهما يَقولانِ: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة: 127] ، قال: فجَعَلا يَبنيانِ حتَّى يَدورا حَولَ البَيتِ وهما يَقولانِ: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة: 127] )) [1564] أخرجه البخاري (3364). .
قال ابنُ هُبَيرةَ: (في هذا الحَديثِ مِنَ الفِقهِ أنَّ أوَّلَ مَنِ اتَّخَذَ النِّطاقَ أمُّ إسماعيلَ عليه السَّلامُ، والنِّطاقُ: هو ثَوبٌ تَشُدُّ به المَرأةُ وَسَطَها بالزِّيادةِ...
وفيه أيضًا أنَّ الغَيرةَ مِنَ النِّساءِ قد كانت في النِّساءِ مُنذُ ذلك الزَّمانِ.
وفيه أيضًا دَليلٌ على أنَّ إبراهيمَ صَلَواتُ اللهِ عليه وسَلامُه إنَّما تَرَكَ أهلَه بالوادي بأمرِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، فلا يُشرَعُ لغَيرِ الأنبياءِ أن يَترُكوا أحَدًا في مَضيعةٍ ولا في مِثلِ ذلك الوادي.
وقَولُ أمِّ إسماعيلَ: آللهُ أمرَك بهذا؟ فقال: نَعَم، فرَجَعَت راضيةً؛ لأنَّه مَن أُحيلَ على مَليٍّ فليَحتَلْ.
وفي الحَديثِ دَليلٌ على أنَّ السَّعيَ والطَّلَبَ مَشروعٌ؛ فإنَّ أُمَّ إسماعيلَ سَعَت تَطلُبُ لولَدِها.
وفيه أنَّ المَرأةَ المُسرِعةَ إلى الشَّكوى لَم يَكُنْ حالُها مُلائِمةً أن تَكونَ زَوجةَ نَبيٍّ، وبضِدِّها الرَّاضيةُ الشَّاكِرةُ؛ فلذلك أمرَ إبراهيمُ ولَدَه إسماعيلَ بمُفارَقةِ الأولى وإقرارِ الثَّانيةِ) [1565] ((الإفصاح عن معاني الصحاح)) (3/ 147، 148). .

انظر أيضا: