موسوعة أصول الفقه

الفَرعُ الأوَّلُ: نَسخُ القُرآنِ بالقُرآنِ


اتَّفقَ القائِلونَ بالنَّسخِ على جَوازِ نَسخِ القُرآنِ بالقُرآنِ، ومِمَّن نَقَلَ اتِّفاقَهم: الجَصَّاصُ [247] قال: (اتَّفقَ أهلُ العِلمِ على جَوازِ نَسخِ الكِتابِ بالكِتابِ). ((الفصول)) (2/328). ، وابنُ حَزمٍ [248] قال: (اتَّفقوا على جَوازِ نَسخِ القُرآنِ بالقُرآنِ). ((الإحكام)) (4/107). ، وإمامُ الحَرَمَينِ [249] قال: (اعلَمْ -وفَّقَك اللهُ- أنَّ القائِلينَ بالنَّسخِ أجمَعوا على جَوازِ نَسخِ الحُكمِ الثَّابِتِ بالقُرآنِ بآيةٍ مِنَ القُرآنِ). ((التلخيص)) (2/513). ، والآمِديُّ [250] قال: (اتَّفقَ القائِلونَ بالنَّسخِ على جَوازِ نَسخِ القُرآنِ بالقُرآنِ؛ لتَساويه في العِلمِ به ووُجوبِ العَمَلِ). ((الإحكام)) (3/146). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: الوُقوعُ، ومِن ذلك:
1- نَسخُ العِدَّةِ بالحَولِ في الوفاةِ في قَولِ اللهِ تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ [البقرة: 240] ؛ حَيثُ نُسِخَ بأربَعةِ أشهُرٍ وعَشرٍ، بقَولِ اللهِ تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة: 234] [251] يُنظر: ((قواطع الأدلة)) للسمعاني (1/449)، ((التحبير)) للمرداوي (6/3040). .
2- نَسخُ صَدَقةِ المُناجاةِ الواجِبةِ بالقُرآنِ، كما في قَولِ اللهِ تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المجادلة: 12-13] [252] يُنظر: ((قواطع الأدلة)) للسمعاني (1/449). .
3- نَسخُ حُرمةِ فِرارِ الواحِدِ مِمَّا دونَ العَشَرةِ مِنَ المُشرِكينَ، كما في قَولِ اللهِ تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ * الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال: 65-66] [253] يُنظر: ((أصول السرخسي)) (2/77)، ((قواطع الأدلة)) للسمعاني (1/449). .
ثانيًا: أنَّ جَميعَ القُرآنِ موجِبٌ للعَمَلِ والعِلمِ، فساوى بَعضُه بَعضًا في إفادةِ العِلمِ ووُجوبِ العَمَلِ به، فجازَ أن يَنسَخَ بَعضُه بَعضًا [254] يُنظر: ((قواطع الأدلة)) للسمعاني (1/449)، ((نهاية الوصول)) لصفي الدين الهندي (6/2325). .

انظر أيضا: