المطلَبُ الأوَّلُ: إثباتُ وُجودِ اللهِ تعالى عِندَ الماتُريديَّةِ
يعتقِدُ
الماتُريديَّةُ أنَّ الله تعالى لا يُعرَفُ إلَّا من طريقِ العالَمِ.
قال الماتُريديُّ: (الأصلُ أنَّ الله تعالى لا سبيلَ إلى العِلمِ به إلَّا من طريقِ دَلالةِ العالَمِ عليه، بانقطاعِ وجوهِ الوُصولِ إلى معرفتِه من طريقِ الحواسِّ عليه، أو شهادةِ السَّمعِ)
[283] ((التوحيد)) (ص: 129). .
ومعرفةُ اللهِ عِندَ
الماتُريديَّةِ تكونُ أوَّلًا بإثباتِ حُدوثِ العالَمِ، ثمَّ الاستدلالِ بذلك على إثباتِ وجودِ مُحدِثِه سُبحانَه وتعالى.
والماتُريديُّ استدلَّ على إثباتِ وُجودِ الله بعدَّةِ أدِلَّةِ ترجِعُ إلى دليلٍ واحِدٍ، وهو دليلُ الحدوثِ، وألمحَ في عدَّةِ مواضِعَ من كتابِه (التوحيد) إلى أنَّ إثباتَ الصَّانِعِ لا دليلَ عليه إلَّا دليلُ الحدوثِ
[284] يُنظر: ((التوحيد)) (ص: 231، 233). .
وأكَّد
الماتُريديَّةُ على أنَّ العنايةَ يجِبُ أن تُصرَفَ لهذا الدَّليلِ المعتَمَدِ عندَهم، وهم لا يلتفتون إلى غيِره من الأدِلَّةِ
[285] يُنظر: ((التوحيد)) للماتريدي (ص: 11- 19، 40، 82، 141، 142)، ((أصول الدين)) (ص: 14، 15، 18)، ((تبصرة الأدلة)) (ص: 32)، ((التمهيد)) (ص: 4، 5)، كلاهما لأبي المعين النسفي، ((البداية)) للصابوني (ص: 19، 20)، ((تفسير النسفي)) (1/200)، ((المسايرة)) للمقدسي (ص: 17، 18، 20، 21)، ((إشارات المرام)) للبياضي (ص: 82- 94). ، وعامَّةُ المُتكلِّمين استدلُّوا بدليلِ الحدوثِ على إثباتِ وُجودِ اللهِ، وعوَّلوا عليه، وإن كانوا قد اختلفوا في بعضِ التَّفريعاتِ
[286] يُنظر: ((الانتصار)) للخياط (ص: 36)، ((التوحيد)) للنيسابوري (ص: 73)، ((شرح الأصول الخمسة)) للقاضي عبدالجبار (ص: 92- 108)، ((رسائل العدل والتوحيد)) (ص: 203- 209)، ((الإرشاد للجويني)) (ص: 17، 19)، ((الإنصاف)) للباقلاني (ص: 22)، ((نهاية الإقدام)) (ص: 5، 6)، ((أصول الدين)) للبغدادي (ص: 35)، ((محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين)) للرازي (ص: 82)، ((النظام وآراؤه الكلامية والفلسفية)) لأبي ريدة (ص: 6)، ((العقل والحرية)) (دراسة في فكر القاضي عبد الجبار) لعبد الستار الراوي (ص: 240، 248- 250، 288)، ((أبو الهذيل العلاف)) لعلي الغرابي (ص: 52)، وما بعدها. .
وذكر
ابنُ تيميَّةَ أنَّ دليلَ الحدوثِ أو الحوادِثِ هو طريقةُ
الجَهْميَّةِ و
المُعتزِلة الذين تأثَّروا بالفلاسفةِ، فهم أصلُ هذه الطَّريقةِ، وعنهم انتشرت
[287] يُنظر: ((درء تعارض العقل والنقل)) (7/219 - 223). ويُنظر: ((رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب)) للأشعري (ص: 104 - 109). .
ويُعرَفُ دليلُ الحدوثِ بدليلِ حُدوثِ الجواهِرِ والأعراضِ، وبدليلِ حُدوثِ الأجسامِ، وبدليلِ حدوثِ الأعراضِ، وذلك أنَّهم يقرِّرون أنَّ العالَمَ -وهو كُلُّ ما سوى اللهِ تعالى من الموجوداتِ- ينقَسِمُ إلى جواهِرَ وأعراضٍ، والجوهَرُ هو ما له قيامٌ بذاتِه، والعَرَضُ ما لا قيامَ له بذاتِه، ثمَّ يبنون الدَّليلَ على هذا التَّقسيمِ، ويقيمونَه على أربعِ مُقَدِّماتٍ كبرى، هي:
الأولى: إثباتُ الأعراضِ.الثَّانيةُ: إثباتُ حُدوثِ الأعراضِ.الثَّالثةُ: إثباتُ عَدَمِ خُلُوِّ الجواهِرِ عن الأعراضِ.الرَّابعةُ: إثباتُ عَدَمِ تقدُّمِ الجواهِرِ على الأعراضِ.والنَّتيجةُ: أنَّ العالَمَ بجميعِ أجزائهِ حادِثٌ، والحادِثُ لا بدَّ له من محدِثٍ، وهو اللهُ تعالى.
قال أبو المُعينِ النَّسَفيُّ: (دليلُ ثبوتِ الأعراضِ أنَّ الجوهَرَ قد يكونُ ساكِنًا ثمَّ يتحرَّكُ، وهكذا على القَلبِ، ولو لم تكُنِ الحركةُ والسُّكونُ معنيينِ وراءَ ذاتِ الجوهَرِ، بل لو كانا راجِعَينِ إلى ذاتِه، لكان في الأحوالِ أجمَعَ ساكِنًا متحرِّكًا؛ لوجودِ ذاتِه الموجِبِ لهما، ولما اختَصَّ كُلُّ صفةٍ بحالةٍ على حِدةٍ، ثبتت الأعراضُ، ثمَّ الأعراضُ كُلُّها حادثةٌ، عُرِف حدوثُ بعضِها بالحسِّ والمشاهدةِ، وبعضُها بحدوثِ أضدادِها المنعَدِمةِ عِندَ حدوثِها بالدَّليلِ، فإنَّها لما قَبِلت العدَمَ دَلَّ أنَّها كانت حادثةً؛ إذ المحدِثُ هو الذي يكونُ وجودُه وعَدَمُه في حيِّزِ الجوازِ، فأمَّا القديمُ -وهو واجِبُ الوجودِ لذاتِه- فيكونُ مستحيلَ العَدَمِ، فيكونُ جوازُ العَدَمِ وتحقُّقُه دليلَ الحدوثِ، وإذا كانت الأعراضُ كُلُّها محدَثةً يستحيلُ خُلُوُّ الجواهرِ عنها؛ إذ وجودُ جوهَرينِ غيرِ متفرِّقينِ ولا مجتَمِعينِ، وتوهُّمُ جِسمٍ في مكانٍ واحدٍ في حالةِ البقاءِ غَيرَ متحرِّكٍ ولا ساكِنٍ: محالٌ، وكذا خُلُوُّ الجواهِرِ عن الألوانِ كُلِّها والطُّعومِ والرَّوائِحِ مما يحيلُه العقلُ، كما يحيلُ اجتماعَ المتضادَّاتِ في محلٍّ واحدٍ في وقتٍ واحِدٍ، وإذا استحال خُلُوُّ الجواهِرِ عنها استحال سبقُ الجواهِرِ عليها؛ لِما أنَّ في السَّبقِ الخُلُوَّ، والخُلُوُّ محالٌ، فكان السَّبقُ محالًا، فإذَنْ لم تَسبِقِ الجواهِرُ الأعراضَ، وما لا يسبِقُ الحادِثَ فهو حادِثٌ ضرورةً؛ لمشاركتِه المحدثَ فيما كان لأجلِه مُحدثًا، وهو أنَّ لوجودِه ابتداءً. ودخل تحتَ هذه الدَّلالةِ جميعُ أجزاءِ العالَمِ من السَّمواتِ والأفلاكِ الدَّوَّارةِ والنُّجومِ السَّيَّارةِ وغَيرِها، والأرَضينَ وما فيها من البحارِ والجبالِ والنَّباتِ والجمادِ، وغيرِ ذلك.
ثمَّ لمَّا ثبت أنَّ العالمَ محدَثٌ، والمحدَثُ ما كان جائِزَ الوجودِ، وما كان جائِزَ الوجودِ كان جائزَ العَدَمِ، وما جاز عليه الوجودُ والعَدَمُ لم يكُنْ وُجودُه من مقتضياتِ ذاتِه، فلم يكُنِ اختصاصُه بالوجودِ دونَ العَدَمِ -خصوصًا بعدَ ما كان عدَمًا- إلَّا بتخصيصِ مخصِّصٍ؛ ولهذا لا يثبُتُ البناءُ دونَ الباني، فلا بُدَّ من محدثٍ له أحدثَه، وخصَّه بالوجودِ)
[288] ((التمهيد)) (ص: 4، 5). .
