موسوعة الآداب الشرعية

أربعٌ وعشرون: الحِرصُ على قراءةِ السُّوَرِ والآياتِ التي لها فَضلٌ خاصٌّ


يَنبَغي الحِرصُ على تِلاوةِ القُرآنِ الكَريمِ كُلِّه، كُلَّما فرَغَ مِن خَتمةٍ شَرَعَ في أُخرى، ويَزيدُ الاهتِمامُ بآياتٍ وسُوَرٍ ثَبت في فَضلِها بخُصوصِها أحاديثُ، ومِنها:
سورةُ الفاتحةِ:
1- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((بَينَما جِبريلُ قاعِدٌ عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَمِعَ نَقيضًا [1843] أي: صَوتًا، والنَّقيضُ: صَوتُ البابِ عِندَ فتحِه. يُنظر: ((المفهم)) لأبي العباس القرطبي (2/ 434). مِن فوقِه، فرَفعَ رَأسَه، فقال: هذا بابٌ مِنَ السَّماءِ فُتِح اليَومَ لم يُفتَحْ قَطُّ إلَّا اليَومَ، فنَزَل مِنه مَلَكٌ، فقال: هذا مَلَكٌ نَزَل إلى الأرضِ لم يَنزِل قَطُّ إلَّا اليَومَ، فسَلَّمَ وقال: أبشِرْ بنورَينِ أوتيتَهما لم يُؤتَهما نَبيٌّ قَبلَك: فاتِحةُ الكِتابِ، وخَواتيمُ سورةِ البَقَرةِ، لن تَقرَأَ بحَرفٍ مِنهما إلَّا أُعطِيتَه [1844] قال المظهَريُّ: (قَولُه: «إلَّا أُعطِيتَه» يَعني: أُعطِيتَ ثَوابَ ما تَقرَأُ، أو أُعطِيتَ ما تَسألُ مِنَ اللهِ الكَريمِ مِن حَوائِجِك في الدُّنيا والآخِرةِ). ((المفاتيح في شرح المصابيح)) (3/ 77). وقال ابنُ عُثَيمين: (مِنَ السُّورِ المُعَيَّنةِ والآياتِ المُعَيَّنةِ سورةُ الفاتِحةِ وآيَتانِ مِن آخِرِ سورةِ البَقَرةِ فإنَّهما ما قَرَأهما واحِدٌ مِن هذه الأُمَّةِ مُؤمِنًا إلَّا آتاه اللهُ تعالى ما فيهما مِنَ الطَّلَبِ، وفي سورةِ الفاتِحةِ: هْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ [الفاتحة: 6، 7]، قال اللهُ تعالى لعَبدِه إذا قَرَأها في الصَّلاةِ: هذا لعَبدي، ولعَبدي ما سَأل. وأما آخِرُ سورةِ البَقَرةِ: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [البقرة: 286]، سَبعُ جُمَلٍ دُعائيَّةٍ ما يَدعو بهنَّ مُؤمِنٌ مُوقِنًا إلَّا استَجابَ اللَّهُ له، وهذه ميزةٌ وفَضلٌ عَظيمٌ). ((شرح رياض الصالحين)) (4/ 703، 704). ) [1845] أخرجه مسلم (806). .
قال ابنُ هُبَيرةَ: (في هذا الحَديثِ ما يَدُلُّ على تَكريمِ هذه الآياتِ بأن فُتِحَ لها بابٌ لم يُفتَحْ قَبلُ، وأُرسِل بها مَلَكٌ لم يُرسَلْ قَبلُ، وتَسميَتِها بنورَينِ، وأنَّه لم يُؤتَها نَبيٌّ قَبلَ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) [1846] ((الإفصاح عن معاني الصحاح)) (3/ 239). .
2- عنِ العَلاءِ، عن أبيه، عن أبي هرَيرةَ، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((مَن صَلَّى صَلاةً لم يَقرَأْ فيها بأُمِّ القُرآنِ فهيَ خِداجٌ -ثَلاثًا- غَيرُ تَمامٍ. فقيل لأبي هرَيرةَ: إنَّا نَكونُ وراءَ الإمامِ؟ فقال: اقرَأْ بها في نَفسِك؛ فإنِّي سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: قال اللهُ تعالى: قَسَمتُ الصَّلاةَ [1847] أي: الفاتِحةُ. قال الخَطَّابيُّ: (قَولُه: «قَسَمتُ الصَّلاةَ بَيني وبَينَ عَبدي نِصفينِ» فإنَّه يُريدُ بالصَّلاةِ القِراءةَ، يَدُلُّ على ذلك قَولُه عِندَ التَّفسيرِ له والتَّفصيلُ للمُرادِ مِنه: «إذا قال العَبدُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ يَقولُ اللهُ: حَمِدَني عَبدي» إلى آخِرِ السُّورةِ. وقد تُسَمَّى القِراءةُ صَلاةً؛ لوُقوعِها في الصَّلاةِ، وكَونِها جُزءًا مِن أجزائِها، كَقَولِه تعالى: وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا [الإسراء: 110] قيل: مَعناه: القِراءةُ، وقال: وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا [الإسراء: 78] أرادَ صَلاةَ الفَجرِ، فسَمَّى الصَّلاةَ مَرَّةً قُرآنًا، والقُرآنَ مَرَّةً صَلاةً لانتِظامِ أحَدِهما الآخَرِ). ((معالم السنن)) (1/ 203، 204). وقال عياضٌ: (أطلقَ اسمَ الصَّلاةِ على قِراءةِ أُمِّ القُرآنِ؛ إذ كانت لا تَتِمُّ إلَّا بها). ((إكمال المعلم)) (2/ 275). بَيني وبَينَ عَبدي نِصفَينِ، ولعَبدي ما سَأل، فإذا قال العَبدُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، قال اللهُ تعالى: حَمِدني عبدي، وإذا قال: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قال اللهُ تعالى: أثنى عليَّ عبدي، وإذا قال: مَالِكِ يَومِ الدِّينِ، قال: مجَّدني عبدي -وقال مَرَّةً: فوَّضَ إليَّ عَبدي-، فإذا قال: إيَّاكَ نَعبُدُ وإيَّاكَ نَستَعينُ، قال: هذا بَيني وبَينَ عَبدي، ولعَبدي ما سَأل، فإذا قال: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ قال: هذا لعَبدي، ولعَبدي ما سَأل)) [1848] أخرجه مسلم (395). .
3- عن أبي سَعيدِ بنِ المُعَلَّى رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كُنتُ أُصَلِّي في المَسجِدِ، فدَعاني رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فلم أُجِبْه، فقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي كُنتُ أُصَلِّي، فقال: ألم يَقُلِ اللهُ: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ [الأنفال: 24] ؟ ثُمَّ قال لي: لأُعَلِّمَنَّك سورةً هيَ أعظَمُ السُّورِ في القُرآنِ، قَبلَ أن تَخرُجَ مِنَ المَسجِدِ. ثُمَّ أخَذَ بيَدي، فلمَّا أرادَ أن يَخرُجَ، قُلتُ له: ألم تَقُلْ: لأُعَلِّمَنَّك سورةً هيَ أعظَمُ سورةٍ في القُرآنِ؟ قال: الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، هيَ السَّبعُ المَثاني، والقُرآنُ العَظيمُ الذي أوتيتُه)) [1849] أخرجه البخاري (4474). .
4- عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، ((أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَرَج على أُبَيِّ بنِ كَعبٍ، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا أُبَيُّ، وهو يُصَلِّي، فالتَفتَ أُبَيٌّ ولَم يُجِبْه، وصَلَّى أُبَيٌّ فخَفَّف، ثُمَّ انصَرَف إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: السَّلامُ عليك يا رَسولَ اللهِ، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وعليك السَّلامُ، ما مَنَعَك يا أُبَيُّ أن تُجيبَني إذ دَعَوتُك؟! فقال: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي كُنتُ في الصَّلاةِ، قال: أفلم تَجِدْ فيما أوحيَ إليَّ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ قال: بَلى، ولا أعودُ إن شاءَ اللهُ، قال: تُحِبُّ أن أُعَلِّمَك سورةً لم يَنزِلْ في التَّوراةِ ولا في الإنجيلِ ولا في الزَّبورِ ولا في الفُرقانِ مِثلُها؟ قال: نَعَم، يا رَسولَ اللهِ، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: كَيف تَقرَأُ في الصَّلاةِ؟ قال: فقَرَأ أُمَّ القُرآنِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: والذي نَفسي بيَدِه ما أُنزِلَت في التَّوراةِ ولا في الإنجيلِ ولا في الزَّبورِ ولا في الفُرقانِ مِثلُها، وإنَّها سَبعٌ مِنَ المَثاني والقُرآنُ العَظيمُ الذي أُعطِيتُه)) [1850] أخرجه الترمذي (2875) واللفظ له، وأحمد (9345). صَحَّحه ابن العربي في ((أحكام القرآن)) (2/389)، والنووي في ((المجموع)) (4/81)، وأحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (1/50)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2875)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (9345)، وقال الترمذي: حسن صحيح. .
سورةُ البَقَرةِ:
1- عن مُعاويةَ بنِ سَلامٍ، عن زَيدٍ، أنَّه سَمِعَ أبا سَلامٍ يَقولُ: حَدَّثَني أبو أُمامةَ الباهِليُّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((اقرَؤوا القُرآنَ؛ فإنَّه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابِه، اقرَؤوا الزَّهراوَينِ [1851] الزَّهراوَيْنِ: أي المُنيرتَيْنِ، واحدتُهما زَهراءُ. ينظر: ((النهاية)) لابن الأثير (2/321). البَقَرةَ وسُورةَ آلِ عِمرانَ؛ فإنَّهما تأتيانِ يومَ القيامةِ كأنَّهما غمامتانِ، أو كأنَّهما غيايتانِ، أو كأنَّهما فِرقانِ مِن طيرٍ صَوافَّ [1852] غَمامَتانِ الغَمامةُ والغَمامُ: الغَيمُ الأبيَضُ، وسُمِّي غَمامًا؛ لأنَّه يَغُمُّ السَّماءَ: أي: يُغَطِّيها. و«غَيايَتانِ» الغَيايةُ: كُلُّ شَيءٍ أظَلَّ الإنسانَ فوقَ رَأسِه، مِثلُ السَّحابةِ والغَبَرةِ. و«فِرْقانِ»: أي: قِطعَتانِ. و«صَوَافَّ» أي: مُصطَفَّةٍ مُتَضامَّةٍ لتُظَلِّلَ قارِئَها. ينظر: ((كشف المشكل)) لابن الجوزي (4/ 150). ويُنظر أيضًا: ((غريب الحديث)) لأبي عبيد (3/ 70). ، تُحاجَّانِ عن أصحابِهما، اقرَؤوا سورةَ البَقَرةِ؛ فإنَّ أخْذَها بَرَكةٌ، وتَرْكَها حَسرةٌ، ولا تَستَطيعُها البَطَلةُ)). قال مُعاويةُ: بَلغَني أنَّ البَطَلةَ: السَّحَرةُ [1853] أخرجه مسلم (804). .
2- عنِ النَّوَّاسِ بنِ سَمعانَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سَمِعتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((يُؤتى بالقُرآنِ يَومَ القيامةِ وأهلِه الذينَ كانوا يَعمَلونَ به تَقدُمُه سورةُ البَقَرةِ وآلِ عِمرانَ، وضَرب لهما رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثَلاثةَ أمثالٍ ما نَسيتُهنَّ بَعدُ، قال: كَأنَّهما غَمامَتانِ أو ظُلَّتانِ سَوداوانِ بَينَهما شَرْقٌ، أو كَأنَّهما حِزْقانِ مِن طَيرٍ صَوَّافَ [1854] الظُّلَّةُ: ما يَستُرُك فوقَك. والشَّرْقُ بسُكونِ الرَّاءِ: هو الضَّوءُ.  و«حِزْقانِ»: أي جماعتان، والحِزْقُ: الجَماعةُ مِنَ الطَّيرِ والنَّاسِ. ينظر: ((كشف المشكل)) لابن الجوزي (4/ 201، 202). ويُنظر: ((غريب الحديث)) لأبي عبيد (3/ 70). ، تُحاجَّانِ عن صاحِبِهما)) [1855] أخرجه مسلم (805). .
3- عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا تَجعَلوا بُيوتَكُم مَقابِرَ، إنَّ الشَّيطانَ يَنفِرُ مِنَ البَيتِ الذي تُقرَأُ فيه سورةُ البَقَرةِ)) [1856] أخرجه مسلم (780). .
4- عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((اقرؤوا سورةَ البَقَرةِ في بُيوتِكُم؛ فإنَّ الشَّيطانَ لا يَدخُلُ بَيتًا يُقرَأُ فيه سورةُ البَقَرةِ)) [1857] أخرجه الحاكم (2063)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (2163). صَحَّحه الألباني في ((صحيح الجامع)) (1170)، وحسن إسناده المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (2/314). .
آيةُ الكُرسيِّ:
1- عن أُبَيِّ بنِ كَعبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا أبا المُنذِرِ، أتدري أيُّ آيةٍ مِن كِتابِ اللهِ مَعَك أعظَمُ؟ قال: قُلتُ: اللهُ ورَسولُه أعلَمُ. قال: يا أبا المُنذِرِ، أتدري أيُّ آيةٍ مِن كِتابِ اللهِ مَعَك أعظَمُ؟ قال: قُلتُ: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة: 255] . قال: فضَرَبَ في صَدري، وقال: واللهِ لِيَهْنِكَ العِلمُ [1858] لِيَهْنِكَ العِلمُ: أي: ليَكُنِ العِلمُ هَنيئًا لك. يُنظر: ((مرعاة المفاتيح)) للمباركفوري (7/ 191). أبا المُنذِرِ)) [1859] أخرجه مسلم (810). .
2- عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((وكَّلني رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بحِفظِ زَكاةِ رَمضانَ، فأتاني آتٍ فجَعَلَ يَحثو [1860] أي: يأخذُ بكفَّيْه. ينظر: ((شرح القسطلاني)) (4/ 164). مِنَ الطَّعامِ فأخذْتُه، وقُلتُ: واللهِ لأرفَعَنَّك إلى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: إنِّي مُحتاجٌ، وعلَيَّ عيالٌ، ولي حاجةٌ شَديدةٌ، قال: فخَلَّيتُ عنه، فأصبَحتُ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا أبا هُرَيرةَ، ما فَعَل أسيرُك البارِحةَ؟ قال: قُلتُ: يا رَسولُ اللَّهِ شَكا حاجةً شَديدةٌ وعِيالًا فرَحمْتُه، فخَلَّيتُ سَبيلَه، قال: أمَا إنَّه قد كذَبَكَ وسَيَعودُ، فعَرَفْتُ أنَّه سَيَعودُ؛ لقَولِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّه سَيَعودُ، فرَصدْتُه، فجاءَ يَحثو مِنَ الطَّعامِ، فأخَذْتُه، فقُلتُ: لأرفَعَنَّكَ إلى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: دَعْني؛ فإنِّي مُحتاجٌ وعلَيَّ عيالٌ، لا أعودُ، فرَحِمْتُه، فخَلَّيتُ سَبيلَه، فأصبَحْتُ، فقال لي رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا أبا هُريرةَ، ما فعل أسيرُكَ؟ قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ شَكا حاجةً شَديدةً وعيالًا، فرَحمْتُه، فخَلَّيتُ سَبيلَه، قال: أمَا إنَّه قد كذَبَكَ وسَيَعودُ، فرَصدَتُه الثَّالِثةَ، فجاءَ يَحثو مِنَ الطَّعامِ، فأخَذتُه، فقُلتُ: لأرفَعَنَّكَ إلى رَسولِ اللَّهِ، وهذا آخِرُ ثَلاثِ مَرَّاتٍ، أنَّكَ تَزعُمُ لا تَعودَ، ثُمَّ تَعودُ، قال: دَعْني أعلِّمْكَ كَلِماتٍ يَنفَعُكَ اللهُ بها، قُلتُ: ما هوَ؟ قال: إذا أوَيتَ إلى فراشِكَ فاقرَأْ آيةَ الكُرسيِّ: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة: 255] ، حَتَّى تَختِمَ الآيةَ؛ فإنَّكَ لن يَزالَ عليكَ مِنَ اللَّهِ حافِظٌ، ولا يَقْرَبَنَّكَ شَيطانٌ حَتَّى تُصبِحَ، فخَلَّيتُ سَبيلَه، فأصبَحْتُ، فقالَ لي رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما فعل أسيرُك البارِحةَ؟ قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، زَعَمَ أنَّه يُعَلِّمُني كَلِماتٍ يَنفَعُني اللَّهُ بها، فخَلَّيتُ سَبيلَه، قال: ما هيَ؟ قُلتُ: قال لي: إذا أويتَ إلى فراشِكَ فاقرَأْ آيةَ الكُرسيِّ مِن أوَّلِها حَتَّى تَختِمَ الآيةَ: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة: 255] ، وقال لي: لن يَزالَ عليكَ مِنَ اللَّهِ حافِظٌ، ولا يَقرَبُكَ شَيطانٌ حَتَّى تُصبِحَ -وكانوا أحرَصَ شَيءٍ على الخَيرِ- فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أمَا إنَّه قد صَدَقَكَ وهو كَذُوبٌ، تَعلَمُ من تُخاطِبُ مُنذُ ثَلاثِ ليالٍ يا أبا هُريرةَ؟ قال: لا، قال: ذاكَ شَيطانٌ)) [1861] أخرجه البخاري (2311). .
3- عن أبي أُمامةَ الباهِليِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن قَرَأ آيةَ الكُرسيِّ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ مَكتوبةٍ، لم يَمنَعْه مِن دُخولِ الجَنَّةِ إلَّا أن يَموتَ)) [1862] أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (9848) واللفظ له، والروياني (1268)، والطبراني (8/134) (7532). صَحَّحه ابن حبان كما في ((بلوغ المرام)) لابن حجر (97)، وابن حجر في ((النكت)) (2/849)، والألباني في ((صحيح الجامع)) (6464)، وصَحَّحه بطرقه ابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (11/50)، وحَسَّنه السجزي في ((التذكار)) (179). .
فائِدةٌ:
قال الزَّمَخشَريُّ [1863] يُنظر: ((الكشاف)) (1/ 302، 303). : (فإن قُلتَ: لمَ فُضِّلَت هذه الآيةُ حتَّى ورَدَ في فَضلِها ما ورَدَ؟
قُلتُ: لِمَا فُضِّلَت له سورةُ الإخلاصِ مِنِ اشتِمالِها على تَوحيدِ اللهِ تعالى وتَعظيمِه وتَمجيدِه، وصِفاتِه العُظمى، ولا مَذكورَ أعظَمُ مِن رَبِّ العِزَّةِ. فما كان ذِكرًا له كان أفضَلَ مِن سائِرِ الأذكارِ) [1864] ((محاسن التأويل)) (2/ 192). .
خَواتيمُ سورةِ البَقَرةِ:
1- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((بَينَما جِبريلُ قاعِدٌ عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَمِعَ نَقيضًا [1865] أي: صَوتًا، والنَّقيضُ: صَوتُ البابِ عِندَ فتحِه. يُنظر: ((المفهم)) لأبي العباس القرطبي (2/ 434). مِن فوقِه، فرَفعَ رَأسَه، فقال: هذا بابٌ مِنَ السَّماءِ فُتِح اليَومَ لم يُفتَحْ قَطُّ إلَّا اليَومَ، فنَزَل مِنه مَلَكٌ، فقال: هذا مَلَكٌ نَزَل إلى الأرضِ لم يَنزِل قَطُّ إلَّا اليَومَ، فسَلَّمَ وقال: أبشِرْ بنورَينِ أوتيتَهما لم يُؤتَهما نَبيٌّ قَبلَك: فاتِحةُ الكِتابِ، وخَواتيمُ سورةِ البَقَرةِ، لن تَقرَأَ بحَرفٍ مِنهما إلَّا أُعطِيتَه)) [1866] أخرجه مسلم (806). .
2- عن حُذَيفةَ بنِ اليَمانِ رَضِيَ اللهُ عنهما، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((فُضِّلَت هذه الأُمَّةُ على سائِرِ الأُمَمِ بثَلاثٍ: جُعِلَت لها الأرضُ طَهورًا ومَسجِدًا، وجُعِلَت صُفوفُها على صُفوفِ المَلائِكةِ، وأُعطِيَت هذه الآياتِ مِن آخِرِ البَقَرةِ مِن كَنزٍ تَحتَ العَرشِ، لم يُعطَها نَبيٌّ قَبلي)) [1867] أخرجه أحمد (23251)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (7968)، وابن حبان (1697). صَحَّحه ابن خزيمة في ((صحيحه)) (1/366)، وابن حبان في ((صحيحه)) (6400)، والقرطبي في ((التفسير)) (4/505)، والشوكاني في ((فتح القدير)) (1/462)، والألباني في ((صحيح الجامع)) (4223). وأخرجه مسلم (522) دونَ ذِكرِ أواخِرِ سورةِ البَقَرةِ، ولفظُه: عن حُذَيفةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((فُضِّلنا على النَّاسِ بثَلاثٍ: جُعِلَت صُفوفُنا كَصُفوفِ المَلائِكةِ، وجُعِلَت لنا الأرضُ كُلُّها مَسجِدًا، وجُعِلت تُربَتُها لنا طَهورًا إذا لم نَجِدِ الماءَ، وذَكَرَ خَصلةً أُخرى)). .
3- عن أبي مَسعودٍ البَدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((الآيَتانِ مِن آخِرِ سورةِ البَقَرةِ، مَن قَرَأهما في ليلةٍ كَفَتاه [1868] قال النَّوويُّ: (قيل: مَعناه كَفَتاه مِن قيامِ اللَّيلِ، وقيل: مِنَ الشَّيطانِ، وقيل: مِنَ الآفاتِ، ويحتملُ مِنَ الجَميعِ). ((شرح مسلم)) (6/ 91، 92). ويُنظر منه: (2/ 152). ) [1869] أخرجه البخاري (4008)، ومسلم (807). .
فائِدةٌ:
قال الزَّجَّاجُ عنِ الدُّعاءِ الذي تَضَمَّنَته أواخِرُ سورةِ البَقَرةِ: (هذا الدُّعاءُ أخبَرَ اللهُ به عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والمُؤمِنينَ، وجَعَله في كِتابِه ليَكونَ دُعاءَ مَن يَأتي بَعدَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والصَّحابةِ رَحِمَهمُ اللهُ.
ورَوى عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ اللَّهَ جَلَّ وعَزَّ قال في كُلِّ فَصلٍ مِن هذا الدُّعاءِ: «فعَلتُ فعَلتُ» [1870] أخرجه مسلم (126) باختلافٍ يسيرٍ من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، ولفظُه: عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: ((لمَّا نَزَلَت هذه الآيةُ: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ [البَقَرة: 284] ، قال: دَخَلَ قُلوبَهم مِنها شيءٌ لَم يَدخُلْ قُلوبَهم مِن شيءٍ! فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: قولوا: سَمِعْنا وأطَعْنا وسَلَّمْنا، قال: فألقى اللهُ الإيمانَ في قُلوبِهم، فأنزَلَ اللهُ تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا قال: قَد فعَلتُ. رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا قال: قَد فعَلتُ. وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا قال: قَد فعَلتُ)). ، أيِ: استَجَبتُ.
فهو مِنَ الدُّعاءِ الذي يَنبَغي أن يُحفَظَ، وأن يُدعى به كَثيرًا) [1871] ((معاني القرآن وإعرابه)) (1/ 370). .
سورةُ آلِ عِمرانَ:
1- عن مُعاويةَ بنِ سَلامٍ، عن زَيدٍ، أنَّه سَمِعَ أبا سَلامٍ يَقولُ: حَدَّثَني أبو أُمامةَ الباهِليُّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((اقرَؤوا القُرآنَ؛ فإنَّه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابِه، اقرَؤوا الزَّهراوَينِ [1872]ا لزَّهراوانِ: المُنيرَتانِ. يُقالُ لكُلِّ مُنيرٍ زاهرٌ. والزُّهرةُ: البَياضُ النَّيِّرُ. ينظر: ((كشف المشكل)) لابن الجوزي (4/ 150). البَقَرةَ وسُورةَ آلِ عِمرانَ؛ فإنَّهما تأتيانِ يومَ القيامةِ كأنَّهما غمامتانِ، أو كأنَّهما غيايتانِ، أو كأنَّهما فِرقانِ مِن طيرٍ صَوافَّ [1873] قال ابنُ الجَوزيِّ: (وقَولُه: «كَأنَّهما غَمامَتانِ» الغَمامةُ والغَمامُ: الغَيمُ الأبيَضُ، وسُمِّي غَمامًا؛ لأنَّه يَغُمُّ السَّماءَ: أي: يُغَطِّيها. وقَولُه: «أو غَيايَتانِ» قال أبو عُبَيدٍ: الغَيايةُ: كُلُّ شَيءٍ أظَلَّ الإنسانَ فوقَ رَأسِه، مِثلُ السَّحابةِ والغَبَرةِ. وقَولُه: «كَأنَّهما فِرْقانِ» الفِرقُ: القِطعةُ مِنَ الشَّيءِ، قال عَزَّ وجَلَّ: فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ [الشعراء: 63] ، ويُقالُ للقَطيعِ مِنَ الغَنَمِ: فِرقٌ. ومَعنى قَولِه: «فِرْقانِ» قِطعَتانِ. وقَولُه: «صَوَافَّ» أي: مُصطَفَّةٍ مُتَضامَّةٍ لتُظَلِّلَ قارِئَها). ((كشف المشكل)) (4/ 150). ويُنظر: ((غريب الحديث)) لأبي عبيد (3/ 70). ، تُحاجَّانِ عن أصحابِهما، اقرَؤوا سورةَ البَقَرةِ؛ فإنَّ أخْذَها بَرَكةٌ، وتَرْكَها حَسرةٌ، ولا تَستَطيعُها البَطَلةُ)). قال مُعاويةُ: بَلغَني أنَّ البَطَلةَ: السَّحَرةُ [1874] أخرجه مسلم (804). .
2- عنِ النَّوَّاسِ بنِ سَمعانَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سَمِعتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((يُؤتى بالقُرآنِ يَومَ القيامةِ وأهلِه الذينَ كانوا يَعمَلونَ به تَقدُمُه سورةُ البَقَرةِ وآلِ عِمرانَ، وضَرب لهما رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثَلاثةَ أمثالٍ ما نَسيتُهنَّ بَعدُ، قال: كَأنَّهما غَمامَتانِ أو ظُلَّتانِ سَوداوانِ بَينَهما شَرقٌ، أو كَأنَّهما حِزْقانِ [1875] قال ابنُ الجَوزيِّ: (الظُّلَّةُ: ما يَستُرُك فوقَك. والشَّرْقُ بسُكونِ الرَّاءِ: هو الضَّوءُ. وقَولُه: «حِزْقانِ» قال ابنُ قُتَيبةَ: الحِزْقُ والحَزيقُ والحزيقةُ والحازِقةُ: الجَماعةُ مِنَ الطَّيرِ والنَّاسِ). ((كشف المشكل)) (4/ 201، 202). ويُنظر: ((غريب الحديث)) لأبي عبيد (3/ 70). مِن طَيرٍ صَوَّافَ، تُحاجَّانِ عن صاحِبِهما)) [1876] أخرجه مسلم (805). .
سورةُ الإسراءِ:
عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يَنامُ حتَّى يَقرَأَ بَني إسرائيلَ والزُّمَرَ)) [1877] أخرجه الترمذي (2920) واللفظ له، وأحمد (24388). صَحَّحه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2920)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (2/512)، وحَسَّنه ابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (3/65). .
سورةُ الكَهفِ:
1- عنِ البَراءِ بنِ عازِبٍ رَضِيَ اللهُ عنهما ((قَرَأ رَجُلٌ الكَهفَ، وفي الدَّارِ الدَّابَّةُ، فجَعَلت تَنفِرُ، فسَلَّمَ [1878] قال الكرمانيُّ: (قَولُه: "فسَلَّمَ" أي: دَعا بالسَّلامةِ، كَما يُقالُ: اللهُمَّ سَلِّمْ، أو فوَّضَ الأمرَ إلى اللهِ ورَضيَ بحُكمِه، أو قال: سَلامٌ عليك. والضَّبابةُ: سَحابةٌ تَغشى الأرضَ كالدُّخانِ. والسَّكِينةُ اختَلفوا في مَعناها، والمُختارُ مِنها أنَّها شَيءٌ مِن مَخلوقاتِ اللهِ تعالى فيه طُمَأنينةٌ ورَحمةٌ، ومَعَه المَلائِكةُ يَستَمِعونَ القُرآنَ). ((الكواكب الدراري)) (14/ 176). ، فإذا ضبابةٌ أو سَحابةٌ غَشيَته، فذَكَره للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: اقرَأْ فُلانُ؛ فإنَّها السَّكينةُ نَزَلت للقُرآنِ، أو تَنَزَّلت للقُرآنِ)) [1879] أخرجه البخاري (3614) واللفظ له، ومسلم (795). .
2- عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (مَن قَرَأ سورةَ الكَهفِ كَما أُنزِلَت، ثُمَّ خَرَجَ إلى الدَّجَّالِ، لم يُسَلَّطْ عليه، أو: لم يَكُنْ له عليه سَبيلٌ) [1880] أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (10724)، وعبدالرزاق (730)، والحاكم (8787) واللفظ له. صحح إسناده الحاكم، وقال الذهبي في ((المهذب)) (3/1181): وقفه أصح، وقال ابن الملقن في ((البدر المنير)) (2/292): الوقف هو الصواب. .
وعن النَّوَّاسِ بنِ سَمْعانَ رضِي الله عنه، قال: ((ذَكَر رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ الدجَّالَ ذاتَ غَداةٍ...))، وفيه أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال: ((فمَن أدْرَكه منكم، فليَقْرأْ عليه فواتحَ سورةِ الكَهفِ)) [1881] أخرجه مسلم (2937). .
وعن أبي الدَّرداءِ رضِي الله عنه، أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال: ((مَن حَفِظَ عَشْرَ آياتٍ مِن أوَّلِ سُورةِ الكَهفِ، عُصِمَ مِن الدَّجَّالِ)) [1882] أخرجه مسلم (809). .
سورةُ الزُّمَرِ:
عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يَنامُ حتَّى يَقرَأَ بَني إسرائيلَ والزُّمَرَ)) [1883] أخرجه الترمذي (2920) واللفظ له، وأحمد (24388). صَحَّحه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2920)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (2/512)، وحَسَّنه ابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (3/65). .
سورةُ المُلكِ:
1- عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((إنَّ سورةً مِنَ القُرآنِ ثَلاثونَ آيةً شَفعَت لرِجلٍ حتَّى غُفِرَ له، وهيَ سورةُ تَبارَكَ الذي بيَدِه المُلْكُ)) [1884] أخرجه أبو داود (1400)، والترمذي (2891) واللفظ له، وابن ماجه (3786). حَسَّنه الترمذي، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2891)، وحَسَّنه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (1400)، وذكر ثبوته ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (22/277). وذهب إلى تصحيحه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (3/561). وأخرجه ابن حبان (788) باختلافٍ يسيرٍ، ولفظُه: عن أبي هرَيرةَ، عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((إنَّ سورةً في القُرآنِ ثَلاثونَ آيةً تَستَغفِرُ لصاحِبِها حتَّى يُغفَرَ له: تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِه الْمُلْكُ [الملك: 1] )). صَحَّحه ابنُ حِبان، وحَسَّن إسنادَه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (788). .
2- عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (يُؤتى الرَّجُلُ في قَبرِه فتُؤتى رِجلاه فتَقولُ رِجلاه: ليسَ لكُم على ما قِبَلي سَبيلٌ؛ كان يَقومُ يَقرَأُ بي سورةَ المُلكِ، ثُمَّ يُؤتى مِن قِبَلِ صَدرِه -أو قال: بَطنِه-، فيَقولُ: ليسَ لكُم على ما قِبَلي سَبيلٌ؛ كان يَقرَأُ بي سورةَ المُلكِ، ثُمَّ يُؤتى رَأسُه فيَقولُ: ليسَ لكُم على ما قِبَلي سَبيلٌ؛ كان يَقرَأُ بي سورةَ المُلكِ، قال: فهيَ المانِعةُ تَمنَعُ مِن عَذابِ القَبرِ، وهيَ في التَّوراةِ سورةُ المُلكِ، ومَن قَرَأها في ليلةٍ فقد أكثَرَ وأطنَبَ) [1885] أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (10479)، والطبراني (10/157) (10254) مُختَصَرًا باختلافٍ يسيرٍ، والحاكِم (3885) واللفظ له. حَسَّنه الألباني في ((صحيح الترغيب)) (1475)، وصَحَّحَ إسناده الحاكِم. .
التَّكويرُ والانفِطارُ والانشِقاقُ:
عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن سَرَّه أن يَنظُرَ إلى يَومِ القيامةِ كَأنَّه رَأيُ عَينٍ فليَقرَأْ: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، وإِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ، وإِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ)) [1886] أخرجه الترمذي (3333)، وأحمد (4806). جَوَّدَه ابنُ حَجَرٍ في ((فتح الباري)) (8/564)، وحَسَّنه الألباني في ((هداية الرواة)) (5480)، وصحح إسناده الحاكم في ((المستدرك)) (8945)، وأحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (8/96)، وحَسَّنه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (4806). .
سورةُ الزَّلزَلةِ:
1-عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((أتى رَجُلٌ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: أقرِئْني يا رَسولَ اللهِ، قال له: اقرَأْ ثَلاثًا مِن ذاتِ الر، فقال الرَّجُلُ: كَبِرَت سِنِّي، واشتَدَّ قَلبي، وغَلُظ لساني، قال: فاقرَأْ مِن ذاتِ حم، فقال مِثلَ مَقالتِه الأولى، فقال: اقرَأْ ثَلاثًا مِنَ المُسَبِّحاتِ، فقال مِثلَ مَقالتِه، فقال الرَّجُلُ: ولكِنْ أقرِئْني يا رَسولَ اللهِ سورةً جامِعةً، فأقرَأَه: إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ حتَّى إذا فرَغَ مِنها قال الرَّجُلُ: والذي بَعَثَك بالحَقِّ لا أزيدُ عليها أبَدًا، ثُمَّ أدبَرَ الرَّجُلُ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أفلحَ الرُّوَيجِلُ، أفلحَ الرُّوَيجِلُ. ثُمَّ قال: عليَّ به، فجاءَه، فقال له: أُمِرتُ بيَومِ الأضحى، جَعَله اللهُ عيدًا لهذه الأُمَّةِ، فقال الرَّجُلُ: أرَأيتَ إن لم أجِدْ إلَّا مَنيحةَ ابني، أفأُضَحِّي بها؟ قال: لا، ولكِن تَأخُذُ مِن شَعرِك، وتُقَلِّمُ أظفارَك، وتَقُصُّ شارِبَك، وتَحلِقُ عانَتَك، فذلك تَمامُ أُضحيَّتِك عِندَ اللهِ)) [1887] أخرجه أبو داود (2789)، والنسائي (4365)، وأحمد (6575) واللفظ له. حسنه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن الدارقطني)) (4749)، وصحح إسناده العيني في ((نخب الأفكار)) (14/520)، وأحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (10/81). وذهب إلى تصحيحه ابن حبان في ((صحيحه)) (5914). .
2- عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((سُئِل رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنِ الحُمُرِ، قال: ما أنزَل اللهُ عليَّ فيها إلَّا هذه الآيةَ الفاذَّةَ الجامِعةَ [1888] الفاذَّةُ: القَليلةُ النَّظيرِ المُنفرِدةُ في مَعناها، والفَذُّ: الواحِدُ الفَردُ. والجامِعةُ: العامَّةُ المُتَناوِلةُ لكُلِّ خَيرٍ ومَعروفٍ. يُنظر: ((المجموع المغيث)) لأبي موسى المديني (2/ 601)، ((شرح مسلم)) للنووي (7/ 67). :مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة: 7-8] )) [1889] أخرجه البخاري (4962) واللفظ له، ومسلم (987). .
سورةُ الإخلاصِ:
1- عن أبي الدَّرداءِ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((أيَعجِزُ أحَدُكُم أن يَقرَأَ في ليلةٍ ثُلُثَ القُرآنِ؟ قالوا: وكَيف يَقرَأُ ثُلُثَ القُرآنِ؟ قال: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعدِلُ ثُلُثَ القُرآنِ)) [1890] أخرجه مسلم (811). .
وفي رِوايةٍ: ((إنَّ اللَّهَ جَزَّأ القُرآنَ ثَلاثةَ أجزاءٍ، فجَعَل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ جُزءًا مِن أجزاءِ القُرآنِ)) [1891] أخرجها مسلم (811). .
2- عن أبي أيُّوبَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أيَعجِزُ أحَدُكُم أن يَقرَأَ في ليلةٍ ثُلُثَ القُرآنِ؟ مَن قَرَأ: اللهُ الواحِدُ الصَّمَدُ، فقد قَرَأ ثُلُثَ القُرآنِ)) [1892] أخرجه الترمذي (2896) واللفظ له، والنسائي (996) مختصرًا بنحوه، وأحمد (23554). صَحَّحه لغيره الألباني في ((صحيح الترغيب)) (1481)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (23554)، وحَسَّنه الترمذي، وابن كثير في ((التفسير)) (7/541). .
3- عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((احشُدوا [1893] احشدوا: أي: اجتَمِعوا. يُنظر: ((شرح النووي على مسلم)) (6/ 95). ، فإنِّي سَأقرَأُ عليكُم ثُلُثَ القُرآنِ، فحَشَد مَن حَشد، ثُمَّ خَرَجَ نَبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقَرَأ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، ثُمَّ دَخَل، فقال بَعضُنا لبَعضٍ: إنِّي أُرى هذا خَبَرٌ جاءَه مِنَ السَّماءِ، فذاكَ الذي أدخَلَه، ثُمَّ خَرَجَ نَبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: إنِّي قُلتُ لكُم: سَأقرَأُ عليكُم ثُلُثَ القُرآنِ، ألَا إنَّها تَعدِلُ ثُلُثَ القُرآنِ)) [1894] أخرجه مسلم (812). .
وفي رِوايةٍ: ((خَرَجَ إلينا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: أقرَأُ عليكُم ثُلثَ القُرآنِ، فقَرَأ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ حتَّى خَتَمَها)) [1895] أخرجها مسلم (812). .
وفي أُخرى: ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعدِلُ ثُلُثَ القُرآنِ)) [1896] أخرجها مسلم (811) من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه. .
4- عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأصحابه: أيَعجِزُ أحَدُكُم أن يَقرَأَ ثُلُثَ القُرآنِ في ليلةٍ؟ فشَقَّ ذلك عليهم وقالوا: أيُّنا يُطيقُ ذلك يا رَسولَ اللهِ؟ فقال: اللهُ الواحِدُ الصَّمَدُ ثُلثُ القُرآنِ)) [1897] أخرجه البخاري (5015). .
5- عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه ((أنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقرَأُ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُرَدِّدُها، فلمَّا أصبَحَ جاءَ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فذَكَرَ ذلك له، وكَأنَّ الرَّجُلَ يتقالُّها، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: والذي نَفسي بيَدِه إنَّها لتَعدِلُ ثُلُثُ القُرآنِ)) [1898] أخرجه البخاري (5013). .
وفي رِوايةٍ عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ، أخبَرَني أخي قتادةُ بنُ النُّعمانِ: ((أنَّ رَجُلًا قامَ في زَمَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقرَأُ مِنَ السِّحرِ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ لا يَزيدُ عليها، فلمَّا أصبَحنا أتى الرَّجُلُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم...)) نَحوَه [1899] أخرجه البخاري مُعَلَّقًا بصيغة الجزم (5014) واللفظ له، وأخرجه موصولًا النسائي في ((السنن الكبرى)) (10468)، والبيهقي (4826). صَحَّحه ابن عبد البر في ((التمهيد)) (19/229)، وصحح إسناده على شرط البخاري شعيب الأرناؤوط في تخريج ((شرح مشكل الآثار)) (1218). .
6- عن عائِشة رَضِيَ اللهُ عنها، ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَعَثَ رَجُلًا على سَريَّةٍ، وكان يَقرَأُ لأصحابِه في صَلاتِهم فيَختِمُ بـ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فلَمَّا رَجَعوا ذَكَروا ذلك للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: سَلوه لأيِّ شَيءٍ يَصنَعُ ذلك؟ فسَألوه، فقال: لأنَّها صِفةُ الرَّحمنِ، وأنا أُحِبُّ أن أقرَأَ بها)) [1900] أخرجه البخاري (7375) واللفظ له، ومسلم (813). .
7- عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَمِعَ رَجُلًا يَقرَأُ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حتَّى خَتَمَها، فقال: وجَبَت. قيل: يا رَسولَ اللهِ، ما وجَبَت؟ قال: الجَنَّةُ. قال أبو هرَيرةَ: فأرَدتُ أن آتيَه فأُبَشِّرَه، فآثَرتُ الغَداءَ مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفَرِقتُ أن يَفوتَني الغَداءُ مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثُمَّ رَجَعتُ إلى الرَّجُلِ فوجَدتُه قد ذَهَبَ)) [1901] أخرجه الترمذي (2897)، والنسائي (994)، وأحمد (10919) واللفظ له. صَحَّحه ابن عبد البر في ((التمهيد)) (7/254)، وابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (6/40)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2897)، وحَسَّنه الوداعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1426). .
8- عن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه ((كان رَجُلٌ مِنَ الأنصارِ يَؤُمُّهم في مَسجِدِ قُباءٍ، وكان كُلَّما افتَتَحَ سورةً يَقرَأُ بها لهم في الصَّلاةِ مِمَّا يَقرَأُ به افتَتَحَ: بـ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حتَّى يَفرُغَ مِنها، ثُمَّ يَقرَأُ سورةً أُخرى مَعَها، وكان يَصنَعُ ذلك في كُلِّ رَكعةٍ، فكَلَّمَه أصحابُه، فقالوا: إنَّك تَفتَتِحُ بهذه السُّورةِ، ثُمَّ لا تَرى أنَّها تُجزِئُك حتَّى تَقرَأَ بأُخرى، فإمَّا تَقرَأُ بها وإمَّا أن تَدَعَها، وتَقرَأَ بأُخرى، فقال: ما أنا بتارِكِها، إن أحبَبتُم أن أؤُمَّكُم بذلك فعَلتُ، وإن كَرِهتُم تَرَكتُكُم، وكانوا يَرَونَ أنَّه مِن أفضَلِهم، وكَرِهوا أن يَؤُمَّهم غَيرُه، فلَمَّا أتاهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخبَروه الخَبَرَ، فقال: يا فُلانُ، ما يَمنَعُكَ أن تَفعَلَ ما يَأمُرُك به أصحابُك، وما يَحمِلُك على لُزومِ هذه السُّورةِ في كُلِّ رَكعةٍ؟ فقال: إنِّي أُحِبُّها، فقال: حُبُّكَ إيَّاها أدخَلَكَ الجَنَّةَ)) [1902] أخرجه البخاري مُعَلَّقًا بصيغةِ الجَزم (774م) واللَّفظُ له، وأخرجه مَوصولًا الترمذي (2901)، وأحمد (12432). صَحَّحه ابنُ حبان في ((صحيحه)) (792)، والحاكم على شرط مسلم في ((المستدرك)) (798)، وابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (6/41)، وابن تيمية في ((جامع الرسائل)) (2/257)، والألباني في ((صحيح الموارد)) (1486)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (12432). .
المُعَوِّذَتانِ:
عن عُقبةَ بنِ عامِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كُنتُ أقودُ برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ناقَتَه في السَّفرِ، فقال لي: يا عُقبةُ، ألَا أُعَلِّمُك خَيرَ سورَتَينِ قُرِئَتا؟ فعَلَّمَني قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، قال: فلم يَرَني سُرِرتُ بهما جِدًّا، فلمَّا نَزَل لصَلاةِ الصُّبحِ صَلَّى بهما صَلاةَ الصُّبحِ للنَّاسِ، فلمَّا فرَغَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ الصَّلاةِ التَفتَ إليَّ، فقال: يا عُقبةُ، كَيف رَأيتَ؟)) [1903] أخرجه أبو داود (1462) واللفظ له، والنسائي (5436)، وأحمد (17350). صَحَّحه ابن خزيمة في ((صحيحه)) (1/580)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1462)، وصحح إسناده شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (17350). .
وفي رِوايةٍ عن عُقبةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((تَبِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو راكِبٌ، فجَعَلتُ يَديَّ على قَدَمِه، فقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أقرِئْني إمَّا مِن سورةِ هودٍ، وإمَّا مِن سورةِ يوسُفَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا عُقبةُ بنَ عامِرٍ، إنَّك لن تَقرَأَ سورةً أحَبَّ إلى اللهِ ولا أبلغَ عِندَه مِن أن تَقرَأَ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، فإنِ استَطَعتَ أن لا تَفوتَك في صَلاةٍ فافعَلْ)) [1904] أخرجها النسائي (5439)، وأحمد (17418)، وابن حبان (1842) واللفظ له. صَحَّحها ابن حبان، والألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (5439)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (933). .
وفي رِوايةٍ أُخرى: ((ألم تَرَ آياتٍ أُنزِلَتِ اللَّيلةَ لم يُرَ مِثلُهنَّ قَطُّ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)) [1905] أخرجها مسلم (814). .

انظر أيضا: