الإِرَادَةُ والمَشِيئَةُ
صفتانِ ذاتيَّتانِ فِعليَّتانِ ثابتتانِ بالكِتابِ والسُّنَّةِ.
الدَّليلُ مِن الكِتابِ: 1- قولُه تعالى:
فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا الآية
[الأنعام: 125] .
2- قَولُه:
إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ [المائدة: 1] .
قال
ابنُ جَريرٍ: (قَولُه تعالى:
إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ يعني بذلك جَلَّ ثناؤُه: إنَّ اللهَ يقضي في خَلْقِه ما يشاءُ مِن تحليلِ ما أراد تحليلَه، وتحريمِ ما أراد تحريمَه، وإيجابِ ما شاء إيجابَه عليهم، وغيرِ ذلك من أحكامِه وقَضاياه)
[1518] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (8/ 21). .
3- قَولُه:
وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [الإنسان: 30] .
قال
السَّمعانيُّ: (قَولُه:
وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ردَّ مشيئتَهم إلى مشيئتِه، والمعنى: لا يريدونَ إلَّا بإرادةِ اللهِ، وهو موافِقٌ لعقائِدِ أهلِ السُّنَّةِ، أنَّه لا يفعَلُ أحدٌ شيئًا ولا يختارُه ولا يشاؤُه إلَّا بمشيئةِ اللهِ)
[1519] يُنظر: ((تفسير السمعاني)) (6/ 124). .
4- قَولُه:
قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ [آل عمران: 26] .
الدَّليلُ مِن السُّنَّةِ:1- حديثُ
أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((وكَّلَ اللهُ بالرَّحِمِ مَلَكًا... فإذا أراد اللهُ أن يقضيَ خَلْقَها، قال... )) [1520] أخرجه البخاري (6595)، ومسلم (2646). .
2- حديثُ
عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ:
((إذا أراد اللهُ بقومٍ عذابًا، أصاب العذابُ مَن كان فيهم، ثم بُعِثُوا على أعمالِهم )) [1521] أخرجه مسلم (2879). .
3- حديثُ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: قال اللهُ عزَّ وجَلَّ:
((... إنَّكِ الجنَّةُ رَحْمتي، أرحَمُ بكِ مَن أشاءُ، وإنَّكِ النَّارُ عذابي، أُعذِّبُ بكِ مَن أشاءُ )) [1522] أخرجه مسلم (2846). .
4- حديثُ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((... ذلك فضلُ اللهِ يؤتيه مَن يشاءُ)) [1523] أخرجه مسلم (595). .
قال
أبو الحسَنِ الأشعريُّ: (أجمَعوا على إثباتِ حياةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، لم يزَلْ بها حيًّا...) إلى أن قال: (وإرادةٍ لم يزَلْ بها مُرِيدًا...)
[1524] يُنظر: ((رسالة إلى أهل الثغر)) (ص: 121). .
وقال
ابنُ تيميَّةَ- بعد أن سرَدَ بعضَ الآياتِ السابقةِ وغيرَها-: (... وكذلك وصَفَ نَفْسَه بالمشيئةِ، ووصَفَ عبدَه بالمشيئةِ... وكذلك وصَفَ نَفْسَه بالإرادةِ، ووصَفَ عبدَه بالإرادةِ... ومعلومٌ أنَّ مشيئةَ اللهِ ليست مِثلَ مشيئةِ العبدِ، ولا إرادتُه مِثلَ إرادتِه...)
[1525] يُنظر: ((العقيدة التَّدمُريَّة)) (ص: 25). وله كلامٌ طويلٌ حولَ هذه الصِّفةِ. يُنظر: ((دقائق التَّفسير)) (5/184-193). ويُنظر كلامُ ابنِ العطَّارِ في صفةِ (السَّمعِ). .
ويجِبُ إثباتُ صفةِ الإرادةِ بقِسمَيْها: الكَونيِّ والشَّرعيِّ؛ فالإرادةُ الكَونيَّةُ بمعنى المشيئةِ، والشَّرعيَّةُ بمعنى المَحبَّةِ
[1526] يُنظر: ((القواعد المثلى)) لابن عثيمين (ص: 30). .
قال
أبو القاسِمِ الأصبهانيُّ: (الإرادةُ غيرُ المحبَّةِ والرِّضا؛ فقد يريدُ ما لا يحِبُّه ولا يرضاه، بل يَكرَهُه ويَسخَطُه ويُبغِضُه. قال بعضُ السَّلَف: إنَّ اللهَ يُقَدِّرُ ما لا يرضاه بدليلِ قَولِه:
وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ [الزمر: 7] ، وقال قومٌ من المتكَلِّمين: من أراد شيئًا فقد أحبَّه ورَضِيَه، وإنَّ اللهَ تعالى رَضِيَ المعصيةَ والكُفرَ. ودليلُنا: أنَّه قد ثبت إرادتُه للكُفرِ ونَفيُ رِضاه به، فقال تعالى:
فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ [الأنعام: 125] ، وقال:
وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ [الزمر: 7] ؛ فأثبت الإرادةَ ونفى الرِّضا)
[1527] يُنظر: ((الحجة في بيان المحجة)) (1/ 459). .
وقال
ابنُ تيميَّةَ: (الإرادةُ في كِتابِ اللهِ نوعانِ: إرادةٌ شَرعيَّةٌ دينيَّةٌ تتضَمَّنُ محبَّتَه ورضاه، وإرادةٌ كَونيَّةٌ قَدَريَّةٌ تتضَمَّنُ خَلْقَه وتقديرَه)
[1528] يُنظر: ((منهاج السنة النبوية)) (7/ 72). .
وقال أيضًا: (أئِمَّةُ أصحابِ مالكٍ و
الشَّافعيِّ و
أحمدَ وعامَّةِ أصحابِ
أبي حنيفةَ يَقولُون بما اتَّفَق عليه السَّلَفُ من أنَّه سُبحانَه ما شاء كان، وما لم يشَأْ لم يكُنْ، ويُثبِتون الفَرْقَ بيْن مَشيئتِه وبين محبَّتِه ورِضاه، فيَقولُون: إنَّ الكُفرَ والفُسوقَ والعِصيانَ، وإن وقَعَ بمشيئتِه؛ فهو لا يحِبُّه ولا يرضاه، بل يَسخَطُه ويُبغِضُه، ويَقولُون: إرادةُ اللهِ في كِتابِه نوعان: نوعٌ بمعنى المشيئةِ لِما خَلَق، كقَولِه:
فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ [الأنعام: 125] ، ونوعٌ بمعنى محبَّتِه ورِضاه لِما أمَرَ به وإن لم يخلُقْه، كقَولِه:
يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة: 185] ،
مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة: 6] ،
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [النساء: 26] ،
وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا [النساء: 27 - 28] )
[1529] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (8/ 476) بتصَرُّفٍ يسيرٍ. .
وقال ابنُ أبي العِزِّ: (أمَّا أهلُ السُّنَّةِ فيَقولُونَ: إنَّ اللهَ وإن كان يريدُ المعاصيَ قَدَرًا فهو لا يحبُّها ولا يرضاها ولا يأمُرُ بها، بل يُبغِضُها ويَسخَطُها ويَكرَهُها وينهى عنها. وهذا قَولُ السَّلَفِ قاطِبةً، فيَقولُون: ما شاء اللهُ كان، وما لم يشَأْ لم يكُنْ؛ ولهذا اتَّفق الفُقَهاءُ على أنَّ الحالِفَ لو قال: واللهِ لأفعلَنَّ كذا إن شاء اللهُ، لم يحنَثْ إذا لم يفعَلْه، وإن كان واجِبًا أو مُستحَبًّا. ولو قال: إنْ أحَبَّ اللهُ، حَنِثَ إذا كان واجِبًا أو مُستحَبًّا.
والمحَقِّقون من أهلِ السُّنَّةِ يَقولُون: الإرادةُ في كِتابِ اللهِ نوعان: إرادةٌ قَدَريَّةٌ كونيَّةٌ خَلْقيَّةٌ، وإرادةٌ دينيَّةٌ أمْريَّةٌ شرعيَّةٌ؛ فالإرادةُ الشَّرعيَّةُ هي المتضَمِّنةُ للمَحبَّةِ والرِّضا، والكونيَّةُ هي المشيئةُ الشَّامِلةُ لجميعِ الحوادِثِ.
وهذا كقَولِه تعالى:
فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ [الأنعام: 125] ، وقَولِه تعالى عن نوحٍ عليه السلام:
وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ [هود: 34] ، وقَولِه تعالى:
وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ [البقرة: 253] .
وأمَّا الإرادةُ الدِّينيَّةُ الشَّرعيَّةُ الأمْريَّةُ فكقَولِه تعالى:
يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة: 185] ، وقَولِه تعالى:
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا [النساء: 26 - 27] ، وقَولِه تعالى:
مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ [المائدة: 6] ، وقَولِه تعالى:
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب: 33] .
فهذه الإرادةُ هي المذكورةُ في مِثلِ قَولِ النَّاسِ لِمن يَفعَلُ القبائِحَ: هذا يَفعَلُ ما لا يريدُه اللهُ، أي: لا يُحِبُّه ولا يرضاه ولا يأمُرُ به، وأمَّا الإرادةُ الكونيَّةُ فهي الإرادةُ المذكورةُ في قَولِ المسلِمينَ: ما شاء الله كان، وما لم يشَأْ لم يكُنْ)
[1530] يُنظر: ((شرح الطحاوية)) (1/ 79). .
وقال
محمَّدُ بنُ إبراهيمَ آل الشَّيخِ: (المشيئةُ لم تَرِدْ مُستعمَلةً في الدِّينيَّةِ، إنَّما جاءت مُستعمَلةً في الكَونيَّةِ، فلا تَنقَسِمُ، ولا أعلَمُ أنَّها تنقَسِمُ، بخلافِ الإرادةِ)
[1531] يُنظر: ((فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم)) (1/ 208). .
وقال
ابنُ باز: (مِن مراتِبِ الإيمانِ بالقَدَرِ: أنَّه سُبحانَه وتعالى لا يُوجَدْ في مُلْكِه ما لا يُريدُ، ولا يَقَعُ شَيءٌ في السَّماءِ والأرضِ إلَّا بمشيئتِه، كما قال تعالى:
لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [التكوير: 28، 29]، وقال تعالى:
فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ [المدثر: 55، 56]، وقال تعالى:
وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ [الأنعام: 112]، وقال تعالى:
مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الأنعام: 39] ، وقال عَزَّ وجَلَّ:
فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ [الأنعام: 125] ، والآياتُ في هذا المعنى كثيرةٌ جِدًّا معلومةٌ من كِتابِ اللهِ، والإرادةُ في هذه الآيةِ بمعنى المشيئةِ، وهي إرادةٌ كونيَّةٌ قَدَريَّةٌ، بخلافِ الإرادةِ في قَولِه تعالى:
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا [النساء: 26- 28] ؛ فالإرادةُ في هذه الآياتِ الثَّلاثِ إرادةُ شَرعيَّةٌ أو دينيَّةٌ، بمعنى المحبَّةِ، والفَرقُ بيْن الإرادتينِ: الأُولى: لا يتخَلَّفُ مرادُها أبدًا، بل ما أراده اللهُ كونًا فلا بدَّ من وقوعِه، كما قال تعالى:
إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس: 82] ، أمَّا الإرادةُ الشَّرعيَّةُ فقد يُوجَدُ مرادُها من بعضِ النَّاسِ، وقد يتخَلَّفُ)
[1532] يُنظر: ((مجموع فتاوى ابن باز)) (6/ 59). .
وقال
ابنُ عُثَيمين: (الإرادةُ الشَّرعيَّةُ لا يلزَمُ منها وقوعُ المرادِ، وهي التي بمعنى المحبَّةِ؛ قال تعالى:
وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ [النساء: 27] بمعنى: يحِبُّ، ولو كانت بمعنى: يشاءُ، لتاب اللهُ على جميعِ النَّاسِ. والإرادةُ الكونيَّةُ يلزَمُ منها وقوعُ المرادِ، كما قال اللهُ تعالى:
وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ [البقرة: 253] )
[1533] يُنظر: ((القول المفيد)) (2/ 372). .