وهذه الطَّريقةُ التي استدلَّت بها
الماتُريديَّةُ على إثباتِ وُجودِ اللهِ، والتي أحدثها
المُعتزِلةُ و
الجَهْميَّةُ، وتبعهم عليها من وافقهم من
الأشْعَريَّةِ وغيرِهم، قد طعن فيها السَّلَفُ والأئمَّةُ وأتباعُهم، وجمهورُ العُقلاءِ من الفلاسفةِ والمُتكلِّمين، وبيَّنوا أنَّ الطُّرُقَ التي دلَّ عليها القرآنُ أصَحُّ منها
[289] يُنظر: ((درء تعارض العقل والنقل)) لابن تيمية (7/242). .
قال أبو العبَّاسِ بنُ سُرَيجٍ: (توحيدُ أهلِ العِلمِ وجماعةِ المُسلِمين: شهادةُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ، وتوحيدُ أهلِ الباطِلِ: الخوضُ في الأعراضِ والأجسامِ، وإنَّما بُعِث النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بإنكارِ ذلك)
[290] ((أحاديث في ذم الكلام وأهله)) للرازي (ص: 86). .
وقال
أبو سُلَيمانَ الخطَّابيُّ: (إنَّ اللهَ سُبحانَه... بعث رسولَه محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى اللهِ وسِراجًا منيرًا، وقال له:
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ [المائدة: 67] ، وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في خُطبةِ الوداعِ وفي مقاماتٍ شَتَّى وبحضرتِه عامَّةُ أصحابِه:
((ألا هل بلَّغْتُ؟)) [291] أخرجه البخاري (105) ومسلم (1679) من حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه. ، وكان الذي أُنزِل عليه من الوَحيِ وأُمِرَ بتبليغِه، وهو كمالُ الدِّينِ وتمامُه؛ لقَولِه تعالى:
اليَومَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي [المائدة: 3] ، فلم يتركْ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شيئًا من أمورِ الدِّينِ؛ قواعِدِه وأصولِه وشرائِعِه وفُصولِه، إلَّا بيَّنه وبلَّغه على كمالِه وتمامِه، ولم يؤخِّرْ بيانَه عن وقتِ الحاجةِ إليه؛ إذ لا خلافَ بَينَ فِرَقِ الأمَّةِ أنَّ تأخيرَ البيانِ عن وقتِ الحاجةِ لا يجوزُ بحالٍ، ومعلومٌ أنَّ أمرَ التَّوحيدِ وإثباتِ الصَّانعِ لا تزالُ الحاجةُ ماسَّةً إليه أبدًا في كُلِّ وقتٍ وزمانٍ، ولو أُخِّر عنه البيانُ لكان التَّكليفُ واقعًا بما لا سبيلَ للنَّاسِ إليه، وذلك فاسِدٌ غيرُ جائزٍ، وإذا كان الأمرُ على ما قُلناه، وقد عُلِم يقينًا أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يَدْعُهم في أمرِ التَّوحيدِ إلى الاستدلالِ بالأعراضِ، وتعلُّقِها بالجواهِرِ، وانقلابِها فيها؛ إذ لا يمكِنُ واحِدًا من النَّاسِ أن يرويَ عنه ذلك، ولا عن أحدٍ من الصَّحابةِ من هذا النَّمَطِ حَرفًا واحِدًا فما فوقه، لا من طريقِ تواتُرٍ ولا آحادٍ؛ عُلِم أنَّهم قد ذهبوا خلافَ مَذهَبِ هؤلاء، وسلَكوا غيرَ طريقتِهم، ولو كان في الصَّحابةِ قومٌ يذهَبون مذاهِبَ هؤلاء في الكلامِ والجَدَلِ، لعُدُّوا من جملةِ المُتكلِّمين، ولنُقِل إلينا أسماءُ مُتكلِّميهم، كما نُقِل إلينا أسماءُ فُقَهائِهم وقُرَّائِهم وزهَّادِهم، فلمَّا لم يظهَرْ ذلك دلَّ على أنَّه لم يكُنْ عِندَهم أصلٌ)
[292] ((درء تعارض العقل والنقل)) لابن تيمية (7/296، 297)، ((صون المنطق)) للسيوطي (ص: 95). .
وقال أيضًا: (إنَّا لا نُنكِرُ أدِلَّةَ العُقولِ والتَّوصُّلَ بها إلى المعارِفِ، ولكِنَّا لا نذهَبُ في استعمالِها إلى الطَّريقةِ التي سلكتُموها في الاستدلالِ بالأعراضِ وتعلُّقِها بالجواهِرِ، وانقلابِها فيها على حدوِث العالمِ، وإثباتِ الصَّانعِ، ونرغَبُ عنها إلى ما هو أوضَحُ بيانًا، وأصحُّ بُرْهانًا، وإنَّما هو شيءٌ أخذتُموه عن الفلاسفةِ وتابعتُموهم عليه، وإنَّما سلكتِ الفلاسفةُ هذه الطَّريقةَ؛ لأنَّهم لا يُثبتون النُّبوَّاتِ، ولا يرون لها حقيقةً، فكان أقوى شيءٍ عندهم في الدَّلالةِ على إثباتِ هذه الأمورِ ما تعلَّقوا به من الاستدلالِ بهذه الأشياءِ، فأمَّا مثبِتو النُّبوَّاتِ فقد أغناهم اللهُ عزَّ وجَلَّ عن ذلك، وكفاهم كُلفةَ المؤونةِ في ركوبِ هذه الطَّريقةِ المتعَرِّجةِ التي لا يُؤْمَنُ العَنَتُ على راكِبِها، والإيداعُ والانقطاعُ على سالِكِها)
[293] ((درء تعارض العقل والنقل)) لابن تيمية (7/293، 294)، ((صون المنطق)) للسيوطي (ص: 95). .
وقال
ابنُ تيميَّةَ بعد ذِكرِه لكلامِ
الخطَّابيِّ: (هذا الذي ذكره
الخطَّابيُّ يُبَيِّنُ أنَّ طريقةَ الإعراضِ من الكلامِ المذمومِ الذي ذمَّه السَّلَفُ والأئمَّةُ وأعرضوا عنه، كما ذكر ذلك
الأشْعَريُّ وغيرُه، وأنَّ الذين سلَكوها سلكوها لكونِهم لم يسلُكوا الطَّريقَ النَّبويَّةَ الشَّرعيَّةَ، فمن لم يسلُكِ الطُّرُقَ الشَّرعيَّةَ احتاج إلى الطُّرُقِ البِدعيَّةِ، بخلافِ من أغناه اللهُ بالكتابِ والحِكمةِ)
[294] ((درء تعارض العقل والنقل)) (7/293، 294). .
و
أبو الحسَنِ الأشْعَريُّ قد بَيَّنَ فسادَ هذا الدَّليلِ بقَولِه: (ما يُستدَلُّ به من أخبارِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ على ذلك «أي: على إثباتِ الصَّانعِ» أَوضَحَ دَلالةً مِن دَلالةِ الأعْراضِ الَّتي اعْتَمَدَ على الاسْتِدْلالِ بها الفَلاسِفةُ، ومَن اتَّبَعَها مِن القَدَريَّةِ، وأهْلِ البِدَعِ المُنْحرِفينَ عن الرُّسُلِ عليهم السَّلامُ، مِن قِبَلِ أنَّ الأعْراضَ لا يَصِحُّ الاسْتِدْلالُ بها إلَّا بَعْدَ رُتَبٍ كَثيرةٍ يَطولُ الخِلافُ فيها، ويَدِقُّ الكَلامُ عليها... وفي كُلِّ رُتبةٍ... فِرَقٌ تُخالِفُ فيها، ويَطولُ الكَلامُ معَهم عليها، وليس يُحْتاجُ -أَرشَدَكم اللهُ- في الاسْتِدْلالِ بخَبَرِ الرَّسولِ عليه السَّلامُ على ما ذَكَرْناه مِن المَعْرِفةِ بالأمْرِ الغائِبِ عن حَواسِّنا إلى مِثلِ ذلك؛ لأنَّ آياتِه والأَدِلَّةَ الدَّالَّةَ على صِدْقِه مَحْسوسةٌ مُشاهَدةٌ قد أَعجَزَتِ القُلوبَ، وبَعَثَتِ الخَواطِرَ على النَّظَرِ في صِحَّةِ ما يَدْعو إليه... وإذا كان ذلك ما وصَفْنا بأنَّ طُرُقَ الاستدلالِ بأخبارِهم «أي الرُّسُل» عليهم السَّلامُ على سائِرِ ما دُعينا إلى مَعْرفتِه ممَّا لا يُدرَكُ بالحَواسِّ أَوضَحُ مِن الاسْتِدْلالِ بالأعْراضِ؛ إذ كانَتْ أَقرَبَ إلى البَيانِ على حُكْمِ ما شُوهِدَ مِن أَدِلَّتِهم المَحْسوسةِ ممَّا اعْتمَدَتْ عليه الفَلاسِفةُ ومَن تَبِعَهم مِن أهْلِ الأهْواءِ، واغْتَرُّوا بها ...