فَوائِدُ مُتَفَرِّقةٌ
وقفاتٌ معَ قولِه تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ...قال ابنُ باديسَ في قَولِه تعالى:
ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [النحل: 125] :
(شَرَع اللهُ لعِبادِه -بما أنزَلَ مِن كِتابِه، وما كان مِن بَيانِ رَسولِه- ما فيه استِنارةُ عُقولِهم، وزَكاءُ نُفوسِهم، واستِقامةُ أعمالِهم.
وسَمَّاه سَبيلًا؛ ليَلتَزِموه في جَميعِ مَراحِلِ سَيرِهم في هذه الحَياةِ؛ ليُفضيَ بهم إلى الغايةِ المَقصودةِ، وهيَ السَّعادةُ الأبَديَّةُ في الحَياةِ الأُخرى.
وأضافه إلى نَفسِه؛ ليَعلَموا أنَّه هو وَضَعَه، وأنَّه لا شَيءَ يوصِلُ إلى رِضوانِه سِواه.
وذَكَرَ مِن أسمائِه الرَّبَّ؛ ليَعلَموا أنَّ الرَّبَّ الذي خَلَقَهم وصَوَّرَهم، ولَطَف بهم في جَميعِ أطوارِ خَلْقِهم ومَراحِلِ تَكوينِهم: هو الذي وضَعَ لَهم هذه السَّبيلَ لُطفًا مِنه بهم، وإحسانًا إليهم، ليَنهَجوها في مَراحِلِ حَياتِهم، فكَما كان رَحيمًا بهم في خَلقِه كان رَحيمًا بهم في شَرعِه، فيَسيروا فيها عن رَغبةٍ ومَحَبَّةٍ فيها، ومَعَ شُكرٍ له وشَوقٍ إليه.
وأمَرَ نَبيَّه عليه السَّلامُ أن يَدعوَ النَّاسَ أجمَعينَ، وحُذِفَ مَعمولُ
ادْعُ؛ لإِفادةِ العُمومِ إلى هذه السَّبيلِ، فقال تعالى:
ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ...
أمرَ اللهُ نَبيَّه صَلَّى اللهُ عليه وآلِه وسَلَّم أن يَدعوَ إلى سَبيلِ رَبِّه، وهو الأمينُ المَعصومُ، فما تَرَكَ شَيئًا مِن سَبيلِ رَبِّه إلَّا دَعا إليه، فعَرَفنا بهذا أنَّ ما لَم يَدعُ إليه مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وآلِه وسَلَّمَ فليس مِن سَبيلِ الرَّبِّ جَلَّ جَلالُه؛ فاهتَدَينا بهذا -وأمثالُه كَثيرٌ- إلى الفَرقِ بَينَ الحَقِّ والباطِلِ، والهُدى والضَّلالِ، ودُعاةِ اللَّهِ ودُعاةِ الشَّيطانِ.
فمَن دَعا إلى ما دَعا إليه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآلِه وسَلَّمَ فهو مِن دُعاةِ اللَّهِ، يَدعو إلى الحَقِّ والهُدى. ومَن دَعا إلى ما لَم يَدعُ إليه مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وآلِه وسَلَّمَ فهو مِن دُعاةِ الشَّيطانِ، يَدعو إلى الباطِلِ والضَّلالِ)
[2319] ((مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير)) (ص: 318، 319). .
دَحْضُ القرآنِ لشُبَهِ الضَّالَّينَقال ابنُ باديسَ في قَولِه تعالى:
وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا [الفرقان: 33] :
(المَعنى: ولا يَأتيك -يا مُحَمَّدُ- هؤلاء المُشرِكونَ وأمثالُهم بكَلامٍ يُحَسِّنونَه ويُزَخرِفونَه، يُصَوِّرونَ به شُبهةً باطِلةً، أوِ اعتِراضًا فاسِدًا، إلَّا جِئناك بالكَلامِ الحَقِّ الذي يَدمَغُ باطِلَهم، ويَدحَضُ شُبَهَهم، ويَنقُضُ اعتِراضَهم، ويَكونُ أحسَنَ بَيانًا، وأكمَلَ تَفصيلًا.
وإذا تَتَبَّعتَ آياتِ القُرآنِ وجَدتَها قد أتَت بالعَدَدِ الوافِرِ مِن شُبَهِ الضَّالِّينَ واعتِراضاتِهم، ونَقَضَتها بالحَقِّ الواضِحِ والبَيانِ الكاشِفِ في أوجَزِ لَفظٍ وأقرَبِه وأبلَغِه.
وهذا قِسمٌ عَظيمٌ جَليلٌ مِن عُلومِ القُرآنِ يَتَحَتَّمُ على رِجالِ الدَّعوةِ والإرشادِ أن يَكونَ لَهم به فَضلُ عِنايةٍ، ومَزيدُ دِرايةٍ وخِبرةٍ.
ولا نَحسَبُ شُبهةً تَرِدُ على الإسلامِ إلَّا وفي القُرآنِ العَظيمِ رَدُّها بهذا الوعدِ الصَّادِقِ مِن هذه الآيةِ الكَريمةِ.
فعلينا عِندَ وُرودِ كُلِّ شُبهةٍ مِن كُلِّ ذي ضَلالةٍ أن نَفزَعَ إلى آيِ القُرآنِ، ولا إخالُنا إذا أخلَصنا القَصدَ وأحسَنَّا النَّظَرَ إلَّا واجِديها فيها.
وكَيف لا نَجِدُها في آياتِ رَبِّنا التي هيَ الحَقُّ وأحسَنُ تَفسيرًا؟!
فلنَقتَدِ بالقُرآنِ فيما نَأتي به مِن كَلامٍ في مَقامِ الحِجاجِ، أو مَقامِ الإرشادِ، فلنَتَوخَّ دائِمًا الحَقَّ الثَّابِتَ بالبُرهانِ أو بالعِيانِ، ولنُفسِّرْه أحسَنَ التَّفسيرِ ولنَشرَحْه أكمَلَ الشَّرحِ، ولنُقَرِّبْه إلى الأذهانِ غايةَ التَّقريبِ، وهذا يَستَدعي صِحَّةَ الإدراكِ، وجَودةَ الفَهمِ، ومَتانةَ العِلمِ لتَصَوُّرِ الحَقِّ ومَعرِفتِه.
ويَستَدعي حُسنَ البَيانِ وعُلومَ اللِّسانِ لتَصويرِ الحَقِّ وتَجليَتِه والدِّفاعِ عنه.
فلِلِاقتِداءِ بالقُرآنِ في الإتيانِ بالحَقِّ وأحسَنِ بَيانٍ، علينا أن نُحَصِّلَ هذه كُلَّها، ونَتَدَرَّبَ فيها، ونَتَمَرَّنَ عليها، حتَّى نَبلُغَ إلى ما قُدِّرَ لَنا مِنها.
هذا ما على أهلِ الدَّعوةِ والإرشادِ، وخَدَمةِ الإسلامِ والقُرآنِ.
فأمَّا ما على عُمومِ المُسلِمينَ مِن هذا الِاقتِداءِ فهو دَوامُ القَصدِ إلى الإتيانِ بالحَقِّ، وبَذلُ الجُهدِ في التَّعبيرِ بأحسَنِ لَفظٍ وأقرَبِه.
ومَن أخلَصَ قَصدَه في شَيءٍ وجَعَلَه مِن وُكْدِه أُعِينَ -بإِذنِ اللهِ تعالى- عليه)
[2320] ((مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير)) (ص: 183، 184). .
المقوِّماتُ التي يحتاجُها الدَّاعي إلى اللهقال عَبدُ الكَريمِ زيدان: (يَحتاجُ الدَّاعي إلى اللهِ في أداءِ مُهمَّتِه ووظيفتِه التي هيَ في الأصلِ وظيفةُ رُسُلِ اللهِ، إلى عُدَّةٍ قَويَّةٍ مِنَ الفَهمِ الدَّقيقِ، والإيمانِ العَميقِ، والِاتِّصالِ الوثيقِ باللهِ تعالى، هذه هيَ مُقَوِّماتُ عُدَّةِ الدَّاعي وأركانُها، وإذا فقدَها لَم يُغنِ عنها شَيءٌ آخَرُ، وإذا ضَعُفَت مَعانيها في نَفسِه فعليه أن يُقَوِّيَها...
الفَهمُ الدَّقيقُ -العِلمُ قَبلَ العَمَلِ-؛ قال تعالى:
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [محمد: 19] ، فقَدَّم العِلمَ على العَمَلِ، والواقِعُ أنَّ تَقديمَ العِلمِ على أيِّ عَمَلٍ ضَروريٌّ للعامِلِ حتَّى يَعلَمَ ما يُريدُ؛ ليَقصِدَه ويَعمَلَ للوُصولِ إليه، وإذا كان سَبقُ العِلمِ لأَيِّ عَمَلٍ ضَروريًّا، فإنَّه أشَدُّ ضَرورةً للدَّاعي إلى اللهِ؛ لأنَّ ما يَقومُ به مِنَ الدِّينِ مَنسوبٌ إلى رَبِّ العالَمينَ، فيَجِبُ أن يَكونَ الدَّاعي على بَصيرةٍ وعِلمٍ بما يَدعو إليه، وبِشَرعيَّةِ ما يَقولُه ويَفعَلُه ويَترُكُه، فإذا فقَدَ العِلمَ المَطلوبَ واللَّازِمَ له كان جاهلًا بما يُريدُه، ووقَعَ في الخَبطِ والخَلطِ والقَولِ على اللهِ ورَسولِه بغَيرِ عِلمٍ، فيَكونُ ضَرَرُه أكثَرَ مِن نَفعِه، وإفسادُه أكثَرَ مِن إصلاحِه، وقد يَأمُرُ بالمُنكَرِ ويَنهى عنِ المَعروفِ؛ لجَهلِه بما أحَلَّه الشَّرعُ وأوجَبَه، وبِما مَنَعَه وحَرَّمَه، فيَجِبُ إذَن لكُلِّ داعٍ إلى اللهِ تعالى العِلمُ بشَرعِ اللهِ، وبالحَلالِ والحَرامِ، وبِما يَجوزُ وما لا يَجوزُ، وبما يَسوغُ فيه الِاجتِهادُ وما لا يَسوغُ، وما يَحتَمِلُ وجهَينِ أو أكثَرَ، وما لا يَحتَمِلُ. والعِلمُ ما قامَ عليه الدَّليلُ الشَّرعيُّ مِن كِتابِ اللهِ أو سُنَّةِ رَسولِه أو مِن أدِلَّةِ الشَّرعِ الأُخرى، وعلى المُسلِمِ أن يَستَزيدَ مِن هذا العِلمِ الشَّرعيِّ النَّافِعِ؛ ليَعرِفَ مَوضوعَ دَعوتِه، وليَكونَ فيها على بَصيرةٍ وبَيِّنةٍ، فلا يَأمُرَ إلَّا بحَقٍّ، ولا يَنهى إلَّا عن باطِلٍ.
ومِنَ العِلمِ العَزيزِ النَّادِرِ الذي يَغفُلُ عنه الكَثيرونَ مَعَ دَلالةِ القُرآنِ عليه وتَصريحِه به والدَّعوةِ إليه: عِلمُ طَريقِ الآخِرةِ الذي يُهَيِّجُ القَلبَ ويُزعِجُه ويَدفعُه إلى سُلوكِه، ويُشعِرُ صاحِبَه بغُربَتِه في الدُّنيا، وقُربِ رَحيلِه عنها إلى سَفرٍ بَعيدٍ لا يَرجِعُ بَعدَه إلى دُنياه، ولا يَنفعُ فيه زادٌ إلَّا التَّقوى؛ ولِذلك فهو دائِمًا مَشغولٌ بإعدادِ هذا الزَّادِ...
الإيمانُ العَميقُ: نُريدُ بالإيمانِ العَميقِ أنَّ الدَّاعيَ المُسلِمَ تَيَقَّن بأنَّ الإسلامَ الذي هَداه اللَّهُ إليه، وأمَرَه بالدَّعوةِ إليه: حَقٌّ خالِصٌ؛ لأنَّه هُدى اللهِ، وما عَداه باطِلٌ وضَلالٌ قَطعًا، قال تعالى:
قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى [البقرة: 120] ،
فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ [يونس: 32] ، وإنَّ هذا اليَقينَ بأحَقِّيَّةِ الإسلامِ صارَ عِندَ الدَّاعي المُسلِمِ كالبَدَهيَّةِ وكالواحِدِ زائِدَ واحِدٍ يُساوي اثنَينِ، ومِن ثَمَّ لا تَقبَلُ هذه البَدَهيَّةُ أيَّ نِقاشٍ أو جِدالٍ أو شَكٍّ أو مُراجَعةٍ أو إعادةِ نَظَرٍ، وتَيَقَّنَ أنَّ أيَّ تَحَوُّلٍ عن هذا اليَقينِ ومَيلٍ إلى غَيرِه يَعني اتِّباعَ الأهواءِ الباطِلةِ التي فيها الضَّلالُ وضَياعُ الإيمانِ؛ قال تعالى:
قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ [الأنعام: 56] ...
فإيمانُ الدَّاعي العَميقُ ثابِتٌ لا يَتَزَعزَعُ مَهما صادَفَته مِحنةٌ أو شِدَّةٌ، ومَهما كانت حالُه مِن ضَعفٍ وقِلَّةٍ، ومَهما كان حالُ الكَفَرةِ مِن قوَّةٍ ومَنَعةٍ، حتَّى لَو بَقيَ وحدَه في الأرضِ، وهَكَذا كان إيمانُ صَحابةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في جَميعِ أحوالِهم يَومَ كانوا في مَكَّةَ مُحاصَرينَ يُعَذِّبُهمُ الكَفَرةُ، ويَومَ هاجَروا فارِّينَ بدينِهم إلى الحَبَشةِ، ويَومَ هاجَروا إلى المَدينةِ، ويَومَ انتَصَروا في بَدرٍ، وانكَسَروا في أحُدٍ، وحُوصِروا في الخَندَقِ، إنَّهم في جَميعِ تلك الأحوالِ التي تَقَلَّبوا فيها لَم يَتَزَعزَع إيمانُهم، ولَم يَتَسَرَّبْ إلى قُلوبِهم ذَرَّةٌ مِنَ الشَّكِّ في كَونِهم على الحَقِّ، ومَوصولينَ بالحَقِّ، ويَدعونَ إلى الحَقِّ، وأنَّ الكَفَرةَ في ضَلالٍ مُبينٍ، قال تعالى:
لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ [الرعد: 14] ، ولا يُضعِفُ إيمانَ الدَّاعي انصِرافُ النَّاسِ عنه وعَدَمُ إجابَتِهم له؛ فقد لَبِثَ نوحٌ عليه السَّلامُ كَما أخبَرَنا اللهُ عنه
فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا [العنكبوت: 14] ، ولَم يُؤمِنْ له إلَّا القَليلُ، كَما لا يَدُلُّ انصِرافُ النَّاسِ عنه أنَّه مُقَصِّرٌ في دَعوتِه ما دامَ قد أفرَغَ جُهدَه، فالتَّقصيرُ يُعرَفُ -إن وُجِدَ- مِن قِلَّةِ ما يُقدِّمُه الدَّاعي للدَّعوةِ، لا مِن عَدَمِ إجابةِ المَدعوِّ.
الِاتِّصالُ الوثيقُ: نُريدُ بالِاتِّصالِ الوَثيقِ تَعَلُّقَ الدَّاعي المُسلِمِ برَبِّه، وتَوكُّلَه عليه في جَميعِ أمورِه؛ لتَيَقُّنِه بأنَّ اللَّهَ تعالى هو المُنفرِدُ بالخَلقِ والتَّدبيرِ، والضَّرَرِ والنَّفعِ والعَطاءِ، وأنَّه ما شاءَ اللهُ كان وما لَم يَشَأْ لَم يَكُنْ، وأنَّ اللَّهَ تعالى يَكفي مَن يَتَوكَّلُ عليه ويُفوِّضُ الأُمورَ إليه
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطَّلاق: 3] ، لا سيَّما مَن يَتَوكَّلُ عليه في أمورِ الدَّعوةِ إلى اللهِ، ونَصرِه وإعلاءِ كَلِمتِه وجِهادِ أعدائِه؛ قال تعالى حِكايةً عن موسى وهارون:
قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [طه: 45-46] ، وهذه المَعيَّةُ بالنَّصرِ والتَّأييدِ غَيرُ مَقصورةٍ على أنبيائِه ورُسُلِه المُتَوكِّلينَ عليه في تَبليغِ رِسالاتِه، وإنَّما هيَ شامِلةٌ لعِبادِه المُتَّقينَ، لا سيَّما الدُّعاةِ مِنهم إلى دينِه؛ قال تعالى:
إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ [النحل: 128] )
[2321] ((أصول الدعوة)) (ص: 325، 333، 343). .