الْكَلامُ وَالْقَوْلُ والْحَدِيثُ وَالنِّدَاءُ وَالصَّوْتُ وَالْحَرْفُ
يَعتقِدُ أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يَتكلَّمُ ويَقولُ ويَتحدَّثُ ويُنادِي، وأنَّ كلامَه بصَوتٍ وحرفٍ، وأنَّ القرآنَ كلامُه، مُنَزَّلٌ غيرُ مخلوقٍ، وكلامُ اللهِ صِفةٌ ذاتيَّةٌ فِعليَّةٌ (ذاتيَّةٌ باعتبارِ أصلِه، وفِعليةٌ باعتبارِ آحادِه).
الدَّليلُ مِن الكِتابِ:1- قولُه تَعالَى:
وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا [النساء: 164] .
2- قَولُه:
فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [القصص:30] .
3- قَولُه:
قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا [الكهف: 109] . (كَلامٌ مَكتُوبٌ).
4- قَولُه:
وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ [التوبة: 6] .
5- قَولُه:
وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا [النساء: 87] .
الدَّليلُ من السُّنَّةِ:1- حديثُ احتجاجِ آدَمَ ومُوسَى عن أبي هُريْرةَ رضي الله عنه مرفوعًا، وفيه:
((قال له آدَمُ: يا مُوسى، اصطفاكَ اللهُ بكَلامِه )) [2780] أخرجه مطولاً البخاري (6614) واللفظ له، ومسلم (2652). .
2- حديثُ قِصَّةِ الإفكِ، وقولُ
عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها:
((... ولَشَأنِي في نفْسِي كانَ أحقَرَ مِن أنْ يَتكلَّمَ اللهُ فيَّ بأمرٍ يُتْلَى...)) [2781] أخرجه البخاري (4750) واللفظ له، ومسلم (2770). .
3- حديثُ أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه:
((إنَّ اللهَ يقولُ لأهلِ الجَنَّةِ: يا أهلَ الجنَّةِ. فيقولونَ: لَبَّيك رَبَّنا وسَعْدَيك والخيرُ في يَدَيك. فيقولُ: هل رَضِيتُم؟... )) [2782] أخرجه البخاري (7518)، ومسلم (2829). .
4- حديثُ
ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنه:
((بَينما جِبريلُ قاعدٌ عندَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم... وقال: أَبشِرْ بنورَينِ أُوتيتَهُمَا لم يُؤتَهما نبيٌّ قَبلَك: فاتحةِ الكِتابِ، وخَواتيمِ سورةِ البَقرةِ؛ لنْ تقرَأَ بحَرفٍ منهما إلَّا أُعطِيتَه )) [2783] أخرجه مسلم (806). .
5- حديثُ عَدِيِّ بنِ حاتمٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((ما منكم من أحَدٍ إلا سيُكَلِّمُه رَبُّه، ليس بينه وبينه تَرجمانٌ، ولا حِجابٌ يَحجُبُه )) [2784] أخرجه البخاري (7443) واللفظ له، ومسلم (1016). .
5- حديثُ أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه مرفوعًا:
((يَقولُ اللهُ: يا آدَمُ، فيَقولُ: لبَّيْكَ وسَعْدَيك، فيُنادَى بصَوتٍ: إنَّ اللهَ يَأمُرُك أنْ تُخرِجَ مِن ذُرِّيَّتِك بَعثًا إلى النَّارِ)) [2785] أخرجه البخاري (7483). .
ومِن أقوالِ العُلَماء في ذلِك:1- قال ابنُ القاسِمِ: (أرى من قال: إنَّ اللهَ لم يكَلِّمْ موسى أن يُستتابَ، فإن تاب وإلَّا قُتِل، أَراه من الحقِّ الواجِبِ، وهو الذي أدينُ اللهَ عليه)
[2786])) يُنظر: ((البيان والتحصيل)) لابن رشد (16/399). .
وعلَّق ابنُ رشدٍ قائلًا: (أمَّا من قال: إنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ لم يكَلِّمْ موسى، فلا إشكالَ ولا اختلافَ في أنَّه كافِرٌ يُستتابُ، فإن تاب وإلَّا قُتِل؛ لأنَّه مُكَذِّبٌ لِما نَصَّ اللهُ تعالى عليه في كتابِه مِن تكليمِه إيَّاه حقيقةً لا مجازًا بقَولِه:
وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا [النساء: 164] ؛ لأنَّ المجازَ لا يؤكَّدُ بالمصدَرِ)
[2787]يُنظر: ((البيان والتحصيل)) (16/399). .
2- قال
أحمدُ بنُ حَنبَلٍ: (نقولُ: إنَّ اللهَ لم يَزَلْ مُتكَلِّمًا إذا شاء، ولا نقولُ: إنَّه كان، ولا يتكَلَّمُ حتى خَلَق الكلامَ)
[2788])) يُنظر: ((الرد على الجهمية والزنادقة)) (ص: 139). .
وقال حَنبَلُ بنُ إسحاقَ: قُلتُ لِأبي عَبدِ اللهِ: (يُكَلِّمُ عَبدَه يَومَ القيامةِ؟ قال: نَعَمْ؛ فمَن يَقضي بَينَ الخَلقِ إلَّا اللهُ؟! يُكَلِّمُ اللهُ عَبدَه ويَسألُه، اللهُ مُتكَلِّمٌ، لم يَزَلِ اللهُ يأمُرُ بما شاءَ ويَحْكُمُ، وليس لِله عِدْلٌ ولا مِثْلٌ، كيف شاءَ، وأنَّى شاءَ)
[2789] يُنظر: ((الإبانة الكبرى)) لابن بطة (6/321). .
وقال عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ: (سألتُ أَبي -رَحِمه اللهُ- عن قومٍ يَقولُون: لَمَّا كلَّمَ اللهُ عزَّ وجلَّ موسى لم يَتكلَّمْ بصَوتٍ، فقال أبي: بلَى! إنَّ ربَّكَ عزَّ وجلَّ تكلَّمَ بصوتٍ؛ هذه الأحاديثُ نَرويها كما جاءتْ)
[2790] يُنظر: ((السنة)) (533). .
3- قال
البُخاريُّ: (إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُنادِي بصوتٍ يَسمَعُه مَن بَعُدَ كما يَسمَعُه مَن قَرُب، فليس هذا لغيرِ اللهِ جلَّ ذِكرُه، وفي هذا «يعني: حديثَ عبدِ اللهِ بنِ أُنَيسٍ، ذَكرَه بعد كلامِه هذا» دليلٌ أنَّ صوتَ اللهِ لا يُشبِهُ أصواتَ الخَلْقِ؛ لأنَّ صوتَ اللهِ جلَّ ذكرُه يُسمِعُ مَن بَعُدَ كما يُسمِعُ مَن قَرُب، وأنَّ الملائكةَ يَصعَقونَ من صَوتِه، فإذا تَنادَى الملائكةُ لم يَصعَقوا)
[2791] يُنظر: ((خلق أفعال العباد)) (ص: 149). .
4- قال ابنُ أبي عاصِمٍ: (بابٌ: ذِكرُ الكلامِ والصَّوتِ والشَّخصِ، وغيرِ ذلك)
[2792] يُنظر: ((السُّنَّة)) (1/225). .
5- قال
أبو الحَسنِ الأَشعريُّ: (أَجْمَعوا على إثباتِ حياةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، لم يَزَلْ بها حيًّا... وكلامًا لم يَزلْ به مُتكلِّمًا...)
[2793] يُنظر: ((رسالة إلى أهل الثغر)) (ص: 214). .
6- قال
البَرْبهاري: (الإيمانُ بأنَّ اللهَ تبارك وتعالى هو الذي كَلَّم موسى بنَ عِمرانَ يومَ الطُّورِ، وموسى يَسمَعُ مِنَ اللهِ الكلامَ بصَوتٍ وقع في مسامِعِه منه لا من غيرِه، فمن قال غيرَ هذا فقد كَفَر)
[2794])) يُنظر: ((شرح السنة)) (ص: 84). .
7- قال ابنُ أبي زيدٍ القيرواني: (ممَّا أجمعت عليه الأمَّةُ من أمورِ الدِّيانةِ، ومِنَ السُّنَنِ التي خلافُها بدعةٌ وضَلالةٌ:... أنَّ كَلامَه صِفةٌ مِن صفاتِه، ليس بمخلوقٍ فيَبيدَ، ولا صفةً لمخلوقٍ فتَبيدَ، وأنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ كَلَّم موسى بذاتِه، وأسمعه كلامَه، لا كلامًا قام في غيرِه... وكُلُّ ما قَدَّمْنا ذِكْرَه فهو قَولُ أهلِ السُّنَّةِ وأئمَّةِ النَّاسِ في الفِقهِ والحَديثِ على ما بَيَّنَّاه، وكُلُّه قَولُ مالكٍ؛ فمنه منصوصٌ مِن قَولِه، ومنه معلومٌ مِن مَذهَبِه)
[2795])) يُنظر: ((الجامع في السنن والآداب والمغازي والتاريخ)) (ص: 107-117). .
8- قال
ابنُ بطَّةَ العُكْبَري: (اعلَموا -رَحِمَكم اللهُ- أنَّه من زعم أنَّه على مِلَّةِ إبراهيمَ ودينِ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأنَّه من أهلِ شَريعةِ الإسلامِ، ثمَّ جحد أنَّ اللهَ كَلَّم موسى؛ فقد أبطل فيما ادَّعاه من دينِ الإسلامِ، وكَذَب في قَولِه: إنَّه من المسلمين، ورَدَّ على اللهِ قَولَه، وكَذَّب بما جاء به
جبريلُ إلى محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ورَدَّ الكتابَ والسُّنَّةَ وإجماعَ الأمَّةِ)
[2796])) يُنظر: ((الإبانة الكبرى)) (6/ 301). .
وقال أيضًا: (فمن أنكر أنَّ اللهَ كَلَّم موسى كلامًا بصَوتٍ تَسمَعُه الأذنانِ، وتَعِيه القلوبُ، لا واسِطةَ بينهما ولا تَرْجمانَ ولا رسولَ؛ فقد كفر باللهِ العَظيمِ، وجَحَد بالقرآنِ، وعلى إمامِ المسلمين أن يَستتيبه، فإن تاب ورجَع عن مقالتِه، وإلَّا ضَرَب عُنُقَه)
[2797])) يُنظر: ((الإبانة الكبرى)) (6/ 306). .
10- قال
أبو القاسِمِ الأصبهانيُّ أيضًا: (فَصلٌ في إثباتِ النِّداءِ صِفةً للهِ عزَّ وجلَّ)
[2798] يُنظر: ((الإبانة الكبرى)) (1/269). . ثمَّ سَرَدَ جملةً من الآياتِ والأحاديثِ.
وقال أيضًا: (خاطَرَ
أبو بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه أي: راهَنَ قومًا من أهلِ مَكَّةَ، فقرأ عليهم القرآنَ، فقالوا: هذا مِن كلامِ صاحبِك، فقال: ليس بكلامِي ولا كلامِ صاحِبي، ولكنَّه كلامُ اللهِ تعالى، ولم يُنكِرْ عليه أحدٌ من الصَّحابةِ، وقال عُمرُ بنُ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه على المنبَرِ: (إنَّ هذا القرآنَ كلامُ اللهِ).
فهو إجماعُ الصَّحابةِ وإجماعُ التابِعين بعدَهم، مِثلُ:
سَعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، وسعيدِ بنِ جُبَيرٍ، والحَسنِ، والشَّعبيِّ، وغيرِهم ممَّن يطولُ ذِكرُهم، أشاروا إلى أنَّ كلامَ اللهِ هو المتلوُّ في المحاريبِ والمصاحِفِ.
وذكَر صالحُ بنُ أحمدَ بنِ حَنبلٍ، وحنبلٌ: أنَّ أحمدَ رحمه الله قال: «
جِبريلُ سَمِعَه من اللهِ تعالى، والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سمِعَه من
جِبريلَ، والصَّحابةُ سمِعتْه من النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم».
وفي قَولِ
أبي بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: «ليس بكَلامِي، ولا كلامِ صاحبي، إنَّما هو كلامُ اللهِ تعالى»: إثباتُ الحَرْفِ والصَّوتِ؛ لأنَّه إنَّما تلَا عليهم القرآنَ بالحرفِ والصَّوتِ)
[2799] يُنظر: ((الحجة في بيان المحجة)) (1/331). .
11- قال النووي: (فَصلٌ: في إثباتِ الصَّوتِ لله تعالى.
يَنطِقُ الكِتابُ العزيزُ بذلك في مواضِعَ؛ منها في سورةِ القَصَصِ
فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ [القصص: 30] .
وفي سُورةِ النَّملِ
فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ [النمل: 8] ، وفي طه
فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ [طه: 11] .
والنِّداءُ لا يكونُ إلَّا بصوتٍ عند جميعِ أهلِ اللُّغةِ، وكذلك قَولُه تعالى:
فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى [طه: 31] .
والاستِماعُ لا يكونُ إلَّا لصوتٍ مَسموعٍ، وكذلك قَولُه تعالى:
وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا [القصص: 62 و74]،
وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا [القصص: 46]، والنِّداءُ بالإجماعِ لا يكونُ إلَّا بصَوتٍ)
[2800] يُنظر: ((جزء فيه ذكر اعتقاد السلف في الحروف والأصوات)) (ص: 56). .
12- قال
ابنُ تَيميَّةَ: (استفاضتِ الآثارُ عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والصَّحابةِ والتَّابعينَ ومَن بعدَهم مِن أئمَّةِ السُّنَّة؛ أنَّه سُبحانَه يُنادِي بصوتٍ؛ نادَى موسى، ويُنادي عِبادَه يومَ القِيامةِ بصوتٍ، ويَتكلَّمُ بالوَحْيِ بصوتٍ، ولم يُنقَلْ عن أحدٍ مِن السَّلَفِ أنَّه قال: إنَّ اللهَ يَتكلَّمُ بلا صَوتٍ، أو بلا حرفٍ، ولا أنَّه أنْكَرَ أنْ يَتكلَّمَ اللهُ بصوتٍ أو بحرفٍ)
[2801] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (12/304). .
وقال أيضًا: (ليس في الأئمَّةِ والسَّلَفِ مَن قال: إنَّ اللهَ لا يتكَلَّمُ بصَوتٍ، بل قد ثَبَت عن غيرِ واحِدٍ مِنَ السَّلَفِ والأئمَّةِ: أنَّ اللهَ يتكَلَّمُ بصَوتٍ، وجاء ذلك في آثارٍ مَشهورةٍ عن السَّلَفِ والأئِمَّةِ، وكان السَّلَفُ والأئِمَّةُ يَذكُرونَ الآثارَ التي فيها ذِكرُ تكَلُّمِ اللهِ بالصَّوتِ، ولا يُنكِرُها منهم أحَدٌ، حتى قال عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ: قُلتُ لأبي: إنَّ قومًا يَقولُون: إنَّ اللهَ لا يتكَلَّمُ بصَوتٍ! فقال: يا بُنَيَّ، هؤلاء جَهْمِيَّةٌ، إنَّما يَدُورون على
التَّعطيلِ. ثمَّ ذَكَر بعضَ الآثارِ المرويَّةِ في ذلك. وكلامُ "
البُخاريِّ" في "كِتابِ خَلْقِ الأفعالِ" صريحٌ في أنَّ اللهَ يتكَلَّمُ بصوتٍ، وفَرقٌ بيْن صوتِ اللهِ وأصواتِ العِبادِ، وذَكَر في ذلك عِدَّةَ أحاديثَ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكذلك تَرجَمَ في كِتابِ الصَّحيحِ: بابٌ في قَولِه تعالى:
حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [سبأ: 23] ، وذكَرَ ما دَلَّ على أنَّ اللهَ يتكَلَّمُ بصَوتٍ، وهو القَدَرُ. وكما أنَّه المعروفُ عند أهلِ السُّنَّةِ والحديثِ، فهو قَولُ جماهيرِ فِرَقِ الأمَّةِ؛ فإنَّ جماهيرَ الطَّوائِفِ يَقولُون: إنَّ اللهَ يتكَلَّمُ بصَوتٍ، مع نِزاعِهم في أنَّ كلامَه: هل هو مخلوقٌ، أو قائِمٌ بنَفْسِه؟ قديمٌ أو حادِثٌ؟ أو ما زال يتكَلَّمُ إذا شاء؟ فإنَّ هذا قَولُ
المعتَزِلةِ والكَرَّامِيَّةِ والشِّيعةِ وأكثَرِ
المُرْجِئةِ والسَّالميةِ وغيرِ هؤلاء مِنَ الحَنَفيَّةِ والمالِكيَّةِ، والشَّافِعيَّةِ والحَنبليَّةِ، والصُّوفيَّةِ، وليس من طوائِفِ المسلِمينَ مَن أنكَرَ أنَّ اللهَ يتكَلَّمُ بصوتٍ إلَّا ابنُ كُلَّابٍ ومَن اتَّبَعه)
[2802] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (6/ 527). .
13- قال
محمَّدُ بنُ إبراهيمَ آل الشَّيخ: (إنَّ الذي عليه أهلُ السُّنِّةِ والجماعةِ قاطِبةً أنَّ اللهَ تعالى لم يَزَلْ متكَلِّمًا إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء، وأنَّ
جبريلَ عليه السَّلامُ سمع القرآنَ الكريمَ مِنَ اللهِ تعالى، وبلَّغَه إلى محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)
[2803])) يُنظر: ((فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ)) (1/ 215). .
14- قال
ابنُ عُثَيمين: (إثباتُ أنَّ اللهَ تعالى يَتكلَّمُ بصوتٍ؛ ولهذا يُخاطِبُ موسى ويُكلِّمُه، ويُخاطِبُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ويُكلِّمُه ليلةَ المعراجِ؛ فهُم يَسْمَعونَ صَوتَه ويَردُّونَ عليه)
[2804] يُنظر: ((شرح صحيح البخاري)) (8/514). .