، فأَخلَدَ سَلَفُنا رَضيَ اللهُ عنهم ومَن تَبِعَهم مِن الخَلَفِ الصَّالِحِ بَعْدَ ما عَرَفوه مِن صِدْقِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيما دَعاهم إليه مِن العِلمِ بحَدَثِهم ووُجودِ المُحدِثِ لهم بما نَبَّهَهم عليه مِن الأَدِلَّةِ إلى التَّمسُّكِ بالكِتابِ والسُّنَّةِ، وطَلَبِ الحَقِّ في سائِرِ ما دُعُوا إلى مَعْرفتِه مِنها، والعُدولِ عن كلِّ ما خالَفَهما... وأعرَضوا عمَّا صارت إليه الفلاسفةُ ومن اتَّبَعهم من القَدَريَّةِ وغيرِهم من أهلِ البِدَعِ، من الاستدلالِ بذلك على ما كُلِّفوا معرفتَه؛ لاستغنائِهم بالأدِلَّةِ الواضِحةِ في ذلك عنه، وإنَّما صار من أثبت حدوثَ العالَمِ والمحدِثَ له من الفلاسفةِ إلى الاستِدلالِ بالأعراضِ والجواهِرِ؛ لدَفعِهم الرُّسُلَ، وإنكارِهم لجوازِ مجيئِهم)
[295] ((درء تعارض العقل والنقل)) لابن تيمية (7/209، 212). .
ومن الفلاسِفةِ الذين بيَّنوا فسادَ دليلِ الحُدوثِ
ابنُ رشدٍ الحفيدُ، فقال: (أمَّا
الأشْعَريَّةُ فإنَّهم رأوا أنَّ التَّصديقَ بوجودِ اللهِ تبارك وتعالى لا يكونُ إلَّا بالعَقلِ، لكن سلكوا في ذلك طريقًا ليست هي الطُّرُقُ الشَّرعيَّةُ التي نبَّه اللهُ عليها، ودعا النَّاسَ إلى الإيمانِ به من قَبلِها، وذلك أنَّ طريقَتَهم المشهورةَ انبنت على بيانِ أنَّ العالَمَ حادِثٌ، وانبنى عندهم حدوثُ العالَمِ على القَولِ بتركيبِ الأجسامِ من أجزاءٍ لا تتجزَّأُ، وأنَّ الجزءَ الذي لا يتجزَّأُ محدَثٌ، والأجسامُ مُحدَثةٌ بحُدوثِه، وطريقتُهم التي سلكوا في بيانِ حُدوثِ الجزءِ الذي لا يتجزَّأُ -وهو الذي يُسمُّونَه الجوهَرَ الفَردَ- طريقٌ معتاصةٌ، تذهَبُ على كثيرٍ من أهلِ الرِّياضةِ في صناعةِ الجَدَلِ فضلًا عن الجمهورِ، ومع ذلك فهي طريقةٌ غيرُ بُرْهانيَّةٍ ولا مُفضيةٍ بيقينٍ إلى وجودِ البارِئِ)
[296] ((مناهج الأدلة)) (ص: 135). .
وقال أيضًا مبيِّنًا أنَّ هذه الطَّريقةَ ليست يقينيَّةً: (ذلك ظاهِرٌ لمن تأمَّل أجناسَ الأدِلَّةِ المنبِّهةِ في الكتابِ العزيزِ على المعنى، أعني بمعرفةِ وُجودِ الصَّانِعِ، وذلك أنَّ الطُّرُقَ الشَّرعيَّةَ إذا تُؤُمِّلت وُجِدت في الأكثَرِ قد جمعت وصفينِ؛ أحدُهما: أن تكون يقينيَّةً، والثَّاني: أن تكونَ بسيطةً غيرَ مركَّبةٍ، أعني قليلةَ المقدِّماتِ، فتكونُ نتائجُها قريبةً من المقَدِّماتِ الأُوَلِ)
[297] ((مناهج الأدلة)) (ص: 148). .
هذا كلامُ
ابنِ رُشدٍ، وهو من كبارِ الفلاسفةِ السَّائرينَ على طريقةِ أَرِسطو وأتباعِه، يُبَيِّن (أنَّ الأدِلَّةَ العقليَّةَ الدَّالةَ على إثباتِ الصَّانعِ مُستغنيةٌ عمَّا أحدثه
المُعتزِلةُ ومن وافقهم من
الأشْعَريَّةِ وغيرِهم، من طريقةِ الأعراضِ ونحوِها، وأنَّ الطُّرُقُ الشَّرعيَّةَ التي جاء بها القرآنُ هي طُرُقٌ بُرْهانيَّةٌ، تفيدُ العِلمَ للعامَّةِ والخاصَّةِ، والخاصَّةُ عنده يدخلُ فيهم الفلاسفةُ، والطُّرُقُ التي لأولئك هي مع طولِها وصعوبتِها لا تفيدُ لا العامَّةَ ولا الخاصَّةَ)
[298] ((درء تعارض العقل والنقل)) لابن تيمية (9/333). .
ومن الأئمَّةِ الذين بيَّنوا فسادَ هذه الطَّريقةِ التي استدلَّت بها
الماتُريديَّةُ:
ابنُ تيميَّةَ؛ فقد نقد دليلَ الحدوثِ نقدًا علميًّا موضوعيًّا في كثيرٍ من كتُبِه، واستقصى جزئيَّاتِه، وبيَّن تهافُتَها عقلًا ونقلًا، وخاصَّةً في كتابِه: (دَرءُ تعارُضِ العَقلِ والنَّقلِ).
فمِن الوُجوهِ التي ذكرَها في بيانِ فَسادِ هذا الدَّليلِ أنَّه مبنيٌّ على مقدِّماتٍ طويلةٍ غامِضةٍ مُشكِلةٍ، وينتهي إلى نتيجةٍ هي أبيَنُ عِندَ العقلاءِ من المقدِّماتِ، فالطَّريقةُ لو قُدِّر صحَّةُ مُقدِّماتِها فهي تطويلٌ بلا فائدةٍ، واستدلالٌ على الأظهَرِ بالأخفى، وعلى الأقوى بالأضعَفِ، كما لا يُحَدُّ الشَّيءُ بما هو أخفى منه، وإثباتُ الصَّانعِ لا يفتَقِرُ إلى حدوثِ الأجسادِ، بل نَفسُ ما يشهَدُ حدوثُه من الحوادِثِ يُغني عن ذلك، والعِلمُ بأنَّ الحادِثَ يفتقِرُ إلى المحدِثِ هو من أبينِ العلومِ الضَّروريَّةِ، والعَقلُ يعلَمُ ضرورةً افتقارَ المحدَثِ إلى المحدِثِ الفاعِلِ، ويقطعُ به ويعلَمُه ضرورةً.
ودليلُ المُتكلِّمين على حُدوثِ الأجسامِ مبنيٌّ على استعمالِ ألفاظٍ مجمَلةٍ، ومعانٍ مُبهَمةٍ لم يعرِفْها العرَبُ في تخاطُبِهم، ولم يستعمِلوها فيما بينهم، واستعمالُ المُتكلِّمين لهذا الدَّليلِ جعلهم يلتزمون لوازِمَ فاسدةً أوقعَتْهم في التَّناقُضِ والاضطرابِ، والحَيرةِ والشَّكِّ، كنفي الصِّفاتِ ونحوِها.
وبيَّن
ابنُ تيميَّةَ أنَّه لم ينازِعْ في أصلِ هذه المسألةِ أحدٌ من بني آدَمَ، وإنما نازعوا في تفاصيلِه، وأنَّ الإقرارَ بالصَّانعِ ثابتٌ في الفِطرةِ، وهو أرسَخُ المعارفِ، وأثبتُ العلومِ، وأصلُ الأصولِ
[299] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (2/37، 38، 72)، (درء تعارض العقل والنقل)) (1/39، 40، 3/97، 109، 112، 7/223، 8/12، 9/132)، ((شرح الأصفهانية)) (ص: 16، 17) جميعها لابن تيمية. .
قال
ابنُ تيميَّةَ: (الطَّريقةُ المذكورةُ في القرآنِ هي الاستدلالُ بحُدوثِ الإنسانِ وغَيرِه من المحدَثاتِ المعلومِ حُدوثُها بالمشاهَدةِ ونحوِها، على وجودِ الخالِقِ سُبحانَه وتعالى؛ فحُدوثُ الإنسانِ يُستدَلُّ به على المحدِثِ، لا يحتاجُ أن يستَدِلَّ على حدوثِه بمقارنةِ التَّغيرِ أو الحوادِثِ التي له، ووجوبِ تناهي الحوادِثِ.
والفرقُ بَينَ الاستدلالِ بحُدوثِه والاستدلالِ على حدوثِه بيِّنٌ، والذي في القرآنِ هو الأوَّلُ لا الثَّاني، كما قال تعالى:
أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ [الطَّور:35]، فنفسُ حدوثِ الحيوانِ والنَّباتِ والمَعدِنِ والمطَرِ والسَّحابِ ونحوِ ذلك معلومٌ بالضَّرورةِ، بل مشهودٌ لا يحتاجُ إلى دليلٍ، وإنما يُعلَمُ بالدَّليلِ ما لم يُعلَمْ بالحِسِّ وبالضَّرورةِ.
والعِلمُ بحدوثِ هذه المحدَثاتِ عِلمٌ ضروريٌّ لا يحتاجُ إلى دليلٍ، وذلك معلومٌ بالحِسِّ أو بالضَّرورةِ.
وحدوثُ الإنسانِ من المنيِّ كحدوثِ الثِّمارِ من الأشجارِ، وحدوثِ النَّباتِ من الأرضِ، وأمثالِ ذلك، ومن المعلومِ بالحِسِّ أنَّ نفسَ الثَّمَرةِ حادثةٌ كائنةٌ بعد أن لم تكُنْ، وكذلك الإنسانُ وغيرُه، كما قال تعالى:
أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا [مريم: 67] ، وقال تعالى:
قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا [مريم: 9] .
وإذا كان كذلك فالطَّريقةُ المذكورةُ في القرآنِ هي المعلومةُ بالحِسِّ والضَّرورةِ، ولا يحتاجُ مع ذلك إلى إقامةِ دليلٍ على حدوثِ ما يحدُثُ من الأعيانِ، بل يستدَلُّ بذلك على وجودِ المحدِثِ تعالى)
[300] ((درء تعارض العقل والنقل)) (7/219- 223). .
وقال
ابنُ تيميَّةَ موضِّحًا أنَّ الإقرارَ بوجودِ اللهِ أمرٌ فِطريٌّ ضروريٌّ: (وأيضًا فالحاجةُ التي يقترنُ مع العِلمِ بها ذوقُ الحاجةِ هي أعظَمُ وَقعًا في النَّفسِ من العِلمِ الذي لا يقترِنُ به ذوقٌ؛ ولهذا كانت معرفةُ النُّفوسِ بما تحِبُّه وتكرهُه وينفعُها ويضرُّها هي أرسَخَ فيها من معرفتِها بما لا تحتاجُ إليه، ولا تكرَهُه ولا تحبُّه... ولهذا كان أكثَرُ النَّاسِ على أنَّ الإقرارَ بالصَّانعِ ضَروريٌّ فِطريٌّ، وذلك أنَّ اضطرارَ النُّفوسِ إلى ذلك أعظمُ من اضطرارِها إلى ما لا تتعَلَّقُ به حاجتُها... ولا شيءَ أحوَجُ إلى شيءٍ من المخلوقِ إلى خالقِه، فهم يحتاجونَ إليه من جهةِ ربوبيَّتِه؛ إذ كان هو الذي خلَقَهم، وهو الذي يأتيهم بالمنافِعِ، ويدفَعُ عنهم المضارَّ،
وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ [النحل: 53] .
وكلُّ ما يحصُلُ من أحدٍ فإنَّما هو بخَلقِه وتقديرِه، وتسبيبِه وتيسيرِه، وهذه الحاجةُ التي توجِبُ رجوعَهم إليه بحالِ اضطرارِهم، كما يخاطِبُهم بذلك في كتابه، وهم محتاجون إليه من جهةِ ألوهيَّتِه، فإنَّه لا صلاحَ لهم إلَّا بأن يكونَ هو معبودَهم الذي يحبُّونَه ويعظِّمونَه، ولا يجعلون له أندادًا يحبُّونَهم كحُبِّ اللهِ... ومعلومٌ أنَّ السُّؤالَ والحُبَّ والذُّلَّ، والخوفَ والرَّجاءَ والتَّعظيمَ، والاعترافَ بالحاجةِ والافتقارَ، ونحوَ ذلك: مشروطٌ بالشُّعورِ بالمسئولِ المحبوبِ المرجوِّ المَخُوفِ المعبودِ المُعَظَّمِ، الذي تعترفُ النُّفوسُ بالحاجةِ إليه والافتقارِ... فإذا كانت هذه الأمورُ مما تحتاجُ النُّفوسُ إليها، ولا بدَّ لها منها، بل هي ضروريَّةٌ فيها؛ كان شرطُها ولازمُها -وهو الاعترافُ بالصَّانعِ والإقرارُ به- أولى أن يكونَ ضروريًّا في النُّفوسِ. وقولُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الحديثِ الصَّحيحِ:
((كلُّ مولودٍ يُولَدُ على الفِطرةِ )) [301] رواه مطولًا البخاري (1385) واللفظ له ومسلم (2658) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ، وقولُه فيما يروي عن ربِّه:
((خلَقْتُ عبادي حُنَفاءَ )) [302] رواه مسلم (2865) مطولًا من حديث عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه. ، ونحوُ ذلك، لا يتضمَّنُ مجرَّدَ الإقرارِ بالصَّانعِ فقط، بل إقرارًا يتبَعُه عبوديَّةٌ لله بالحُبِّ والتَّعظيمِ، وإخلاصِ الدِّينِ له، وهذا هو الحنيفيَّةُ)
[303] ((درء تعارض العقل والنقل)) (3/134- 137). .
وقال
ابنُ تيميَّةَ أيضًا: (المقصودُ هنا أنَّ كثيرًا ممَّا يجعلونه مقدِّماتٍ في أدِلَّةِ إثباتِ الصَّانعِ وإن كان حقًّا فإنَّه لا تحتاجُ إليه عامَّةُ الفِطَرِ السَّليمةِ)
[304] ((درء تعارض العقل والنقل)) (3/142). .
وقد اعترف حُذَّاقُ أهلِ الكلامِ بأنَّ الإقرارَ بوجودِ اللهِ أمرٌ ضروريٌّ فِطريٌّ؛ إذ لا سبيلَ إلى إنكارِ ذلك، ومن أنكره فإنَّما هو مكابِرٌ مُعانِدٌ.
قال الشَّهْرَسْتانيُّ: (أمَّا تعطيلُ العالَمِ عن الصَّانِعِ العالِم القادِرِ الحَكيمِ، فلستُ أراها مَقالةً لأحدٍ، ولا أعرفُ عليها صاحِبَ مقالةٍ، إلَّا ما نُقِلَ عن شِرْذِمةٍ قليلةٍ مِن الدَّهريَّةِ أنَّهم قالوا: العالَمُ كان في الأزَلِ أجزاءً مَبثوثةً تتحَرَّكُ على غيرِ استقامةٍ، واصطكَّت اتِّفاقًا؛ فحصل العالَمُ بشَكْلِه الذي تراه عليه!!... ولستُ أرى صاحِبَ هذه المقالةِ مِمَّن يُنكِرُ الصَّانِعَ، بل هو مُعترِفٌ بالصَّانِعِ، لكِنَّه يُحيلُ سبَبَ وُجودِ العالَمِ على البَحثِ والاتِّفاقِ؛ احترازًا عن التَّعليلِ، فما عَدَدتُ هذه المسألةَ مِن النَّظَريَّاتِ التي يُقامُ عليها بُرْهانٌ؛ فإنَّ الفِطَرَ السَّليمةَ الإنسانيَّةَ شَهِدَت بضَرورةِ فِطْرتِها وبَديهةِ فِكرتِها على صانعٍ حكيمٍ عالمٍ قَديرٍ
أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ [إبراهيم: 10] ،
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ [الزخرف: 9] ، وإن هم غَفَلوا عن هذه الفِطْرةِ في حالِ السَّرَّاءِ فلا شَكَّ أنَّهم يلوذون إليه في حالِ الضَّرَّاءِ
دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [يونس: 22] ؛ ولهذا لم يَرِدِ التَّكليفُ بمَعرِفةِ وُجودِ الصَّانعِ، وإنَّما ورد بمَعرِفةِ التَّوحيدِ، ونَفْيِ الشَّريكِ)
[305] ((نهاية الإقدام)) (ص: 123، 124). .
وبهذا يتبيَّن فسادُ دليلِ الحُدوثِ الذي جعلَتْه
الماتُريديَّةُ وغيرُهم من أهلِ الكلامِ طريقًا لمعرفةِ اللهِ تعالى، وأتعَبوا أنفُسَهم في تقريرِه، وكلَّفوا النَّاسَ أمرًا لا يطيقونَه، ولم يَشرَعْه اللهُ تعالى ولا رسولُه، وابتعدوا عن المنهجِ القُرآنيِّ السَّهلِ الميسَّرِ الموافِقِ للفِطَرِ السَّلميَّةِ.