هو محمد علال ابنُ العلَّامة الخطيب عبد الواحد بنِ عبد السلام بنِ علال بنِ عبد الله بنِ المجذوب الفاسي الفِهريُّ نسبًا، ثم الفاسيُّ مولدًا ودارًا ومنشأ. أحد روَّاد الفكر الإسلامي الحديث، ومن كبار الخطباء في المغرب، ينحدِرُ من عائلة عربية عريقة نزحت من موطنها بديار الأندلس إلى المغرب الأقصى فرارًا بدينها وعقيدتها من محاكمِ التفتيشِ الإسبانية، واستوطنت بمدينة فاس تحت اسمِ بني الجدِّ واشتهرت بآل الفاسيِّ الفِهريِّ، وساهمت في جميع المجالات العلمية والمعرفية؛ وهو مؤسِّس حزب الاستقلالِ المغربيِّ، وأحد منظِّري فكرة المغرب العربي الكبير، وُلِدَ بمدينة فاس المغربية، في أواخر شوال عام1326هـ/ 1908م، أدخله والده إلى الكتَّاب لتلقي مبادئ الكتابة والقراءة، وحَفِظ القرآن الكريم في سنٍّ مبكرة، وبعد ذلك نقله والده إلى المدرسة العربيَّة الحرة بفاس القديمة؛ ليتعلَّم مبادئ الدين وقواعدَ اللغة العربيةِ، كان مبرزًا على أقرانه، مفخرة أسرته، بل مفخرة القَرويِّين والمغرب، عِلمًا ونبوغًا، وذكاء، وفي عام 1338هـ التحق بجامع القَرويِّين العامرِ، فدرس فيه المختصرَ بشرح الدرديرِ، والتُّحفةَ بشرح الشيخ التَّاودي بنِ سودة، وجمع الجوامع بشرح المحلِّي، والكامل في الأدب للمبَرِّد، ومقامات الحريري، وعيون الأخبار لابن قتيبةَ، وغيرها من الكتب، وسرد الكتب الستة على أبيه وعمِّه القاضي عبد الله الفاسيِّ، وعلى الشريف السلفيِّ علي الدرقاوي زاد المعاد في هدي خير العباد، وأدب الدنيا والدين، والشمائل المحمدية، وتابع دراستَه حتى حصل على الشهادة العالِميَّة، وفي عام 1380هـ عُيِّن وزيرًا للدولة مكلَّفًا بالشؤون الإسلامية، ثم انسحب منَ الحكومةِ في عام 1382هـ وعُيِّن أستاذًا بكلية الشريعة التابعة لجامعة القرويِّين بظهر المهراز، وكُلِّيتيِ الحقوق والآداب لجامعة محمد الخامس بالرباطِ، وبدار الحديثِ الحسنيَّة بنفس المدينة، وكان عضوًا مقررًا عامًّا في لجنة مدونة الفقه الإسلامي التي شُكِّلت في فجر الاستقلال، ساهم في مقاومة المحتلِّ الفرنسيِّ وجاهد ضده، ودفعته هِمَّته إلى تأليف جمعيةٍ أُطلق عليها (جمعية القَرويِّين لمقاومة المحتلِّين)، تولى رئاسة حزب الاستقلال الذي أُنشئ من قبلُ، واختُير عضوًا رئيسًا في مجلس الدستورِ لوضع دستور البلاد، ثم انتُخِب رئيسًا له، وقدَّم مشروع القانون الأساسيِّ، وشارك في وضع الأُسس الأولى للدستور سنة 1382هـ ودخل الانتخاباتِ التي أُجريت سنة 1383هـ ودخل الوزارة، ومن مصنَّفاته كتاب: ((الحركات الاستقلالية في المغرب العربي))، و((المغرب العربي منذ الحربِ العالميَّة الأولى))، و ((مقاصد الشريعة الإسلاميَّة ومكارمها))، و ((دفاع عن الشريعة))، و ((المدخل للفقه الإسلامي))، و ((تاريخ التشريع الإسلامي))، و ((النقد الذاتي))، و ((معركة اليوم والغد))، و ((دائمًا مع الشعب))، وكتاب ((عقيدة وجهاد)). وكان شاعرًا نبغ في قَرْضه في سِنٍّ مبكرة، فنظم كثيرًا من القصائد: الدينية والسياسية، والاجتماعية والتاريخية.
تُوفي وهو في بوخارست عاصمة رومانيا إِثْرَ نوبةٍ قلبيةٍ وهو يعرض على رئيسها انطباعاته عن زيارته التي قام بها وفدُ حزب الاستقلالِ المغربي برئاسته، ويشرح قضيَّة المغرب وصحراء المغرب، ونِضال الشَّعب الفلسطيني في سبيل نَيْل حُريته وأرضه، ونُقِل جثمانه إلى المغرب، فدُفِن بمقبرة الشهداء بحي العلو في مدينة الرباط.
هو الحاجُّ محمد أمين بنُ محمد طاهر بن مصطفى الحُسيني مفتي القدس. وُلد في القدسِ سنة 1897م، تربَّى في بيت والدِه الشيخِ طاهر الحسينيِّ مفتي القدس، عُرِف بالحاج أمين الحسينيِّ بعد أن حجَّ برفقة والدتِه. تلقَّى علومه الابتدائيَّة والثانوية في مدارسِ القدسِ، ثم التحق بكلية الفرير بالقدس لتعلُّم اللغةِ الفرنسية، بعدها التحق بجامعة الأزهر، وكان يتردَّد على (دار الدعوة والإرشاد) التي أنشأها الشيخُ محمد رشيد رضا حيث تأثَّر به وبفكره الإصلاحيِّ، ومن خلال معرفته به عرف الكثير عنِ الصهيونية وأطماعِها في فلسطين، وبعدَ نُشوب الحرب العالمية الأولى التحق بكلية الأستانةِ العسكرية وتخرَّج منها ضابطًا، والتحق بالجيش العثماني في ولاية أزمير، وعمل فيه حتى نهاية الحرب؛ مما أكسبه خبرة جيِّدة كان لها الأثرُ الأكبر في شخصيتِه وحياتِه. بعدَ نهاية الحرب عاد الحسينيُّ إلى القدس وهو برتبة ضابطٍ، ملِمًّا بالفكر الإسلاميِّ، والعلوم المفيدةِ، والخبرة العسكريةِ، ويعرفُ منَ اللغات الأجنبية التركيةَ والفرنسيةَ، بالإضافة إلى ذلك كلِّه كان بحكم انتمائه إلى أسرة آل الحسيني مهيَّأً ليكون زعيمًا وداعيةً مسموع الكلمةِ. عندما احتلَّ الإنجليز فلسطين انصرف الحُسينيُّ إلى تنظيم الفلسطينيين في حركة وطنية شاملة ضدَّ الاستعمار والصهيونية، فكوَّنوا في القدس أوَّل منظمة سياسيَّة عرفتها فلسطين هو (النادي العربي)، وانتُخب الحسينيُّ رئيسًا له، وكان لهذا النادي أثر كبير في انطلاق الحركة الوطنية الفلسطينية، وقيام المظاهرات ضد الاحتلالِ. تسلَّم الحسينيُّ منصبَ الإفتاء رسميًّا، فأعاد تنظيم المحاكم الشرعية، واختار لها القضاة، ونظَّم الأوقاف، وأخذ يعمل على تقوية المدارس الإسلامية وتنظيم أمورها، كما شارك في تأسيس مجلس شرعي إسلامي لفلسطين تألَّف من مجموعة من العلماء، وعُين الحسيني رئيسًا لهذا المجلس الذي سُمي (المجلس الإسلامي الأعلى) الذي أصبح على مرِّ الأيام أقوى قوة وطنية إسلامية فلسطينية. كان الحاج أمين القوة الدافعة للحركة الوطنية، ومركز الثقل في المقاومة الفلسطينية؛ مما حفَّز الإنجليز واليهود إلى مقاومته والتخلُّص منه، فخرج الحاجُّ من فلسطين إلى لبنانَ بعد رفضه لقرار التقسيم 1937م وتحريضه للفلسطينيين ضدَّ الاحتلالِ، ومكث في لبنان عامين، ثم فرَّ منها إلى العراق، ولما سمع الحاج بالمآسي التي حلَّت بالشعب البوسني المسلم اجتمع بزعماءِ البوسنة والهرسك في ألمانيا؛ للعمل على منع وقوع المذابحِ فيهم، فحصَل على موافقةِ الحكومة الألمانية على تجنيدِ الشبَّان منهم وتسليحِهم للدفاع عن أنفسهِم وعائلاتهم، وكذلك اتَّفق مع السلطات الألمانية على إنشاء معهد للأئمة؛ لتوزيعِهم على وَحدات الفرق البوسنيَّة الذين زاد عددُهم عن 100 ألف مقاتل مع دول المحورِ، ولما زحف الحلفاء على ألمانيا عام 1945م انتقل الحاج أمين إلى باريس، ومنها إلى مصر، وفي مصر شكَّل الهيئة العربية العليا لفلسطين برئاسته؛ حيثُ نظَّم الحركة الوطنية الفلسطينية تنظيمًا حديثًا، بل ومدَّ نشاطه إلى الدائرة الإسلامية؛ حيث كان يرأس مؤتمرات إسلامية في مكة نشأت عنها مؤسسة دائمة باسم (مؤتمر العالم الإسلامي) برئاسته، وظل يشغل هذا المنصب طيلة حياته إلى أن تُوفي رحمه الله في بيروت ودُفن في مقبرة الشهداء بالحرج.
أصدرتِ الحكومةُ التركيةُ أوامرها إلى قوَّاتها العسكريةِ بالنزول في جزيرة قُبرص المتنازَع عليها مع اليونانِ، وقد تمكَّنت القواتُ التركية منَ السيطرة على 35% من مساحة الجزيرةِ، حتى وقف إطلاق النار في 16 أغسطس بعدَ إرسال قواتٍ دوليةٍ إلى الجزيرة.
غينيا بيساو دولة أفريقية صغيرة ذات أغلبية مسلمة كانت تحتَ الاحتلالِ البرتغالي الذي أذاقها الوَيلاتِ حتى اعترفت عام 1392هـ / 1972م لجنة تصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة بالحزب الإفريقي المطالب باستقلال غينيا بيساو وجزر الجبل الأخضرِ عنِ السيطرة البرتغالية، وفي 1393هـ / 1973م جرت الانتخاباتُ لتشكيلِ مجلس الشعب الوطني وحصلت غينيا بيساو على الاستقلال الذاتي، وتسلَّم لويس كابرال رئاسةَ مجلس الدولة، ثم أُجبرت الحكومة البرتغالية على الانسحاب من غينيا بيساو لتصبح دولة مستقلَّة.
في عام 1971م حلَّت السعودية خلافها مع سلطنة عُمان حول واحة البريمي؛ حيثُ قام السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان بزيارة إلى الرياض والتقى مع الملك فيصل في الرياض في تشرين الأول عام 1971م وصدر عن هذه الزيارة بيان مشترك تضمَّن اعتراف السعودية بضم القرى التي سبق أن حصلت عليها سلطنة عمان وفقًا للاتفاق الذي تم بينهما وبين إمارة أبو ظبي برعاية الحكومة البريطانية في ديسمبر 1955م، وهي البريمي وحماسا وصعراء، مقابل بعض التعهُّدات العمانية، وبهذا يكون النزاع بين كل من سلطنة عُمان والسعودية قد انتهى.كذلك تم تسويةُ مشكلة البريمي بين السعودية والإمارات العربيَّة المتَّحدة، وبموجبه أعلنت السعودية اعترافها بدولة الإمارات العربية المتحدة وتبادل التمثيل الدبلوماسي معها.
كان من مقرَّراتِ اتفاقيةِ الجزائر بين العراقِ وإيران التي كانت عام 1383هـ / 1963م أن يجتمعَ الطرفانِ في طهرانَ في 15 آذار 1975م / 1395هـ وبناءً على ما جاء من إعادة الثقةِ والعمل على حلِّ مسألة الحدودِ فقد قرَّر الطرفانِ عقدَ المعاهدة وعيَّنا مندوبيهما المفوَّضينِ: رئيسَ الوزراء سعدون حمادي، ووزيرَ خارجية العراق، وشاهِنشاه إيران عباس علي خلعتبري، ووزيرَ خارجية إيران، وبعدَ تبادل وثائق التفويض اتفقا على أحكام المعاهدة التي تدورُ حولَ تحديدِ الحدود البرية والنهريةِ، والرقابة على الحدودِ والملاحة والمسائل الداخليَّة والخارجيَّة، وعدم التدخُّلات في الشؤون الداخلية لكل بلدٍ، وضمَّت أيضًا ملحقًا بالمعاهدة يتعلَّق بموضوع الأمن، وغيرها من الموضوعاتِ.
ما إن تمكَّنتِ القواتُ العسكريةُ التركية من احتلال حوالي 35 % من مساحة الجزيرة حتى أعلن القبارصةُ الأتراكُ إنشاءَ "دولة قبرص التركية الفيدرالية" كإدارة قبرصية تركية مستقلَّة، وذلك بعد فشل المحادثاتِ بين تركيا واليونان حولَ الجزيرةِ.
هو المَلِك فيصل بنُ عبدِ العزيز بنِ عبد الرحمن الفيصل آل سعودٍ، الابنُ الثالث لوالده الملك المؤسِّس عبد العزيز رحمهما الله. وُلِد في مدينة الرياض في 14 صفر سنة 1324هـ / 1906م في عام انتصار والده على ابن رشيد في القصيم. شارك في سنٍّ مبكِّرة في المعارك والأحداث التي واكبت نُشوء المملكة؛ ففي عام 1345هـ- 1927م ندبه والده لينوبَ عنه في المباحثاتِ مع بريطانيا التي انتهت بالتوقيع على معاهدة جدَّة في 18 شوال 1345هـ / 20 مايو 1927م التي اعترفت بريطانيا بمقتضاها بحكومةِ الملك عبدِ العزيز بعد ضمِّه للحجاز، ثم قام بعدَها بزيارة معظمِ دول أوروبا وآسيا، ممثلًا بلادَه في مختلِف المؤتمراتِ، وكان هذا الحضور عاملًا لبلورة مَلَكة القيادةِ لديه التي برزت في أخذه المملكة نحوَ آفاق التطوير المدنيِّ والعلميِّ الحديث أثناء تولِّيه رئاسة الحكومة في مملكة الحجازِ، ونيابته عن والدِه، أو رئاسته لمجلس الشورى، أو تولِّيه وزارة الخارجية أو رئاسة مجلس الوكلاء، ثم رئاسة مجلس الوزراء، إلى أن بويعَ بولاية العهد في 11 ربيع الأول 1373 هـ / 9 نوفمبر 1953م، وفي يوم الاثنين 27 جمادي الآخرة عام 1384هـ / 3 نوفمبر 1964 بايع الشعب العربيُّ السعوديُّ بالإجماع الملكَ فيصل بنَ عبدِ العزيز ملكًا شرعيًّا على المملكة العربية السعودية, وكان طوال عهده عُرف بعداوته للتوجُّهات اليسارية الشيوعية سواء كانت في أشخاصٍ أو تياراتٍ أو أنظمة؛ ولهذا السبب كان خلافُه مع جمال عبد الناصر. في صباح يوم الثلاثاء 13 ربيع الأول 1395هـ الموافق 25 مارس كان الملك فيصل يستقبل زوَّارَه بمقرِّ رئاسة الوزراء بالرياض، وكان في غرفة الانتظار وزيرُ النفط الكويتي الكاظمي، ومعه وزير البترول السعودي أحمد زكي يماني. ووصل في هذه الأثناءِ الأميرُ فيصل بنُ مساعد بنِ عبد العزيز أخو الأمير الشاعرُ عبد الرحمن بنُ مساعد، طالبًا الدخول للسلام على عمِّه. وعندما همَّ الوزيرانِ بالدخول على الملك فيصل دخل معهما ابنُ أخيه الأمير فيصل بن مساعد. وعندما همَّ الملك فيصل بالوقوف له لاستقبالِه كعادته مع الداخلينَ عليه للسلامِ، أخرجَ الأميرُ فيصل بن مساعد مسدَّسًا كان يُخفيه في ثيابِه، وأطلق منه ثلاثَ رصاصاتٍ أصابت الملكَ في مقتلٍ في رأسِه. ونُقِل الملك فيصل على وجه السرعةِ إلى المستشفى المركزيِّ بالرياض، ولكنَّه توفِّيَ من ساعته رحمه الله، أما القاتلُ فقد قُبِض عليه، وأودِعَ السجن. وبعد التحقيق معه نُفِّذ فيه حكمُ القِصاصِ قتلًا بالسيفِ في مدينة الرياض، بعد 82 يومًا من قَتلِه للملك فيصل في يوم الأربعاء 9 جمادى الآخرة الموافق 18 يونيه، ثم تولى المُلْك بعده ولي العهد الملك خالد بن عبد العزيز.
الحرب الأهليَّة اللبنانيَّة هي حرب دمويَّة وصراعٌ معقَّد استمرَّ في لبنان 15 سنة و6 أشهر ما بين 1975- 1990م، وتعود جذوره للصراعاتِ والتنازلاتِ السياسيَّة في فترة الاستعمار الفرنسيِّ لسوريا ولبنان، وعاد ليثورَ بسبب التغيُّر السكانيِّ (الديمغرافي) في لبنان والنزاع الدينيِّ: الإسلامي النصراني من جهةٍ، والسني الشيعي من جهة أخرى، ومما زاد من حدَّة النزاع تقاربُ هذه العناصر من سوريا أو إسرائيل. وقد ساهَم إنشاءُ دولة إسرائيلَ ونزوحُ مئاتِ الآلاف من اللاجئين الفلسطينيِّين إلى لبنان خلالَ عامي 1948 و1967 في تغيير التوازن الديموغرافي لصالح السكانِ المسلمين. وقد بدأ القتالُ بين الموارنة والقواتِ الفلسطينية (معظمهم من منظمة التحرير الفلسطينية)، ثم شَكَّلت الجماعاتُ اليساريَّة والعربيَّة والإسلاميَّة اللبنانية تحالفًا مع الفلسطينيين خلال فترة القتالِ، وعلاوةً على ذلك شاركت القوى الأجنبية، مثل إسرائيل وسوريا، في الحرب وحاربَت جنبًا إلى جنب مع فصائلَ مختلفةٍ. وبعد توقُّف قصير للمعارك عام 1976م لانعقاد القمَّة العربية عاد الصراع الأهليُّ ليُستكملَ، وعاد ليتركَّز القتالُ في جنوب لبنان بشكل أساسيٍّ، والذي سيطرت عليه بدايةً منظَّمةُ التحريرِ الفلسطينيَّة، ثم قامت إسرائيلُ باحتلالِه. وقد أسفرتْ هذه الحربُ عن مقتل 120 ألفًا، وما يقربُ من 76 ألف شخص مشرَّدين داخلَ لبنان، ومليون نازح خارج لبنان نتيجةَ الحربِ، ولم تسحب سوريا قواتها حتى عام 2005م؛ حيثُ أُجبرت على الانسحاب تحت ضغط المظاهرات اللبنانية والتدخُّل الدبلوماسي المكثَّف من الولايات الأمريكية المتحدة، وفرنسا والأمم المتحدة. وفي أغسطس 1989م تم التوصُّل بوساطة السعودية إلى اتفاق الطائف الذي كان بدايةً لإنهاء الحرب الأهليَّة. ولكن ميشيل عون رفض الاتفاقَ؛ وذلك لأن الاتفاق يقضي بانتشارٍ سوريٍّ على الأراضي اللبنانية، وتم إقصاء ميشيل عون من قصر بعبدا الرئاسيِّ في أكتوبر عام 1990 بعملية لبنانية - سورية مشتركة ومباركة أمريكية؛ حيث اضطر للجوء إلى السفارة الفرنسية، وتوجه من بعدها إلى باريس في منفاه.
تقع جزرُ القمر (القمر الكبرى وأنجوان وموحلي ومايوت) في المحيط الهنديِّ على مقرُبةٍ من الساحلِ الشرقيِّ لإفريقيا، وأقربُ الدول إليها موزمبيق وتنزانيا ومدغشْقَر وسيشل. أصبحتْ جزرُ القمرِ تحت الحماية الفرنسيةِ بسبب استعانةِ بعض السلاطينِ على بعضِهم بالفرنسيِّين، فأصبحوا يتعاهدون مع الفرنسيِّين ضدَّ بعضهم، واستطاعت فرنسا أن تجعلَ الجزر تحت حمايتِها، ثم ألحقَت جزر القمر بجزيرة مدغشقر المحتلَّة من قِبَل فرنسا أيضًا وبقِيَت عامينِ على هذا، ثم رجعت مستعمَرة فرنسيةً لا ترتبط بغيرها، واستمرَّ الوضعُ على ذلك حتى الحرب العالميَّة الثانية، ثم فرضت إنجلترا سيطرتَها على الجزُرِ في أثناءِ الحرب بعدَ هزيمة فرنسا أمام الألمانِ، وبعدَ الحرب عادت لفرنسا، ثم أيَّدت الجزر دستورَ ديغول الخاصِّ بالدول المستعمرةِ الفرنسية، وبالتالي مُنحت الجزر الحكم الذاتيَّ مع بقاء المطالبةِ بالاستقلال التامِّ عن فرنسا. في عام 1392هـ / 1972م قرَّر المجلس النيابي إصدار بيان يطالبُ فيه بالاستقلالِ التامِّ والانفصال عن فرنسا التي أجرت استفتاءً في ذي الحجة من عام 1394هـ / ديسمبر 1974م؛ حيثُ أيَّد الغالبيةُ العظمى الاستقلالَ التامَّ والانفصال عن فرنسا، ثم أُعلن الاستقلال في 27 جمادى الآخرة 1395هـ / 6 تموز، وأُعلن عن اختيارِ أحمد عبد الله رئيسًا للدولة الجديدةِ، ووافقت فرنسا على استقلالِ الجزرِ عدا جزيرة مايوت؛ فقد كان معظمُ سكَّانها ضد الاستقلال التامِّ أيامَ الاستفتاءِ، ووعدتها فرنسا أنها ستبقى ضمنَ إطار المجموعة الفرنسيةِ، ثم طُولب بوحدةِ جزر القمر كلِّها، ولم تعترف فرنسا باستقلال جزيرة مايوت، ثم تمَّ قبول دولة جزر القمر بالأممِ المتَّحدةِ في عام 1396هـ / 1976م ورضخت فرنسا للأمر الواقع، واعترفت باستقلال الجزرِ جميعها.
استبدَّ شيخ مجيب الرحمن بالحكمِ وحلَّ التنظيماتِ السياسيةَ كلَّها سوى حزبه الحاكمِ حزب رابطة عوامي، وبدأ الفسادُ الإداريُّ والفقر ينتشران، وبقِيَت بنغلادش تحت الوصاية الهنديةِ، فخاف الرئيسُ من العسكريِّين فنظم جيشًا سريًّا هو واكي باهيتي لحمايتِه الشخصيَّة. لكن العسكر قاموا بانقلابٍ ضد مجيبِ الرحمن في 28 رجب / 15 أغسطس، فأطاحوا به وبنائبِه ورئيس وزرائه والنظام القائمِ كله، وقُتِل مجيب الرحمنِ، ثم نُصِّب وزير التجارة السابق خاندكار مشتاق أحمد رئيسًا للدولة، وكان ضد الشيوعية، وهو الذي غيَّرَ اسم الدولة الرسمي من بنغلادش إلى جمهورية بنغلادش الإسلامية.
وُلِد شيخ مجيب الرحمن عام 1920م في قرية تونجيبار تبعد 97 كم جنوب غربي دكا، درس مجيب الرحمن في مدارس الإرسالياتِ التنصيريةِ وتربَّى فيها وحصل على درجة البكالوريوس في الآداب من جامعة كالكوتا، كما حصل على شهادة في القانون من جامعة دكا. كان أحد مؤسِّسي رابطة "عوامي" العام 1949م، وكان مؤيدًا انفصال باكستان عن الهند. استطاع شيخ مجيب بعد نُشوب حربٍ أهلية شرسةٍ بين شطري باكستان الغربيِّ والشرقيِّ أن ينفصلَ بالشطر الشرقيِّ؛ ففي عام 1970م قاد شيخ مجيب حزبَه إلى فوزٍ كاسحٍ في الانتخاباتِ، فأعلن بعد فوز حزبه قيامَ دولةِ بنغلاديش منفصلةً عن باكستان الغربية التي عانت من مشاكل سياسيَّة واجتماعيَّة واقتصاديَّة؛ فاضطرَّ الرئيس الباكستاني يحيى خان (شيعي) أن يسافرَ إلى الجناح الشرقي من باكستانَ، ويعتقلَ مجيب الرحمن، فتسلَّم رئاسة بنغلاديش نصر الإسلامِ، أما رئاسةُ الحكومة فتسلَّمها تاج الدين أحمد، ولما أُطلق سراح مجيب الرحمن سافر فورًا إلى لندن وأجرى مباحثات مع رئيس وزراء بريطانيا، ثم عاد إلى دكا عاصمة بنغلاديش على طائرة هنديةٍ، فتولَّى رئاسة الوزراء بنفسه، وجعل من منصب رئيس الجمهورية صورة شرفية، ثم أعلن مجيب الرحمن قطعَ علاقة دولتِه بباكستانَ الغربيةِ، فعرض عليه ذو الفقار بوتو التنازلَ له عن السلطةِ في سبيل المحافظة على وحدةِ باكستان لكنَّه رفض، فأصدر دستورًا مؤقتًا ركَّز فيه سلطاتِ الحكم بيده، وتولَّى مجيب وزاراتِ الدفاع والداخليةِ والإعلامِ وشؤون مجلس الوزراء، ثم قرَّر أن يتولَّى رئاسة البلاد في يناير 1975، وركَّز جميع السلطات في يديه، ثم اعتمد نظام الحزب الواحدِ، وطارد المعارضةَ السياسيةَ وجمَّد الدستور، وحلَّ جميع التنظيمات السياسية، وفرض الرقابةَ على الصحافةِ، كل هذه الأمور قوَّت جبهة المعارضين ضدَّه وضد سياساتِه، وفي العام الذي تولَّى فيه رئاسة الدولة حدث انقلابٌ عسكري في 15 أغسطس قام به الجيشُ ضده، وانتهى الأمر بمقتلِه، وقد ترك شيخ مجيب الرحمن خَلْفه ابنتَه شيخة حسينة التي قادت المُعارضة، وفاز حزبُها رابطة عوامي في انتخابات 1996م.
بعدَ الانقلابِ على شيخ مجيب الرحمن واغتيالِه في أغسطس تولَّى رئاسة بنغلاديش مشتاق أحمد، وفي 29 شوال / 3 تشرين الثاني قام انقلابٌ ضدَّه بعد أن بقي في الرئاسة فقط ثلاثةَ أشهرٍ، وقاد الانقلابَ العميدُ خالد مشرف الذي أُحضر منَ الهندِ، وكان قائدًا سابقًا لحاميةِ دكا ويوالي الهند، وكان قد عُيِّن رئيسًا لهيئة الأركان، ولكنَّه لم يتولَّ السلطة سوى أربعةِ أيامٍ حتى حدث انقلابٌ آخر أقصاه عن الرئاسةِ، واستولى على السلطةِ ثلاثةُ رؤساء هيئة الأركان، ثم ولَّوْا عليهم رجلًا غيرَ سياسيٍّ هو عبد الستار محمد صايم رئيس قضاة المحكمةِ العليا.
أُعلنت الجمهوريةُ العربيةُ الصحراويةُ الديمقراطيَّة يوم 27 فبراير- شباط من قبل جبهة البوليساريو. وفي السادس من مارس- آذار 1976م تم تشكيلُ أولِ حكومةٍ صحراوية برئاسة محمد الأمين أحمد، ضمَّت عددًا من الوزاراتِ الميدانيةِ التي سارعت إلى تنظيمِ واستكمالِ الهياكل التنظيميَّةِ والإدارية "للدولة الصحراوية". لا تعترفُ حاليًّا أيُّ دولة كبرى أو دولةٌ عربية - باستثناءِ الجزائر - بهذه الجمهوريةِ المعلنة من طرفٍ واحد.
وقع في السودان انقلابٌ بقيادةِ العقيد محمد نور سعيد بتاريخ 5 رجب / 2 تموز، وهرب الرئيسُ جعفر النميريُّ واحتلَّ الانقلابيون المعسكراتِ ومطارَ الخرطومِ ودار الهاتف، استطاع النميريُّ أن يعودَ بعد يومين إلى مقرِّه وانضمَّت إليه بعض القطاعاتِ، فقادها وقام بعملية مضادَّةٍ، ولم يستطعْ دخولَ دار الهاتف إلا بصعوبةٍ؛ ورفضت جماعة الأنصار التي ساهمت في هذه الحركةِ إطلاقَ سراح المعتقلين السياسيِّين الذين في سجن كوبر، وساعدت مصرُ الحكومةَ السودانية؛ إذ سمحت بانتقالِ ألفٍ وخمسمائة جنديٍّ سودانيٍّ كانوا مرابطين على قناةِ السويس، وقُتِل في هذه الحركةِ ثمانمائة شخص، منهم سبعُمائة من الانقلابيِّين، وأُعدم بعدَ ذلك ما يقرب من المائةِ شخص ممن لهم علاقة بالانقلابِ.
هو الأديبُ عبدُ العزيز الميمني الراجكوتي: باحث، ومحقِّق، ولغويٌّ، وخبير بالمخطوطات ونوادر الكتبِ، وأحد المهتمِّين بالثقافةِ العربيةِ. وُلد عبد العزيز الميمني سنة 1306هـ / 1888م ببلدة راجكوت، ومنها جاءت نسبتُه الراجكوتي، وهي تقعُ في إقليم كاتهيا دار بولاية گوجرات التي تُعرَف الآن باسمِ سوراشترا على الساحلِ الغربي للهندِ. التحقَ عبد العزيز الميمني بالكتَّاب، وتعلَّم مبادئ القراءةِ والكتابةِ، وحفِظ القرآنَ الكريم، ثم استكمل دراستَه العالية في "لكهنو" و"رامبور" و"دلهي". وشُغِف الميمني بالعربيةِ، فتعمَّق فيها، وعكف على الشعر العربيِّ قراءةً وحفظًا، حتى إنَّه حفظ ما يزيد على 70 ألف بيت من الشعرِ القديم، وكان يحفظُ ديوان المتنبي كاملًا. وكان قد بدأ حياته بالكلِّية الإسلامية ببيشاور؛ حيثُ قام بتدريس العربية والفارسية، ثم انتقل منها إلى الكلِّية الشرقيةِ بمدينة لاهور عاصمة إقليم البنجابِ، ثم استقرَّ بالجامعة الإسلامية في عليكرة، وظلَّ يتدرَّج بها في المناصب العلميةِ حتى عين رئيسًا للأدب العربيِّ بالجامعة، ومكث بها حتى أُحيل إلى التقاعُدِ. ثم لبَّى دعوة جامعة كراتشي بباكستانَ؛ ليتولَّى رئاسة القسم العربي بها، وأُسندت إليه مناصب علميَّة أخرى، فتولَّى إدارة معهد الدراسات الإسلامية لمعارف باكستانَ، وظلَّ يعمل في هذه الجامعة حتى وفاته. وكان قد أتاح له دأبُه الشديد في مطالعة خزائن الهندِ التي تحوي آلافَ المخطوطات وخبرته وفِطْنته أن يقفَ على النوادر منها، فعَرف من أنباء الثقافة وأخبار العلماء والأدباءِ والشعراء في بلاد الهند وفارس وما يجاوِرهما ما لا يعرفه سواه من أبناء البلادِ العربية، وأن يُتحِفَ المكتبة العربيةَ بما تيسَّر له طبعُه منها.
هو خيرُ الدين بنُ محمود بنِ محمد بنِ علي فارس الزِّرِكلي وُلِد في بيروت في ليلة 9 من ذي الحجَّة 1310هـ، ونشَأَ في دِمَشقَ حيث موطنُ أبيه وأمِّه، وتعلَّم في إحدى مدارسها الأهليَّة، وأخذ عن عُلَمائها على الطريقة القديمة التي كانت سائدةً آنذاك في التعليم، وأقبَلَ على قراءة كُتُب الأدب، وجرى لسانُهُ بنَظْم الشِّعر، وصحب مخطوطات المكتبة الظاهريَّة، فكان لا يُفارقها إلا لساعاتٍ قليلة. أصدر مجلةً أُسبوعية بعنوان "الأصمعي"، والتحَقَ بمدرسة "اللاييك" أستاذًا للتاريخ والأدب العربي وهو دون الخامسةِ والعِشرينَ، وأصدر في دمشق جريدةً يوميةً باسم "المفيد"، وفي أثناء ذلك كان يَنظِمُ القصائدَ الحماسيَّة التي تتغنَّى بأمجاد الوطن، ويتعلَّق بآمال الحرية والاستقلال حتى دخل الفرنسيُّون دمشق، فغادر إلى عمان. وبعد مغادرته البلاد قرَّر المجلس العسكري التابع للفِرْقة الثانية في الجيش الفرنسي الحُكم غيابيًّا بقتل خير الدين ومُصادرة أملاكه، وفي عمان عُيِّن الزركليُّ مفتشًا عامًّا للمعارف سنة 1340هـ، ثم تولَّى رئاسة ديوان الحكومة. ثم عاد إلى دمشق بعد إيقاف تنفيذ حُكم القتل عليه، وأخذ عائلته واتَّجه إلى القاهرة سنة 1342هـ، وأنشأ بها المطبعة العربيَّة، وطبع بها كتبًا كثيرة. ثم ذهب إلى القُدس سنة 1349هـ وأصدر مع زميل له جريدةَ "الحياة اليومية"، لكنَّ الحكومة الإنجليزية عطَّلَتها، واتفق مع أصدقاء آخرين على إصدار جريدةٍ يوميَّةٍ في يافا، وأعدَّ لها مطبعة، لكن الجريدة لم يصدُرْ منها سوى عددٍ واحدٍ، وأُغلقت أبوابها بسبب التحاقه بالعمل الدُّبلوماسي في الحكومة السُّعودية سنة 1353 هـ؛ حيث عمل مُستشارًا بالوكالة في المفوضيَّة العربية للسعودية بمصر، وكان أحدَ المندوبين السُّعوديين في المُداولات التي سبقت إنشاء جامعة الدُّوَل العربية، وفي التوقيع على ميثاقِها، ومثَّل الحكومة السعودية في عدَّة مؤتمراتٍ دوليةٍ، وانتُدِب في سنة 1366هـ لإدارة وزارة الخارجية بجدة متناوبًا مع الشيخ يوسف ياسين وزير الخارجية بالنيابة، ثم عُين وزيرًا مُفوَّضًا ومندوبًا دائمًا لدى الجامعة العربية في سنة 1371هـ، ثم عمل سفيرًا للسعودية بالمغرب سنة 1377هـ. ومن مُؤلَّفاته: ((ما رأيتُ وما سمعتُ))، و ((عامانِ في عمان))، و ((الملك عبد العزيز في ذمَّة التاريخ))، و ((صفحة مجهولة من تاريخ سوريا في العهد الفيصلي))، و ((الأعلام)) وهو أشهر كُتُبه. انتُخب عضوًا بالمجمع العلمي العربي بدمشق سنة 1349هـ، واختُير عضوًا مراسلًا بمجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة 1366هـ، وبالمجمع العلمي العراقي سنة1380هـ، وظلَّ بعد خروجه من العمل الدبلوماسي مقيمًا بالقاهرة التي عاش فيها أغلب حياته، وفي إحدى زياراته إلى دِمَشقَ أصابته وَعْكة صحيَّة ألزمته الفِراش بضعة أسابيع، فلمَّا قرُبَ على الشفاء رحل إلى القاهرة للاستِجْمام، لكن الحياة لم تطُلْ به فوافته المنيَّة على ضفاف النيل في الثالث من ذي الحجة. بدأ خيرُ الدين الزِّرِكْلي الكتابةَ في كتابِه المشهورِ ((الأعلام)) عام 1912م بعد الإعداد له قبل ذلك بسنواتٍ، ولم ينفُضْ يده منه طيلةَ ستِّين عامًا، باذلًا فيه ما قدَّره الله عليه من مساعٍ لتطويره، واستمرَّ في بذلها إلى العشية التي وافته فيه المنية، وقد ترجم فيه الزِّرِكْلي لـ 13.435 شخصية من القديم والحديث، ولكِنْ غلبت عليه نزعته القومية العربية، فلم يترجم لأعلام العثمانيين؛ لكراهيتِه للأتراك، في حين وضع تراجِمَ للعديد من المستشرقين!
في بنغلادش أخذ الفريق أول ضياء الرحمن يستولي على سُلُطات الرئيس الإدارية من الرئيس عبد الستار محمد صايم تبعًا للأحكام العسكرية، حتى تسلَّم أخيرًا كامل السُّلطة، وأعلن نفسه رئيسًا للبلاد وقام بجعل الإسلام نظامَ الدَّولة الأساسي بدلًا من العلمانية؛ إرضاءً للشعب؛ حيث كانوا يعرفون ماضيَه السيِّئ.
وقعت مظاهرات عنيفة في باكستان ضد الرئيس بوتو سقط خلالها حوالي 350 قتيلًا، مع آلاف الجَرْحى من جرَّاء العُنف السياسي؛ فدعا الرئيس بوتو الجيش إلى التدخُّل لمواجهة أعمال العنف، وقَمْع المظاهرات، وتأييد نظامه، إلَّا أن بعض ضُبَّاط الجيش -خاصة القادمين من إقليم البنجاب- رفضوا قمع المظاهرات والاصطدام بالشَّعْب وإطلاق النار على المتظاهرين، وكانت تلك النواة التي هيَّأت لضياء الحق -الذي كان قائدًا عامًّا للجيش- فرصةَ القيام بانقلابٍ عسكريٍّ ضد الرئيس وأعلن ضياء الحق أنَّ الجيش قام لوضع حد لحالة التدهور التي تجتاحُ البلاد، والتي عجز الرئيس بوتو عن حلِّها، وخشيةً من إقحام بوتو للجيش في السياسة واستِخْدامه في عمليات القمع. أعلن ضياء الحق أن عودة الحُكم المَدَني لباكستان ستكون بأسرَعَ ما يمكِنُ، وأكَّد أن الجيش ليست له مطامِعُ سياسية، وأنه سيحتفظ بالسُّلطة لحين إجراء الانتخابات في أكتوبر القادم. وفرَضَ ضياء الحق الأحكام العُرفية في البلاد، وحلَّ الجمعية الوطنيَّة والمجالس التشريعيَّة الإقليميَّة، وأقال حكومات الأقاليم، وشكَّل مجلسًا عسكريًّا من قادة الأسلحة الثلاثة البَريَّة والبحريَّة والجويَّة تحت رئاسته، وعندما ثبَّت ضياء الحق أقدامه بعد انقلابه ضمَّ رئاسة الدولة إلى رئاسة الحكومة، وتسلَّمهما في شوال 1398هـ / سبتمبر 1978م، وقُدم الرئيس ذا الفقار علي بوتو إلى المحاكمة بتُهمة الأمر بقتل أحد المعارضين، وانتهى الأمر بإعدام بوتو في 7 جمادى الأولى 1399هـ / 4 إبريل 1979م رغم الاستياء العالمي الشديد خاصة "إيران الخميني"؛ لأن بوتو من عائلة شيعية، ولم تُفلح محاولات طهران للوساطة مع إسلام آباد للعفو عن بوتو.