انتهت الدولة السعوديُة الثانية عام 1308هـ واستطاع محمدُ ابنُ رشيد السيطرةَ على كل المناطق التي كانت تحت حُكمِ آل سعود في نجدٍ وما حولها، وبقِيَ الأمرُ على ذلك إلى عام 1319هـ، وكان كُلَّ هذه الفترة عبدُالرحمن بن فيصل مع أسرتِه في الكويت، ثمَّ إن أمير حائل عبد العزيز بن متعب استعَدَّ لقتال الشيخ مبارك أميرِ الكويت، فاقترح عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل على الشيخِ مبارك أن يسيرَ بقوَّةٍ إلى الرياضِ فيأخُذَها من آلِ رشيدٍ، فتَضعُف قوَّتُهم عن محاربةِ الشيخ مبارك، فلاقى ذلك قبولًا عنده، فلمَّا اتجَه الشيخُ مبارك بقواتِه إلى جهة القصيم واشتَبَك مع ابن رشيد في معركةٍ حامية بالقُربِ مِن مكانٍ يُسمَّى بالصريف على مقربةٍ مِن الطرفية في القصيم، كان عبد العزيز قد سار بقوةٍ إلى الرياض ـ وحاصَرَها ولم يستَطِعْ دُخولَها، فاضطر للانسحابِ منها، ثمَّ عاد إلى الكويت بعد أن بلَغَه هزيمة الشيخ مبارك أمامَ ابن رشيد في معركةِ الصريفِ.
تعتبَرُ بروتوكولات حُكَماءِ صهيون من أخطَرِ الكتُبِ المنتَشِرة حولَ العالم، ذلك أنَّها تتحَدَّثُ عن خطةٍ مَرسومةٍ وجاهزةٍ وُضِعَت للسيطرةِ على العالم. يقالُ إنَّ مَن وضع هذه البروتوكلات هم رجالُ المال والاقتصاد اليهود؛ لتخريب المسيحيةِ والبابوية، ثم الإسلام؛ للسيطرةِ على العالم أكمَلَ، وذلك خلال مئة سنةٍ مِن تاريخ وَضعِها، يُقالُ: إنَّها كُتِبَت عام 1897 في بازل بسويسرا، أي: في العام نفسه الذي عُقِدَ فيه المؤتمر الصهيوني الأوَّلُ، بل ويزعم البعضُ أنَّ تيودور هرتزل تلاها على المؤتمرِ وأنَّها نوقِشَت فيه، وقد تعدَّدَت المصادِرُ التي تتكلَّمُ عن مصدر البروتوكولات...فمن قائلٍ إنَّ واضِعَها رجلٌ غامِضٌ في الجيشِ الروسي ليوقِعَ باليهودِ الذين عارضوا الدولةَ القيصريةَ، وذلك للإيقاعِ بهم في روسيا، إلى قائلٍ إنَّ أصلَها قد جاء من أوروبا، ولكِنْ لم تُعرَفْ حقيقةُ واضِعِها؛ لأنَّها لم تُرفَق باسم أحد أو بتوقيعِه. وبغضِّ النظر عن كلِّ هذه الأقاويل فإنَّ البروتوكولات يهوديَّةٌ، وعندما ظهرت بروتوكولات حكماء صهيون (وكان ذلك في روسيا في مطلعِ القرن الماضي، ولعله ما جعل البعضَ يعتقد أنَّ أصلَها روسيا) أحدَثَت ردَّةَ فعلٍ كبيرةً في أوساطِ العالم وضجَّةً عظمى بين الحكَّام اليهود حول العالم، وعلى رأسهم هرتزل الذي صرَّح بأن ظهورَها في ذلك الوقتِ يشكِّلُ خطرًا كبيرًا على كلِّ اليهود حول العالم، وأن أحدًا ما أخرجها من قُدسِ الأقداس الذي لا يُسمَحُ لكبارِ الحكَّام اليهود برؤيتِها فيه، ويقال: إنَّ أوَّلَ ظُهورٍ لها كان على يد صحفيَّة فرنسيَّة اختطفَتْها من أحد الزعماءِ اليهود أثناء لقاءٍ صَحفيٍّ جمعهما، ولكنَّها لم تترجَمْ أوَّلَ مَرَّةٍ إلا باللغة الروسية بعد انتقالها إلى هذه الأخيرةِ، ومنها إلى الولايات المتحدة وبريطانيا، أمَّا على الصعيد العسكري فقد هبَّت مئات الفِرَق في الجيش الروسي (بأمرٍ مِن الحكومة القيصرية) لتقتُلَ آلاف اليهود وتحرقَ منازِلَهم وتصادِرَ أموالهم. ويظَلُّ الجدلُ قائمًا في معرفة مصدرِ هذه البرتوكولات وصِحَّتِها.
بعد إخفاقِ الملك عبد العزيز في المحاولةِ الأولى لاستعادةِ الرِّياضِ، ازداد إصرارًا على انتزاع الرياضِ مِن ابن رشيد واستعادةِ حُكمِ آل سعود، فأعاد الكرَّةَ مرةً أخرى في هذا العام. فاستطاع دخولَ الرياض، وقَتَل عجلانَ بن محمد العجلان أميرَ الرياضِ مِن قِبَلِ ابنِ رشيد، بعد خوضِ مغامرةٍ جَريئةٍ قام بها مع أربعينَ رجلًا من أقربائِه وأتباعِه في الليلة الخامسة من شوال.
أعلن عبد العزيز بعدها حُكمَه للرياضِ ونهايةَ حُكم ابن رشيد, وأوَّلُ عملٍ قام به هو إعادةُ إصلاحِ ما تهَدَّم من أسوارِ الرِّياضِ؛ ليجعلَها حصينةً أمامَ أي محاولةِ لاسترجاع ابن رشيد حُكمَها, ثم اتَّجه إلى الخرج والدلم وضَمَّهما لحُكمِه، وذلك سنة 1320ه ليؤمٍّن وجوده في الرياضِ.
عقَدَت جمعية الاتحاد والترقي مؤتمرًا لها في باريس بعنوان "مؤتمر أحرار العثمانية" استمَرَّ خمسة أيام، جمع فيه المعارضون لنظامِ السلطان عبد الحميد الثاني، واتخذ المؤتمَرُ عِدَّةَ قرارات؛ منها: أن تؤسَّسَ في الإمبراطورية العثمانية إداراتٌ محليةٌ مستقِلَّة على أساس القوميات. وجمعيةُ الاتحاد والترقي نشأت كجمعيَّةٍ سرية باسم (اتحاد عثماني جمعيت) في عام 1889 لمجموعةٍ من طلاب كلية الطب، وهم إبراهيم طمو، عبد الله جودت، إسحاق سكوتي، وحسين زاده علي. ثم أصبحت منظمةً سياسيةً أسَّسها بهاء الدين شاكر بين أعضاء تركيا الفتاة عام 1906م، وأثناء انهيارِ الدولة العثمانية سيطرت الجمعيَّةُ على السُّلطةِ بين عامي 1908 إلى 1918م.
كانت موريتانيا تتبَعُ دولة السنغال وتتبَعُ المغربَ، فبعض مناطق موريتانيا تتبع السنغال، وبعضها يتبع المغرب، وكانت عبارةً عن إماراتٍ صغيرة وغيرِ موحَّدة فيما بينها؛ لذا كانت تخضَعُ للدول الكبيرة التي تقوم في المنطقة، وهذا ما شجَّع الصليبيين المستعمرين للتقَدُّم من السواحل إلى الداخلِ، ولم يجد الاستعمارُ الفرنسيُّ الذي سيطر على المغرب إلَّا إمارات مفكَّكة، وخاصةً بعد أن أُعطِيَت منطقة السنغال إلى فرنسا إثرَ الحروب النابليونية، وأخذ الفرنسيون يتحرَّكون بحذَرٍ نحوَ الداخل عبرَ نهر السنغال، واستطاع الفرنسيون حمايةَ بعضِ القبائل المتنازِعة، فكان هذا أوائِلَ التدخل، وكانت أسبانيا أيضًا منافِسةً لفرنسا وبَقِيَت المعارك بين القبائل والفرنسيين أكثَرَ مِن عامين حتى تمكَّن الفرنسيون من بَسطِ نفوذِهم على منطقةِ أدرار، وأمرُ المغرب كان قد ضَعُف أيضًا، وكان أحمد هبة الله ابن الشيخ ماء العينين في منطقة موريتانيا دعا للجهادِ وحاول الهجومَ على مراكش، فدخلها عَنوةً وبويع سلطانًا للمغرب الأقصى، ثم أرسلت فرنسا جيشًا اندحر أمامَ قوات هبة الله، ثم عادت مرةً أخرى فأرسَلَت جيشًا ضخمًا أخرجه من مراكش، وطاردته، وبمساعدة عدة جنود من المغرب والجزائر والسنغال ومالي وبدعم الطيران والمدفعية وصل الجيشُ إلى تنزيت وتمكَّنَ الفرنسيون منها.
رفضَ السلطانُ عبد الحميد الثاني اقتراحًا من "تيودور هرتزل" مؤسِّس الحركة الصهيونية بإنشاء جامعة يهودية في القدس. وهرتزل يهوديٌّ نمساوي رأَسَ أوَّلَ مؤتمر صهيوني في بازل بسويسرا عام 1879م. يقول السلطان عبد الحميد: "لليهودِ قُوَّةٌ في أوروبا أكثَر مِن قوَّتِهم في الشرق؛ لهذا فان أكثَرَ الدول الأوربية تحبِّذُ هجرة اليهود إلى فلسطين؛ لتتخَلَّصَ من العِرق السامي الذي زاد كثيرًا، ولكنْ لدينا عددٌ كاف من اليهود، فإذا كنَّا نريد أن يبقى العنصرُ العربيُّ متفوقًا، فعلينا أن نصرِفَ النظرَ عن فكرةِ توطين المهاجرين في فلسطين، وإلَّا فإن اليهودَ إذا استوطنوا أرضًا تملَّكوا كافة قدراتِها خلال وقتٍ قصيرٍ، وبذا نكون قد حكَمْنا على إخواننا في الدينِ بالموتِ المحتَّم، لن يستطيعَ رئيس الصهاينة (هرتزل) أن يقنِعَني بأفكارِه، وقد يكونُ قوله: (ستُحَلُّ المشكلةُ اليهودية يوم يقوى فيه اليهوديُّ على قيادة محراثِه بيده) صحيحًا في رأيه أنه يسعى لتأمينِ أرض لإخوانه اليهودِ، لكنه ينسى أن الذكاءَ ليس كافيًا لحل جميعِ المشاكِلِ، لن يكتفي الصهاينةُ بممارسة الأعمال الزراعية في فلسطين، بل يريدون أمورًا أخرى، مثل: تشكيل حكومة، وانتخاب ممثِّلين. إنَّني أدرك أطماعَهم جيدًا، لكنَّ اليهود سطحيُّون في ظنِّهم أنني سأقبَلُ بمحاولاتهم، وكما أنني أقدِّرُ في رعايانا من اليهود خِدْماتهم لدى الباب العالي، فإني أعادي أمانيَّهم وأطماعَهم في فلسطين" انتهى كلامه رحمه الله، فصار هرتزل دائمًا يبعث على لسانِ كلِّ مؤتمر يهودي برقيةً للسلطان عبد الحميد يحيِّيه فيها ويؤكِّدُ له ولاء اليهود باعتبارِهم من رعاياه، وكان يعلَمُ حَقَّ العلم أنه لا وزنَ له ولا لليهودِ عند عبد الحميد، فرأى هرتزل دعْمَ مركزه عن طريق تبنِّي دولة أوربية كبرى تقبَلُ الضغط على السلطانِ من أجل الإذن لليهودِ بإقامة وطنٍ لهم في فلسطين، فراسل مسؤولين إنجليزًا يطلُبُ منهم تبنِّي فكرة إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
هو عبد الرحمن بن أحمد بن مسعود الكواكبي، ويلقَّب بالسيد الفراتي، مِن رجالِ الأدب والاجتماع والسياسة، وهو من رواد الحركةِ القومية العربيَّة، ولد في 23 شوال سنة 1271هـ في مدينة حلب، وتعَلَّم بها، وكانت له مكانةٌ مرموقة في بلَدِه، يقصدُه أصحابُ الحاجات لقضائِها، ويلجأُ إليه أرباب المشاكلِ لحلِّها، بل كان رجالُ الحكم يستشيرونه أحيانًا فيُبدي رأيَه في جرأة وشجاعة. أنشأ في حلب جريدة (الشهباء) فأغلقَتْها الحكومةُ؛ لهجومه على العثمانيين وطَلَبِه استقلالَ العرب عنهم، ثم أنشأ جريدةَ (الاعتدال) فعُطِّلت كذلك من قِبَل الحكومة، وأُسنِدَت إليه مناصِبَ عديدة. سجنه العثمانيون بسببِ موقِفِه منهم، وتشجيعِه للعرب على الانفصالِ عن الدولة العثمانية، وحكَموا عليه بالقتل إلَّا أن الرأيَ العامَّ جعل العثمانيين يُطلِقون سراحَه، وخَسِرَ جميع ماله، فرحل إلى مصر. وساح إلى بلاد العربِ وشرقي إفريقية وبعض بلاد الهند. واستقَرَّ في القاهرة إلى أن توفي. له من الكتب ((أم القرى))، و ((طبائع الاستبداد))، وكان لهما عند صدورهما دويٌّ كبيرٌ، ألَّف أيضًا كتاب ((العظمة لله))، و((صحائف قريش))، إلى غير ذلك، توفي في القاهرة، ودُفِنَ فيها.
بعد أن سيطرَ الملك عبد العزيز على الرياض في شوال عام 1319هـ، رَمَّم أسوارَها وحَصَّنها؛ لاحتمال مهاجمة ابن رشيد لها، ثم اتجه إلى الخرج والدلم وجمع حولَه مؤيديه من أهل الخرج والحوطة والفرعة؛ رغبة في استدراج ابن رشيد إلى جنوب الرياض، ولَمَّا اتجه ابن رشيد إلى الرياض وعَلِمَ بتحصينها وأنَّ الملك عبدالعزيز في الخرج، توجه إلى الخرج واشتبك معه في عدَّةِ وقائِعَ دون أن يتحَقَّقَ له أيُّ نصر عليه، إلى أن انهزم ابن رشيد في السلمية فانسحب إلى حفر الباطن، وعاد الملك عبدالعزيز إلى الرياض بعد أن ثبَتَت سيادتُه على الخرج وما حولها.
استولى البريطانيون على مدينة "كانو" في شمالِ نيجيريا، وكان مُعظَمُ جنوب نيجيريا قد خضَعَ للحماية البريطانية منذ عام 1900م. كانت مدينة "كانو" تحتَ حُكم أميرٍ مُسلمٍ، وكانت مركزًا تجاريًّا وعسكريًّا مهمًّا في شمالِ نيجيريا. وهاجر عددٌ غير قليل من مواطنيها نتيجةً لهذا الغزو الاستعماري، من دارِ الكُفرِ إلى دار الإسلامِ (الحجاز والسودان) وتحمِلُ الولايةُ التي توجَدُ فيها هذه المدينةُ (وهي عاصمتها) هذا الاسم، ولاية "كانو"، ويبلغ تَعدادُ سكَّانِها حوالي (15) مليون نسمة.
تولَّى الشيخُ علي بن محمد بن أحمد الببلاوي مشيخةَ الجامع الأزهر. والببلاوي تعلَّم في الأزهرِ ودرس فيه، وتولى نِظارةَ دار الكتب. وعُيِّن نقيبًا للأشرافِ خَلَفًا لمحمد توفيق البكري، ولم يمكُثْ في مشيخة الأزهر طويلًا؛ بسبب معارضةِ الخديوي عباس حلمي لجهودِ الببلاوي في إدخال تغييراتٍ على الأزهَرِ.
إنَّ مما قام به الإنجليز في الهند لتوطيدِ بقائهم وسيطرتهم فيها أنْ عَمِلوا على إنشاءِ الفِرَق الضالَّة، أو على الأقلِّ دعمها أو السكوت عنها وتَرْكها تنشُرُ ضلالها، فكان مما عَمِلَته أن شجَّعَت مرزا غلام أحمد القادياني على إحياءِ ما دعا إليه المَلِك المغولي في الهند جلال الدين أكبر شاه المتوفَّى عام 1014ه. فأنشأ مرزا غلام القاديانية، وكتب البراهينَ الأحمدية، ثم تطوَّر أمره فادَّعى عام 1322هـ أنَّه المهدي المنتظَرُ، وأعلن أنَّ الإنجليز هم أولو الأمر، فيَجِبُ طاعتهم، ولا يصِحُّ الخروجُ عليهم ولا قتالُهم ولا الجهاد ضِدَّهم مع أحدٍ، وعَمِلَ على التوفيق بين الأديان، فادعى أنَّه يتقَمَّصُ روح المسيح عليه السلام وروحَ الإله كرشنا ربِّ الخير عند الهندوس!! وأصبح له أتباعٌ, وقَوِيَ أمرُه، وكان البريطانيون يدعمونه ويحمونه، ثم لَمَّا توفِّيَ عام 1326هـ انقَسَمت جماعتُه إلى قسمين: الأحمدية وتدَّعي أنه كان رجلًا مُصلِحًا، والقاديانية: وتقول بنبُوَّتِه وتدعو إلى ما كان عليه من أفكارٍ ومعتقداتٍ باطلةٍ.
بعد أن استقرَّ حُكمُ الملك عبد العزيز في الرياض والخرج والدلم وما حولها، اتجه نحو شمال الرياض وقصَدَ بلاد الوشم وسدير والمجمعة التي كانت خاضعةً لحكم ابن رشيد، فدارت اشتباكات بين حاميات ابن رشيد وسرايا الملك عبد العزيز، نتج عنهما ضمُّ الإقليمين إلى حكم الملك عبدالعزيز ما عدا بلدة المجمعة التي ظلت محافِظةً على ولائها لابن رشيد، ولم تخضع إلا بعد مقتَلِه في روضةِ مهنا سنة 1324هـ ودخول القصيم تحت حكمِ الملك عبد العزيز.
هاجمت القواتُ البريطانية قواتِ الدراويش التابعةَ لمهدي الصومال سيد محمد بن عبد الله، الذي كان يلقِّبُه الاستعمار بـالملَّا المجنون. واستمر المهديُّ في مقاومة الاستعمار البريطاني في الصومال حتى عام 1920 عندما لجأت بريطانيا إلى الطيرانِ لقَصفِ مواقِعِ الثوار أتباع مهدي الصومال، ثمَّ جاءت وفاةُ المهدي سيد محمد التي انتهت بها ثورتُه الإسلاميَّةُ.
أثناء معارك القصيم مع ابن رشيد أصبح وضع الملك عبد العزيز بن سعود قويًّا خاصةً بعد معركة الشنانة. واتضح للعثمانيين فشَلُ تجربتهم العسكرية في تلك المنطقة، وأدركوا أنَّ الأمر ليس بالسهولة التي صوَّرها لهم ابنُ رشيد، وأنَّ عليهم مراجعةَ حساباتهم تجاه الملك عبدالعزيز الذي اتضح أنه يتمتَّعُ بشعبية واسعة في القصيم وفي نجد كلها، فأرادت الدولة أن يكون لها يدٌ داخِلَ الجزيرة بالتدخُّل في حلِّ مشكلة القصيم سلميًّا بين الطرفين، فأرسلت أحمد فيضي باشا، وصدقي باشا، وطلبا من مبارك أن يتوسَّط لهم عند الإمام عبد الرحمن بن فيصل؛ من أجل قبول حاميات الدولة في القصيم، وأن تكون القصيم على الحياد بين ابن رشيد والملك عبدالعزيز، وقَبِلَ عبد الرحمن هذا العرضَ بشرط أن يعرِضَه على أهل نجد وابنه عبد العزيز، إلَّا أن أهل نجد رفضوا فكرة بقاء القصيم على الحياد، وكذلك رفضوا وجودَ أي حامية للدولة العثمانية في القصيم، ففَشِلت محاولاتُ المفاوضات خاصَّةً بعد ثورة الإمام يحيى حميد الدين في صنعاء ضِدَّهم فاضطرت الدولةُ العثمانية أن تكَلِّفَ أحمد فيضي باشا بالتوجُّه إلى اليمن سريعًا.
هو تيودور هرتزل (بنيامين زئيف هرتزل) صحفيٌّ يهوديٌّ نمساويٌّ مَجَري، مؤسِّسُ الصهيونية السياسية المعاصِرة. ولِدَ في بودابست 1860م، وتلقَّى تعليمًا يطابقُ روحَ التنوير الألماني اليهودي السائدِ في تلك الفترة، الذي يغلِبُ عليه في صُلبِه الطابَعُ الغربي النصراني حتى سنة 1878م. اشتغل هرتزل بالصحافةِ في باريس كمراسِلٍ للصحيفة الفيينية المهمَّة آنذاك من عام 1891 إلى 1896م وحينها تشكَّلَت أفكارُه الصهيونية بعد أن عايش قضيَّةَ دريفوس، وهو نقيبٌ فرنسي يهودي اتُّهِمَ بالخيانةِ العُظمى بأنَّه أرسل ملفاتٍ فرنسيَّةً سرِّيةً إلى ألمانيا, فانقسم المجتمَعُ الفرنسي بين مؤيِّد له ومقتَنِعٍ ببراءتِه، ومعارضٍ يصِفُه بالخيانِة والعَمالة. كان المجتَمَعُ الفرنسي حينها يعادي الساميةَ وشديدَ الكراهية للإمبراطورية الألمانية. تابع هرتزل أحداثَ قضيةَ دريفوس في مراسلاتِه الصحفية, وهرتزل اليهوديُّ المندمج مع الأوربيين أصبح يفكِّرُ في المشكلة اليهودية وفي ضرورةِ إيجاد حلٍّ غيِر اندماج وانصهار اليهودِ في مجتمعات أوروبا الشرقيَّة والغربية، فالتيارُ المعادي للسَّامية، ورغبةُ اليهود في إثبات وجودِهم كشعب، يدعوان إلى البحثِ عن بديلٍ للاندماج، فجاءت الإجابةُ في الكُتَيِّب الذي انتهى من تأليفه يوم 17 يونيو 1895 والذي نُشِرَ سنة 1896 تحت عنوان: (الدولة اليهودية). وإن لم يجِدِ الكُتَيِّب صدًى واسعًا في البداية إلَّا أنه وَضَع فعلًا حجرَ الأساس لظهورِ الصهيونية السياسيَّة وتأسيسِ الحركة الصهيونية بعد انعقادِ المؤتمر الصهيوني الأول في بازل بسويسرا عام 1897م، والذي دعا لعقده هرتزل، وجمع له أساطينَ اليهود من حاخامات يهود وسياسيين وإعلاميين ورجال أعمال، وانتُخِبَ فيه هرتزل رئيسًا للمنظَّمة الصهيونية العالمية، وأُعطِيَ الصلاحيَّات في السعيِ لإقامة وطنٍ قومي لليهود في فلسطين، ووُعِدَ بالدعم المادي لتحقيقِ هذا الغرض، وبدأ بمقابلة عددٍ مِن شخصيات عديدةٍ من دول مختلفة، مثل: القيصر الألماني، و السلطان العثماني عبد الحميد الثاني؛ بحثًا عن مؤيدين للمشروع الصهيوني. لكنَّ جهودَه فَشِلت وتَرَكت المجال مفتوحًا لمواصلة العمل على تأسيس الدولة اليهودية, وهلك هرتزل هذا العامَ بمدينةِ فيلاخ في النمسا.
وقعت هذه المعركة بين قوات عبد العزيز بن متعب بن رشيد وقوات الملك عبد العزيز بن سعود، كان ابن رشيد قد قام بمصادرةِ ما وَجَد من إبل العقيلات من أهل القصيم الذين كانوا يجوبون البلاد للتجارة بين العراق والشام ومصر وشبه الجزيرة العربية، وحمَّل عليها قسمًا كبيرًا مما حصل عليه من أطعمةٍ ومُؤَن وأسلحة نقلها من العراق إلى نجد، وأسرع إلى القصيمِ بمن اجتمع لديه من البدو خاصَّةً من قبيلة شمر، وفئات من الحضر وعساكر الدولة من عراقيين وسوريين، ونشب القتالُ بين الطرفين، ورَجَحت كِفَّةُ ابن رشيد في بداية المعركة؛ إذ ركَّز نيران مدافعه ضِدَّ القسم الذي يقوده الملك عبدالعزيز؛ مما ألحق به خسائِرَ بشرية كبيرة وأرهق قواته، اضطرَّ بعدها الملك عبدالعزيز إلى التراجُعِ إلى جهة بلدة المذنب، ولكِنَّ أهل القصيم لم يعلموا بتراجع الملك عبدالعزيز، وحقَّقوا تقدُّمًا ضِدَّ الجنود النظاميين المحارِبين في صفوف ابن رشيد، فحوَّلوا الهزيمة إلى نصر، وأسَرُوا عددًا من أولئك الجنود وغَنِموا بعضَ المدافع وعادوا إلى البكيرية مع الليل، وعلى الرغم من ذلك فإن قواتِ ابن رشيد ظلَّت متماسكةً وثابتة، وانتقل بقواته حيث عسكر في الشنانة مركز قوَّاته في القصيم.
وقعت هذه المعركة بين قوات الملك عبد العزيز وحاكم حائل عبد العزيز بن متعب بن رشيد، بمحافظة الشنانة بالقصيم، وبدعمٍ مِن أهل الشنانة انتصرت فيها قوات الملك عبد العزيز، وكانت هذه المعركة قاصمةَ الظهر لابن رشيد الذي تحوَّل بعدها من الهجوم إلى الدفاع. وقد قام ابن رشيد وقواته بتخريبِ الشنانة وقطْع نخيلها وتعذيب أهلها نظيرَ وقوفِهم في وجهِه ودعْمِهم للملك عبد العزيز.
هو الشاعِرُ محمود سامي باشا بن حسن حسني بن عبد الله البارودي المصري, جركسي الأصلِ من سلالةِ المقام السيفي نوروز الأتابكي. ولِدَ بالقاهرة سنة 1255ه، وهو من أوائِلِ من نهض بالشعرِ العربيِّ في عصرنا الحاضر، كان البارودي إلى جانبِ موهبتِه الشعريَّةِ رجلًا عَسكريًّا وسياسيًّا، وهو من تلاميذِ جمال الدين الأفغاني وممَّن تأثَّر بفِكرِه وطرحِه السياسيِّ، رحل الباروديُّ إلى الأستانة فأتقَنَ الفارسيَّةَ والتركية، وله فيهما قصائِدُ، ثم عاد إلى مصر فكان من قوَّاد الحملتينِ المصريتينِ لِمساعدة تركيا الأولى في ثورة (كريد) سنة 1868م، والثانية في الحرب الروسية سنة 1877م، ولَمَّا حدثت (الثورة العُرابية) كان في صفوفِ الثائرين. تقلَّد منصِبَ الوَزارةِ، ورأَسَ الوزارةَ العُرابية، وبعد فَشلِها نفِيَ مع قادتها إلى سريلانكا، وبعد عودته من منفاه سنة 1317هـ مكث بضعَ سنواتٍ ثمَّ توفِّيَ بالقاهرةِ سنة 1322هـ
قام الإنجليزُ بتقسيمِ البنغال إلى قِسمَين غربي وشرقي، وذلك على أساسٍ دينيٍّ بين المسلمين والهندوس، وعارض الهندوس هذا التقسيمَ؛ إذ فقدوا حسَبَ رأيهم السيطرةَ على ولاية مهمةٍ، وعَمَّهم الحزن وأضربوا واجتَمَعوا عند صَنمِهم كالي، إله التدمير -حسب عقليَّتِهم- وتعاهدوا على مقاطعةِ البضائعِ الإنجليزية، وطالب المسلِمون في العام التالي بإجراءِ انتخاباتٍ منفصلة، وتَرْك الانتخابات المشتركة، وذهب وفدٌ منهم لمقابلة نائبِ الملك في مقرِّه الصيفي في سيملا، وقد سُرَّ المسلمون بتقسيم البنغال، إلَّا أن الأمرَ لم يدُمْ طويلًا؛ ففي عام 1329هـ / 1911م أُلغي هذا التقسيمُ على لسان الملك جورج في حفلةِ تتويجه إمبراطورًا في مدينة دلهي؛ ليبقى المسلمون تحت سيطرةِ الهندوس ونفوذِهم.