بعد أن استقلَّت جُزُرُ المالديف سنة 1385هـ وبعد ثلاث سنوات جرى استفتاءٌ شعبي، فوافق الشعبُ على إقامة النظام الجمهوري في الحُكمِ كبديلٍ لنظام السَّلْطنة الذي كان قائمًا، وأُعلِنَ النظام الجمهوري في 20 شعبان 1388هـ / 11 تشرين الثاني، وتسلَّم إبراهيم ناصر رئاسةَ الجمهورية، وكان قبل ذلك يَشغَلُ مَنصِبَ رئاسة الوزراء، وكانت البلاد تُعرَف باسم جُزُر المالديف، ثم أُطلِقَ عليها عام 1389هـ / 1969م اسمَ جمهورية المالديف.
قاد الملازمُ أول موسى تراوري انقلابًا عسكريًّا في مالي ضِدَّ نظام الرئيس موديبو كيتا الذي كان يومَها يتنزَّهُ بقاربه الشِّراعي في نهر النيجر، وعند عودتِه إلى الشاطئ ألقِيَ القَبضُ عليه من قِبَل الانقلابيين، وتولَّى الحكمَ لجنةٌ عسكريةٌ تضُمُّ أربعة عشر ضابطًا، ثم نَصَب موسى تراوري نفسه رئيسًا للجمهورية.
هو الشيخُ محمد فؤاد بن عبد الباقي، باحثٌ ومؤلِّفٌ متخَصِّصٌ في الحديث النبوي، وعالمٌ بتنسيق الأحاديث النبوية ووَضْع الفهارس لها ولآيات القرآن الكريم، وهو مترجِمٌ باللغتين الفرنسية والإنجليزية لكتُبِ المستشرقين في معاجمِ الحديث والقرآن. ولِدَ في إحدى قرى القليوبية في جمادى الأولى 1299هـ / مارس 1882م، ونشأ في القاهرة، وفي سنة 1317 هـ / 1899م عَمِل بمركز تلا التابع لمحافظة المنوفية مدرسًا للُّغة العربية في مدرسة جمعية المساعي المشكورة، وبعد فترة عَمِلَ ناظرًا لإحدى المدارس في قرى الوجه البحري، وظلَّ في هذه الوظيفة سنتين ونصفًا. ولما أعلن البنكُ الزراعي عن وظيفة مترجِم تقدَّم لها وعُيِّن بالبنك في 3 ذي القعدة 1323هـ / 30 ديسمبر 1905م، وقد هيأ له استقرارُه في هذه الوظيفة أن ينصَرِفَ إلى القراءة ومُطالعة أمَّهات كتب الأدب في العربية والفرنسية، وأن يرتبطَ بصداقات مع أعلام عَصرِه. وكان ممن ارتبط بهم بصداقةٍ وتَلمَذة الشيخُ محمد رشيد رضا, فلازمه إلى وفاتِه، ونهل من علمه، وفتح له آفاقًا واسعةً في علوم السنة، فانطلق يخدمُ السنةَ النبوية، سواءٌ فيما يتَّصِلُ بتحقيق أمهاتها، أو التأليف فيها، أو تخريج أحاديثها، ومن أعظَمِ جهودِ عبد الباقي التي خَدَم بها سنة المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم ترجمتُه لكتاب ((مفتاح كنوز السنة)) لفنسك أستاذ اللُّغات الشرقية بجامعة لندن، ومن مؤلفاته أيضًا في خدمة السنة: ((اللؤلؤ والمرجان فيما اتَّفَق عليه الشيخان)). توفي رحمه الله بالقاهرة عن عمر ناهز التسعين.
حربُ الاستنزاف تعبيرٌ أطلقه الرئيس جمال عبد الناصر على العمليَّات العسكرية التي كانت تدور بين القوَّات المصرية شَرقَ قناة السويس والقوات الإسرائيلية المحتلَّة لمنطقة سيناء عَقِبَ حربِ الأيام الستة (نكسة حزيران 67) والتي احتلَّت فيها إسرائيلُ الأرضَ العربيةَ في كلٍّ مِن الضَّفَّة الغربية، وقطاع غزة، وهضبة الجولان، وسيناء. وانتهت حربُ الاستنزاف بموافقة عبد الناصر على مبادرة وزير الخارجية الأمريكي روجرز لوقفِ إطلاق النار في 8 أغسطس 1970م. تضمَّنت حربُ الاستنزاف هجماتٍ مُتعدِّدةً ضِدَّ الاحتلال في سيناء وحتى في مناطِقَ خارجَ منطقة الصراع تمامًا، مثل عملية تفجير حفَّار إسرائيلي في المحيط الأطلنطي، ومن أهمِّ عمليات حرب الاستنزاف: عمليةُ ايلات التي تمَّ خلالها الهجومُ على ميناء أم الرشراش الذي أسمَتْه إسرائيل إيلات بعد احتلالِه؛ حيث تمَّ تلغيمُ الميناء، وقَتْلُ عددٍ مِن العسكريين، وإغراقُ بارجة إسرائيلية من قِبَل المصريين بالتعاون مع القوات الأردنية والعراقية ومنظمة التحرير الفلسطينية.
هو سعودُ بن عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود: مَلِكُ المملكة العربية السعوديَّة، وهو أوَّلُ ملك للبلادِ بعد أبيه المؤسِّسِ الملك عبد العزيز رحمهما الله. وُلِدَ سعود في الكويت سنة 1319هـ العام الذي استعاد فيه الملك عبد العزيز الرياض، ونشأ سعود في الرياض. وقرأ على بعض مشايخها. وقام برحلاتٍ إلى الخارج. وقاد المعاركَ في حروب أبيه. وتولى العرشَ السعودي عام (1373هـ / 1953) فور وفاة أبيه، وبعهدٍ منه، وزار مصر واليمن، وفي سنة (1384 / 1964) اجتمع أعيانُ آل سعود وعُلماء الرياض فأصدروا بيانًا بتنحية الملك سعود ومبايعة الأمير فيصل. فرحل سعودٌ بأهله وبعض أبنائه ونزل بالعاصمة اليونانية أثينا للعلاجِ والإقامة في فندق قريبٍ منها. وقد كانت وفاتُه -رحمه الله- بأثينا، ونقلته طائرةٌ سعودية من أثينا إلى جدة؛ حيث صلَّى عليه أخوه الملك فيصل بمكَّةَ وحملته الطائرة إلى مدافِنِ الأسرة في الرياض.
تأزَّم الأمرُ في باكستان كثيرًا -وخاصةً بعد الحربِ مع الهند- وزادت المعارَضةُ، وبدأت المطالَبةُ بتقسيم باكستان إلى إقليمين، وفُصِلَ الإقليمُ الشرقي، وزادت الاضطراباتُ، وكانت مكانةُ أيوب خان (سُنِّي) في باكستان بدأت تَضعُفُ؛ بسَبَبِ ازدياد المعارِضين لسياسته، وزاد من قوَّتِها انتقادُ وزير الخارجية ذي الفقار علي بوتو (شيعي) للمعاهدة، وفي هذه الأوضاع تأسَّس حزبُ الشعب الاشتراكي بهدف إقصاءِ أيوب خان عن السلطة، وتكَوَّنت أحزابٌ سياسيَّةٌ أخرى اجتمعت كلُّها على إسقاط حكومة أيوب خان، وأخذت شعبيَّةُ أيوب خان في الانهيارِ عندما أحسَّت قطاعاتٌ عريضةٌ من الشعب الباكستاني بفشلِه في الحُصولِ على تأييد عددٍ مِن الدول الإسلامية ذاتِ الثِّقلِ الدولي، وتدهور الموقِفُ السياسي الداخلي بسبب اشتدادِ المعارضة واندلاع المظاهراتِ الطُّلَّابية الحاشدة، فلم يجِدِ الرئيسُ أيوب خان بدًّا من اعتزالِ الحكم، فتركه وسلَّمه إلى رئيسِ هيئة أركان الحرب في الجيش الباكستاني الجنرال يحيى خان الذي تسلَّم السلطة، فشَكَّل حكومةً عَسكريةً، وفرَضَ الأحكامَ العُرفية، وحَلَّ الهيئاتِ النيابيَّة، ومَنَع الإضراباتِ والمظاهراتِ.
كان جعفر محمد النميري قد أُرسِلَ إلى أمريكا للحصول على رتبةِ أركان حرب، ورجع بعد أقل من سنتين ورُفِع إلى رتبة عقيد، وكان قد عُيِّن كقائدٍ ثان في مدرسة المشاة في جبيت، وفي 9 ربيع الأول 1389هـ / 25 أيار قام بانقلابٍ عسكريٍّ واستولى على الحُكم، وأزاح وزارةَ محمد أحمد محجوب، وشكَّل مجلِسًا للثَّورة والحكومة، وأعاد عددًا من الضبَّاط الذين كانوا قد أُقيلوا سابقًا، وكان الانقلابُ العسكريُّ قد استهدف الجبهةَ الإسلاميَّةَ قبل غيرها؛ إذ اعتَقَل أعضاءَها قبل أن يعتَقِلَ أعضاءَ الحكومة، وحَمَل الانقلابُ عنوانًا اشتراكيًّا، وضَمَّ عناصرَ مختَلِفةً مِن شيوعيَّة واشتراكيَّة مع عملهم بالوقتِ نفسِه بخَطِّ الرأسمالية، وبدأت الحركةُ بتطبيق الاشتراكية في بعض القطاعاتِ، وانقسمت البلادُ إلى قسمين: الحكومةُ وأنصارُها من جهةٍ، وجبهةُ المقاومةِ الشَّعبيةِ مِن جهةٍ أخرى.
