هو الشيخُ العلَّامة حافظ بن أحمد بن علي الحكمي، ولد في 24 رمضان سنة 1342هـ في قرية السلام في جازان، نشأ بدويًّا يرعى الغَنَم. بدأ تعلُّمَه في سن مبكرةٍ، وكان آيةً في الحِفظِ؛ فحفظ القرآن وبعض المتون وهو يرعى الغنم صغيرًا، ثم قيَّض الله له الداعية الشيخ عبد الله القرعاوي الذي اهتَمَّ به فأفاده من علومِه وفقهِه، ثم اشتهر بالعلمِ ولمع نجمُه، حتى أصبح معلِّمًا، ثم تولى النيابةَ في إدارة مدارس التعليم بسامطة، ثم عُين مديرًا للمعهد العلمي فيها 1374هـ، واستمَرَّ إلى أن توفِّيَ بمكة. ومن مؤلَّفاته: ((سُلَّم الوصول إلى علم الأصول)) في فن التوحيد، وهي منظومة شرحها في ((معارج القبول))، و ((أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة المنصورة))، و ((دليل أرباب الفلاح لتحقيق فن الاصطلاح)) في مصطلح الحديث، و ((اللؤلؤ المكنون في أحوال الأسانيد والمتون))، وهو نظم فريد، و ((السبل السوية لفقه السنن المروية))، وهو نظم أيضًا، فقد كان بارعًا في النظم والشعر، وغيرها، ومعظَمُ مؤلَّفاته طُبِعَت على نفقة الملك سعود رحمه الله، وأما وفاته رحمه الله فكانت في اليوم 18 ذي الحجة على إثر مرض ألمَّ به وهو في الخامسة والثلاثين من عمره ودُفِنَ بمكة المكرمة.
كان الخلافُ بين عبد الكريم قاسم ذو الميول الشيوعية وعبد السلام عارف أبرَزَ مشاهد الصراع على السلطة بين قادة (الضباط الأحرار)؛ فقد بدأ الخلافُ بينهما من اليوم الأول؛ إذ يعدُّ كل واحدٍ منهما نفسَه أنه هو الذي أنشأ الحركةَ وقادها، فعبد الكريم قاسم رأسُ المنظَّمة ومنه تَصدُرُ الأوامر، وهو الذي يرى نفسَه أنَّه هو المُخطِّط لهذه الثورة، ولا يتِمُّ عمَلٌ دونه، ويرى عبد السلام عارف أنه هو الذي قاد الحركة وخاطر، وتسلَّم الإذاعةَ، وهو أوَّلُ من أذاع نبأ الحركة إلى الرعيَّة، وأعطى التعليماتِ اللازمة للسيطرة على الموقف، وكان عبد السلام يدعو إلى الوَحدةِ العربية الشاملة والانضمام إلى الجمهورية العربية المتَّحِدة، كما أنه كان معجبًا بعبد الناصر؛ ولم يكن قاسم يرى ما يراه عبد السلام، ولَمَّا زار عبد السلام دمشق بعد الثورة بخمسةِ أيام عرض على عبد الناصر الوَحدةَ فلما سأله عن رأي عبد الكريم قاسم قال له: مصيرُه مصيرُ محمد نجيب! ولَمَّا عَلِمَ قاسم بهذا الحوار أسَرَّها في نفسه، ثم قام عبد السلام بجولةٍ في أنحاء العراق وكان يُلقي خُطبًا وينقل للجموع تحيات الرئيس جمال عبد الناصر كأنه رئيس البلاد دون أن يذكُرَ عبد الكريم قاسم زعيم العراق، فأخذ قاسِمٌ في إبعاد عبد السلام عن مركز القيادة في البلاد تدريجيًّا، فألغى منصب عبد السلام كنائب قائد القوات المسلحة بحُجَّةِ أنَّ عددًا من الضباط أصحاب رتب أعلى منه، ثم عزله عن منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية بالوكالة للمصلحة العامة، وفي نفس اليوم أصدر قرارًا بتعيينه سفيرًا للعراق في ألمانيا الغربية، لكِنَّ عبد السلام رفض هذا المنصب وأصرَّ على البقاء في بغداد، وفي 25 جمادى الأولى 1378هـ ألقت الشرطةُ القبض على عبد السلام عارف بتهمة محاولة قتل عبد الكريم قاسم، وأودِعَ السجنَ ثم حُكِمَ عليه بالقتل، لكن قاسم لم يصادق على الحُكمِ وبَقِيَ في السجن إلى أن أفرجَ عنه قاسم في ربيع ثاني 1381هـ وقد أحيل بعضُ أعوان عبد السلام عارف إلى التقاعُدِ والبعض نُقِلوا إلى مراكز غير حسَّاسة، أما الشيوعيون منهم فقد التفُّوا حول قاسم.
جرت الانتخاباتُ المحلية في غينيا عام 1377هـ / 1957م إثرَ مؤتمر باماكو الذي ضَمَّ ممثِّلي أفريقيا الغربية، وكان من مقرراته اعترافُ فرنسا بحَقِّ تقرير المصير لشعوب المنطقة، وفاز في غينيا حزبُ غينيا الديمقراطي، واحتفلت غينيا باستقلالها في 19 ربيع الأول / 2 أكتوبر بعد استعمارٍ دام قرنًا من الزمن، وكان أوَّلُ رئيس لغينيا الرئيس أحمد سيكوتورى، وغينيا من دول أفريقيا ذات الأغلبية المسلمة.
نتيجةً لاستبداد عبد الكريم قاسم بالسلطة وإقصاء غيرِ الشيوعيين من زملاء الثورة جرت في البلادِ عِدَّةُ محاولات للانقلاب على عبد الكريم قاسم؛ منها محاولة رشيد عالي الكيلاني الذي عاد للبلاد بعد نجاحِ الثورة وإنهاء الحُكم المَلَكي، وأخذ عددٌ من الضباط الناقمين على قاسم بالتردُّد على الكيلاني في بيته، ويتحدثون في السياسة بكل صراحة، فترامى إلى قاسم أنَّ رشيد الكيلاني يُعِدُّ لانقلاب ضده، فدبر عبد الكريم قاسم مكيدةً للكيلاني عن طريق أكبر أعوانه، وهما عبد الرحيم الراوي، ومبدر الكيلاني ابن أخي رشيد، فاتهمهم العسكر أنَّهم قد أسَّسوا جمعيةً سياسية، وأن الكيلاني سيدعمُهم بالسلاح؛ لذلك تم القبضُ على الكيلاني وأعوانه، وحُكِمَ على رشيد الكيلاني بالقتل، لكنه لم ينفَّذ، ولما أُفرِجَ عنه انتقل إلى بيروت، وعاد إلى العراق بعد الانقلاب على قاسم وقتله في رمضان 1382هـ.
كان الرئيس إسكندر مرزا قد ألغى الدستورَ وحَلَّ المجلسَ النيابي وفرض الأحكامَ العُرفيَّة، وحَلَّ الحكومة المركزية والأحزاب كافة، ثم استولى أيوب خان القائدُ العام للجيش والقوات المسلحة في 4 ربيع الثاني / 17 أكتوبر على مقاليدِ الأمور في البلادِ إثرَ انقلابٍ أطاح بحكومةِ إسكندر ميرزا الذي غادر البلادَ بعد عشرة أيام، وتسلَّم أيوب خان السلطةَ مكانَه ليحلَّ الحكم العسكري في البلاد، وبعد ثلاثة أيام فقط من تسَلُّم أيوب السلطة غيَّرَ اسم جمهورية باكستان الإسلامية إلى الجمهورية الباكستانية، ونقل العاصمةَ من كراتشي إلى روالبندي.
هو الشيخُ المحقِّق محمد حامد بن أحمد عبده الفقي مؤسِّسُ جماعة أنصار السنة المحمدية. ولِدَ الفقي بقرية نكلا العنب في سنة 1310ه الموافق 1892م بمركز شبراخيت مديرية البحيرة بمصر، أمضى ست سنوات من دراسته بالأزهر. وتخرُّجِ عام 1917م بعد أن نال الشهادة العالمية من الأزهر، وكان عمرُه حينذاك 25 سنة. ثم انقطع منذ تخرجه إلى خدمة كتاب الله وسنة رسولِه صلى الله عليه وسلم. وأثمرت تلك الجهود في إنشاء جماعة أنصار السنة المحمدية واتخذَ لها دارًا بعابدين. ثم أنشأ مجلة الهدْي النبوي، وصدر العدد الأول في 1937هـ, ومن جهودِه قيامُه بتحقيق العديد من الكتب القيمة، ومنها: ((اقتضاء الصراط المستقيم))، ((القواعد النورانية الفقهية))، ((المنتقى من أخبار المصطفى)), ((الرسالة التدمرية))، توفِّيَ الشيخ حامد رحمه الله فجر الجمعة 7 رجب 1378هـ الموافق 16 يناير على إثرِ عملية جراحية أجراها بمستشفى العجوزة، وبعد أن نجَحَت العملية أصيب بنزيفٍ حادٍّ، وعندما اقترب أجَلُه طلب ماءً للوضوء، ثم صلى ركعتي الفجر بسورة الرعدِ كُلِّها. وبعد ذلك طلب من إخوانه أن يُنقَلَ إلى دار الجماعة؛ حيث توفي بها.
رأى حِزبُ البعثِ العراقي أنَّه لا بدَّ من التخلص من رئيس العراق باغتيالِه، فاختاروا عشرة من المغامِرين ودرَّبوهم، وأعدَّ الحزبُ العُدَّةَ لتسلُّم السلطة بعد تنفيذ العملية، وقَطْع الطريق على الشيوعية، واتصل الزعماءُ البعثيون برئيس مجلس القيادة الفريق محمد نجيب الربيعي، ووافقهم على تسلُّم الرئاسة وتشكيل مجلس ثورة جديد بعد نجاح العملية، ثمَّ تقَرَّر التنفيذ في 5 ربيع الثاني 1379هـ / 7 أكتوبر، فقام المغامرون بالتنفيذ، ولكِنْ قُتِلَ السائق الخاص للرئيس ومُرافِقُه، وجُرِحَ الرئيسُ، وقُتِلَ من المغامرين عبد الوهاب الغريري برصاصِ رفاقِه، وجُرِح صدام حسين التكريتي، وسمير نجم، ثم استطاع رئيسُ الأركان أحمد صالح ضَبْطَ الأمور، وتم إلقاء القبض على المغامرين إلا صدام حسين؛ فإنه هرب وقُدِّموا للمحاكمة، وأُصدِرَ حُكمُ القتل فيهم، لكِنَّه لم يصدق وخرجوا من السجن بعد زوال حُكمِ عبد الكريم قاسم.
هو علي عدنان إرتكين مندريس المعروف بعدنان مندريس رئيس وزراء تركيا، ولِدَ في مدينة أيدين سنة 1317هـ، وهو سياسيٌّ حقوقي، ورجل دولة تركي ومن دهاة الأتراك, شارك في تأسيسِ رابع حزب معارِض معتَرَف به في تركيا، كما أنه يعتبَرُ أوَّلَ رئيس وزراء منتَخَب ديمقراطيًّا في تركيا عام 1385هـ, دخل الانتخاباتِ مُرشَّحًا للحزب الديموقراطي سنة 1950م ببرنامج توقَّعَت له كلُّ الدراسات الفشَلَ المطلق، فمع أنَّه خرج من حزب أتاتورك العلماني بعد أن انشقَّ عنهم، فقد كان من ضمن تعهُّداتِه التي أطلقها للأتراك في حملته الانتخابية أنَّه إذا نجح في الانتخابات برئاسة الوزراء يتعَهَّدُ بعودة الأذان باللغة العربية، والسماح للأتراك بالحَجِّ، وإعادة إنشاء المساجد، وتدريس الدين بالمدارس، وإلغاء تدخُّل الدولة في لباس المرأة، فكانت نتيجة الانتخابات حصولَ حزب أتاتورك العلماني على 32 مقعدًا، بينما حصل حزب مندريس الديموقراطي على 318 مقعدًا! وتسَلَّم عدنان مندريس منصِبَ أوَّلِ رئيس منتخب للوزراء، وجلال بايار رئيس الحزب رئيسًا للجمهورية، وقد عمل مندريس منذ فوزِ حِزبِه في الانتخابات على استعادة هويَّة تركيا الإسلامية التي صادرها كمال أتاتورك، فشرع بتنفيذِ وُعودِه التي أعلنها أثناء العملية الانتخابية؛ فعقد أول جلسة لمجلس الوزراء في غرة رمضان تيمُّنًا بالشهر الكريم، وسَمَح بالأذان باللغة العربية، وأطلق حريةَ لباس المرأة، وحرية تدريس الدين، وبدأ بتعمير آلافِ المساجد بعد أن كانت ممنوعةً من البناء، وأخلى المساجِدَ التي كانت الحكومةُ السابقة تستعمِلُها مخازن للحبوب، وأعادها لتكونَ أماكن للعبادة، كما سمح بتعليم اللغة العربية، وقراءة القرآن الكريم وتدريسه في جميع المدارس حتى الثانوية، وأنشأ أكثَرَ من عشرين معهدًا لتخريج الوعَّاظ والخطباء وأساتذة الدين، وسمح بإصدار المجلات والكتب التي تدعو إلى التمسك بالإسلام، وتقارَبَ مع العرب ضِدَّ إسرائيل، وفرض الرقابةَ على الأدوية والبضائع التي تُصنَعُ في إسرائيل، بل طَرَد السفير الإسرائيلي سنة 1956م، فتآمر عليه الأعداءُ في الداخل والخارج، فانقلب عليه جنرالات الجيش، وتم قتله -رحمه الله- شنقًا مع اثنين من وزرائه بعد محاكمةٍ صورية!
قام رئيسُ الأركان جمال غورسيل بانقلاب عسكري على الحزبُ الحاكم الديمقراطي برئاسة محمود جلال بايار فقُبِضَ على عدنان مندريس رئيس الوزراء، وأعدِمَ مع اثنين من وزرائه، وأمَّا رئيس الجمهورية محمود جلال بايار فخُفِّفَ عنه حكم القتل لكِبَر سنه، فسُجِنَ سَجنًا مؤبَّدًا حتى قضى نحبه فيه عام 1391هـ، وأصبح جمال غورسيل رئيسًا للجمهورية في عام 1381هـ بعد إجراء انخابات صورية.
في نهايةِ القرن الثالث عشر الهجري وصل الفرنسيُّون إلى الغابون، فاشتَرَوا قطعة من الأرض، وأقاموا عليها مستعمرةً صغيرة وبعد مضي عشر سنوات أقاموا مركزًا لتجارة الرقيق قُربَ الساحل، ثم امتَدَّ نفوذهم إلى داخل الغابون، وضَمُّوها إلى الكنغو الفرنسي، ثم فُصِلَت الجابون لتصبِحَ مُستعمَرةً قائمة بذاتها، وفي هذا العام نالت الغابون استقلالَها، وفي ظِلِّ الاستقلال هاجر العديدُ من المسلمين من مالي، وبنين، والسنغال إلى الجابون، وفي سنة 1973هـ / 1393م اعتنق رئيسُ الجمهورية (البرت برنارد بونجو) الإسلامَ وسُمِّي (عمر بونجو) وأسلمت معه أسرتُه ومعظم أفراد قبيلة البونجوي، ويوجد عددٌ كبير من الوزراء المسلمين بالجابون.
تنازلت بريطانيا إثرَ إلغاء الخلافة سنة 1342هـ عن منطقة جوبا السفلي أقصى جنوبي الصومال، لإيطاليا، وكانت مِن قَبلُ تتبع كينيا، وأعطت كينيا مقابِلَ ذلك الأراضي الصومالية الواقعة شرق بحيرة رودولف، ثم بعد الحرب العالمية الثانية كَثُرَ الجدل في الأمم المتحدة حولَ الوصاية على الصومال، ثم فازت إيطاليا بالوصاية على القسم الجنوبي من الصومال، وحُدِّدت بعشر سنوات تنتهي في جمادى الآخرة 1379هـ / ديسمبر 1959م، وأما القسم الشمالي فللإنجليز الذين رغبوا بضَمِّ الصومال الإيطالي لتتِمَّ السيطرة على القرن الإفريقي كاملًا، ولما انتهت مدة الوصاية طالب الشعبُ الصومالي بالاستقلالِ، وجرت الانتخاباتُ، وشاركت الأحزابُ الداعية إلى وحدة الصومال واستقلاله، واجتمع ممثِّلون عن المنطقتين في شوال 1379هـ / نيسان 1960م، واتفقوا على دَمْج جزأي الصومال في جمهورية مستقلة، ومَنْح الصومالِ الإنجليزي الاستقلالَ في مطلع عام 1380هـ / 26 حزيران، وأعلن عن قيام جمهورية الصومال المستقلة، وانتُخِب آدم عبد الله عثمان أوَّلَ رئيس للجمهورية الجديدة، وأصبح اسم الدولة جمهورية صوماليا.
بعد الحَربِ العالمية الثانية أصبحت دولةُ ساحل العاج ضِمنَ الاتحاد الفرنسي، وانتُخِبَت أول جمعية وطنية عام 1366هـ / 1947م وبعد عشر سنوات تشكَّلَت فيها أوَّلُ حكومة تتمَتَّعُ بالاستقلال الذاتي، ثم وافقت على دستور ديغول المعروف، فحصلت على الاستقلال الداخلي في 1378هـ / 1958م فأُعلِنَت الجمهوريةُ ضِمنَ مجموعة الشعوب الفرنسية، ثم مع الحزب الديمقراطي لساحل العاج حصلَ على الاستقلال التام في 14 صفر 1380هت / 7 آب، وانتُخِبَ زعيم الحزب فيلكس هوفويه بوانييه رئيسًا للجمهورية. ومع أنَّ أكثر السكان من المسلمين إلَّا أن الوظائف كانت من اختصاصِ النصارى، ولم يكن يُسمَح بتعليم اللغة العربية حتى في الكتاتيب المُلحَقة بالمساجد، واستأنفت الدولةُ علاقاتها مع اليهود في فلسطين، وأعلن الرئيسُ العاجي عام 1406هـ رغبةَ البلاد بأن تُعرَفَ دوليًّا باسمها الفرنسي "كوت دي فوار" وليس بالترجمة العربية، وقد قُبِلَ هذا الطلب فيما بعدُ لدى الأمم المتحدة، وبنى الرئيس على نفقته كاتدرائية ضخمة في ياموسوكرو.
كانت تشاد تحت الاستعمار الفرنسي الذي كان قد قضى على إمارة رابح الإسلامية، حتى عُدَّت تشاد عام 1363هـ / 1944م جزءًا من الجمهورية الفرنسية فيما وراء البحار؛ بسبب وقوف حكَّامِها آنذاك مع حكومة ديغول الحرة التي قامت بعد هزيمة فرنسا أمام ألمانيا أثناء الحرب العالمية الثانية، وبالتالي شارك سكان تشاد في الحرب بجانب الفرنسيين، ووافقت فرنسا على تأسيس الأحزاب السياسية فيها بما أنَّها من الدولة الفرنسية، وأصبحت تشاد ذاتَ استقلال ذاتي عام 1378هـ / 1959م، وحصلت على الاستقلال التام عام 1380هـ بعد أن مكثت تحت الاستعمار الفرنسي قرابة ستين عامًا، وأصبح فرانسوا تمبالباي رئيسًا للجمهورية مع احتفاظه برئاسة الوزراء، وأصبحت اللغةُ الفرنسية هي اللغةَ الرسمية.
كان المُستعمِرون قد قَسَّموا البلاد في غرب أفريقيا إلى أقسام، وأزالوا من الخارطة اسم فولتا العليا (بوركينافاسو حاليًّا)، ثم بعد الحرب العالمية الثانية وفي عام1366هـ / 1947م أعيدت الدولةُ بنفس الحدود السابقة، وجرت انتخابات واختار السكان جمعيةً وطنية بقيت تحت إشراف فرنسا بشكلٍ تام قرابةَ العشر سنوات، ثم أقيمت أوَّلُ حكومة للحكم الذاتي في 19 شوال 1376هـ / 18 أيار 1957م، وجاء بعدها ديغول وطرح دستوره المعروفَ، ووافقت عليه فولتا العليا فأصبحت في جمادى الأولى 1378هـ / ديسمبر 1958م عضوًا في الجماعة الفرنسية، ووُضِع دستور للبلاد واختير موريس ياميغو رئيسًا للجمهورية، وتولى بنفسه رئاسةَ الوزراء، وأعلن عن قيامِ فولتا العليا واستقلالِها في 12 صفر 1380هـ / 5 آب 1960م.
كانت داهومي (بنين حاليًّا) تحت الاستعمار الفرنسي، ورُسِمَت الحدود بين نيجيريا وداهومي بشكلٍ دقيق بعد اتفاقية بين بريطانيا وفرنسا وُقِّعَت عام 1316هـ / 1898م، ثم رُسِمَت الحدود مع التوغو بعد اتفاقية مع ألمانيا عام 1330هـ / 1912م وأخذت داهومي شكلها الحاليَّ تقريبًا، ثم ركَّزت جهودَها التنصيرية أكثَرَ مِن أي منطقة أخرى، ثم تشَكَّلت حكومةٌ شبه مستقلة في الداهومي بعد الحرب عام 1366هـ / 1947م، وبعد عشر سنوات حصلت على الاستقلال الذاتي وأصبحت ضمنَ المجموعة الفرنسية، ووضعت دستورًا لنفسها، وجرت الانتخابات لاختيار مجلس تشريعي، وفي 8 صفر 1380هـ / آب أعلنت داهومي استقلالَها التامَّ وأصبح هيوبرت ماغا رئيسًا للدولة.
اتفقت إنجلترا وفرنسا عام 1308هـ / 1890م على تعيين الحدود واقتسام مناطق النفوذ بينهما في منطقة وسط أفريقيا، وكانت منطقة النيجر من نصيبِ فرنسا، وتمكَّنَت من السيطرة التامة على النيجر كاملةً عام 1341هـ / 1923م وأخذت تطَبِّقُ سياسَتَها الاستعمارية، ثم بعد الحرب العالمية الثانية قَبِلَت النيجر بدستور ديغول وحصَلَت على الاستقلال الداخلي، وأعلنت الجمهورية ضِمنَ المجموعة الفرنسية، ثم أخذت بالمطالبة بالخروج من المجموعة والاستقلال التام، وحصلت عليه في 10 صفر 1380هـ / 3 آب وتولى هاماني ديوري زعيمُ الحزب النيجري التقدمي رئاسةَ الجمهورية.
انضَمَّت السنغال إلى السودان الفرنسي ليؤلِّفَا معًا اتحادَ مالي في شوال 1378هـ / نيسان 1959م، وبعد أقل من عام أصبح اتحادُ مالي مستقلًّا وانحلَّ الاتحاد وأصبحت السنغال جمهوريةً مستقلة في 27 صفر 1380هـ / 20 آب 1960م، ثم استقلت رسميًّا عن فرنسا في 14 ربيع الأول 1380هـ / 5 أيلول، وكانت تحت حُكمِ حزب الاتحاد التقدمي السنغالي، ورئيسه هو رئيس الجمهورية ليوبولد سنجور.
درست الحكومةُ السعودية دراسةً دقيقة سوقَ النفط في العالم, وبدأت تدرِكُ مدى الأرباح الطائلة التي تحصل عليها شركات النفط خارجَ السعودية, مع وجود مبدأ "المناصفة"، وفي نيسان (أبريل) 1959 عُقِد أول مؤتمر نِفطي عربي حضره ممثِّلون عن السعودية، وبدأت البلدان المصدِّرة للنفط تُدرِكُ ضرورةَ القيام بنشاطات جماعية. وقد أثار بالغ القلق لدى هذه البلدان انخفاض الأسعار القياسية. ففي الفترة من سنة 1957 حتى سنة 1960 انخفض السعرُ القياسي للنفط؛ مما أدى إلى تقلُّص كبير في عائدات البلدان المصدِّرة للنفط، وفي أيلول (سبتمبر) عام 1960 أُسِّسَت في بغداد منظمة البلدان المصدِّرة للنفط (أوبك) ضَمَّت العراق، وإيران، والكويت، والسعودية، وفنزويلا. وفيما بعد انضَمَّت إليها أبو ظبي، وقطر، وليبيا، والجزائر، وأندونيسيا، ونيجيريا، والأكوادور، والغابون. وكان الهدف الرئيسي لأوبك إجراء مشاورات بين أعضاء أوبك والشركات حينما تظهر حاجةٌ لتغيير الأسعار, ومراقبة حجم الإنتاج عند الضرورة.
كانت مالي تقع ضمن بلاد السودان الفرنسي تحت سيطرة الاحتلال الفرنسي، وعندما طُرِحَ دستور ديغول قَبِلَته مالي، فتكوَّنَت جمهورية مالي ذاتُ الاستقلال الذاتي ضِمنَ مجموعة الشعوب الفرنسية، وأُلغِيَت وظيفةُ الحاكم الفرنسي العام، ثم في شهر شوال 1378هـ / نيسان 1959م تمَّ اتحاد بين السودان الفرنسي والسنغال حَمَل اسم مالي رمزًا لمملكة مالي القديمة، وحصل الاتحاد على الاستقلال ضِمنَ المجموعة الفرنسية عام 1379هـ / 1960م، لكِنَّ هذا الاتحاد لم يلبَثْ أكثَرَ من ثلاثة أشهر، فأَعلَنَ السودان الغربي نفسَه جمهوريةً مُستقِلَّةً استقلالًا تامًّا في ذي الحجة 1379هـ / 1960م مع الاحتفاظِ باسم مالي، وتم الإعلانُ عن جمهورية مالي بدلًا من اتحاد مالي في غرة ربيع الثاني 1380هـ / 22 أيلول، وانتُخِبَ موديبو كيتا رئيسًا للجمهورية بالإجماعِ، وهو من أسرة كيتا التي أسَّست إمبراطورية مالي قديمًا.