المَطْلَبُ الثَّانيُّ: اعتقادُ أنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَسَعُه تَرْكُ اتِّباعِ شرائعِ الإسلامِ
اشتَهَر هذا المعتَقَدُ عند غُلاةِ الصُّوفيَّةِ والباطنيَّةِ، ويُعَبِّرون عنه بتعبيراتٍ مختَلِفةٍ مؤدَّاها واحِدٌ.
قال
أبو الحسَنِ الأشعريُّ: (في النُّسَّاكِ قَومٌ يَزعُمون أنَّ العبادةَ تَبلُغُ بهم إلى منزلةٍ تَزولُ فيها عنهم العباداتُ، وتكونُ الأشياءُ المحظوراتُ على غيرِهم من الزِّنا وغيرِه مباحاتٍ لهم!)
[2074] يُنظر: ((مقالات الإسلاميين)) (1/225). .
وقال
الزبيديُّ: (ربَّما تعَلَّقوا بقَولِه تعالى:
وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر: 99] أي: فإذا وصَلْتَ إلى مقامِ اليَقينِ، فقد سقَطَت عنك العبادةُ!)
[2075] يُنظر: ((إتحاف السادة)) (8/139). .
وقال
ابنُ حزمٍ: (ادَّعت طائفةٌ مِن الصُّوفيَّةِ أنَّ في أولياءِ اللهِ تعالى من هو أفضَلُ من جميعِ الأنبياءِ والرُّسُلِ، وقالوا: من بلَغَ الغايةَ القُصوى من الولايةِ سَقَطت عنه الشَّرائعُ كُلُّها من الصَّلاةِ والصِّيامِ والزكاةِ، وغيرِ ذلك، وحَلَّت له المُحَرَّماتُ كُلُّها من الزِّنا والخَمرِ وغيرِ ذلك، واستباحوا بهذا نساءَ غَيرِهم، وقالوا بأنَّنا نرى اللهَ، ونُكَلِّمُه، وكُلُّ ما قُذِفَ في نفوسِنا فهو حقٌّ!)
[2076] يُنظر: ((الفصل)) (4/170). .
وصَوَّر
ابنُ الجوزي حالَ هؤلاء فقال: (إنَّ قومًا منهم داموا على الرِّياضةِ مُدَّةً، فرَأَوا أنَّهم قد تجوهروا فقالوا: لا نُبالي الآن ما عَمِلْنا، وإنَّما الأوامِرُ والنَّواهي رسومٌ للعوامِّ، ولو تجَوْهَروا لسقَطَت عنهم! قالوا: وحاصِلُ النبُوَّةِ ترجِعُ إلى الحِكمةِ والمصلحةِ، والمرادُ منها ضبطُ العوامِّ، ولَسْنا من العوامِّ، فندخُلَ في حَجرِ التكليفِ؛ لأَّنا قد تجَوْهَرْنا وعرَفْنا الحِكمةَ!)
[2077] يُنظر: ((تلبيس إبليس)) (ص: 324). .
وقال
ابنُ تَيميَّةَ: (ومن هؤلاء من يَستَحِلُّ بَعْضَ الفواحِشِ؛ كاستحلالِ مؤاخاةِ النِّساءِ الأجانِبِ، والخُلُوِّ بهنَّ، زعمًا منه أنَّه يحصُلُ لهنَّ البرَكةُ بما يفعَلُه معهنَّ، وإن كان مُحَرَّمًا في الشَّريعةِ! وكذلك مَن يستحِلُّ ذلك مع المُرْدانِ ويَزعُمُ أنَّ التمتُّعَ بالنَّظَرِ إليهم ومباشَرتِهم هو طريقٌ لبعضِ السَّالكين حتى يترقَّى من مَحبَّةِ المخلوقِ إلى مَحبَّة الخالِقِ! ويأمُرونَ بمقَدِّماتِ الفاحِشةِ الكبرى، وقد يستحِلُّون الفاحِشةَ الكُبرى!)
[2078] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (11/405). .
وقال عنهم: (من هؤلاء من يحتَجُّ بقَولِه تعالى:
وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر: 99] ، ويقولُ: معناه: اعبَدْ رَبَّك حتى يحصُلَ لك العِلْمُ والمعرفةُ، فإذا حصل ذلك سقطت العبادةُ، وربَّما قال بعضُهم: اعمَلْ حتى يحصُلَ لك حالٌ، فإذا حصل لك حالٌ تصَوُّفيٌّ سقطت عنك العبادةُ! وهؤلاء فيهم من إذا ظَنَّ حُصولَ مَطلوبِه من المعرفةِ والحالِ، استحَلَّ تَرْكَ الفرائِضِ، وارتكابَ المحارمِ!)
[2079] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (11/417). .
إنَّ التكاليفَ الشَّرعيَّةَ مَشروطةٌ بالعِلْم والقدرةِ، فمتى ما تحقَّقت وجب العَمَلُ بها؛ ولذلك يَسقُطُ التكليفُ عمَّن لا يمكِنُه العِلْمُ، كالطِّفلِ والمجنونِ، كما يسقُطُ عمَّن يَعجِزُ، كسُقوطِ الجهادِ عن الأُمِّيِّ والأعرَجِ والمريضِ، وكما لا تجِبُ الطهارةُ بالماءِ والصَّلاةُ قائمًا والصَّومُ على من يَعجِزُ عنه، أمَّا غيرُ هؤلاء فلا يسقُطُ عنهم شيءٌ من التكاليفِ باتِّفاقِ المُسلِمين
[2080] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (10/344). .
وأعظَمُ النَّاسِ دَرَجةً ومَنزِلةً ومَعرِفةً للهِ عَزَّ وجَلَّ هم الأنبياءُ والمُرسَلون ومع ذلك لم يستغْنُوا عن الشَّريعةِ، بل كانوا أشَدَّ النَّاسِ عبادةً وإقامةً للشَّعائِرِ، واجتنابًا للفواحِشِ والمُنكَراتِ.
وقد أجمع العُلَماءُ على كُفرِ من استحلَّ مُحَرَّمًا من المُحَرَّماتِ الظَّاهِرةِ المتواترةِ، وكُفرِ جاحدٍ أو منكرٍ واجبًا من الواجِباتِ الظَّاهِرةِ والمتواترةِ.
ومن المعلومِ بالاضطرارِ من دينِ الإسلامِ أنَّه لا يجوزُ لِمن بلغَتْه دعوةُ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يتَّبِعَ شريعةَ رَسولٍ غَيرِه؛ كموسى وعيسى عليهما السَّلامُ، فإذا لم يجُزِ الخروجُ من شريعتِه إلى شريعةِ رَسولٍ، فكيف بالخروجِ عن شريعتِه، وعن الرُّسُلِ جميعًا
[2081] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (11/422). ؟!
وحقيقةُ الوِلايةُ إنَّما تُنالُ بتقوى الله عَزَّ وجَلَّ والتزامِ الأوامِرِ والنَّواهي:
أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس: 62-63] ، وكلَّما ازداد المرءُ عُبوديَّةً وعِلمًا ازدادت واجباتُه، وصار مُطالَبًا بأمورٍ وزياداتٍ لا يُطالَبُ بها من لم يَصِلْ إلى ذلك، لا أنَّه يخلَعُ عن عُنُقِه رِبقةَ التكليفِ.
وهذا الاعتقادُ يناقِضُ الشَّريعةَ من وجوهٍ كثيرةٍ، وقد كَفَّر العُلَماءُ من يَعتَقِدُ ذلك.1- قال عِياضٌ: (أُجمِع على تكفيرِ من قال من
الخوارجِ: إنَّ الصَّلاةَ طَرَفي النَّهارِ ... وقول بَعْضِ المتصَوِّفة: إنَّ العبادةَ وطُولَ المجاهدةِ إذا صَفَت نُفوسُهم أفضَتْ بهم إلى إسقاطِها، وإباحةِ كُلِّ شيءٍ لهم، ورَفْعِ عَهْدِ الشَّرائعِ عنهم)
[2082] يُنظر: ((الشفا)) (2/ 287). .
وقال أيضًا: (أَجمع المُسلِمون على تكفيرِ كُلِّ من استحَلَّ القَتْلَ، أو شُرْبَ الخَمْرِ، أو الزِّنا؛ مِمَّا حَرَّم اللهُ، بعد عِلْمِه بتحريمِه، كأصحابِ الإباحةِ مِن القرامِطةِ، وبعضِ غُلاةِ المتصَوِّفةِ)
[2083] يُنظر: ((الشفا)) (2/287). .
2- قال
ابنُ تيميَّةَ: (من ادَّعى أنَّ من الأولياءِ الذين بلغَتْهم رِسالةُ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَن له طريقٌ إلى اللهِ لا يحتاجُ فيه إلى مُحَمَّدٍ، فهذا كافِرٌ مُلحِدٌ، وإذا قال: أنا محتاجٌ إلى مُحَمَّدٍ في علمِ الظَّاهِرِ دونَ عِلمِ الباطِنِ، أو في عِلمِ الشَّريعةِ دونَ عِلمِ الحقيقةِ؛ فهو شَرٌّ من اليهودِ والنَّصارى الذين قالوا: إنَّ مُحَمَّدًا رسولٌ إلى الأُمِّيِّين دونَ أهلِ الكِتابِ؛ فإنَّ أولئك آمَنوا ببعضٍ وكَفَروا ببعضٍ، فكانوا كُفَّارًا بذلك، وكذلك هذا الذي يقولُ: إنَّ مُحَمَّدًا بُعِثَ بعِلمِ الظَّاهِرِ دونَ عِلمِ الباطِنِ، آمَنَ ببَعضِ ما جاء به وكَفَر ببعضٍ، فهو كافِرٌ، وهو أكفَرُ من أولئك)
[2084] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (11/225). .
وقال أيضًا: (فمن لم يؤمِنْ بأنَّ هذا رسولُ اللهِ إلى جميعِ العالَمين، وأنَّه يجِبُ على جميعِ الخَلْقِ متابعتُه، وأنَّ الحَلالَ ما أحَلَّه، والحرامَ ما حَرَّمه، والدِّينَ ما شَرَعه؛ فهو كافِرٌ مِثلُ هؤلاء المنافقين ونحوِهم ممَّن يجوِّزُ الخروجَ عن دينِه وشريعتِه وطاعتِه، إمَّا عُمومًا وإمَّا خُصوصًا، ... ويَعتَقِدُون مع هذا أنَّهم من أولياءِ اللهِ، وأنَّ الخُروجَ عن الشَّريعةِ المُحَمَّديَّةِ سائغٌ لهم، وكُلُّ هذا ضلالٌ وباطِلٌ)
[2085] يُنظر: ((مجموعة الرسائل والمسائل)) (1/ 73). .
وقال أيضًا: (ومن فضَّل أحدًا من المشايخِ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أو اعتقد أنَّ أحدًا يستغني عن طاعةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ استُتِيبَ، فإن تاب وإلَّا ضُرِبَت عُنُقُه، وكذلك من اعتَقَد أنَّ أحدًا من أولياءِ اللهِ يكونُ مع مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كما كان الخَضِرُ مع موسى عليه السَّلامُ؛ فإنَّه يُستتابُ، فإن تاب وإلَّا ضُرِبَت عُنُقُه)
[2086] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (3/422). .
وقال أيضًا: (فمن كان مِن قَولِه هو أنَّه أو طائفةً غيرَه قد خرجت عن كُلِّ أمرٍ ونهيٍ، بحيث لا يجِبُ عليها شيءٌ، ولا يَحرُمُ عليها شيءٌ؛ فهؤلاء أكفَرُ أهلِ الأرضِ، وهم من جِنسِ فِرعَونَ وذَويه)
[2087] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (11/402). .
وحين سُئِلَ عَمَّن يقولُ: إنَّ غايةَ التحقيقِ، وكمالَ سُلوكِ الطَّريقِ: تَرْكُ التكليفِ، وإنَّ العبدَ يَعمَلُ حتى تحصُلَ له المعرفةُ، فإذا حصلت زال عنه التكليفُ! قال: (من قال هذا فإنَّه كافِرٌ مرتَدٌّ باتِّفاقِ أئمَّةِ الإسلامِ؛ فإنَّهم متَّفِقون على أنَّ الأمرَ والنَّهيَ جارٍ على كُلِّ بالغٍ عاقلٍ إلى أن يموتَ)
[2088] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (11/539). .
3- قال
ابنُ كثيرٍ في تفسيرِ قَولِ الله تعالى:
وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99] : (يُستدَلُّ بها على تخطئةِ من ذهب من الملاحِدةِ إلى أنَّ المرادَ باليقينِ المعرفةُ، فمتى وصل أحَدُهم إلى المعرفةِ سَقَط عنه التكليفُ عندهم، وهذا كُفرٌ وضَلالٌ وجَهلٌ؛ فإنَّ الأنبياءَ عليهم السَّلامُ كانوا هم وأصحابُهم أعلَمَ النَّاسِ باللهِ، وأعرَفَهم بحقوقِه وصِفاتِه وما يستحِقُّ من التعظيمِ، وكانوا مع هذا أعبَدَ النَّاسِ، وأكثَرَ النَّاسِ عِبادةً ومواظبةً على فِعلِ الخيراتِ إلى حينِ الوفاةِ، وإنَّما المرادُ باليقينِ هاهنا الموتُ)
[2089] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (4/ 554). .
4- قال
علي القاري: (ذهب بَعْضُ أهلِ الإباحةِ إلى أنَّ العبدَ إذا بلغ غايةَ المَحبَّةِ، وصفا قَلْبُه من الغَفلةِ، واختار الإيمانَ على الكُفْرِ؛ سَقَط عنه الأمرُ والنَّهيُ، ولا يُدخِلُه اللهُ النَّارَ بارتكابِ الكبائِرِ، وذهب بَعْضُهم إلى أنَّه تسقُطُ عنه العباداتُ الظَّاهِرةُ، وتكونُ عباداتُه التفَكُّرَ وتحسينَ الأخلاقِ الباطِنةِ. وهذا كُفرٌ وزَنْدقةٌ وضَلالٌ وجَهالةٌ)
[2090] يُنظر: ((شرح الفقه الأكبر)) (ص: 212). .
5- قال
مُحَمَّدُ بنُ عبدِ الوهَّابِ في بيانِ نواقِضِ الإسلامِ: (من اعتقد أنَّ بَعْض النَّاسِ لا يجِبُ عليه اتِّباعُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأنَّه يسَعُه الخروجُ من شريعتِه، كما وَسِعَ الخَضِرَ الخروجُ من شريعةِ موسى عليهما السَّلامُ، فهو كافِرٌ)
[2091] يُنظر: ((الرسائل الشخصية)) (ص214). .
6- قال
ابنُ باز: (الواجِبُ على جميعِ المكَلَّفين من
الجِنِّ والإنسِ أن يدخُلوا في دينِ اللهِ الذي هو الإسلامُ، وأن يلتَزِموه، وأنَّه لا يسوغُ لأحدٍ الخروجُ عن ذلك، لا إلى يهوديَّةٍ ولا إلى نصرانيَّةٍ ولا إلى غيرِهما، بل المفروضُ على جميعِ المكَلَّفين من حين بَعَث اللهُ نبيَّه ورسولَه مُحَمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى قيامِ السَّاعةِ: هو الدُّخولُ في الإسلامِ والتمَسُّكُ به، ومن اعتقد أنَّه يسوغُ له الخروجُ عن شريعةِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كما وَسِعَ الخَضِرَ الخُروجُ عن شريعة موسى كليمِ الرَّحمنِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، فهو كافِرٌ بإجماعِ أهلِ العِلْمِ، يُستتابُ وتُبَيَّنُ له الأدِلَّةُ، فإن تاب وإلَّا قُتِل، عملًا بما تقدَّم من الآياتِ القُرآنيَّةِ والأحاديثِ النبَويَّةِ الدَّالَّةِ على عمومِ رسالةِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى جميعِ الثَّقَلينِ. واللهُ المستعانُ)
[2092] يُنظر: ((مجموع فتاوى ابن باز)) (2/188). .
7- قال
ابنُ عثيمين: (نؤمِنُ بأنَّ شريعتَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هي دينُ الإسلامِ الذي ارتضاه اللهُ تعالى لعبادِه، وأنَّ اللهَ تعالى لا يَقبَلُ من أحدٍ دينًا سِواه؛ لقَولِه تعالى:
إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ، وقَولِه:
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا [المائدة: 3] ، وقَولِه:
وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران: 85] ، ونرى أنَّ من زعم اليومَ دِينًا قائِمًا مقبولًا عند الله سوى دينِ الإسلامِ، من دينِ اليهوديَّة، أو النَّصرانيَّةِ، أو غيرِهما؛ فهو كافِرٌ يُستتابُ، فإن تاب وإلَّا قُتِل مُرتَدًّا؛ لأنَّه مُكَذِّبٌ للقُرآنِ)
[2093] يُنظر: ((مجموع فتاوى ابن عثيمين)) (3/247). .
وقال أيضًا: (مَن لم يتقَرَّبْ إلى اللهِ، لا يفعَلُ الحَسَناتِ ولا يَترُكُ السَّيِّئاتِ، لم يكُنْ من أولياءِ اللهِ؛ فلا يجوزُ لأحَدٍ أن يَعتَقِدَ أنَّه وَلِيٌّ للهِ، لا سِيَّما أن تكونَ محَجَّتُه على ذلك إمَّا مكاشَفةً سَمِعَها منه، أو نوعًا من تصَرُّفٍ، فلا يجوزُ لأحَدٍ أن يستَدِلَّ بمجَرَّدِ ذلك على كَونِ الشَّخصِ وَلِيًّا للهِ، وإنْ لم يعلَمْ منه ما ينقُضُ ولايةَ اللهِ، فكيف إذا عَلِمَ منه ما يناقِضُ وِلايةَ اللهِ؟! مِثلُ أن يَعلَمَ أنَّه لا يَعتَقِدُ وجوبَ اتِّباعِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم باطِنًا وظاهِرًا، بل يَعتَقِدُ أنَّه يتَّبِعُ الشَّرعَ الظَّاهِرَ دونَ الحقيقةِ الباطنةِ، أو يَعتَقِدُ أنَّ لأولياءِ اللهِ طريقًا إلى اللهِ غيرَ طريقِ الأنبياءِ عليهم السَّلامُ؛ فعلى هذا فمن أظهَرَ الولايةَ وهو لا يؤدِّي الفرائِضَ ولا يجتَنِبُ المحارِمَ، بل قد يأتي بما يناقِضُ ذلك، لم يكُنْ لأحَدٍ أن يقولَ: هذا وَلِيُّ اللهِ)
[2094] يُنظر: ((مجموع فتاوى ابن عثيمين)) (7/139). .