كانت منطقة "سيدي إفني" التي تقع جنوبَ مدينة أغادير بالمغرب على المحيطِ الأطلسي بحُكمِ مَوقِعِها الاستراتيجي: محطَّ أطماعٍ استعماريَّةٍ، وهدفًا سَعَت قواتُ الاحتلال الإسباني إلى تحقيقِه باعتبارها بوابةً بحريةً مؤهِّلةً للإنزال العسكري والعمليَّات الحربية؛ ولطبيعةِ سيدي إفني وأرضيتها الصالحة لهُبوط الطائرات وتضاريسها التي تجعل منها حِصنًا يُطِلُّ على امتداداتٍ شاسعةٍ مِن عُمقِ تراب آيت باعمران (وهو نطاق اتحاد قبائِلَ مغربيَّة) والأقاليم الجنوبية عمومًا. وهكذا حطَّت جيوشُ الاحتلال بكل ثِقلِها في المنطقة منذ سنة 1934م، وعزَّزت وجودَها بكثافةٍ. وظَلَّ المغربُ مع ذلك متمسكًا بمطالبه في تحرير أراضيه، وظل أبناءُ الصحراء يقاومون الاحتلالَ الإسباني، واستطاع المغربُ من جديدٍ أن يحقِّق خطوةً كبيرة على دربِ استكمال التحرير، وعلى الرَّغمِ من تراجُع جيش التحرير وبقاء "سيدي إفني" محاصرةً إلَّا أن إسبانيا سلَّمتها للمغربِ في 30 يونيو 1969.
هو المقرئُ الشيخ محمد صديق المنشاوي، أحدُ رُوَّادِ التلاوة بمصر، تميَّز بأسلوبٍ مُمَيَّز وحزين في تلاواتِه. وُلِدَ بقرية البوري بمحافظة سوهاج بمصر، وأتمَّ حِفظَ القرآن وهو في الثامنة؛ حيث نشأ في أسرةٍ تهتَمُّ بالقرآن حفظًا وتلاوةً؛ فأبوه الشيخ صديق هو الذي علَّمه فنَّ قراءة القرآن الكريم، ذاع صِيتُ محمد ولَقِيَ قَبولًا حسنًا لعُذوبةِ صَوتِه وجماله وانفرادِه بذلك، كان متقِنًا لمقاماتِ القراءة والانفعال العميقِ مع معاني وألفاظ القرآن, ويُعدُّ المنشاوي من أشهَرِ القرَّاء في العالم الإسلامي. أصيب الشَّيخُ في آخر أيامِه بمرض دوالي المريء، ورَغمَ مَرضِه ظلَّ يقرأ القرآن حتى وافته المنية -رحمه الله- يوم الجمعة 5 ربيع الثاني من هذا العام.
زادت نِقمةُ النَّاسِ على النِّظامِ الحاكم في ليبيا، وكانت تزدادُ كُلَّما ازداد التودُّدُ للإيطاليين الذين كانوا بالأمسِ محتلِّين وأذاقوا الناسَ الويل، وأيضًا لعدَمِ مقاطعتهم لإسرائيل رغمَ صدور قرار المقاطعة من الجامعة العربية، ثمَّ ازدياد النفوذ الأمريكي في المنطقة، وغيرها من الأمور التي ولَّدت الحِقدَ الشعبيَّ، وظهرت المعارضةُ. وفي 19 جمادى الآخرة 1389هـ / 2 أيلول (سبتمبر) تحرَّك الجيشُ بقيادةِ العقيد معمَّر القذافي، وقضى على الوَضعِ القائم الذي وَجَدَه هشًّا؛ إذ نِقمةُ الشَّعبِ كانت عارمةً على النظام الملكي، وتشكَّل المجلسُ الأعلى لقيادة الثورة، وتشكَّلت حكومةٌ جديدة من عسكريِّين ومَدَنيين، وعلى إثر ذلك انسحبت أمريكا وانجلترا من ليبيا، فأصبح لهذه الثورةِ مكانتُها في أعُينِ النَّاسِ، ثمَّ مِن الناحية الإسلاميَّة أصدرت الثورةُ قانونًا بمنع تعاطي الخُمورِ في ليبيا، وطبَّقت الزكاةَ، وأصدرت مجموعةَ قوانين تدور حولَ هذا الفَلَك الإسلامي! ثم أبدى القذافيُّ قائدُ الثورة بعد وفاة جمال عبد الناصر أنَّه الوريثُ للزعامة العربية! وعَمِلَ على إقامة اتحادِ الجُمهوريات العربية المتَّحَدة بين ليبيا ومصر وسوريا.
إنَّ مِن أهدافِ اليهود إزالةَ المسجد الأقصى ومسجد الصَّخرة؛ لإقامةِ هيكلِ سليمانَ المزعومِ الذي يدَّعون زُورًا وبهتانًا أنَّه كان مُقامًا في نفسِ مكان المسجد، وأنَّ بناءه هو السَّبيلُ لظهور مسيحِهم المنتظَرِ الذي يدَّعون أنَّهم سيقتلون العالَم أجمعَ معه، فكان من تخطيطِهم إحراقُ المسجدِ مِن أجْلِ هَدمِه؛ فقامت السُّلطاتُ اليهودية ُبهدمِ العقاراتِ الملاصقة للمسجد الأقصى، ثم قامت بنَسفِ جميع المباني العربية المجاوِرة، واحتلَّت بقوةٍ بابَ المغاربة وسَمَحت لليهود بإقامةِ صَلَواتهم في المسجد، ثمَّ قامت بعد ذلك بتدريبِ بعض الأفراد وزوَّدتهم بما يلزم لافتعالِ حريق في المسجد الأقصى، فقام في 7 جمادى الآخرة / 21 آب (أغسطس) بعضُ اليهود المجرمين بإضرامِ النار في داخِلِ المسجد الأقصى وسَطْحِه وعِدَّة مناطق منه، وتظاهرت السلطاتُ اليهوديةُ في البداية أنَّها لا علاقةَ لها بالأمر، فتباطأت بشكلٍ ظاهرٍ في عمليات الإطفاء، وهَبَّ الفلسطينيون لإطفاءِ الحريق وجاءت سياراتُ الإطفاء من رام الله والخليل للإطفاء، وقَطَعت شركةُ كهرباء القُدس التيَّارَ حتى لا يتفاقمَ الأمرُ حتى استطاع الأهالي إطفاء الحريق، وأعلن الشيخ حلمي المحتسب رئيسُ الهيئة الإسلامية بالقدس أنَّ الاعتداءَ كان من قِبَلِ السلطات اليهودية، ونُشِرَ تقريرٌ مفصَّل في القدس عن الحريق وافتعاله.
بعد أن أقدم اليهودُ على إحراقِ المسجِدِ الأقصى، واستاء العالمُ الإسلامي جميعًا من هذا الفعلِ المُجرِم، بادر الملِكُ الحسن الثاني مَلِكُ المغرب بتوجيهِ دعوةٍ إلى رؤساء العالم الإسلامي للاجتماعِ في الرِّباطِ عاصمةِ المغرب؛ للاتفاقِ على خِطَّةِ عَمَلٍ إسلامية موحَّدة تهدف إلى الدِّفاعِ عن القدس الشريف، وحمايةِ البِقاع المقَدَّسة ومعالمه الحضارية؛ فعُقِدَ بالفعلِ أوَّلُ مؤتمر قمة إسلامي في الرباط في الفترة من 9 إلى 12 رجب سنة 1389هـ / 22 إلى 15 أيلول، دُعِيَ إليه 35 بلدًا إسلاميًّا, بَيْدَ أن 25 بلدًا فقط أرسلت وفودَها, علمًا بأنَّ عشرة بلدان فحسب مثَّلت برؤساءِ دُوَلِها، وحضرته منظمةُ التحرير الفلسطينية بصفةِ مراقب، وأعلن المؤتمَرُ في ختامه إدانةَ العملِ الإجرامي، والمطالبةَ بانسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية التي احتلَّتْها إسرائيلُ في حرب 1967م، وتأكيدَ عودةِ القدس إلى وَضعِها السَّابقِ قبل حرب حزيران 1967م، وتأكيدَ تضامُنِ الدول الإسلامية مع الدول العربية في صراعِها مع العدُوِّ الإسرائيلي، ومساندةَ المؤتمر وتأييدَه الكامل للشعب الفلسطيني؛ من أجلِ استعادة حقوقِه المغتَصَبة، وتحرير أرضه من براثنِ الصهيونية. وقرَّر المؤتمِرون ضرورةَ عقد اجتماعٍ لوزراء خارجية الدُّوَل المشاركة بجدة في شهر مارس 1970م؛ وذلك لبحثِ نتائج العَمَل المشترك الذي قامت به الدُّوَل المشاركة على الصعيد الدولي في موضوعِ القرارات الواردةِ في إعلان مؤتمر القِمَّة الإسلامي بالرباط، وإقامة أمانة دائمة يكونُ من جملة واجباتها الاتصالُ مع الحكومات الممثلة في المؤتمر والتنسيق بين أعمالها، وبعد حرب 1973 أخذ يتزايدُ في المؤتمرات الإسلامية الاهتمامُ بقضايا التعاوُن الاقتصادي والإجراءات المشتركة ضِدَّ أعمال إسرائيل التوسُّعية العدوانية, ودعْم حقوقِ الشعب العربي الفلسطيني.
اغتال أحدُ أفراد شرطة الصومال رئيسَ الجُمهورية عبد الرشيد علي شيرمارك في 4 شعبان 1389هـ / 15 تشرين الأول، وبعد ستةِ أيام سيطر الجيشُ بانقلابٍ عسكريٍّ على الحُكمِ عَشيَّةَ اليوم الذي كان مقررًا فيه إجراءُ انتخاب رئاسي، واستولى على السلطةِ قائِدُ الجيش والقوَّات المسلحة محمد سياد بري الذي حلَّ المجلِسَ الوطني، وألغى الأحزابَ السياسيَّةَ، وشكَّل حُكومةً جديدة من قِبَل المجلِسِ الثوري الأعلى الذي يرأسه، وأعلن جمهوريةَ الصومال الديمقراطية، وفي شعبان 1390هـ / تشرين الأول 1970م أعلن محمد سياد بري دولةَ الصومال الاشتراكية.
هو الشَّيخُ العلَّامة محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب التميمي مفتي الديار السعودية. وُلِدَ يوم عاشوراء من عام 1311هـ، ونشأ نشأةً عِلميَّةً في بيتِ عِلمٍ ودين، فحَفِظَ القرآنَ مبكرًا، ثم بدأ الطلَبَ على العلماء قبل أن يبلُغَ السادسة عشرة، ثم أصيب بمرَضٍ في عينيه وهو في هذه السن ولازمه حتى فَقَد بصَرَه وهو في سن السابعة عشرة، وكان يَعرِفُ القراءة والكتابة قبل فَقدِه لبصرِه. كان متوسِّطَ الطول، مليءَ الجِسم، متوسِّط اللون، ليس بالأبيض ولا بالأسمر، خفيفَ شعرِ العارِضَين جدًّا، يوجَدُ شَعرٌ قليل على ذَقَنِه، إذا مشى يمشي بوقارٍ وسكينة، وكان كثيرَ الصَّمت، وإذا تكلَّم لا يتكلَّم إلَّا بما يفيد، وكان ذكيًّا، و كان صاحِبَ غَيرة شديدة على دين الله، مع حزمٍ وشِدَّة يرهب لها الجميع، وكان رغمَ شِدَّتِه وحزمه وهيبةِ الناسِ له صاحِبَ دُعابةٍ خُصوصًا مع خاصَّته، ومن مشايخِه الذين تعَلَّم عليهم عَمُّه الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف، والشيخُ سعد بن حمد بن عتيق، والشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع. ومن أعمالِه أنَّه تولى القضاءَ في الغطغط، وكان إمامًا وخطيبًا للجامع الكبير بالرياض، ولما افتُتِحَت رئاسةُ المعاهد والكليات كان هو الرئيسَ، ولما تأسَّسَت رئاسةُ القضاء عُمِّد رسميًّا برئاسةِ القضاء، ولما افتُتِحَت رئاسةُ البنات كان هو المشرفَ العامَّ عليها، وكان هو مفتي البلاد، ولما افتُتِحَت رابطةُ العالم الإسلامي كان هو رئيسَ المجلس التأسيسي لها، وكان أمينُ الرابطة وقتها محمد سرور الصبان، ولما افتُتِحَت الجامعة الإسلامية في المدينة كان هو المؤسِّسَ لها، وعَيَّن نائبًا له الشيخ عبد العزيز بن باز, وفي سنة 1373 هـ أنشأ المكتبةَ السعودية العامة في الرياض، وجمع فيها حوالي 15.000 كتابٍ مطبوعٍ، و 117 مخطوطًا، وأملى من تأليفِه كُتُبًا، منها: ((الجواب المستقيم))، و ((تحكيم القوانين))، ومجموعة من أحاديث الأحكام، والفتاوى في عدة مجلَّدات، وكان الملكُ عبد العزيز قد أمر بجَمعِها وطباعتها. ومن تلاميذه: الشيخ عبد الله بن حُمَيد، والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ سليمان بن عبيد، والشيخ صالح بن غصون، والشيخ عبد الله بن جبرين. وقد أصيب الشيخُ بمرضٍ، فصدر أمرٌ ملَكيٌّ بنقله إلى لندن لمواصلة العلاج، فلما وصل لندن أجرَوا له الفحوصاتِ اللازمةَ فرأوا أنَّ المرضَ بلغَ غايةً لا ينفَعُ معها علاجٌ، ثم دخل في غيبوبة وهو هناك، فأُتيَ به إلى الرياضِ على طائرة خاصة، وبَقِيَ في غيبوبة حتى وافته المنيَّةُ -رحمه الله- صباحَ يوم الأربعاء 24 رمضان، وصلِّيَ عليه بعد صلاة الظهر من نفس اليوم، وأمَّ النَّاسَ عليه الشيخُ ابن باز، وامتلأ المسجِدُ وجميعُ الطُّرُقات المؤدية إليه، حتى إن كثيرًا من النَّاسِ لم يُدركوا الصلاةَ عليه، ودُفِن في مقبرة العود.
اقتَسَمت السعوديةُ والكويت إدارةَ المنطقة المحايِدة الواقعة في الحدودِ بين الكويت والسعودية، وبدأت مفاوضاتُ التقسيم بعد وقتٍ قصير من لقاءِ حُكَّام الكويت والسعودية في تشرين الأول عام 1960م، وتم الاتفاقُ على وجوب تقسيمِ المنطقة المحايِدة (المجاورة) أراضي كلٍّ منها، مع المحافظة على اتفاقية سابقةٍ تقضي بتقاسُمِ الموارد النِّفطية بينهما مناصَفةً، وتمَّ التوقيعُ على اتفاق ترسيم تقسيم المنطقة المحايدة في 17 ديسمبر 1967م، لكِنَّ الاتفاقية لم تأخُذْ طابَعَها الرسمي حتى تمَّ تبادل الوثائق والتواقيع التي جرت في الكويت في 18 ديسمبر من هذا العام، ثم تَبِعَها إجراءاتُ التصديق في 18 يناير 1970م.
نُفِّذت مَذابحُ مُروِّعةٌ ضِدَّ مُسلِمي الفلبينِ على يَدِ حُكومة الدِّكتاتور فرديناند ماركوس، الذي حكَم الفلبينَ من 1965 إلى 1986م بالحديدِ والنارِ؛ حيث ارتكَبَت قُوَّاته أفظَعَ الجرائمِ في حقِّ المسلمين؛ مِن قتْلٍ جَماعيٍّ، وإحراقِ الأحياءِ، وانتهاكِ الأعراضِ والحُرماتِ، وَفَقْءِ أعيُنِ الرجالِ، وبقْر بُطون الأطفالِ، وذبْحٍ بالخناجرِ، وفصْلٍ للرُّؤوس عن الأجسادِ! وما بين عامي 1392- 1404هـ قُتِل أكثرُ مِن 30.000 مسلمٍ من النِّساء والأطفالِ وكِبار السِّن، وفرَّ أكثرُ من 300.000 مسلمٍ، وتمَّ إحراقُ 300 ألفِ مَنزلٍ، وتدميرُ مائةُ قريةٍ ومدينةٍ إسلامية، وأكثرِ من 500 مسجدٍ!
ظلَّت السُّعودية تَنظُر بكثيرٍ من الحذَرِ لخُطَط ونشاطاتِ طهرانَ في المنطقةِ، ولكنها لم تَصِلْ إلى حدِّ النِّزاع أو الاشتباكِ. وفي كانون الثاني (يناير) 1968 قرَّرت حُكومةُ حِزب العُمال البريطانيةُ إبطالَ مَفعولِ المعاهداتِ المعقودةِ حولَ مَحْميات البحرينِ، وقَطَر، وإماراتِ ساحلِ الصلحِ السَّبعة (أبو ظَبي، وعجْمان، ودُبي، والفُجيرة، ورأْس الخيمة، والشارِقة، وأم القيوين)، وسحْبَ جُزءٍ كبير مِن قُواتها من هناك. وفي أوَّل آذار (مارس) 1971 أعلَنَت حُكومة المحافظينَ التي تَسلَّمت مقاليدَ الحُكْم في حُزَيران (يونيو) 1970 أنَّ الجلاءَ سوف يُنجَزُ قبْل نِهايةِ عامِ 1970م. اتَّخذت لَندن هذا القرارَ، وأخَذت تبحَثُ بنَشاطٍ عن فُرَصٍ للحِفاظ على نُفوذِها الاقتصادي والسِّياسي في المنطقةِ؛ ولهذا الغرَضِ طرَحَت خُطةَ إنشاءِ اتِّحادٍ مِن الإمارات التِّسع التي كانت خاضعةً لِلحِماية البريطانية، بَيْدَ أن إيرانَ عارَضَت انضمامَ البحرينِ إلى الاتِّحاد العربيِّ، وأعلَنت أنها تَعتبِرُها جُزءًا من أراضيها. وكانت للملِكِ فَيصل عَلاقاتٌ وُدِّيةٌ مع أمير البحرينِ، فرفَض الملِكُ فَيصل مَطامِعَ إيرانَ في البحرينِ. كما كانت إيرانُ والسُّعوديةُ على خلافٍ في قَضايا أخرى أيضًا. وفي ربيع عامِ 1971 أعلَن شاه إيرانَ أنَّ بِلاده تَتحمَّل مَسؤوليةَ الدِّفاع عن الخليجِ بعدَ انسحابِ البريطانيين مِن هناك، واعتزَمَت إيرانُ تَثبيتَ سيَطرتِها على الخليجِ عَسْكريًّا دونَ إقامةِ اعتبارٍ لرأي العرَبِ. أخفَقَت فِكرةُ إنشاء اتِّحادٍ مِن تسعِ إماراتٍ؛ فقد سعى أميرَا البحرينِ وقَطَر إلى الاستقلالِ، كما أنَّ الحكومةَ الإيرانيةَ عارضت عَمليًّا إنشاءَ اتِّحاد "الإمارات التِّسع"؛ لذا قرَّرت بِريطانيا تأسيسَ دَولةٍ جديدة تضُمُّ إماراتِ ساحلِ الصلحِ السَّبع. بعدَ إعلانِ استقلالِ البحرينِ، تخلَّت إيرانُ شكليًّا عن مَطامعِها فيها؛ لذا فقد خفَّت حِدَّة الخلافاتِ بين الشاهِ والملِك فَيصلٍ، غيرَ أنَّ خُطط إيرانَ في مَنطقةِ الخليج لم تَتوقَّفْ.
بدَأَت الصِّداماتُ في السُّودان بين حُكومة النميريِّ الاشتراكيةِ وأنصارها مِن جِهةٍ، وبين حَرَكة المقاوَمة الشَّعبيةِ مِن جِهةٍ أخرى، وكان أوَّل الصِّداماتِ دُخول قُوَّات الأمْن إلى مَسجدِ عبدِ الرحمن المهدي الذي يَتجمَّع فيه الأنصارُ عادةً، فقُتِل ثلاثونَ رجلًا مِن الأمن في حِين قُتِل ألْفُ رجلٍ مِن الأنصارِ جَماعةِ المهديِّ، ثم رفَض الهادي زِيارةَ النميريِّ لجِزيرة "أبا" الواقعةِ في النِّيل الأبيض جَنوب الخرطومِ ويَملِكُها المهديُّ، وتجمَّعت قوَّاتُ جبهْة المقاومة الشَّعبيةِ في الجزيرةِ، قامت قُوَّات الحكومةِ بمُداهَمة جَزيرة "أبا" بالمدفعيةِ والمدرَّعات والطائراتِ، واشترَكَ فيها الطيرانُ المصريُّ، فقتَلَت أعدادًا كبيرةً من قُوَّات الجبهةِ، بل ومِن السُّكَّان أيضًا، حتى وصَل عددُ الضَّحايا إلى خمسةٍ وعشرين ألفَ قَتيلٍ، ثم أُذِيعَ بعدَ خمْسة أيامٍ عن مَقتلِ الهادي المهديِّ عندَ الحدودِ الشَّرقية مع الحبَشةِ أثناءَ مُحاولتِه الهربَ من البلادِ، وكانت القُوةُ العسكرية التي أرسَلَها النميريُّ إلى الجزيرةِ بقِيادةِ العميد أبي الذهب، ومعه قائدُ حامية كوستي، وبرُفْقته سِتُّ مائة جُنديٍّ، وبعد هذه المعركةِ عمِلَ الشُّيوعيون في الحكومةِ على جَرِّها لتَصفيةِ أعدائهم تَصفيةً جَسديةً؛ فعَمَّ القتْلُ في البلادِ وساد الخوفُ والذُّعرُ.
عرَض وزيرُ الخارجية الأمريكيةِ وليام رُوجرز مشروعَه في 9 ديسمبر، وتألَّفَ مشروعُ رُوجرز في دِيباجة مُوجَزة تدْعو إلى عقْدٍ اتفاقٍ نهائيٍّ ملزِمٍ بصورةٍ مُتبادلة بين مصرَ وإسرائيلَ، يَجري التفاوضُ بشَأْنه تحت رِعاية السَّفير السويديِّ "غونار يارنغ" الممثِّل الشَّخصي للأمين العامِّ للأُمَم المتحِدة، ويَستنِد هذا الاتِّفاق إلى نِّقاط عشْر، أهمها أن تقومُ مصرُ وإسرائيلُ بتَحديد الجدْول الزَّمني والإجراءات المتعلِّقة بانسحاب القواتِ المسلَّحة الإسرائيلية مِن أراضي جُمهورية مصرَ العربيَّة التي احتُلَّت في النِّزاع عامَ 1967م. وانتهاء حالةُ الحرب بين مِصرَ وإسرائيلَ وتُقام حالةٌ رَسميةٌ للسلامِ، ويُوافِق الجانبانِ على أن مَضيق تِيران ممرٌّ مائيٌّ دَولي، وعلى أنَّ مَبدأ حُرِّية الملاحة يسْري على جميعِ الدُّول بما فيها إسرائيلُ، وفي الجانب الأردني: تَحسِم إسرائيلُ والأردنُّ معًا مسألةَ السَّيطرة على القدسِ، مع الاعترافِ ببَقاء المدينة مُوحَّدة، وحُرِّية التنقُّل في جَميع أجزائها، ويَتقاسَمُ البَلَدانِ المسؤولياتِ المدنيةَ والاقتصادية لحكومةِ المدينة. ويَشترِك الأردنُّ وإسرائيلُ في العمل على إتمامِ الإجراءاتِ النهائية لإدارةِ قِطاع غَزَّة، ويُعطى اللَّاجِئون الفِلَسطينيون (من حرب 48) الخيارَ بين العودةِ إلى إسرائيلَ، أو الإقامةِ الدائمة في الدُّول العربيَّة مع تَعويضاتٍ إسرائيليةٍ. وانتهَت مُبادرةُ رُوجرز -كأوَّل مُبادَرةٍ للسلامِ بين العربِ وإسرائيل خلالَ عهْدِ إدارة نِيكسون- إلى الفشَلِ؛ فقد رفَض الاتِّحاد السُّوفيتي مشروعَ رُوجرز بسَببِ عَدَم تَوازُنه وانحيازِه لإسرائيلَ، ورفَضَتْه إسرائيلُ! أما الفِلَسطينيون فقد رفَضوا مشروعَ رُوجرز؛ لأنَّه يتنكَّر لحُقوقِهم الوطنية، واعتَبَروه مُؤامرةً ضدَّ الكفاحِ الفِلَسطيني المسلَّح. أما الموقفُ المصري فعلى الرَّغم مِن تَرحيب عبد الناصرِ بها وإيقافِه لحرْب الاستنزافِ، إلا أن مُبادَرة روجرز رُفِضَت في الأخير؛ لأنها لم تَشتمِلْ على حلٍّ شامل لجميعِ المناطقِ العربيَّة المحتلَّة.
كانت سَلْطنة عُمانَ من بيْن أوائل الدُّول التي نالَت استقلالَها في المنطقةِ. بعدَ أنْ أنهى السُّلطان قابوس دِراساتِه العسكريةَ في لَنْدن وقِيامِه بجولةٍ حولَ العالم، تمَّ استدعاؤه إلى الوطَنِ، ووُضِعَ قابوس في عُزْلة في قصْر صلالةَ؛ بسَبب تَعارُض أفكارِه التقدُّميةِ العالمية مع مُيول والِدِه في الإبقاءِ على محافظةِ وانعزاليةِ عُمان. وبدَعْمٍ مِن البريطانيين والصَّفوة السياسية في عُمان استولَى السُّلطان قابوس (البالغ مِن العُمر 30 عامًا) على الحكْمِ إثرَ انقلابٍ نفَّذه ضِدَّ أبيه سعيدِ بن تَيمور، ثم نَفى والدَه إلى لَندن؛ حيث مات هناك عام 1972م، وما إنْ تَسلَّم السُّلطانُ قابوس السُّلطةَ في يوليو 1970م حتى حصَل على اعترافٍ عالميٍّ كامل يَمنَحُه الاستقلالَ التامَّ عن بِريطانيا. وتمَّ تَغييرُ اسمِ الدَّولة من "سَلْطنة مسْقطَ وعُمان" إلى "سَلْطنة عُمان"، وبالإضافةِ إلى دَور قابوس كسُلْطانٍ يَشغَلُ قابوس مناصبَ رئيسِ الوزراء، ووزيرِ الخارجية، ووزيرِ الماليَّة، ووزيرِ الدِّفاع. جاء آل بوسعيد إلى حُكْمِ عُمان عام 1154هـ / 1741م، وما زالوا يَحكُمون إلى الآن، ويعودُ تاريخُ بوسعيد إلى أحمدَ بنِ سعيد الذي عُيِّن مُستشارًا لسيف بنِ سُلطان، آخِر مَن حكَمَ عُمان مِن اليعاربةِ، فلمَّا رأى اضطرابَ الأمورِ في البلادِ، وضَعْفَ الحاكمِ سيفِ بن سُلطان، وتفتُّتَ البلاد في عهْدِه؛ عمِلَ على تَوحيد الصُّفوف، وقضى على القواتِ الفارسيةِ الموجودةِ بالبلاد، وعلى إثْر ذلك بُويِعَ إمامًا للبلادِ، وتوالى الأئمةُ مِن آل بوسعيد حتى آل الأمْرُ للسُّلطان قابوس بنِ سعيد.