موسوعة أصول الفقه

المَسألةُ السَّادِسةُ: أقسامُ الرُّخصةِ


قَسَّمَ الأُصوليُّونَ الرُّخصةَ إلى الأقسامِ الآتيةِ:
أوَّلًا: رُخصةٌ واجِبةٌ: يَجِبُ الأخذُ بها، كتَناوُلِ المَيتةِ للمُضطَرِّ بناءً على أنَّ النُّفوسَ حَقٌّ للهِ تعالى، وهي أمانةٌ عِندَ المُكلَّفينَ، ولقَولِ اللهِ تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [النساء:29] ، فلَوِ امتَنَعَ عنِ الأكلِ مِنَ الميتةِ حَتَّى ماتَ كان قاتِلًا لنَفسِه، وكذلك الفِطرُ لمَن خاف الهلاكَ بغَلَبةِ الجوعِ والعَطَشِ، وإن كان مُقيمًا صَحيحًا، وإساغةُ الغُصَّةِ بالخَمرِ [1002] يُنظر: ((البحر المحيط)) للزركشي (2/34)، ((تيسير الوصول)) لابن إمام الكاملية (1/383)، ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص:82)، ((غاية الوصول)) لزكريا الأنصاري (1/19)، ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص:82). .
ثانيًا: رُخصةٌ مَندوبةٌ: يُستَحَبُّ الأخذُ بها، كالقَصرِ في السَّفرِ؛ لقَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صَدَقةٌ تَصدَّقَ اللهُ بها عليكُم؛ فاقبَلوا صَدَقَتَه)) [1003] لفظُه: عن يَعلى بن أُمَيَّةَ قال: قُلتُ لعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا [النساء: 101] ، فقَد أمِنَ النَّاسُ، فقال: عَجِبتُ مِمَّا عَجِبتَ مِنه، فسَألَتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ذلك. فقال: ((صَدَقةٌ تَصَدَّق اللهُ بها عليكُم؛ فاقبَلوا صَدَقَتَه)). أخرجه البخاري (686). ، وكالفِطرِ لمَن يَشُقُّ عليه الصَّومُ في سَفَرٍ أو مَرَضٍ، والإبرادِ بصَلاةِ الظُّهرِ، والنَّظَرِ إلى المَخطوبةِ [1004] يُنظر: ((البحر المحيط)) للزركشي (2/34)، ((تيسير الوصول)) لابن إمام الكاملية (1/383)، ((غاية الوصول)) لزكريا الأنصاري (1/19). .
ثالثًا: رُخصةٌ مُباحةٌ: يُباحُ الأخذُ بها كالسَّلَمِ [1005] هو بَيعُ مَوصوفٍ في الذِّمَّةِ ببَدلٍ يُعْطى عاجلًا. يُنظر ((فقه المعاملات المالية)) للدرر السنية (1/523). ؛ فالقياسُ عَدَمُ جَوازِه؛ لأنَّه بيعُ مَعدومٍ، ففيه جَهالةٌ وغَرَرٌ، ولَكِن رُخِّصَ فيه لحاجةِ النَّاسِ إليه، وهي رُخصةٌ مُباحةٌ [1006] يُنظر: ((شرح المحلي على جمع الجوامع مع حاشية العطار)) (1/162)، ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص:82)، ((غاية الوصول)) لزكريا الأنصاري (1/19). .
رابِعًا: رُخصةٌ خِلافُ الأَولى: أي: أنَّ تَركَ الأخذِ بها أَولى مِن فِعلِها، كالإفطارِ في السَّفرِ عِندَ عَدَمِ التَّضَرُّرِ بالصَّومِ؛ لقَولِ اللهِ تعالى: وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة:184] ، والجَمعِ والفِطرِ لمَن لا يَتَضَرَّرُ، والتَّيَمُّمِ لمَن وجَدَ الماءَ يُباعُ بأكثَرَ مَن ثَمَنِ المِثلِ، وهو قادِرٌ عليه [1007] يُنظر: ((البحر المحيط)) للزركشي (2/36)، ((تيسير الوصول)) لابن إمام الكاملية (1/384)، ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص:82)، ((غاية الوصول)) لزكريا الأنصاري (1/19). .

انظر أيضا: