موسوعة الآداب الشرعية

ثامنًا: المبادَرةُ إلى التَّصَدُّقِ وعَمَلِ البِرِّ قَبلَ حُصولِ الموانعِ


يَنبَغي أن يُبادِرَ المُؤمِنُ إلى الصَّدَقةِ والإنفاقِ وعَمَلِ الصَّالحاتِ قَبلَ أن يُحالَ بَينَه وبَينَها.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ الكِتابِ والسُّنَّةِ:
أ-مِنَ الكِتابِ
1-قال تعالى: وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المنافقون: 10-11] .
2-قال تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ [آل عمران: 133 - 136] .
ب-مِنَ السُّنَّةِ
1- عن بُسرِ بنَ جِحاشٍ القُرَشيِّ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَزَقَ يَومًا في كَفِّه، فوضَعَ عليها أُصبُعَه، ثُمَّ قال: قال اللهُ: ابنَ آدَمَ أنَّى تُعجِزُني وقد خَلقتُك مِن مِثلِ هذه؟! حتَّى إذا سَوَّيتُك وعَدَّلتُك مَشَيتَ بَينَ بُردَينِ [1439] البُرْدُ: نَوعٌ مِنَ الثِّيابِ مَعروفٌ فيه خُطوطٌ، وخَصَّ بَعضُهم به الوَشيَ، والجَمعُ أبرادٌ وأبرُدٌ وبُرودٌ. يُنظر: ((تهذيب اللغة)) للأزهري (14/ 76)، ((طرح التثريب)) للعراقي (8/ 168). وللأرضِ مِنك وَئيدٌ [1440] الوئيدُ: صَوتُ شِدَّةِ الوطءِ على الأرضِ يُسمَعُ كالدَّويِّ مِن بُعدٍ. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (5/ 143). ، فجَمَعتَ ومَنَعتَ، حتَّى إذا بَلغَتِ التَّراقيَ [1441] التَّراقي: جَمعُ تَرقُوةٍ، وهيَ ثُغرةُ النَّحرِ، أو عَظمٌ يَصِلُ ما بَينَ ثُغرةِ النَّحرِ والعاتِقِ، ولكُلِّ إنسانٍ تَرْقُوتانِ عن يَمينِه وعن شِمالِه، ويُكَنَّى ببُلوغِ النَّفسِ التَّراقيَ عنِ الإشفاءِ على المَوتِ. يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 500)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (1/345)، ((البسيط)) للواحدي (22/514)، ((المفردات)) للراغب (ص: 166). قُلتَ: أتَصَدَّقُ، وأنَّى أوانُ الصَّدَقةِ؟!)) [1442] أخرجه ابن ماجه (2707)، وأحمد (17842) واللفظ له. حَسَّنه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (2707)، وصحح إسناده الحاكم في ((المستدرك)) (3901)، وحَسَّنه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (17842). .
2- عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((أتى رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَجُلٌ، فقال: يا رَسولَ اللهِ، أيُّ الصَّدَقةِ أعظَمُ؟ فقال: أن تَصَدَّقَ وأنتَ صحيحٌ شَحيحٌ، تَخشى الفقرَ وتَأمُلُ الغِنى، ولا تُمهِلُ حتَّى إذا بَلغَتِ الحُلقومَ قُلتَ: لفُلانٍ كَذا، ولفُلانٍ كَذا، ألَا وقد كان لفُلانٍ)) [1443] أخرجه البخاري (1419)، ومسلم (1032) واللفظ له. .
وفي رِواية: ((جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا رَسولَ اللهِ، أيُّ الصَّدَقةِ أعظَمُ أجرًا؟ فقال: أمَا وأبيك [1444] هذه اللفظةُ تَجري على اللسانِ مِن غيرِ تعمُّدٍ، فلا تكونُ يمينًا ولا منهيًّا عنها. يُنظر: ((شرح النووي على مسلم)) (7/ 124). لتُنَبَّأنَّه: أن تَصَدَّقَ وأنتَ صحيحٌ شَحيحٌ، تَخشى الفقرَ، وتَأمُلُ البَقاءَ، ولا تُمهِلُ حتَّى إذا بَلغَتِ الحُلقومَ، قُلتَ: لفُلانٍ كَذا، ولفُلانٍ كَذا، وقد كان لفُلانٍ)) [1445] أخرجها مسلم (1032). .

انظر أيضا: